الايدز ومعركة مكافحة طويلة لمرض افرته العصرنة السلبية

 

شبكة النبأ: لا يزال مرض الايدز وعلى الرغم من الجهود الطبية والدولية المتواصلة والتي أسهمت بانخفاض حالات الإصابة والوفيات، من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان بمختلف الفئات العمرية ولأسباب مختلفة كما يقول بعض الخبراء، الذين أكدوا على وجود الكثير من التحديات في مجال مكافحة المرض الذي أصبح تحت السيطرة بسبب وجود بعض الخدمات العلاج هذا بالإضافة الى انتشار الوعي الثقافي والصحي الذي أسهم بالحد من انتقال العدوى في الكثير من المجتمعات.

والإيدز مرض يصيب الجهاز المناعي البشري يسببه فيروس نقص المناعة البشرية وتؤدي الإصابة بهذه الحالة المرضية إلى التقليل من فاعلية الجهاز المناعي للإنسان بشكل تدريجي ليترك المصابين به عرضة للإصابة بأنواع من العدوى الانتهازية والأورام. وينتقل فيروس نقص المناعة إلى المصاب عن طريق حدوث اتصال مباشر بين غشاء مخاطي أو مجرى الدم وبين سائل جسدي يحتوي على هذا الفيروس مثل الدم أو السائل المنوي للرجل أو السائل المهبلي للأنثى ومن خلال عملية نقل الدم، أو من خلال إبر الحقن الملوثة بهذا الفيروس، أو يمكن أن ينتقل من الأم إلى جنينها خلال مرحلة الحمل أو الولادة أو الرضاعة أو من خلال أي عملية تعرض أخرى لأي من السوائل الجسدية سالفة الذكر.

وفيما يخص هذا المرض الخطير فقد قال مبعوث خاص للامم المتحدة ان فيروس نقص المناعة المكتسب (الايدز) بدأ يصبح أكثر تركزا في مجموعات مهمشة مثل المشتغلات بالجنس ومتعاطي المخدرات والرجال المثليين وقد يمثل هذا تحديا للمحاولات العالمية لمحاربة الفيروس دون حدوث تغير في السلوكيات.

ويقول ميشيل كازاتشكين مبعوث برنامج الامم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة المكتسب ومرض الايدز في شرق اوروبا انه يود ان يصبح قادرا على الاحتفال دون تحفظ بالتقدم العالمي الكبير الذي تحقق في السنوات العشر الماضية لكن معدلات العدوى العنيدة والنمو المثير للانزعاج لتفشي المرض في مجتمعات سكانية يصعب الوصول اليها تجعل هذا الامر صعب التحقيق.

ويرى ان المخاطر تتمثل في انه بينما يطوي العالم صفحة الوباء العام لمرض الايدز عالميا فان الفيروس سيعود الى كونه مرضا يصيب فقط جماعات بعينها وان الارادة السياسية للتغلب عليه قد تفتر. وقال كازاتشكين "اذا لم نتعامل مع جذور المشكلة واذا لم نتعامل مع مسألة الوصمة والتمييز والتشريع غير المناسب واذا لم ننظر الى هؤلاء الناس من منظور الصحة العامة وليس منظورا اجراميا ينطوي على تقصير من جانبهم مثلما نفعل الان فان هذا الاتجاه سوف يستمر."

ويوجد نحو 35.3 مليون شخص في أنحاء العالم انتقل لهم فيروس نقص المناعة المكتسب الذي يسبب مرض الايدز لكن العدد المتزايد للمرضى يعكس الطفرات الكبيرة في السنوات الاخيرة في تطوير اختبارات متقدمة للفيروس. وتراجع العدد السنوي للوفيات نتيجة للإصابة بمرض الايدز وانخفض الى 1.6 مليون شخص في عام 2012 من 2.3 مليون شخص في عام 2005 كما يوجد تراجع منتظم في عدد الاصابات الجديدة بالفيروس والذي قل بمقدار الثلث عما كان عليه في عام 2011.

وأثار هذا التقدم مزيدا من الامل وشغل الكثير من عناوين الصحف بشأن نهاية محتملة للايدز أو الى عالم محتمل بدون فيروس نقص المناعة المكتسب (اتش.آي.في) أو فرصة لوجود جيل خال من الاصابة بالفيروس. لكن كازاتشكين يقول "انني اشعر بالقلق بالفعل بشأن مستقبل وباء الايدز وخاصة ونحن في وقت نشعر فيه بتفاؤل كبير مبالغ فيه بسبب التقدم الضخم الذي نحرزه من الناحيتين التكنولوجية والعلمية."

وأضاف "بينما نحتفل بالتقدم غير العادي يجب ان نعي أننا لن نوقف انتشار فيروس الايدز والمرض من خلال توفر أدوية أكثر تقدما بينما نحن لا نركز بقدر كاف على الانتشار الوبائي المركز" في جماعات بعينها. والجماعات مثار القلق من الاصابة بالفيروس هم مستخدمو المخدرات عن طريق الحقن الذين يمكنهم نقل الفيروس الى بعضهم البعض من خلال تبادل الابر والمحاقن والعاملات في مجال الجنس اللاتي يجرمن دائما ولا يتمكن من الوصول الى خدمات الصحة العامة والمثليون وهم الجماعات التي بدأ فيها وباء فيروس نقص المناعة المكتسب (اتش.آي.في).

من جانب آخر قالت منظمة الصحة العالمية انه سيكون بإمكان الأطباء انقاذ حياة ثلاثة ملايين شخص اخرين في شتى انحاء العالم بحلول عام 2025 اذا اعطوا للأشخاص المصابين بفيروس (اتش.اي.في) ادوية الايدز بصورة اسرع بعد ان تثبت التحاليل اصابتهم بالفيروس. وعلى الرغم من ان تحسين الحصول على ادوية عامة ارخص للايدز يعني حصول عدد اكبر بكثير من الناس على العلاج فان العاملين في مجال الصحة ولاسيما في الدول الفقيرة يميلون حاليا للانتظار حتى وصول العدوى لمرحلة متقدمة. بحسب رويترز.

ووضعت الخطوط العامة التي تحدد معيارا عالميا للوقت الذي يتعين فيه على المصابين بفيروس (اتش.اي. في) بدء العلاج بعد ان وجدت دراسات عديدة ان علاج مرضى هذا الفيروس في وقت مبكر يمكن ان يبقيهم اصحاء لسنوات كثيرة ويحد ايضا من كم الفيروس في الدم مما يقلل بشكل كبير من خطر اصابة اخرين.

واودي هذا الوباء بحياة 25 مليون شخص خلال 30 عاما منذ اكتشاف فيروس (اتش.اي. في) لاول مرة وقد بدأت تظهر علامات على تراجعه. ويقول برنامج الامم المتحدة للايدز ان حالات الوفاة من هذا المرض تراجعت الى 1.7 مليون شخص في 2011 مقابل 1.8 مليون شخص في 2010 ومن الذروة في 2005 عندما سجلت حالات الوفاة 2.3 مليون شخص.

الايدز لدى الاطفال

من جهة أخرى انخفضت الإصابات بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (ايدز) لدى الأطفال بنسبة 52 % منذ العام 2001، وتراجعت في العالم، بما في ذلك في أوساط البالغين، بنسبة 33 % في تلك الفترة، على ما جاء في التقرير السنوي لبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الايدز.ووأشار التقرير الذي نشر في جنيف إلى أن عدد الاصابات الجديدة السنة الماضية قدر ب2,3 مليون حالة، في مقابل 2,5 مليون حالة سنة 2011، ما يعني انخفاضا عالميا بنسبة 33 % مقارنة بالعام 2001.

والسنة الماضية، أصيب 260 ألف طفل في العالم بفيروس الايدز، أي أقل ب35 % مقارنة بالعام 2009 وب52 % منذ العام 2001. وقد سلط التقرير الضوء على الجهود الكبيرة في مجال مضادات الفيروسات القهقرية لدى الحوامل لتفادي نقل الأم الفيروس إلى جنينها. والهدف للعام 2015 هو تراجع الاصابات الجديدة لدى الاطفال بنسبة 90 %، وهو هدف يمكن تحقيقه، بحسب التقرير. وبفضل هذه السياسات، أنقذ نحو 670 ألف طفل من الايدز بين العامين 2009 و2012. بحسب فرانس برس.

وفي نهاية العام 2012، كان لنحو 9,7 ملايين شخص في البلدان ذات الدخل المنخفض أو المتوسط نفاذ إلى مضادات الفيروسات القهقرية، أي أن هذا العدد ارتفع بنسبة 20 % مقارنة بالسنة السابقة. وبحسب تقديرات برنامج الامم المتحدة لمكافحة الايدز، كان 35,3 مليون شخص في العالم يعانون من فيروس الايدز سنة 2012، واصيب 2,3 مليون شخص به وتوفي 1,6 مليون شخص من جراء أمراض مرتبطة به.

الايدز في أفريقيا

على صعيد متصل قال نشطاء ان التقدم في معركة مكافحة الايدز متباين الى حد كبير في الدول الافريقية حتى ان الحديث بشأن "الايدز في أفريقيا" على انه وباء يحتاج الى أسلوب واحد في التعامل أصبح مصطلحا قديما عفا عليه الزمن. وفي تحليل لحالة المعركة العالمية ضد فيروس (اتش.اي.في) المسبب لنقص المناعة المكتسب وضد مرض الايدز قالت منظمة (وان) التي تعني بمكافحة الايدز انه بينما وصلت بعض الدول الافريقية الى "نقطة التحول" ضد المرض فان دولا أخرى متأخرة عنها بدرجة كبيرة.

ويوجد نحو 35 مليون شخص في أنحاء العالم مصاب بفيروس نقص المناعة المكتسب الذي يسبب مرض الايدز منهم نحو 25 مليونا في دول جنوب الصحراء الافريقية. وهناك تباين كبير في معدلات الاصابة بالفيروس والاصابة بالمرض داخل أفريقيا. وقالت ارين هولفيلدر مديرة السياسة الصحية العالمية بمنظمة وان "يبين تحليلنا فروقا كبيرة بين الرواد والمتقاعسين (في مكافحة الايدز) وان انتهاج اسلوب واحد في التعامل مع الايدز في القارة لا معنى له." وقالت "لم يعد من المفيد الحديث عن الايدز من منظور واسع يشمل القارة بكاملها ... حان الوقت للتوقف عن استخدام عبارة (الايدز في افريقيا)."

ومنظمة وان جماعة نشطة اشترك في تأسيسها الناشط بونو من فرقة يو 2 الموسيقية تكافح من اجل القضاء على الفقر والامراض التي يمكن الوقاية منها خاصة في أفريقيا. ووفقا لتقرير المنظمة هناك 16 دولة افريقية جنوب الصحراء وصلت الى ما يصفه خبراء بأنه "بداية النهاية للايدز" وهي نقطة يصبح عندها العدد الاجمالي للإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة المكتسب أقل من عدد المرضى الذين يتلقون حديثا العلاج من مرض الايدز في نفس السنة. بحسب رويترز.

وذكر التقرير انه يتقدم هذه المجموعة دول مثل غانا ومالاوي وزامبيا حيث تعمل معا الحكومات مع المانحين الدوليين والمجتمع المدني وانه نتيجة لذلك تم تحقيق تقدم كبير ضد فيروس نقص المناعة المكتسب ومرض الايدز. غير انه في نفس الوقت هناك دول اخرى مثل الكاميرون ونيجيريا وتوجو متأخرة بدرجة كبيرة عن تلك الدول وغالبا ما يعرقلها نقص الارادة السياسية للتعامل مع فيروس نقص المناعة المكتسب وعدم كفاية التمويل ونظم التوزيع السيئة ووصمة العار التي تطارد السكان المهمشين حيث تكثر الاصابة بالفيروس.

غموض الإصابة

في السياق ذاته اكتشف علماء أمريكيون الآليات الأساسية التي تسمح لفيروس الإيدز بالقضاء على جهاز المناعة وإصابة الجسم بالمرض وهو ما قد يؤدي إلى أساليب جديدة للعلاج والبحث عن دواء للمرض الذي يعاني منه 35 مليون إنسان في شتى أنحاء العالم. وتبين للعلماء أن الفيروس لا ينشط في قتل خلايا جهاز المناعة المعروفة باسم (سي دي 4 تي) وإنما يحدث أغلب الضرر عندما يحاول الفيروس غزو تلك الخلايا ويفشل الأمر الذي يحفز إحدى آليات المناعة الطبيعية وهي دفع الخلايا لتدمير نفسها في نوع التهابي من انتحار الخلايا المعروف علميا باسم بيروبتوزيز.

وتشير نتائج الدراسة التي نشرت في وقت واحد في دوريتي ساينس ونيتشر العلميتين إلى أن عقارا تجريبيا مضادا للالتهاب لشركة فيرتكس للأدوية جرب بالفعل على المصابين بالصرع قد يمكن استخدامه كعلاج جديد للايدز.ىوقال الدكتور وارنر جرين الباحث في معاهد جلادستون وهي مؤسسة لبحوث الطب الحيوي لا تسعى للربح في سان فرانسيسكو أجريت الدراسة في معاملها إن الدراسة "تتعامل مع المشكلة الأساسية التي تسبب مرض الإيدز وهي فقدان الخلايا (سي دي 4 تي)."

وقال الدكتور أنتوني فوتشي مدير المعهد الوطني للحساسية والامراض المعدية إن الدراسة تقدم حلا "أنيقا" لسؤال حار فيه العلماء منذ اكتشاف الفيروس في 1983. وقال جرين ان العلماء ظلوا لسنين يعتقدون ان فيروس نقص المناعة البشرية يقتل خلايا الجهاز المناعي بغزوها مباشرة والاستيلاء على آلية بناء الحمض الوراثي فيها واستخدامها كأدوات لإنتاج الفيروس نفسه. لكنه أضاف أن هذا لا يحدث إلا لنسبة صغيرة من الخلايا (سي دي 4 تي).

وتبين لعلماء جلادستون من خلال سلسلة من التجارب على أنسجة من الطحال واللوزتين والعقد اللمفاوية مأخوذة من مرضى مصابين بالفيروس أن الضرر الحقيقي للإصابة بالفيروس إنما يحدث لما يسمى "الخلايا غير المتدخلة" وهي أكثر أنواع الخلايا (سي دي 4 تي) شيوعا. وهذه الخلايا تكون في حالة سكون ولذا فعندما يهاجمها الفيروس لا يتمكن من السيطرة عليها لحسابه ويتخلى عن المحاولة. لكن الضرر يكون قد وقع بالفعل إذ تطلق هذه الخلايا عندئذ بروتينا ينشط إنزيما يسمى كاسباس-1 وهو الذي يسبب هذا الشكل الالتهابي من انتحار الخلايا أو البيروبتوزيز. بحسب رويترز.

وقال جرين في الورقة البحثية المنشورة في دورية ساينس "فكرة أن استنزاف الخلايا سي دي 4 هو نتيجة انتحار خلوي أكثر منه عملية قتل من جانب الفيروس هي مفهوم جديد ومهم." وفي الورقة البحثية المنشورة في دورية نيتشر استكشف الباحثون نتائج منع هذا الانتحار الخلوي من خلال تجارب استخدموا فيها العقاقير المضادة للالتهاب التي تعرقل عمل الانزيم كابساس-1 ومن بينها عقار فيرتكس. وقال جرين "نود أن نرى إمكان استخدام هذا العقار في منع الالتهاب في عملية فقدان الخلايا (سي دي 4 تي) في حالات الاصابة بفيروس نقص المناعة البشرية."

علاج لشفاء الايدز

الى جانب ذلك وفي مؤتمر حول مرض نقص المناعة البشرية المكتسب (ايدز) في كوالالمبور، أعلن الباحثون عن نتائج واعدة في اطار سعيهم الى ابتكار علاج يشفي فيروس الايدز. ومن بين تلك النتائج، اشاروا الى حالة "طفلة الميسيسيبي" التي تناولتها وسائل الاعلام بكثرة. بعد ان التقطت الطفلة فيروس الايدز وهي في بطن امها، وتلقت علاجا مؤلفا من 3 عقاقير بعد 30 ساعة من ولادتها ولمدة 18 شهرا، ثم غابت عن انظار الأطباء لمدة 10 أشهر. وبعد 15 شهرا من نهاية علاجها الثلاثي، تبين ان دمها خال من أي أثر لفيروس الايدز.

وتحدث الباحثون ايضا عن رجلين ايجابيي المصل خضعا لعملية زرع للنخاع الشوكي واختفى كل اثر لفيروس الايدز من دمهما بعد 15 اسبوعا و7 اسابيع على التوالي من توقفهما عن العلاج. لكنهم لفتوا الى ان هذه النتائج المشجعة لا تعني ان علاجا سحريا يلوح في الافق، مشيرين في المقابل الى احتمال اختفاء الفيروس كليا لدى المريض، وهو هدف كان مستحيلا قبل بضع سنوات، أو على الاقل السيطرة على المرض بشكل مستدام يسمح للمريض بالتوقف عن استهلاك مضادات الفيروس القهقرية يوميا.

وقال تيموثي هينريتش من مستشفى "بريغهام اند ويمنز هوسبيتال" في بوسطن "من المبكر التحدث عن علاج شاف، لكن إذا لم نجد أثرا للفيروس في دم المريض لمدة سنة على الاقل، لا بل سنة ونصف السنة، بعد توقفه عن العلاج، فهذا يعني ان خطر عودة الفيروس ضئيل". وتحسنت مضادات الفيروس القهقرية تدريجيا منذ ابتكارها في نهاية التسعينات، لكن ملايين المرضى حول العالم مضطرون لتناولها يوميا. وبما ان الفيروس يبقى في "خزانات فيروسية" خاصة بالعدوى، فقد يعود للظهور بسرعة ما ان يوقف المريض علاجه.

واعتبرت ديبورا بيرسود التي تدير الدراسة حول "طفلة الميسيسيبي" ان العلاج المبكر للاطفال المولودين حديثا قد يكون الوسيلة الفضلى لتفادي دخول الفيروس الى الخزانات الفيروسية. والشفاء المطلق الوحيد المعترف به رسميا حتى اليوم هو شفاء الاميركي تيموثي براون المسمى "مريض برلين". فبعد ان تلقى براون علاجا لسرطان الدم على يد فريق من الاطباء الالمان، اعلن الاطباء شفاءه بعد خضوعه لعملية زرع نخاع شوكي من واهب لديه تحول جيني نادر يمنع فيروس الايدز من دخول الخلايا. بحسب رويترز.

وقد عرض باحثان فرنسيان في المؤتمر دراستين أشارا فيهما الى اهمية العلاج المبكر للسيطرة على فيروس الايدز. وقال جان-فرنسوا دلفريسي مدير الوكالة الوطنية للابحاث حول الايدز والتهابات الكبد الفيروسية "نظرا الى الانخفاض الكبير في الخزانات في الدراستين، من الممكن التوصل في نهاية المطاف الى السيطرة على الفيروس لمدة طويلة من دون علاج لدى المرضى الذين تلقوا علاجا مبكرا".

التزام قانوني

من جهة أخرى عندما علمت لينا أففاندر انها مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (إيدز)، تلقت وصفة طبية ومشورة قضائية أيضا، إذ أن القانون السويدي يلزم الأشخاص الإيجابيي المصل بالكشف عن حالتهم لشركائهم الجنسيين. ويشكل تشخيص فيروس الايدز صدمة نفسية عادة، لكنه مرتبط في السويد بخطر مواجهة ملاحقات قضائية في حال عرضت حياة الآخرين للخطر.

يرفع المدافعون عن حقوق المصابين بفيروس الإيدز الصوت عاليا للتنديد بهذا القانون. ويهدف هذا القانون إلى الحد من انتشار الفيروس وهو يعد من أكثر القوانين تشددا في العالم على هذا الصعيد. وهو ينص على أن الأشخاص الإيجابيي المصل الذين يقيمون علاقات جنسية من دون استخدام وسائل وقائية ويخفون حالتهم على شركائهم ويعرضونهم للإصابة بالعدوى يرتبكون جنحة قد تفرض عليها عقوبة سجن، في حال نقلت العدوى أو لم تنقل.

ولا يمكن بالتالي لأي شخص إيجابي المصل أن يقيم علاقات من دون استخدام وسائل وقائية حتى لو قبل شريكه بذلك، إذ أنه ما من أحد مخول أن يوافق على ارتكاب جنحة بموجب القانون. وقد تعرض نحو 40 شخصا لملاحقات قضائية بعد أن عرضوا حياة آخرين للخطر بهذه الطريقة، وذلك منذ الحالات الأولى للإيدز المشخصة في البلاد في العام 1982.

وتضم السويد 6500 شخصا إيجابي المصل أغلبيتهم (90%) يخضعون لعلاجات مضادة للفيروسات القهقرية. وجاء في تقرير صدر في العام 2010 عن شبكة "جي ان بي" الدولية التي تعنى بالدفاع عن حقوق المصابين بفيروس الايدز أن السويد هي أكثر البلدان صرامة في هذا الشأن. لكن يبدو أن السلطات القضائية باتت تغير موقفها. فقد برأت محكمة مالمو في تشرين الأول/أكتوبر شخصا مصابا بالإيدز كان قد حكم عليه بالسجن لمدة سنة في محكمة الدرجة الأولى. غير أن النيابة العامة طعنت في هذا القرار في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر.

وقال يان ألبرت الاستاذ المحاضر في الطب في جامعة كارولينسكا الذي شارك في إعداد تقرير استندت إليه محكمة مالمو لاتخاذ قرارها إن "الأشخاص الخاضعين لعلاج مضاد للفيروسات القهقرية أثبتت فعاليته هم عموما غير معديين خلال العلاقات الجنسية"، مضيفا أن "هذه الحال لم تؤكد بالكامل في الظروف جميعها". وأظهر هذا التقرير أن الأشخاص الأكثر خطورة ليسوا هؤلاء الذين شخصت إصابتهم بالفيروس والذين يتلقون علاجا بل هؤلاء الذين لم يعلموا بعد بإصابتهم.

وحتى لو كان هذا القانون يتعرض لانتقادات لاذعة، فهو يعكس المعتقدات السائدة في أوساط السويديين. فقد كشفت هيئة الوقاية من الأوبئة التي تستطلع آراء السويديين في ما يخص مفهومهم للإيدز منذ العام 1987 أن 40% منهم كانوا يرغبون في العام 2011 أن يمتنع المتعايشون مع الفيروس عن إقامة العلاقات الجنسية. بحسب فرانس برس.

وبحسب برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الايدز، "ينبغي الا يعتبر عدم الكشف عن الإصابة بالفيروس جنحة". ولم يتخذ أي من الحزبين الرئيسيين في البلاد موقفا واضحا في هذا الشأن. فحزب المحافظين الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء فريدريك رينفلدت يعتزم أن يبقي على الكشف الملزم عن الإصابة، مع تخفيف العقوبات المفروضة في حال مخالفة القانون. أما الحزب الاشتراكي الديموقراطي، فهو لا يزال يتباحث في هذه المسألة ليعرض موقفه مع اقتراب الانتخابات التشريعية المزمع انعقادها في أيلول/سبتمبر 2014.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/كانون الثاني/2014 - 26/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م