الكتاب في عصر التكنولوجيا..

لازال صامدا رغم تراجع نسب التأليف والقراء وسطوة التزوير

 

شبكة النبأ: القراءة مملكة سلطانها الكتاب ورعاياها العاشقين له من المثقفين والشغوفين بالمعرفة، والقراءة حياة لا تدانيها حياة، وما انزلت الكتب المقدسة الا بعبارة (اقرأ) لتكون المعرفة مشاعاً بين البشر وترتقي بها الأمم لينكفئ ظلام الجهل والتخلف والعصبية وكل القيم السلبية التي تسيطر على عقول شابها القصور.

وقد احتل الكتاب مكان الصدارة بين الحضارات والأمم وتوارثت الاهتمام به والحض على النهل من عذب ماءه، من دون ان نستثني الفترات العسيرة التي مر بها الاهتمام بالكتاب والقراءة مع بروز المنافسين او العوامل القاهرة وحتى مراحل الخمول الفكري.

ومع ذكر المنافسين، وخصوصاً في العصر الحديث، في عصر السرعة والانترنت والمعلومة الفضائية وغيرها، تراجعت نسبة القراءة الى مستويات مرعبة بحسب ما أشارت العديد من الاستبيانات العالمية، إضافة الى منافسته الكتب الالكترونية التي لا تخلو، هي الأخرى، من السلبيات.

كما تحول الكتاب الى مجال تمارس فيه السرقة والاعتداء على حقوق المؤلف الفكرية وعدم صيانة حرمتها، إضافة الى التزوير او طباعة كتب من دون اخذ الاذن من صاحب الحق في ذلك، ساهمت بشكل مؤثر في تراجع نسب التأليف او محاولة نشرها في أماكن أكثر امناً مما ينعكس سلباً على المجتمعات الأخرى التي لا تتوفر لديها البيئة المناسبة للكاتب.

لكن يبقى الكتاب وما يجمعه بين دفتيه عنوان مثير وملهم لأجيال وامم تحب الثقافة وتسعى لتطوير نفسها وحضارتها حتى وان تطلب الامر فعل ذلك تحت البرد القارس.  

فقد جابه نحو 1500 من سكان ريغا البرد لتشكيل اطول "سلسلة لمحبي الكتب" في هذه المدينة التي اختيرت عاصمة للثقافة الاوروبية في 2014 في مبادرة رمزية تذكر دول البلطيق بنضالها من اجل الاستقلال، وشكلت السلسلة البشرية التي امتدت على أكثر من كيلومترين عبر المدينة صدى لسلسلة بشرية امتدت على 687 كيلومتر شكلها العام 1989 مليونا ليتواني ولاتفي واستوني احتجاجا على الهيمنة السوفياتية.

وقالت افيا روزينبرغا مديرة برنامج "ريغا 2014"، "الذين شاركوا في سلسلة البلطيق يتذكرون هذا الشعور بالوقوف جنبا الى جنب مع اشخاص غرباء كليا، ان المشاركين في سلسلة الكتاب والمستعدين للبقاء طوال اليوم رغم البرد القارس يأخذون هذا الامر على محمل الجد ونحن ندافع بالمعنى الحقيقي للكلمة عن الثقافة". بحسب فرانس برس.

وبالتزامن مع السلسلة الجديدة، دشن اللاتفيون نقل الكتب من المكتبة الوطنية القديمة التي اسست قبل 150 سنة الى مقر جديد يفتح ابوابه امام الجمهور في آب/اغسطس المقبل، وقالت إلغا (61 عاما) الواقفة في ظل المكتبة الجديدة "نحن امة قراء"، الا ان كل سكان ريغا ليسوا متحمسين للبناء الجديد، وقد شبه رئيس بلدية المدينة نيلس اوساكوف المبنى الرمادي المثلث الشكل بسوبرماركات ضخم، وقد صمم المبنى المهندس المعماري اللاتفي-الاميركي غونار بيركرت بكلفة زادت عن 166 مليون يورو.

ويتضمن برنامج ريغا عاصمة للثقافة الاوروبية 2014 انتاجا جديدا لاوبرا "ريينزي" لريتشارد فاغنر الذي كتب الفصلان الاولان منها في ريغا ومعارض مكرسة للعنبر ومعرضا للرسام والنحات الفرنسي كريستيان بولتانسكي.

إصدارات جديدة

في سياق متصل اصدرت مؤلفة سلسلة "هاري بوتر" الشهيرة جي كي رولينغ رواية بوليسية في الخفاء نشرتها باسم مستعار، ونالت هذه الرواية ترحيب النقاد، بحسب ما كشفت صحيفة صنداي تايمز البريطانية، وحملت الرواية اسم "كوكوز كولينغ" وقد صدرت في نيسان/ابريل، لكن رولينغ لم تصدرها باسمها، بل استخدمت اسما مستعارا هو روبرت غالبريث، وتروي فيها قصة جندي سابق اصيب في افغانستان، وأصبح بعد ذلك محققا خاصا، يكلف بالتحقيق في مقتل عارضة ازياء.

ولاقت هذه الرواية ترحيبا من النقاد، بحسب صنداي تايمز، واعتبر أحد النقاد ان هذه الرواية تشكل "انطلاقة مدوية" للكاتب، فيما ابدى ناقد آخر دهشته من طريقة كاتب الرواية الذي يفترض انه ذكر، في وصف ملابس النساء، واكتشفت الصحيفة البريطانية الامر بعدما اثار انتباهها كيف ان كاتبا مبتدئا يمكن ان يؤلف رواية كهذه. بحسب فرانس برس.

وقالت رولينغ للصحيفة "اردت ان اكتم السر لوقت اطول قليلا"، واضافت "انه أمر مدهش ان ينشر المرء كتابا دون ان ينتظر ردود الفعل عليه، من الممتع فعلا ان يرى المرء كيف يستقبل كتابه تحت اسم كاتب آخر"، وبحسب الصحيفة فقد بيع من هذه الرواية 1500 نسخة.

بدورها اعلنت دار النشر السويدية "نورستيدتس" ان ثلاثية "ميلينيوم" لستيغ لارسون التي حققت نجاحا عالميا كبيرا، ستستكمل بجزء رابع، وقالت الناشرة ايفا غيدين في بيان "قررنا ان نكلف شخصا التكملة ورواية ماذا سيحصل"، وسيتولى الكاتب السويدي ديفيد لاغيركرانتز كتابة الجزء الجديد الذي يتوقع ان يصدر في صيف العام 2015 بعد عشر سنوات على صور الجزء الأول، وقد توفي ستيغ لارسن في العام 2004.

وقال لاغيركرانتز في بيان "لقد باشرت الكتابة والامر ممتع للغاية، انه عالم رائع اغوص فيه"، وقال الناشرون ان الكاتب سيواصل القصة مع الشخصيات نفسها مستلهما من المغامرات السابقة ومضيفا نفحته الخاصة، واصبحت سلسلة "ميلينيوم" ظاهرة عالمية وقد اقتبست الى السينما اولا في السويد ومن ثم في الولايات المتحدة مع المخرج ديفيد فينشر، وبيعت 75 مليون نسخة من الاجزاء الثلاثة الاولى التي ترجمت الى 30 لغة.

مزادات الكتب

الى ذلك بيع كتاب (مزامير الخليج The Bay Psalm) وهو أحد 11 نسخة باقية من أول كتاب طبع في أمريكا مقابل 14.2 مليون دولار في مزاد في دار سوثبي في نيويورك مسجلا رقما قياسيا عالميا جديدا لأي كتاب مطبوع يباع في مزاد، وعلى الرغم من أن التقديرات قبل المزاد وصلت إلى 30 مليون دولار الا ان السعر تجاوز بسهولة الرقم القياسي السابق البالغ 11.5 مليون دولار الذي حققه كتاب (طيور أمريكا Birds of America) لجون جيمس اودوبون في ديسمبر كانون الاول 2010.

واشترى الكتاب رجل الأعمال الأمريكي ديفيد روبنشتاين الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك لشركة الاستثمار الخاصة الأمريكية كارلايل جروب ال بي، وقالت سوثبي إن روبنشتاين يعتزم إعارة الكتاب الى مكتبات في أنحاء الولايات المتحدة قبل ان يوضع في إعارة طويلة الاجل الى احداها.

وقال ديفيد ريدين رئيس قسم الكتب في سوثبي "نشعر بسعادة غامرة لان هذا الكتاب المهم لتاريخنا وثقافتنا قدر له أن يراه قطاع عريض من الأمريكيين الذين يقدرون أهميته"، وأضاف قائلا في بيان "بالطبع نحن نشعر أيضا بسعادة غامرة لاننا حققنا رقما قياسيا عالميا جديدا لأي كتاب مطبوع وهو ما يؤكد أن الكتب لا تزال تشكل جزءا حيويا من ثقافتنا".

وطبع كتاب (مزامير الخليج) في 1640 في كامبريدج بولاية ماساتشوستس وهو أحد أندر الكتب في العالم وأحد أفضل النسخ الاصلية الباقية من بين 1700 نسخة طبعت من الكتاب، وهذه أول نسخة من الكتاب تعرض للبيع منذ عام 1947 عندما سجلت سعرا قياسيا بلغ 151 ألف دولار، وباعت كنيسة اولد ساوث تشيرش في بوسطن كتاب مزامير الخليج لتغطية تكلفة ترميمات للمبنى ودفع مستحقات العاملين، وتملك الكنيسة نسخة ثانية من الكتاب، والنسخ الباقية الاخرى مملوكة لجامعتي هارفارد وييل ومؤسسات اخرى.

اما الكتاب الاغلى في التاريخ على الاطلاق فهو "كوديكس ليستر" وهي مجموعة كتابات لليوناردو دا فينتشي تعود لفترة 1508-1510، وقد اشتراها في إطار صفقة خاصة خارج إطار المزادات مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس العام 1994 من متحف في لوس انجليس بسعر 30,8 مليون دولار.

من جهتها قالت صالة مزاد سوذبي ان نص أول رواية للكاتب الأيرلندي الشهير صامويل بيكيت "ميرفي" كتبه بخط يده طرح في مزاد وبيع بنحو مليون جنيه استرليني (1.5 مليون دولار)، وفازت جامعة ريدنج التي خاضت المزاد أمام منافس آخر بالمخطوط الثمين الذي يحوي ملاحظات مكتوبة على الهوامش وبه اختلافات ملموسة عن النص النهائي للرواية التي نشرت عام 1938.

ودفعت الجامعة 962500 جنيه استرليني ثمنا للنص الذي كتبه بخط يده الكاتب الأيرلندي المولد الحائز على جائزة نوبل للآداب، وقدر الخبراء قبل المزاد ان يحقق ثمنا يتراوح ما بين 800 ألف و1.2 مليون جنيه إسترليني، وقال بيتر سيلي كبير خبراء الكتب والمخطوطات في سوذبي في بيان "هذا بلا شك أهم مخطوط لرواية كاملة لكاتب بريطاني أو أيرلندي من العصر الحديث يطرح في مزاد منذ عشرات السنين". بحسب رويترز.

وتقع رواية بيكيت بخط يده في ست مفكرات احتوت على صياغات معدلة للنص ورسوم كان الكاتب الأيرلندي يخطها وهو يفكر ورسوم أخرى لوجه للروائي الأيرلندي جيمس جويس والممثل الكوميدي البريطاني تشارلي شابلن اللذين أثرا في أعمال بيكيت، وولد بيكيت في دبلن عام 1906 وعاش وكتب معظم أعماله في باريس وكان يكتب أعماله بالإنجليزية والفرنسية وحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1969 وتوفي عام 1989.

سرقات وتزوير

من جانب اخر ضبطت الشرطة الايطالية في روما 36 مخطوطة فضلا عن رسائل ورسوم للكاتب الشهير جوفاني فيرغا كانت اختفت قبل ثمانين عاما وتقدر قيمتها بأربعة ملايين يورو، فيرغا (1840-1922) هو الممثل الابرز لحركة "فيريسمو" المستوحاة من التيار الطبيعي الفرنسي ومن أشهر اعماله "مالافوليا" في العام 1881.

ومن بين الوثائق التي ضبطت مخطوطة الرواية الاولى التي كتبها فيرغا عندما كان في سن السادسة عشرة "حب ووطن" وهي لا تقدر بثمن، واوضح انطونيو كوبولا الضابط المسؤول عن العملية لوكالة فرانس برس "من المضبوطات ايضا المسودة الاولى لكتاب "مالافوليا" ومراسلات مع انونتزيو وكروتشي وبيرانديلو".

وقد بدأت القضية في الثلاثينات عندما اعطى جوفاني فيرغا باتريركا نجل الكاتب هذه المخطوطات الى باحث في بلدة برشلونة بوتزو دي غوتو في صقلية، واوضح كوبولا "لم تعد المخطوطات الثمنية ابدا الى صاحبها وكل المحاولات لاستعادتها باءت بالفشل لان المؤرخ نجح في اخفائها".

في العام 1975 حصل حفيد فيرغا على الحقوق على كل المخطوطات والوثائق الاخرى من قبل محكمة في كاتانا (صقلية)، وكان يرغب ببيع كل الوثائق الى البلدية الا انه لم يعثر عليها وكانت قد اصبحت بين يدي ابنة الباحث، وقد عادت القضية الى الواجهة عندما ابلغ مسؤولون من منطقة لومبارديا الشرطة ان وثائق لفيرغا تباع في مزاد في ميلانو من قبل دار كريستيز، وقد صودرت الوثائق من ابنة الباحث البالغة 76 عاما، وهي تواجه عقوبة بالسجن تصل الى عشر سنوات.

من جانب اخر قال اتحاد الناشرين المصريين في بيان إن وزارة الداخلية ضبطت أربع مطابع في العاصمة المصرية تقوم بتزوير كتب رائجة تصدرها دور نشر مصرية وعربية كما ضبطت أيضا المكتبات التي توزع الكتب المزورة، ويحاول الاتحاد وضع حد لظاهرة تزوير الكتب، ففي مايو ايار 2012 أثمرت جهوده عن ضبط نحو 19 ألف كتاب مزور وأعلن الاتحاد آنذاك الشروع في إعداد قائمة سوداء تضم مزوري الكتب ضمن خطة تهدف لمناهضة بيع الكتب المزورة التي تمثل اعتداء على حقوق الملكية الفكرية للمؤلف والناشر الأصلي.

وقال نائب رئيس الاتحاد عادل المصري رئيس لجنة مكافحة تزوير وتزييف الكتب في البيان إن الإدارة العامة لمباحث المصنفات وحماية حقوق الملكية الفكرية بوزارة الداخلية قامت -بالتنسيق مع الاتحاد- بحملات موسعة أسفرت عن ضبط أربع مطابع في القاهرة وعدة مكتبات تقوم ببيع وتوزيع الكتب المزورة

وأضاف أن الكتب المزورة من إصدارات دار نشر قطرية وأخرى سعودية إضافة إلى 10 دور نشر مصرية وأن الحملة ستشمل "كافة محافظات مصر حتى القضاء نهائيا على تلك الظاهرة التي تمثل خطرا كبيرا على صناعة النشر"، وقال إن الاتحاد أخطر كافة دور النشر المتضررة بمحاضر الشرطة الخاصة لاتخاذ الاجراءات القانونية ضد المزورين، ومن بين الكتب المزورة الأعمال الكاملة لشاعر العامية أحمد فؤاد نجم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 27/كانون الثاني/2014 - 25/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م