تجارة الدعارة وطوفان الفقر الجارف

 

شبكة النبأ: تعاني العديد من دول العالم من استفحال ظاهرة الدعارة واستغلال الأطفال والتجارة بالبشر من قبل شبكات وعصابات عالمية منظمة، وهو ما اشارت اليه الكثير من التقارير الدولية الخاصة التي قامت بها بعض المؤسسات والمنظمات الحقوقية والتي تؤكد، وجود ما بين 40 مليون إلى 42 مليون شخص يمارسون الدعارة في العالم ، 75% منهم تتراوح أعمارهم ما بين 13 و 25 سنة، بينما تشكل النساء والفتيات المرتبطات بهذا النشاط 80 في المائة. هذا وقد حذرت تلك المؤسسات والمنظمات من تفشي هذه الظاهرة الخطيرة بسبب اتساع رقعة الفقر وضعف القوانين والعقوبات الرادعة التي اسهمت بنمو وانتشار عصابات المتاجرة بالبشر والتي اصبحت تعتمد اساليب خاصة ومتطورة للإيقاع بضحاياهم، وعلى الرغم من بذل جهود كبير لمكافحة الدعارة من قبل منظمات حقوق الإنسان وبعض الجهات المسؤولة، الا انها مازالت تنتشر كالهشيم بالنار ولا يقف أمامه لا شرع ولا قانون.

وفي هذا الشأن فقد نجحت الشرطة البريطانية في تفكيك شبكة لاستغلال الأطفال جنسيا تعمل من الفلبين. وتشير التحقيقات إلى أن الصدفة هى التي كشفت الشبكة وأدت إلى أحكام بسجن بعض المشاركين فيها. وكانت الشبكة تبث عمليات اعتداء على الأطفال مباشرة على شبكة الإنترنت من الفلبين. وتعاونت الشرطة الاسترالية والأمريكية مع مساعي الشرطة البريطانية.

وكشفت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا عن اعتقال 17 بريطانيا في العملية التي أطلق عليها "عملية انديفور"، التي امتدت عبر 17 دولة. كما تجري السلطات تحقيقات أخرى مع 733 شخصا، بينهم 139 بريطانيا، متهمين بدفع أموال لمشاهدة عمليات اعتداء جنسي على مباشرة من خلال الانترنت. وقالت الوكالة البريطانية إن هذه الممارسات تمثل تهديدا متزايدا خاصة في البلدان النامية.

وأضافت "الفقر المدقع، والقدرة على امتلاك انترنت عالي السرعة، بالإضافة إلى وجود سوق رائجة لهذه الممارسات بين المستهلكين الأثرياء في مناطق متعددة بالعالم، شجع عصابات الجريمة المنظمة على استغلال الأطفال من أجل جني المال." وبدأت الفلبين التحقيق في هذه القضية منذ عام 2012، وشارك فيها ضباط من بريطانيا وكذلك من الشرطة الفيدرالية الاسترالية، ووكالة الهجرة والجمارك بالولايات المتحدة الأمريكية.

وأدين خمسة من بين 17 بريطانيا وجه لهم الاتهام، أما بقية المشتبه بهم فقد توفي منهم اثنان ومازال الباقون قيد التحقيق. "الفقر المدقع والقدرة على امتلاك انترنت عالي السرعة، بالإضافة إلى وجود سوق رائجة لهذه الممارسات بين المستهلكين الأثرياء في مناطق متعددة بالعالم، شجع عصابات الجريمة المنظمة على استغلال الأطفال من أجل جني المال"

وأسفرت عملية "انديفور" عن إلقاء القبض على 29 شخصا في دول أخرى، من بينهم 11 شخصا اتهموا بتسهيل أعمال الاعتداء واستغلال الأطفال داخل الفلبين. كما تم الكشف عن متهمين من دول عدة أخرى، منها استراليا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وكندا وهونغ كونغ والسويد والنرويج وتايوان والدانمارك وسويسرا.

وأنقذت السلطات الفلبينية حوالي 15 طفلا تتراوح أعمارهم بين 6 و15 عاما، واعتبرتهم ضحايا.

وكشفت التحقيقات أن إجمالي الأموال التي حصلت عليها الشبكة من تلك الممارسات بلغ أكثر من 37 ألف و500 جنيه استرليني، كما حصل أقارب الأطفال على أموال للسماح بالإعتداء على أطفالهم في بعض الحالات.

ولعبت الصدفة دورا في مساعدة الشرطة البريطانية في كشف الجريمة. فمنذ عامين قام محققون من شرطة " نورثامبتون شير" بزيارة روتينية إلى منزل شخص يدعى "تيموثي فورد" ، وهو مسجل لدى الشرطة بتهم اعتداء جنسي. وفوجئ رجال الشرطة مفاجأة بوجود مقاطع الفيديو على جهاز كمبيوتر تتضمن مشاهد اعتداء على أطفال، وكذلك أقراص "دي في دي" مسجلة بكاميرا عبر الإنترنت.

وأجرت الشرطة اتصالات مع مركز استغلال الأطفال والحماية على الإنترنت البريطاني الذي أصبح الآن جزءا من الوكالة الوطنية للجريمة والذي تبنى إجراء تحقيق دولي في تلك القضية. ونجح محللون في وسائل الإعلام الرقمية في تحديد المتهمين والأطفال الضحايا، وأرسلت المعلومات إلى شرطة الفلبين التي بدأت العمل في القضية.

وحٌكم على المتهم البريطاني فورد في مارس/ آذار من العام الماضي بالسجن ثمانية أعوام ونصف لضلوعه في جريمة استغلال الأطفال جنسيا. كما عثر المحققون على سجلات تحويلات مالية لعائلات خمسة من الأطفال الذين تعرضوا لاعتداء، وذلك مقابل عرضهم ما يجري لأطفالهم مباشرة عبر الإنترنت. بحسب بي بي سي.

ومن بين البريطانيين الآخرين الذين أدينوا في قضية استغلال الأطفال في الفلبين "مايكل إلر" ، 68 عاما، الذي حكم عليه بالسجن 14 عاما في ديسمبر/ كانون أول الماضي. كما حٌكم على البريطاني توماس أوين بالسجن سبع سنوات في يوليو/ تموز الماضي، بعد ثبوت ضلوعه في القضية.

وقال آندي بيكر، نائب مركز استغلال الأطفال والحماية على الإنترنت، تعليقا على القضية :"هذه التحقيقات كشفت بعض المتورطين الخطيرين في جرائم استغلال الأطفال، الذين اعتقدوا أنهم يمكنهم الهروب بالأموال التي يحصلون عليها مقابل السماح بالإعتداء على الأطفال، لكن وجودهم في مناطق تبعد آلاف الأميال لا يشكل أي فارق." وأضاف :"حماية ضحايا الاعتداء على رأس أولوياتنا، وهو ما يعني مهاجمة أي حلقة في سلسلة العصابات المنظمة التي تستغل الأطفال".

من جانب اخر فككت السلطات الاسبانية بالتعاون مع الاجهزة الفرنسية شبكة دولية للدعارة تشغل نساء من اميركا الجنوبية في فرنسا، وتم توجيه اتهامات لستة اشخاص، بحسب ما اعلن مصدر قريب من الملف. فقد نفذت الشرطة الاسبانية بالتعاون مع الشرطة الفرنسية والمكتب المركزي لمكافحة الاتجار بالبشر عملية في مدينة برشلونة الاسبانية ومحيطها. واوقف ستة اشخاص في هذه العملية، وهم متورطون في شبكة دولية للدعارة.

وكان التحري عن هذه الشبكة بدأ في وقت سابق بعد ملاحظة وجود عدد من المومسات من اميركا الجنوبية في منطقة انيسي شرق فرنسا، كن يعملن في فنادق متوسطة، بواسطة اعلانات على الانترنت، وكن يدفعن نصف ما يتقاضين لمشغليهن الذين يتحكمون بهن تماما. وكانت هذه الشبكة تدار من اسبانيا، وتجلب النساء من اميركا الجنوبية ثم تنقلهن الى فرنسا.

الى جانب ذلك فككت الشرطة البرازيلية عصابة من المهربين تتولى إرسال فتيات هوى إلى أنغولا ومناطق أخرى في أفريقيا. واعتقل خمسة أشخاص فيما تبحث الشرطة عن 10 آخرين على الأقل يشتبه في ارتباطهم بشبكة التهريب في ساو باولو. وترسل العصابة 90 امراة على الأقل سنوياً الى رجال أعمال اثرياء وسياسيين للدعارة، على ما أفاد ناطق باسم الشرطة.

وشكل تجار البشر شبكة دعارة ناشطة منذ العام 2007. وجنت العصابة نحو 45 مليون دولار في السنوات الست الماضية، وفقاً لمصادر في الشرطة البرازيلية. وأفادت معلومات بأن النساء يرتبطن بقاعدة للدعارة مقرها ساو باولو، أو انهن عملن كعارضات أزياء وممثلات تلفزيونيات. وقد وعدن بمبالغ مالية ضخمة، قدرت بين 10 آلاف ومئة ألف دولار في الأسبوع. لكن غالباً لا يتقاضين هذه الأموال.

وأضافت الشرطة أن النساء أرغمن على ممارسة الجنس دون استخدام واقيات ذكرية. وقدمت إليهن عصائر ممزوجة بالمخدرات أوهمن بأنها تمنع انتقال الايدز. وأرسلت العصابة النساء إلى أنغولا، التي تقيم علاقات ثقافية وتجارية وثيقة مع البرازيل، لأسبوعين في كل مرة. لكن الشرطة قالت إنه تم إرسالهن أيضاً إلى جنوب أفريقيا ودول أوروبية.

بغاء القاصرين

في السياق ذاته تندد منظمات كثيرة تعنى بالدفاع عن حقوف الأطفال، من بينها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، بالدعارة المتزايدة في أوساط القاصرين في مدغشقر حيث هاجمت جموع مغتاظة في جزيرة نوسي بي (الشمال) ثلاثة رجال اتهمتهم بالتحرش بالأطفال وبقتل طفل وضربتهم حتى الموت. وفتح تحقيق إثر هذه الحادثة التي هزت مشاعر الرأي العام في أنحاء العالم أجمع. ولم يجمع بعد أي دليل يسمح بإثبات شبهات التحرش بالأطفال وقتل طفل في الثامنة، وهي شبهات وقعت الحادثة بسببها.

وشرحت ماري دارمايان المديرة المحلية لمنظمة "إي سي بي إيه تي" غير الحكومية التي فتحت فرعا لها في البلاد في العام 2012 أن "دعارة الأطفال والتحرش بهم يكتسبان بعدا يثير القلق في مدغشقر وهما ظاهرتان تنتشران في البلاد". وأكدت اليونيسيف أنه "تم تسجيل ارتفاع في حالات التحرش بالأطفال خلال السنوات الخمس الأخيرة، لكنه يتعذر علينا تقديم المعطيات لتوضيح نطاق هذه الظاهرة".

ولا يخفى على أحد أن الحانات في في جزيرة نوسي بي السياحية حيث وقعت الجريمة باتت بيئة مؤاتية لممارسة الدعارة تتجول فيها شابات بألبسة ضيقة وقصيرة مع أوروبيين أكبر سنا منهن. ومن غير المعلوم، إذا كانت هؤلاء الشابات قاصرات أم لا. وشرح فرنسي مقيم في الجزيرة فضل عدم الكشف عن هويته أن "الشابة تتقاضى عادة 40 ألف ارياري (حوالى 13 يورو) عند الصباح ... ولا تحدث الأمور كما هي الحال عادة في أوروبا حيث تفرض الشابة السعر الذي تريده".

وتقر السلطات بانتشار هذه الظاهرة المذكورة أيضا في الكتيبات السياحية، لكنها تحمل الأهالي مسؤوليتها. وصرح جانو الأمين العام لوزارة السياحة "كثيرون هم الاهالي الذين يدفعون أولادهم إلى ممارسة الدعارة بسبب الفقر". وأكد موريس زاندري رئيس الخدمة المركزية لشرطة الآداب وحماية القاصرين "في الواقع، إن الاهالي هم الذين يرسلون أطفالهم في بعض الأحيان لممارسة الدعارة بغية تأمين القوت". وتؤكد "إي سي بي إيه تي" واليونيسيف هذه المعلومات.

وأوضحت ماري دارمايان أنه "من الصعب إيجاد فرص عمل وكل يوم، يكتشف مدربونا الميدانيون حالات جديدة" من الشابات اللواتي يمارسن الدعارة في الشوارع". وأضافت أن الاستغلال الجنسي للأطفال الصغار ليس النوع الأكثر إنتشارا من الدعارة في البلاد، إذ انه "في أغلبية الأحيان، تطال الدعارة، بحسب دراساتنا، شابات اكبر في السن، ترواح اعمارهن بين في الخامسة عشرة أو السابعة عشرة أو حتى في عمر أكبر". غير أن قانون البلاد ينص على حماية القاصرين وفرض عقوبات على مرتكبي عمليات الاستغلال الجنسي. وقد فتح خط هاتفي لتلقي اتصالات خاصة بسوء المعاملة والتحرش الجنسي بالأطفال. وأرسيت شبكات لحماية الأطفال في أنحاء الجزيرة برمتها تقريبا بدعم من اليونيسيف.

من جانب اخر يباع الأطفال كل يوم من أجل الجنس في سواي باك في كمبوديا، لكن الوضع برمته يسير بسرية تامة، إذ تباع العديد من الفتيات وهن عذارى من قبل آبائهن. وخلال سيرنا نرى مجموعة من الرجال يجلسون وتجمعهم أوراق اللعب، يقول عنهم الرئيس التنفيذي، لبعثة ABAPE الدولية، لمكافحة الاتجار بالأطفال للدعارة، دون بروستر: "عوضاً عن الاهتمام بعائلاتهم أو البحث عن عمل يجلس هؤلاء الرجال للقمار وشرب الكحول طوال اليوم، لأنهم لا يتاجرون فقط بأولاد غيرهم بل يتاجرون بأولادهم أيضاً."

ورافقته الممثلة الهوليوودية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، ميرا سورفينو في هذه الجولة التي تروي خلالها حكاية الفتيات التلواتي قابلتهن في كمبوديا. من هذه الحكايات تروي سورفينو قصة كييو، فتاة تبلغ من العمر 12 عاماً طلبت منها والدتها وسط الديون أن تستلم وظيفة، وأخذت إلى المستشفى للحصول على ورقة تثبت عذريتها، أخذت بعدها إلى غرفة بأحد الفنادق، واغتصبن على مدى يومين. بحسب CNN.

لكن محنة الطفلة لم تنتهي حينها، بل أخذتها والدتها إلى بيت للدعارة لثلاثة أيام، حبست فيه بقفص مثل الحيوانات، واغتصبت من قبل ثلاثة إلى ستة رجال يومياً ، وعندما عادت إلى المنزل قامت ببيعها مجدداً لبيتين آخرين للدعارة، بعد ذلك علمت بأن والدتها تنوي بيعها مجدداً عندها قررت الهروب من المنزل والاختفاء في أحد بيوت الحماية، وهي الآن تبلغ من العمر 14 عاماً. وقالت والدة الطفلة إن الفقر دفعها إلى بيع ابنتها، وأنها "كانت مكسورة الفؤاد"، وأن الديون والأزمة الاقتصادية دفعاها إلى بيع ابنتها والرضوخ لتجاري البشر.

مشاريع وتحركات

على صعيد متصل وافقت الجمعية الوطنية الفرنسية، الغرفة السفلى في البرلمان، على مشروع قانون يغرم زبائن العاهرات، والذي يقضي بفرض غرامة مالية على كل من يمارس الدعارة مع مومس. ومشروع القانون تقدم به الحزب "الاشتراكي" الحاكم، ويقضي بفرض غرامة مالية على كل من يمارسها مع مومس 1500 يورو على الأقل، لتتحول إلى جنحة يعاقب عليها القانون بالسجن النافذ في حالة العود.

ويأتي هذا المشروع وفقا لتصريح صاحبته، النائبة الاشتراكية مود أوليفيي، استجابة لتوجيه أوروبي يعود إلى 2011 يدعو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى "اتخاذ التدابير الضرورية لعدم تشجيع الظاهرة وتقليص الطلب عليها الذي يكرس جميع أشكال الاستغلال"، وهو توجه انخرطت فيه من ذي قبل البلدان الإسكندنافية كالسويد والنرويج وفنلندا.

ونال المشروع دعم غالبية النواب الاشتراكيين منذ الكشف عنه شهر سبتمبر/أيلول الماضي، حيث وقعه 120 نائبا، وتدعمه بكل قوة وزيرة حقوق المرأة ذات الأصل المغربي نجاة فالو بلقاسم، إلا أن مراقبين يتوجسون من أن طرحه في الوقت الحاضر قد يسبب مخاطر لليسار الحاكم، خاصة وأن استطلاعا للرأي أجرته مؤخرا القناة التلفزيونية الفرنسية الثالثة أظهر رفض غالبية الفرنسيين له.

وتعترف نائبة رئيس اللجنة الخاصة التي تعمل على المشروع، الاشتراكية كاثرين كوطيل، بأنه "لازال هناك عمل بيداغوجي يجب القيام به"، لإقناع كافة الاشتراكيين بالمشروع، رغم أنه نال موافقة جميع أعضاء الفريق الاشتراكي في البرلمان. فيما بدا اليمين المعارض أكثر إجماعا حول الموضوع، علما بأن الملف أخذ حيزا من النقاش كذلك عندما سن نيكولا ساركوزي كوزير للداخلية قانونا استهدف بالدرجة الأولى العاهرات، والذي يتراجع عنه المشروع الحالي. أما مناضلو حزب الخضر، الحليف اليساري للاشتراكيين في حكومة جان مارك ايرولت، لم يتوحدوا حتى الآن حول رأي واحد بشأن هذا المشروع، بخلاف حزب جبهة اليسار الذي يجمع قياديوه على أهمية هذه الخطوة ولم يسجلوا تحفظات إزاءها. بحسب فرانس برس.

الى جانب ذلك بدأ نواب سويسريون تحركا برلمانيا ضد الدعارة في البلاد بحسب ما افادت وسائل اعلام محلية، بعد فضيحة اصابت شرطة زوريخ في هذا الاطار واثارت جدلا واسعا في سويسرا. فقد طالب 43 نائبا على الاقل، يتوزعون بين احزاب اليمين واليسار والخضر، ان يدرس البرلمان الاتحادي حظر ممارسة الدعارة، ووقعوا عريضة برلمانية بهذا الشأن.

ويأتي هذا التحرك بعدما اوقفت السلطات خمسة رجال شرطة في زوريخ يعملون في وحدة مكافحة الجرائم الجنسية، يشتبه في تواطؤهم مع مراكز دعارة. ويشتبه تحديدا في انهم كانوا يرشدون اصحاب الملاهي ونوادي الدعارة الى كيفية الافلات من مراقبة السلطات ومداهمات الشرطة. واستفادوا مقابل ذلك من خدمات جنسية وشراب وطعام مجاني. ولا يحظر القانون في سويسرا الدعارة، لكنه يفرض عليها قيودا.

مراكز تأهيل المومسات

من جهة اخرى تخبئ ساشا البالغة من العمر 17 عاما وجهها بقبعة قميصها وهي تخبر كيف اضطرت منذ ثلاث سنوات إلى ممارسة الدعارة بعد نقص في الملابس والطعام في مدرستها الداخلية. وقد اضطرت ساشا، شأنها شأن شابات كثيرات في مدينة ميكولاييف (جنوب أوكرانيا) حيث كانت تشيد السفن سابقا، إلى توفير خدمات جنسية مدفوعة الأجر في سن مبكرة. لكنها باتت اليوم تتمتع ببصيص أمل مع نحو عشر فتيات أخريات، وهي تريد أن تكون حياتها طبيعية مجددا في مراكز إعادة التأهيل المدعومة من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).

وروت شاشا التي رفضت أن تكشف عن اسم عائلتها "كانت أمي عزباء وسافرت إلى روسيا عندما كنت في الثانية من العمر ولم تعد يوما". فتركت الطفلة في عهدة جدتها مع أختها غير الشقيقة، لكنه تعذر على العجوز النهوض بهذا العبء فأخذت الخدمات الاجتماعية الطفلة إلى ميتم أولا، ثم وضعتها في مدرسة داخلية.

وأقرت ساشا بأنها كانت منذ سن الرابعة عشر تهرب من وقت إلى آخر من المدرسة الداخلية التي كانت تؤوي أيتاما وأطفالا يعانون مشاكل مختلفة. وكانت الشرطة ترجع ساشا وزميلاتها إلى الميتم، وقد دفعهن الحرمان إلى ممارسة الدعارة. وروت ساشا "كنا بحاجة إلى المال لنشتري الملابس والطعام، وكنا في أغلب الاحيان نعاني سوء تغذية. وكانت الفتيات الاخريات يرتدين ثيابا جديدة، أما نحن، فلم نكن نشتري شيئا". وتنعكس تداعيات هذه النشاطات بوضوح في منطقة ميكولاييف التي تسجل أعلى نسب في أوكرانيا من الأمراض المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب في أوساط الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما.

وشرحت أولينا ساكوفيتش المتخصصة في نمو المراهقين لدى مكتب اليونيسيف في أوكرانيا أن الشابات اللواتي يأتين من مناطق محرومة ويمارسن نشاطات جنسية من دون وقاية هن أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، بما فيها مرض الايدز. وقالت "هن يفتقرن إلى المعلومات والمعارف الضرورية ويتركن وحيدات ولا يدرين ما العمل".

واستذكرت ساشا كيف أتت متطوعة من مركز "يونيتوس" المدعوم من اليونيسيف إلى المدرسة الداخلية وكشفت للفتيات أنه بإمكانهن أن يعشن حياة أخرى. وهي ذهبت معها إلى المركز. وقالت "أحب أن آتي إلى هنا، فهم لطفاء جدا ويخبروننا كيف نتصرف في كل ظرف". وخلافا لساشا، ليست الفتيات جميعهن في المركز مستعدات للإقرار بأنهن كن يمارسن الدعارة. وقد شرح موظفو المركز ان الكثيرات منهن يرفضن حتى تقبل فكرة أنهن كن مومسات.

وصرحت ناتاليا بابنكو منسقة البرنامج في مركز "يونيتوس" أن "الفتيات لا يتكلمن عن دعارة"، موضحة أن بعضهن يكتفين بإخبار كيف كان الرجال يقدمون لهن الهدايا او يصطحبونهن إلى السينما، في مقابل خدمات جنسية. وتابعت قائلة إن الفتيات جميعهن من عائلات تعاني مشاكل ولا يعرفن كثيرا عن الصحة الجنسية و"هن يكن قد قدمن خدمات جنسية لنحو ستة رجال في الرابعة عشرة من العمر". بحسب فرانس برس.

وشددت المنسقة على أن الهدف الرئيسي من البرنامج هو الوقاية وضمان النفاذ إلى الخدمات، مشيرة الى تشجيع الفتيات على احضار زميلاتهن ومعارفهن إلى المركز لينقلن لهن العبر المستخلصة. وبحسب مكتب اليونيسيف في أوكرانيا، تطال ظاهرة الاستغلال الجنسي لأغراض تجارية 15 ألف مراهقة قاصرة. وأفاد المعهد الأوكراني للدراسات الاجتماعية بأن نسبة المومسات المراهقات اللواتي يمارسن نشاطات جنسية من دون وقاية قد انخفضت من 62% في العام 2008 إلى 40% في العام 2011.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 21/كانون الثاني/2014 - 19/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م