السياسي الفاسد تهديد خطير على الامن الوطني

رياض هاني بهار

 

تدل لوائح الترتيب الصادرة من المنظمات الدولية عن الفساد السياسي، والتي وضعت العراق ضمن الاولوية في تلك اللوائح، بسبب النهب الممارس من قبل الساسة، نتيجة تفشي سيادة ظاهرة الفساد السياسي، التي اصبحت تنخر بكيان الدولة والمجتمع، وكيان الأجهزة الامنية المختلفة، إن فساد الساسة قد انتشر وعمّ في عراقنا، ولا نقول حتى أزكمت الأنوف، بل نقول حتى اعتادتها الأنوف، فما عادت تشمئز منها كثير من النفوس أو تعافها.

 وإذا كان الفساد مصيبة كبيرة، فإن الرضا به والاستسلام له مصيبة أكبر، التي أصبح المسؤولون عنها لا يهتمون إلا بما يتحقق من منفعة في جيوبهم، وتزايدت نماذج الساسة الفاسدين بالعراق وشمل فساد زعماء، رؤساء، وفساد احزاب سياسية، ويمكن وصفها ببحر هائل من الأوساخ والقمامة والشر وموت الضمير، وان استشراء نموذج السياسي الفاسد وما ينتج عنها من تهديد للاستقرار الامني والاجتماعي، مما ادت اثارها الى تصاعد حالات العنف والانقسامات في المجتمع، ومن بين أهم مظاهر السياسي الفاسد نجد الرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب واختلاس المال العام وفي نفس الوقت يسهل النشاطات الإجرامية كغسيل الأموال.

 والعلاقة بين الصفات الدنيئة والرديئة، وللفساد السياسي علاقة تبادلية مع الظلم فهي مكونه الرئيسي ولكنه يربيها ويكبرها ويحركها، فان الظلم من أعمدة التي يعتمد عليها الفساد السياسي، والأنانية هي احدى مكوناته فإنها به تكبر وتتضخم، ولاسيما يصل بهم الحال إلى حد اقتناص الدولة من جانب جماعة أو فئة ما تسيطر على أجهزة الحكم، ما يؤثر سلبا على النظام السياسي برمته سواء من حيث شرعيته أو استقراره أو سمعته.

 وباختصار فان السياسي الفاسد هو من إساء لاستخدام السلطة العامة، لأهداف شخصية على حساب خدمة مصالح الجميع، وأنه السلوك القائم على استغلال المنصب العام، والانحراف عن الواجبات والمهام الرسمية المرتبطة من اجل تحقيق مصلحة خاصة، مادية كانت أو غير مادية وسواء كانت مصلحة شخصية أو عائلية أو طائفية أو لآخرين، لا شك أن سعي مجموعة من السياسيين الفاسدين، يمكن أن يهددوا النظام السياسي باتباعهم اساليب المافيات بواسطة مليشيات من تضييق الخناق على الحريات والحقوق السياسية والمدنية للمواطنين، وتركيز للسلطة بيد افراد معدودين، وتجاهل لحكم القانون، وغياب الشفافية والمساءلة، لذلك فان افتقاد الشرعية يفتح الباب امام العنف وهذا ما ينجر عنه صراعات داخلية قد تكلف البلاد خسائر كبيرة، بالإضافة إلى أن اهم سمات الساسة الفاسدين.

 افتقاد العقلانية في أهم القرارات السياسية التي تؤثر في مصير الوطن، واعتمادهم على شلة تقديم معلومات مغايرة للواقع التي تواجه الوطن في مجال معين لتمكنهم من الاستئثار بالقرار وبالتالي اقتناص للدولة من جانب جماعة معينة، وهذا نتيجة غياب القانون، لذلك فليس من المستغرب أن تجد مظاهر للصراع على السلطة، والتي تتخذ صور لعصابات على شكل جهات داعمة للسلطة ما بين استعمال محدود للسلاح إلى اندلاع الحروب الأهلية.

الفساد السياسي استشرى كالأخطبوط ودمر حياة الناس وقيمهم، قضى على كل معاني الحياة، فبقاءه رهينا بالاستبداد السياسي، الذي يظل يلازمه ويحميه ويوفر له سبل البقاء، يعشش في كنفه، ويجاوره في تبادلات مبنية على مبدأ " أنا ومن بعدي الطوفان"، وهكذا تأتي السياسات المبنية على الاستبداد عرجاء، مبنية على الارتجال والتسويف وايهام المواطن بخطابات جوفاء، كما تقوم على احتكار المواقع الوظيفية، وتوزيع الهبات والمناصب والمواقع لمن لا يستحقها، وهكذا من الأساليب التي تبقي الأول رهينا بالثاني ومقويا له ومعززا لأسباب بقائه العلاقة هنا تبادلية جدلية.

إن الأمن الوطني، بمعانيه وتطبيقاته، هو سلامة الوجود، وضمان ديمومته واستمرار مقوماته وشروطه، وحمايته من التهديدات والمخاطر، لأن معنى الأمن وضرورته يقابلان معنى الحياة وضرورة استمرارها وسلامتها، والحياة الاجتماعية للإنسان تكتسب بعدا سياسيا، تفرضه عليها حاجتها إلى التنظيم والتوجيه والتحكم، وتجسده فيها أشكال التنظيم السلطوي السياسي المختلفة اللازمة، لهذا يمكن اعتبار ظاهرة الفساد السياسي هي أكثر ما يهدد العراق ويصبح عرضة لأطماع خارجية فدولة رخوة منخورة بالفساد تسمح وبسهولة للتدخل الأجنبي، الذي يحمي مصالح الطبقة السياسية الفاسدة ويجدد بقاؤها، والذي اصبح أمرا مقبولا دوليا.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/كانون الثاني/2014 - 18/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م