لا حياء في الوطن

هادي جلو مرعي

 

رئيس مجلس النواب اللبناني إستخدم هذه العبارة في معرض تعليقه على الأحداث المتصاعدة في لبنان خاصة التي رافقت وأدت وأعقبت حادثة التفجير الإرهابي الذي طال سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمنطقة (بئر حسن) في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتطرق الى موضوعات غاية في الحساسية تشغل بال اللبنانيين والعرب في العراق وبلاد الشام والخليج وكذلك الأتراك والإيرانيين ومعهم أكراد المنطقة وروسيا والولايات المتحدة، وبعض ممن له مصالح حيوية في المنطقة، وماتعلق منها بالمحنة السورية التي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم.

وكان عرف عنه مراعاته حساسية الظروف السائدة وتصريحه بعبارات تبتعد في بعض الأحيان عن السائد منها لدى حزب الله والقيادات الشيعية اللبنانية، وحين تتأزم العلاقة مع الخصوم السياسيين في الأوساط السنية والدروز والمسيحيين، ومنهم المتحالفين مع المحور السعودي، بل ويكاد السيد بري أن يعود ليعلن عن وحدة في الخطاب عند الشيعة اللبنانيين، ولإعادة بناء حلف كاد أن يندثر بين حركة أمل الوفية لذكرى السيد المغيب موسى الصدر مؤسسها وراسم سياساتها التي ماتزال تطبع سلوك وتصريحات ومواقف قياداتها، وحزب الله منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي الذي شهد تغييرا في موازين القوى داخل الحركات الشيعية في هذا البلد الصغير بمساحته ونفوسه الكبير بحجم عذاباته ومايثيره في المنطقة من طموحات ونوازع لاتكاد تنتهي.

لا حياء في الدين، وحين يكون السؤال متعلقا بمعرفة بعض الأحكام في شؤون يتردد كثر من الناس في تناولها، أو ذكرها في الملأ تجنبا للإحراج. ولاحياء في الطب طالما كان في غاياته مخففا للألم والعذاب الذي يسببه المرض الممض والوجع الصارخ في الجسد والروح. أما عبارة (لاحياء في الوطن) فهو طائر لم يعد ممكنا السيطرة عليه بعد أن نبت الريش على جناحيه وحلق بعيدا، ومثل الطائر المحلق لم يعد الوطن يحتمل البقاء حبيس المساومات والمجاملات الحزبية والصفقات السياسية التي تشبه الماء المتدفق بعد عاصفة مطرية، أو نتيجة سيول قادمة من البعيد تضرب جانبي النهر وتأكل منه جرفيه ليتسعا ويتمددا ويهويان ومعهما ماسكن على الجانبين من بيوت وأشجار وأشياء تحصى ولاتحصى.

نحن أحوج، وربما بنفس قدر حاجة اللبنانيين لنغادر دائرة المساومات والمصالح الضيقة التي دفعنا ثمنا باهظا بسببها، وحين جعلناها مقدمة على الوطن خلال السنوات الماضية، وكنا نخاف أو نحرج، أو نتردد، أو نساوم، أو نصالح، أو نبتز متغافلين عن كل تلك الأوجاع والتحديات الجسيمة التي ألحقت الضرر بالوطن العراقي الجريح، وكان جل مانفعله أن نترقب موقفا ما يخرج على السائد ويتمرد، أو تصريحا تلوكه أفواه المتحدثين على شاشات الفضائيات اللاهثة وراء الوجع العراقي، وكم كنا ومانزال بحاجة الى صوت هادر تتبعه أصوات أخرى متحررة تفضح المفسدين والمعطلين للحياة وداعمي الإرهاب وسماسرة الفضائيات والسراق وبائعي الضمائر وأبطال الصفقات السياسية المشبوهة، ومن يعلن حربا على الفساد من خلال شاشة تلفاز بينما يتواطئ مع صاحب التلفاز على صفقة ما في السر بكل تأكيد، وفي سره آلاف الضحكات ينثرها ساخرا بين مؤيديه المستغفلين والمستعدين للتصويت له عند كل نازلة إنتخابية.

آن أوان الصوت المدوي (لاحياء في الوطن) في لبنان وسوريا والعراق ومصر وفي بلاد شمال أفريقيا العربية واليمن، وفي الخليج أيضا.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/كانون الثاني/2014 - 12/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م