العرب.. تناقض الى حدّ الانفصام؟

صادق الصافي

 

لا أحد عاقل يلوم نجيب محفوظ عندما أطلق مقولته الشهيرة -أن لم ينقرض الجهل من بلداننا، فسيأتي السياح ليتفرجوا علينا بدل الآثار -

 فالأمة حسب تعريف المفكر الإيطالي مانتشني، مجتمع طبيعي من البشر، يرتبط بعضهم ببعض بوحدة الأرض والأصل، واللغة والعادات نتيجة اشتراكهم في الشعور الاجتماعي.

والأمة العربية هي كل المجموعات التي تسكن البقعة الأرضية المسماة الوطن العربي، الممتد من المحيط الى الخليج وايران، وتتخذ من اللغة العربية لغة قومية ورسمية، ومن أساس مقوماتها وهويتها اللغة والتأريخ والثقافة والمصير المشترك.؟

ومن المتعارف أن عدد الذين يستعملون اللغة العربية حوالي 400 مليون نسمة، يعيشون في 22 دولة منفصله سياسياً ومتصلة جغرافياً.؟ ومجاميع أخرى في دول اسلامية يتخذون العربية كلغة ثانية، ومهاجرين عرب موزعين في كل دول العالم يصل تعدادهم حوالي 40 مليون نسمة.

 عتاب مُرّ و لوّم نوجهه لكل عربي مواطن ومسؤول- رئيس -أمير أو ملك.! تختصره كلمات مهيار الديلمي.؟

فلا تنكروا فضل العتاب فأنه -- فضالات داء الصدر والداء يكظم

ومافاض حتى ضاق عنه أناؤه -- وقد يملأ القطر الأناء فينعم.؟

لقد رسخ مسار الأحداث حقيقة المشهد العربي غير المنسجم قومياً، فلايزال الواقع القومي العربي يعيش تناقضاً بنيوياً حدّ الانفصام والتشظي.! رغم ترابطه بعوامل فرضتها الجغرافية والتأريخ والتداخلات العميقة الحضارية، الثقافية، الدينية، فلم تستطع من تجاوز الإشكاليات كي تنجح في تكوين أمة عربية متحررة ناهضة، قابلة للانتظام ضمن كيان مستقل بهوية قومية طموحة، حيث اصطدمت بتحديات الاستعمار ودفعت أثماناً باهضة من وحدة الأراضي واقتطاع بعض منها بالقوة العسكرية تارة، وفي معاهدات دولية تارة أخرى، جعلها كيانات مضطربة قلقة محكوم عليها بحجم هائل من التدخلات والانقلابات والصراع الداخلي المهدد لكياناتهم، وكم هائل من التفاعلات السلبية بين مكوناته بقصد الاحتراب والاشتباك وصلت حدّ السحق والإبادة.؟

أن حالة التشظي والانقسام، والحروب المتتابعة التي لم يفهم المواطن العادي أبعادها الخطيرة، أوصلتها الى غياهب الجب-التنازلات- جعلت منها أمة مجروحة فقدت ذاتها ووعيها..! وفقدت مشروعها القومي -من المحيط الى الخليج-.؟ فالحواجز باقية لاتذوب، تتزايد.. تؤججها الفتن ورواسب الكتب العتيقة واحلام السياسيين، وشيوع التشدد والتعصب المذهبي الاثني الانعزالي وهجمات التكفير.!؟ فتجسد العداء وانعدام الثقة حتى بين الجيران، غدر الجبناء..أدى لفقدان الشجاعة لبناء نموذج مشروع وطني مستقل يستوعب كل مكونات المجتمع العربي.؟

لغة السياسة -كما عبر عنها جورج أوريل-تم تصميمها لتجعل الكذب، يبدو صادقاً، والقتل محترماً.؟

لذلك فهي أمة لاتحسن التعامل مع التأريخ ومع الزمن الذي تعيشه، وهو سبب تخلفها.!؟

أمتي هل لك بين الأمم -- منبر للسيف أو للقلم

أتلقاك وطرفي مطرق -- خجلاً من أمسك المنصرم

ويكاد الدمع يهمي عابثاً -- ببقايا..كبرياء..الألم

 أمتي كم صنم مجدته -- لم يكن يحمل طهر الصنم

لايلام الذئب في عدوانه -- أن يك الراعي عدو الغنم

أسمعي نوح الحزانى وأطربي -- وأنظري دم اليتامى واسمعي

ودعي القادة في أهوائها -- تتفانى في خسيس المغنم

- عمرأبو ريشه-

هكذا وصل الغرب المتحضر للإقامة في المريخ، و أمة العرب بلغت حدّ الانفصام والتشظي.. فهل من منقذ.؟

* النرويج

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 8/كانون الثاني/2014 - 6/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م