فصول مؤلمة في الهجرة غير الشرعية الى اوربا

 

شبكة النبأ: ملف الهجرة غير الشرعية، والذي يحوي الكثير من الفصول المؤلمة بسبب الانتهاكات والمخاطر المتكررة التي يتعرض لها الكثير من المهاجرين والتي ازدادت بسبب الإجراءات الأمنية والرقابية التي تقوم بها بعض الدول، كان ولايزال محط اهتمام الكثير من المنظمات الإنسانية والحقوقية المهتمة بالدفاع عن حقوق الإنسان التي تنتقد بعض الإجراءات والقوانين الصارمة والملاحقات القانونية التي تقوم بها بعض الحكومات الأوربية والتي أسهمت بتزايد معاناة المهاجرين والتي تكشف النفاق الأوربي فيما يتعلق بقضايا حقوق الانسان الاساسية، كما يقول بعض المراقبين، وفيما يخص أخر تطورات هذا الملف المهم فقد اثير الجدل مجددا حول معاملة المهاجرين غير الشرعيين في ايطاليا بعد قيام اربعة مهاجرين من المغرب العربي بخطوة ملفتة بخياطة افواههم احتجاجا على احتجازهم في احد مراكز الاستقبال الايطالية ل"التحقق من الهوية والابعاد".

ففي مركز بونتي غاليريا القريب من مطار فيوميتشينو بروما اقدم اربعة تونسيين بقيادة امام بخياطة افواههم وتبعهم خمسة مغاربة. ورفضوا بعد ذلك نزع الخيط الوحيد الذي يربط الشفتين لكنه لم يمنعهم من الشرب. ونفذوا في موازاة ذلك اضرابا عن الطعام. وتثير معالجة ملف الهجرة في ايطاليا جدلا حادا لا سيما بعد اتهام هذا البلد في الايام الاخيرة في بروكسل بسبب الظروف المهينة التي يجبر المهاجرون السريون على عيشها في مركز استقبال موقت في جزيرة لامبيدوزا. واظهر ريبورتاج مصور لاجئين يتعرون قبل ان يتم رشهم امام الجميع بمادة مطهرة ضد الجرب. ويبدو ان هذه الصور التقطها لاجئ يدعى خالد بهاتفه النقال، وصل الى المركز قبل 65 يوما. وقال "نعامل معاملة الكلاب" مؤكدا معاملة النساء بالطريقة نفسها. وقد نددت المفوضة الاوروبية للشؤون الداخلية سيسيليا مالمستروم "بصور لامبيدوزا غير المقبولة"، فيما شبهت رئيسة بلدية الجزيرة جوزي نيكوليتي المركز ب"معسكر اعتقال".

وقام النائب خالد شوقي من الحزب الديموقراطي (يساري) وهو من اصل مغربي بخطوة "رمزية" و"حجز نفسه" في المركز المكتظ في لامبيدوزا مؤكدا انه سيبقى فيه طالما لم ينقل المهاجرون الموجودون فيه منذ اشهر الى مكان اخر. وقال "وجدت ما كنت اخشاه: مكانا معيبا حيث يتساقط المطر من الاسقف وحيث لا يزال فيه سبعة اريتريين نجوا من الغرق في 3 تشرين الاول/اكتوبر".

وقد قضى ما لا يقل عن 400 شخص بينهم عدد كبير من النساء والاطفال في حادثتي غرق قبالة لامبيدوزا اول منفذ اوروبي للمهاجرين الذين يخاطرون بحياتهم لعبور المتوسط. وفي 2002 فرض قانون نظام حصص (كوتا) يحدد عدد المهاجرين الذين يمكن ان تستقبلهم ايطاليا سنويا. وتطبيقا لهذا التشريع انشئت مراكز "التحقق من الهوية والابعاد" في العام 2008 يمكن ان يحتجز فيها المهاجرون الذين لا يحملون تصاريح اقامة وفي انتظار طردهم خلال 18 شهرا كحد اقصى.. لإتاحة الوقت لقنصليات البلدان التي ينتمون اليها بالقيام بالإجراءات اللازمة.

ويتواجد في مركز بونتي غاليريا وسط ظروف صحية سيئة خليط من المهاجرين غير الشرعيين وصلوا بمراكب، واصحاب جنح صغار امضوا عقوبات في السجن وبعض المدمنين على المخدرات. وقد تكاثرت المطالب بإلغاء هذا القانون واغلاق المراكز ووعد الرئيس الجديد للحزب الديموقراطي ماتيو رينزي بانه سيفعل كل ما بوسعه من اجل ذلك. كما طالبت بإلغاء القانون والمراكز الحائزة على جائزة نوبل للسلام لعام 1976 الايرلندية بيتي وليامس لدى مرورها في ايطاليا، معتبرة ان مئات الجمعيات والبلديات الايطالية يمكن ان تستقبل هؤلاء المهاجرين. وقالت وليامس متوجهة الى رئيس مجلس الوزراء انريكو ليتا في بيان "باي روحية تحضرون انفسكم لعيد الميلاد عندما يكون الجميع على علم بان هناك اشخاصا في مخيم احتجاز". واضاف "انني كليا الى جانب البابا فرنسيس الذي ابدى حزنه وغضبه من هذا الوضع".

كذلك طالبت الامينة العامة للنقابة الوطنية الايطالية "كونفدرالية العمال" فيرا لامونيكا باغلاق المراكز ال13 "غير المجدية من ناحية هدفها للتحقق من الهوية والطرد". وعلق رئيس بلدية العاصمة اليساري اينازيو مارينو على ما قام به المغاربة بقوله ان "انتفاضتهم تجبرنا على اعادة فتح النقاش الوطني حول مراكز غير انسانية وتشريع يشبه الفارين من الحروب والعنف والفقر بمجرمي الحرب".

 بين الانتقاد والتهديد

الى جانب ذلك هددت المفوضية الاوروبية إيطاليا باتخاذ إجراء قانوني ضدها بسبب انتهاكات محتملة لقواعد الاتحاد الاوروبي بشأن منح اللجوء ومعاملة المهاجرين القادمين من افريقيا إلى جزيرة لامبيدوزا. وقالت سيسيليا مالمستروم مفوضة الاتحاد الاوروبي للشؤون الداخلية ان المفوضية تحقق في ممارسات ايطاليا في مراكز الاحتجاز. وقالت "الصور التي شهدناها من مركز احتجاز في لامبيدوزا مروعة وغير مقبولة".

واضافت "لن نتردد في اتخاذ اجراء ضد هذه الانتهاكات لضمان احترام معايير الاتحاد الاوروبي والتزاماته." وقال مسؤولون ان المفوضية يمكن ان تحيل ايطاليا التي تتحمل عبء الهجرة غير الشرعية من شمال أفريقيا الى المحكمة بشأن مدى التزامها بقواعد الاتحاد الاوروبي التي تتعلق بالأوضاع المقبولة في مراكز الاحتجاز إضافة الى قضايا أخرى. وطلبت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة من الحكومة الايطالية "حلولا عاجلة لتحسين عمليات الاستقبال في لامبيدوزا" مذكرة بانه يفترض ان يمضي الوافدون الجدد 48 ساعة كحد اقصى في هذا المركز قبل نقلهم الى مراكز اخرى في البلاد.

وقال لورنز جولز المتحدث باسم المفوضة لدول جنوب اوروبا ان "استمرار هذا الاكتظاظ لا يحتمل. رغم جهود العاملين في المجال الانساني المساعدة التي يتم تقديمها اقل بكثير من الحد الادنى المقبول". وردا على سؤال للاذاعة قال كونو غاليبو المسؤول منذ خمس سنوات عن ادارة مركز الاستقبال في لامبيدوزا انه يجب وضع هذه الصور "في سياقها". واضاف "لقد استقبلنا ثلاثة زوارق كان يشتبه بوجود اشخاص على متنها مصابين بالكلب.

وعادة عندما تكون الشكوك ضئيلة يتم معالجة الحالات في المستوصف لكن عندما نتحدث عن 104 اشخاص كما هو الحال الان فنحتاج الى مقار مناسبة". وقال ان العلاج استمر ساعة ونصف الساعة. واضاف "في لحظة ضاق ذرع المهاجرين وبدأوا يخلعون ملابسهم ومن الواضح انهم دبروا لما شاهدناه على التلفزيون".

واعرب رئيس الوزراء الايطالي انريكو ليتا عن "صدمته" ووعد بفتح تحقيق "معمق" و"عقوبات بحق المسؤولين". ورأت رئيسة مجلس النواب لاورا بولدريني المتحدثة السابقة باسم المفوضية العليا للاجئين ان هذه الظروف "غير جديرة ببلد حضاري". واعتبرت سيسيل كينغي وزيرة الدمج اول امرأة سوداء في حكومة ايطالية، ان "ارغام شخص على خلع ملابسه بهذه الطريقة غير انساني".

من جهة اخرى يثق مسؤولون أوروبيون في تجنب الصدام بين زعماء الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة لكن المخاوف من تدفق المهاجرين على غرب وجنوب أوروبا تلوح في الأفق قبل الانتخابات الأوروبية العام المقبل. وبعد الاتفاق على قواعد أكثر صرامة للانتقال المؤقت لعمال من الدول الأكثر فقرا في وسط وشرق أوروبا إلى المناطق الغربية الأكثر ثراء نزع وزراء العمل في الاتحاد الأوروبي فتيل نقاش محتدم تستفيد منه أحزاب مناهضة لأوروبا.

وعارضت بريطانيا تشديد اللوائح إذ ترى انها بمثابة عبء على قطاع الأعمال وتعتزم من جانبها الحد من وصول الإعانات الاجتماعية لمواطني رومانيا وبلغاريا وهما من الدول الفقيرة في الاتحاد الأوروبي عندما تنتهي القيود على حرية التنقل في أول يناير كانون الثاني. وقال اوليفييه بيلي المتحدث باسم المفوضية الأوروبية "كان يمكن أن تدور بيننا مناقشة مرتبكة مسيسة تحدث استقطابا. انقسام واضح جدا بين الشرق والغرب في أوروبا." وأضاف ان الاتفاق بين وزراء العمل "يعني أن فرنسا وحلفاءها مثل بلجيكا لن يثيروا هذه المسألة في القمة. ومن ثم إذا أثار أحد هذه القضية فسيكون السيد كاميرون فقط من زاويته المحددة."

وأشار تقرير حكومي تسرب إلى وسائل الإعلام إن المحافظين في حكومة كاميرون يريدون الحد من عدد المهاجرين في الاتحاد الأوروبي ومنعهم من تلقي الإعانات الاجتماعية للسنوات الخمس الأولى ومنع حتى الأوروبيين ذوي المهارات العالية من الانتقال إلى بريطانيا دون عرض عمل محدد. وقال نائب رئيس الوزراء نيك كليج زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار المشارك في الائتلاف الحكومي إن مثل هذه السياسات "غير قانونية وغير قابلة للتطبيق."

وقالت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي لاعضاء البرلمان إن مثل هذه الأفكار ستلعب على المدى الطويل دورا في إعادة التفاوض المزمع لشروط العضوية في الاتحاد الأوروبي التي وعد بها كاميرون إذا فاز في الانتخابات العامة عام 2015 لكنها ليست للوقت الراهن. بحسب رويترز.

وهيمن على قمة الاتحاد الأوروبي غرق مئات المهاجرين الأفارقة الذين كانوا يحاولون الوصول إلى جنوب أوروبا عبر مالطا وجزيرة لامبيدوسا الإيطالية. وبعدما استشعروا الحرج من صور القوارب الغارقة والجثث والناجين وهم يرتجفون على شواطئ أوروبا طالب قادة الاتحاد الأوروبي المفوضية الأوروبية باقتراح خيارات سياسية لمنع تكرار مثل هذه المآسي في المستقبل.

وقدمت المفوضية الأوروبية مجموعة من الخطط بدءا من العمل مع دول المصدر والعبور لمنع الهجرة غير الشرعية ومكافحة تهريب البشر إلى تكثيف المراقبة البحرية واستيعاب مهاجرين أكثر من أفريقيا والشرق الأوسط مباشرة من خلال برامج إعادة التوطين وتقديم المساعدة إلى دول جنوب أوروبا التي تتعرض لضغط أكبر.

 اخبار اخرى

الى جانب ذلك وقعت تركيا والاتحاد الاوروبي اتفاقا يسمح للحكومات الاوروبية باعادة المهاجرين الذين وصلوا الى أوروبا قادمين من تركيا بصورة غير مشروعة في خطوة أبرزت تحسن العلاقات بين أنقرة ودول الاتحاد الثماني والعشرين. وخلال مراسم أقيمت في أنقرة وقع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو ومفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الاوروبي سيسيليا مالمستروم أيضا اتفاقا للدخول في مفاوضات حول اسقاط تأشيرة الدخول للاتراك المسافرين الى أوروبا.

وتركيا المرشحة لعوضية الاتحاد الاوروبي في منتصف طريق هام للهجرة غير الشرعية من أفريقيا والشرق الاوسط الى أوروبا. وتعطلت محادثات الاتفاق الخاص باعادة المهاجرين غير الشرعيين طوال سنوات ويرجع ذلك بدرجة كبيرة الى تشكك تركيا في استعداد الاتحاد الاوروبي لتخفيف قواعد اصدار تأشيرات الدخول. وبدأت تركيا مفاوضات الانضمام الى الاتحاد الاوروبي عام 2005 بعد مرور 18 عاما على تقديم الطلب. لكن مجموعة من العقبات السياسية منها جزيرة قبرص المقسمة واعتراض المانيا وفرنسا على عضوية تركيا عطلت التقدم في هذا المسار.

على صعيد متصل اصدرت محكمة في مدينة هلسينبورغ جنوب غرب السويد حكما بالسجن اربعة اشهر لسويدي حاول ادخال سوريين الى بلاده بطريقة غير شرعية، وذلك بتهمة "الاتجار بالبشر". وهذا الرجل المتحدر من اصل سوري البالغ 30 عاما والمقيم في حي شعبي في ستوكهولم، اعتقل من جانب عناصر الجمارك لدى وصول سفينة تربط مدينة السينور الدنماركية بهلسينبورغ السويدية. وكان الرجل يقود حافلة صغيرة على متنها تسعة ركاب تبين انهم جميعا من السوريين الذين اتوا الى السويد بهدف طلب اللجوء. واعتقل هذا الرجل وبحوزته ما مجموعه 6510 يورو (8850 دولارا) من الاموال النقدية.

وقال انه اراد اسداء خدمة لصديق له لم يذكر اسمه عبر الذهاب لاصطحاب اقرباء من ايطاليا ارادوا زيارته في السويد. واشار ايضا الى انه يستحق التعاطي معه برأفة لانه قام بعمل وصفه بالـ"انساني". واعتبرت المحكمة ان الرجل كان مدركا تماما بانه ينقل بطريقة غير شرعية اجانب لا يحملون تصاريح اقامة. وجاء في قرار المحكمة "من البديهي انه كان على بينة من ان الموضوع يتعلق بأشخاص هاربين من الحرب في سوريا ويعتزمون الهجرة الى السويد". وقد طلب الركاب السوريون الذين قالوا انهم عبروا المتوسط عن طريق مصر، على الفور اللجوء في السويد. بحسب فرانس برس.

واعلنت السويد في وقت سابق انها ستمنح اللجوء لاي سوري يطلب ذلك من دون تفرقة، لتكون بذلك البلد الوحيد في العالم الذي يقوم بذلك. وطلب اكثر من 14 الف سوري اللجوء منذ مطلع العام وحصل حوالى 10 الاف منهم عليه. وتتوقع وكالة الهجرة تقديم 17 الفا الى 22 الف طلب لجوء في العام 2014.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 5/كانون الثاني/2014 - 3/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م