تقرير شبكة النبأ الدوري حول الحريات الإعلامية في العالم

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: في عام 1993 أعلنت الأمم المتحدة من خلال منظمة اليونسكو الثالث من أيار "اليوم العالمي لحرية الصحافة" وكان هدف المنظمة الرئيسي تعزيز الحريات الصحفية من خلال حرية التعبير في جميع وسائل الاعلام، إضافة الى حماية الصحفيين من الاعتقالات التعسفية والتعذيب والخطف والقتل ومكافحة الإفلات من العقاب للجرائم التي ترتكب بحق الصحفيين.

اليوم وبعد مرور عشرين عام على هذا الإعلان ما زالت توثق المؤسسات الاممية والمنظمات الحقوقية والصحفية المئات من حالات الاستهداف الخطيرة بحق الصحفيين في كل عام، مما يرشح مجال عملهم الى المستوى الأخطر عالمياً، فقد اكدت منظمة اليونسكو مقتل اكثر من (600) صحفي خلال العشرة أعوام الماضية منهم (121) صحفي في عام 2012 وحده، لاكن التأكيد على ان الإفلات من العقاب هو الامر الأكثر ايلاماً، اذ ان اغلب عمليات التصفية والاعتداءات المختلفة تتم من قبل مسلحين مجهولين او من قبل متنفذين في السلطة الحاكمة والتي لا يطبق عليها القانون كما يطبق على ما سواها، سيما وان نسبة الإدانة لا تتعدى قضية واحدة من اصل عشرة قضايا يتم التحقيق فيها لمرتكبي الجرائم ضد الصحفيين.

في عام 1997 اعتمد المؤتمر العام لليونسكو القرار 29 لمكافحة الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، كذلك جاء القرار رقم 1738 الذي صدر عن مجلس الامن التابع للأمم المتحدة ليؤكد مراعاته لأوضاع الصحفيين وسلامتهم خلال الحروب، إضافة الى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان الذي أصدر قراره بالأجماع في العام 2012 حول سلامة الصحفيين وإدانة لاستهدافهم.

بالتأكيد ان للحراك العالمي للمجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية والإنسانية دور مهم وبارز في حماية الصحفي وإعطاءه المزيد من الامل والدفع باتجاه توفير بيئة أفضل للعمل، لكن الذي يجري على ارض الواقع ما زال بعيداً عن هذه القرارات وتطبيقها، فقد أكدت العديد من الوكالات الخبرية والمؤسسات الإعلامية والصحفيين العاملين في مختلف بلاد العالم وخصوصاً في تلك الدول التي تشهد اضطرابات داخلية او تقييداً لحريات العمل الصحفي وحرية تبادل الأفكار والمعلومات بكل اشكالها وصورها، ان الاستهداف بحقهم ما زال متواصلاً وان جميع الأطراف المتصارعة فيما بينها تتوحد في شأن معادة واستهداف العاملين في مهنة المتاعب. كما نرى ذلك في التقرير الآتي.

عام اسود على الصحفيين

ففي سياق متصل ومع النزاع السوري والعدد القياسي للمراسلين المسجونين في تركيا يقفل العام 2013 على حصيلة سوداء بالنسبة للصحافيين في العالم بحسب لجنة حماية الصحافيين التي تشير مع ذلك الى بعض التحسن قياسا الى 2012، وتلفت هذه المنظمة غير الحكومية التي تتخذ مقرا لها في نيويورك، الى مقتل 52 صحافيا في 2013 اثناء ممارستهم مهنتهم مقابل 73 العام الماضي، ومع الحرب المستمرة التي اسفرت عن سقوط نحو 126 الف شخص منذ اذار/مارس 2011، تعتبر سوريا اخطر بلد بالنسبة للصحافيين للسنة الثانية على التوالي، وبحسب لجنة حماية الصحافيين فقد قتل 21 مراسلا صحافيا خلال هذا العام الذي اشرف على نهايته. بحسب فرانس برس.

وقتل ستة صحافيين في مصر، وخمسة في باكستان، واربعة في الصومال، وثلاثة في العراق وثلاثة في البرازيل واثنان في مالي وفي روسيا، وسجل سقوط قتيل هذا العام في كل من تركيا وبنغلادش وكولومبيا والفيليبين والهند وليبيا، وللسنة الثانية على التوالي تعد تركيا البلد الذي يسجن فيه اكبر عدد من الصحافيين تليه مباشرة ايران والصين، فهذه البلدان الثلاثة تضم اكثر من نصف المراسلين ال211 المعتقلين في العالم في العام 2013، وقال مدير لجنة حماية الصحافيين جويل سايمون "ان وضع صحافيين في السجن هو دليل على مجتمع غير متسامح وقمعي".

ففي فيتنام ارتفع عدد الصحافيين المسجونين من 14 في 2012 الى 18 حاليا، في خضم حملة قمع تستهدف المدونين بحسب المنظمة، واضاف سايمون "ان ارتفاع عدد الصحافيين المعتقلين في فيتنام ومصر امر يدعو الى القلق، لكنه من المثير للصدمة فعلا ان تكون تركيا البلد الذي يسجن اكبر عدد من الصحافيين للعام الثاني على التوالي"، اما في سوريا فان عدد الصحافيين المعتقلين تراجع من 15 العام الماضي الى 13 هذه السنة، لكن تم اختطاف نحو 30 مراسلا اجنبيا في سوريا منذ بدء النزاع المسلح بينهم الاميركيان اوستن تايس وجيمس فولي والفرنسيون ديديه فرنسوا وادوار الياس ونيكولا هينين وبيار توريس.

الصحافة بلا حماية

بدوره قال السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة جيرار ارو أثر اجتماع في الامم المتحدة خصص لحماية الصحافيين، ان فرنسا وغواتيمالا سيضعان لائحة بمقترحات ملموسة من شانها حماية الصحافيين خصوصا في مناطق النزاعات، وستجمع هذه الوثيقة الافكار التي طرحها المشاركون في الاجتماع وبينهم مدعية المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة ومديرة اليونسكو ايرينا بوكوفا والمدير العام لمنظمة مراسلون بلا حدود كريستوف ديلوار، وتراست الاجتماع فرنسا وغواتيمالا وحضر العديد من سفراء الدول الاعضاء في مجلس الامن.

وقال ارو الذي يرأس مجلس الامن في كانون الاول/ديسمبر "سنرى ما هو ممكن وناجع ومقبول"، وذكر بان 76 صحافيا قتلوا وهم يؤدون مهمتهم منذ بداية العام الحالي خصوصا في مالي وسوريا والصومال وباكستان، كما خطف العديد منهم "مع نسبة افلات من العقاب استثنائية بلغت 90 بالمئة"، واقترح ديلوار خصوصا انشاء مجموعة خبراء مستقلين مكلفين مراقبة احترام الدول الاعضاء في الامم المتحدة لواجباتها تجاه الصحافة، كما اقترح ان يتم التنصيص في قوانين المحكمة الجنائية الدولية على ان استهداف صحافي يشكل جريمة حرب.

وحماية الصحافيين من كل اشكال العنف مدرجة مبدئيا في العديد من القوانين الدولية مثل اتفاقيات جنيف حول معاملة المدنيين اثناء النزاعات او قرارات الامم المتحدة لكن ليس بشكل خاص، بحسب ما اوضح الكثير من المتدخلين في الاجتماع، وشدد السفير البريطاني مارك ليال على ان "قتل صحافي هو اقصى اشكال الرقابة" مضيفا ان "من واجب الامم المتحدة ان تتدخل وعلينا ان نجد الوسائل لتطبيق أفضل للنصوص الدولية الموجودة".

واعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر "يوما عالميا لأنهاء الافلات من العقاب في الجرائم بحق الصحافيين"، ويصادف هذا التاريخ اغتيال صحافيين فرنسيين في مالي في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ونددت مديرة مكتب اذاعة فرنسا الدولية بواشنطن ان ماري كابوماشيو التي حضرت الى الامم المتحدة التعاطي بـ"سطحية مع الضغوط والتهديدات" التي يتعرض لها الصحافيون الميدانيون خصوصا في افريقيا، وقالت انه في بعض البلدان تنظر السلطة القائمة الى صحافي يغطي ميدانيا مجموعة متمردة "على انه متمرد" ويمكن ان يتعرض للمضايقة لمجرد انه اعطى الكلمة لمعارضة قانونية للسلطات.

من جهتها طالبت الهيئات الإذاعية والتلفزيونية الكبرى في العالم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة باتخاذ إجراءات لحماية الصحفيين من القتل في مناطق النزاعات، وقالت هيئات تلفزيونية وإذاعية، من بينها بي بي سي، وهيئتا الإذاعة الأسترالية، واليابانية إن الأخطار التي يواجهها الصحفيون صعبت الحصول على أخبار دقيقة في بعض المناطق بالعالم، وجاء في بيان أصدرته الهيئات: "إن تصاعد أعمال العنف والتخويف ضد الصحفيين يعرقل عمل الهيئات التلفزيونية الدولية"، وشارك في البيان أيضا مجلس أمناء هيئات البث الإذاعي في الولايات المتحدة، هيئات البث الإذاعي الدولي في فرنسا، وإذاعة هولندا الدولية، وإذاعة ألمانيا الدولية.

وذكر البيان مقتل صحفيين في مالي، ومصر، وسوريا والصومال، وباكستان والمكسيك، فضلا عن تزايد عدد الاعتقالات والعنف ضد الصحفيين في اليمن، ونقل عن تقارير لمنظمة صحفيين بلا حدود أن "أكثر من 60 صحفيا، ومدونا وصحفيا مواطنا قتلوا، و340 اعتقلوا".

وينص قرار الأمم المتحدة على أن الصحفيين ينبغي أن يعاملوا معاملة المدنيين في مناطق النزاع، وعليه فإن الاعتداء عليهم يمكن أن يكيف على أنه جريمة حرب، وعبرت الهيئات الإذاعية عن قلقها من أن القرار "لم يؤد إلى تحسين وضع الصحفيين عموما"، وحض مجلس الأمن على أن "يتحرك بفاعلية أكثر من أجل تنبيه العالم إلى هذه المسألة، خاصة فيما يتعلق بإفلات من يعتدون على الصحفيين، وعمال الإعلام، من العقاب"، فالحكومات لا تقوم بشيء ذي بال في أغلب الحالات التي يقتل فيها الصحفيون، حسب البيان.

صراع الحكومات والاعلام

فيما يعكس تنفيذ قانون ضد تركيز ملكية وسائل الإعلام يطال مجموعة "كلارين" الإعلامية العملاقة في الارجنتين التوترات الشديدة القائمة بين المجموعات الإعلامية الخاصة وبعض الحكومات اليسارية التي وصلت إلى السلطة في أميركا اللاتينية في مطلع الألفية الثانية، وتسجل أشد التوترات في الاكوادور وفنزويلا والأرجنتين، بالإضافة إلى بوليفيا التي تشهد توترات أخف حدة.

وقد أقر مؤخراً قانون يهدف إلى تنظيم قطاع المرئي والمسموع في الأرجنتين، باعتبار أنه يتماشى مع أحكام الدستور، وذلك بعد أربع سنوات من النزاعات القضائية، وهو يلزم مجموعة "كلارين" الإعلامية بالتخلي عن ملكية محطات اذاعية وتلفزيونية، واعتبر فرانك لا رو المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الصحافة أن هذا القانون "هو نموذجي في أميركا اللاتينية. وأوروغواي تضع اللمسات الاخيرة على قانون مماثل، وهذه الخطوة جد مهمة لإضفاء طابع ديموقراطي على وسائل الإعلام والحد من تركيز ملكيتها وتوفير النفاذ إلى أنواع مختلفة من وسائل الإعلام".

غير أن جمعية الصحافة الأميركية وهي جمعية نقابية تضم أبرز وسائل الإعلام في القارة الأميركية اعتبرت من جهتها أن "حكم المحكمة العليا في الارجنتين يسمح في الواقع للسلطة التنفيدية بتحقيق أحد اهدافها السياسية ألا وهو تفكيك مجموعة كلارين والحد من نطاق عملها"، أما بونوا إرفيو المسؤول في منظمة "مراسلون بلا حدود" عن القارة الأميركية، فهو أشار إلى "نقص في تنظيم الدعاية الرسمية"، فوسائل الإعلام المقربة من الرئيسة الأرجنتينية كريستينا كيرشنر تحظى بعقود إعلانية مربحة، في حين أن الدعاية للهيئات الحكومية هي نادرة في وسائل الإعلام المعارضة.

ولفت بونوا إرفيو إلى أن كلا من الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز (الذي توفي في آذار/مارس) والإكوادوري رافاييل كوريا والارجنتينية كريستينا كيرشنر واجه عند وصوله إلى السلطة "مجموعات إعلامية مرتبطة بحكم الاقلية القومية"، وفي الاكوادور وفنزويلا تتبادل وسائل الإعلام المعارضة والدولة تهم محاولة زعزعة الاستقرار. بحسب فرانس برس.

وفي سياق استقطابي وصل إلى أقصى مستوياته، قامت السلطة الفنزويلية بتأميم وسائل الإعلام المختلفة وباستحداث مجموعة احتكارية حكومية تضم خصوصا قناة "تيليسور" التي تقدم خدماتها أيضا في البلدان الصديقة مثل كوبا وبوليفيا والأرجنتين والبرازيل.

أما في الإكوادور، فقد صوت الكونغرس في حزيران/يونيو الماضي على قانون بمبادرة الرئيس الاشتراكي رافاييل كوريا المعروف بمواقفه المعادية لوسائل الإعلام الخاصة التي توجه لحكوماته انتقادات لاذعة، وينص هذا القانون على توزيع منصف للإذاعات بين المجموعات الإعلامية العامة، والمؤسسات المحلية وتلك الخاصة التي كانت تمتلك 80% من محطات الإذاعة، وبموجب هذا القانون، تفرض غرامات على وسائل الإعلام التي ترفض تصحيح اخبارها بناء على توجيهات من السلطة، وشرحت كريستين فيزيمان ممثلة جمعية كونراد أديناور في الأرجنتين أن "الفكرة السائدة هي تلك القاضية بأن الحكومات استهدفت الصحافة باعتبارها من الأعداء الكبار الذين ينبغي تركيعهم، وتقوم الحكومات بتعزيز سلطتها بناء على وجود هؤلاء الأعداء المزعومين".

وفي بوليفيا أيضا، تسود توترات شديدة بين حكومة الرئيس إيفو موراليس اليسارية ووسائل الإعلام الخاصة، إذ يعتبر الرئيس ان الصحافة الخاصة هي عدوه اللدود، وختم فرناندو رويز الأستاذ المحاضر في الصحافة في جامعة الأرجنتين الجنوبية قائلا إنه "يحق للحكومات أن تشكك في المحتويات الصحافية، لكنها ليست مخولة أن تتخذ ضدها عقوبات اقتصادية أو تشريعية أو عقوبات من نوع آخر".

الجيش الاسرائيلي يستهدف الصحافيين

من جهة أخرى اتهمت رابطة الصحافة الاجنبية في اسرائيل الجيش الاسرائيلي بـ"الاستهداف المتعمد" للصحافيين بعد ان قام جنود بإطلاق الرصاص المطاطي وقنبلة صوتية على مصورين صحافيين، وقالت الرابطة التي تمثل الصحافيين العاملين في كافة وسائل الاعلام الاجنبية ان الجيش استهدف بشكل مباشر مجموعة من المصورين كانوا يقومون الجمعة بتغطية اشتباكات عند حاجز قلنديا العسكري بين القدس ورام الله.

واشار البيان الى انه "بعد ظهر الجمعة، قامت قوات اسرائيلية بإلقاء قنابل صوتية على مصورين تابعين للرابطة بينما كانوا يغادرون قلنديا، وقام اعضاء الرابطة برفع اياديهم في الهواء في اشارة الى القوات بأنهم سيغادرون، وعند هذه اللحظة تم القاء قنابل صوتية باتجاههم من اماكن قريبة"، ونجا مصور ايطالي مستقل كان يغطي المواجهات من رصاصة أطلقت باتجاهه، بحسب البيان، واضاف البيان "لحسن الحظ فان المصور كان يلتقط صورا وقتها وحطمت الرصاصة المطاطية الكاميرا بدلا من ان تصيب راسه، وكان المصورون يرتدون سترات وخوذات واضحة"، واكدت الرابطة " ليس هناك شك بان القوات كانت تستهدف الصحافيين بشكل مباشر".

ومن ناحيته، اشار ماركو لونغاري وهو مصور في وكالة فرانس برس بان المصورين كانوا يقفون تحت سقيفة على بعد 20 مترا من شبان فلسطينيين كانوا يقومون بإلقاء الحجارة وبعدها قام الجنود بإطلاق الرصاص المطاطي دون استخدام الغاز المسيل للدموع او اي تحذير اخر، وقال "الرصاصة اصابت الجزء العلوي من غطاء الكاميرا للصحافي الايطالي، ولو لم يكن يلتقط الصور لكان قتل، وقمنا بإظهار الكاميرا للقائد الذي ضحك وقال بان ذلك كان خطأ، ولكنك لا تقوم بإطلاق النار على الجزء العلوي من الجسم عن طريق الخطأ".

وقالت الرابطة انها قدمت شكاوى عن نحو 10 حوادث مماثلة في السنتين الاخيرتين ولكن لم يتم التحقيق في اي منها بشكل صحيح موضحة ان لدى الشرطة العسكرية "سجلا محزنا" في التحقيق في حوادث مماثلة، وتابع البيان "على حد علمنا، تم إطلاق تحقيقين دون اي نتائج، وتم تجاهل الشكاوى الاخرى"، وبحسب الرابطة فان تقريرا في خرق قوانين الصراع المسلح صدر في شباط/فبراير الماضي أكد وجود "مشاكل هيكلية" في عمليات التحقيق العسكرية، واضافت "القيام بتحقيق فعلي حول العنف ضد وسائل الاعلام مع مساءلة الجنود عن اعمالهم سيكون خطوة اولى عملية للغاية تجاه معالجة هذه المشاكل".

أمريكا وحرية التعبير

الى ذلك اعتبر رئيس وكالة اسوشييتد برس غاري برويت ان تنصت وزارة العدل الاميركية على هواتف مخصصة لمراسلين في وكالته هو "أحد أكبر الانتهاكات الصارخة للتعديل الاول للدستور" الاميركي الذي يصون حرية التعبير، وقال برويت خلال اجتماع لـ"جمعية الصحافة في البلدان الأميركية" (سيب) ان ادارة الرئيس باراك اوباما "كشفت مصادر معلومات بشكل لم تسبقها اليه اي من الحكومات السابقة"، مقارنا بين بعض من هذه الممارسات وتلك التي تمارسها الانظمة الاستبدادية، ودعا برويت الى "الحذر من حكومة تحب كثيرا السرية"، مؤكدا ان الحكومات التي تحاول تخيير مواطنيها بين حرية الصحافة والامن القومي انما تحاول بكل بساطة خلق "معضلة زائفة".

وجاءت كلمة برويت في إطار عرض بعنوان "حرية الصحافة مقابل الأمن القومي: "الخيار الزائف"، وذلك خلال الجمعية العمومية لـ"جمعية الصحافة في البلدان الأميركية" والتي عقدت في مدينة دنفر بولاية كولورادو (شمال غرب) بمشاركة 300 من محرري الصحف ومديريها.

الاعلام الروسي

على صعيد اخر أحكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيطرته على الإعلام الروسي بعد ان قرر حل وكالة الانباء الرسمية الرئيسية واستبدالها بوكالة تعمل على رفع مكانة موسكو في الخارج، وقرار الغاء وكالة الإعلام الروسية نوفوستي وتشكيل وكالة جديدة باسم روسيا سيفودنيا (روسيا اليوم) هو الثاني خلال مدة قصيرة مما يعزز سيطرة بوتين على وسائل الإعلام في الوقت الذي يحاول فيه بسط سيادته من جديد بعد احتجاجات على حكمه، ومعظم وسائل الاعلام الروسية موالية بالفعل لبوتين ولا يتاح للمعارضين سوى وقت قليل في البث الاعلامي لكن التعديلات تسلط الضوء على اهميتها لبوتين في الحفاظ على السلطة وعلى قلق الكرملين ازاء شعبية وصورة الرئيس.

وسيرأس الوكالة الجديدة التي ستقام على أنقاض وكالة الاعلام الروسية نوفوستي مذيع اخباري محافظ هو ديميتري كيسيليوف الذي اثار ذات يوم موجة من الغضب عندما قال انه لا يتعين استخدام اعضاء المثليين في عمليات زرع الأعضاء، وجاء في القرار الرئاسي الذي وقعه بوتين "التركيز الأساسي، لوكالة روسيا سيفودنيا (روسيا اليوم) هو تسليط الضوء في الخارج على سياسة الدولة والحياة العامة للاتحاد الروسي"، وقال سيرجي ايفانوف مدير الادارة الرئاسية للصحفيين إن الهدف من التغييرات هو توفير الاموال وتحسين اداء الاعلام الرسمي.

لكن الوكالة الجديدة لديها أوجه شبه قوية بوكالة انباء العهد السوفيتي (ايه.بي.ان) والتي كان من ضمن مهامها كتابة مقالات عن "الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للشعب السوفيتي واشياء تعكس وجهة نظر المجتمع السوفيتي في الاحدث المهمة الداخلية والدولية"، وقالت وكالة الإعلام الروسية في مقال باللغة الانجليزية عن قرار بوتين "القرار هو الاحدث في سلسلة تغييرات في المشهد الاخباري في روسيا والذي يتجه فيما يبدو نحو تشديد سيطرة الدولة على القطاع الاعلامي الذي يخضع بالفعل لضوابط صارمة". بحسب رويترز.

ومن شأن تركيز الوكالة الجديدة على تعزيز صورة روسيا في الخارج ان يدعم قبضة بوتين على المعلومات من خلال فرض مزيد من القيود على مصادر الاخبار للروس الذين تهيمن القنوات التي تسيطر عليها الدولة على شاشات تلفزيوناتهم.

التعدي على الصحفيين

من جانبه قال مسؤول كبير إن سيراليون وجهت 26 تهمة تشهير لاثنين من الصحفيين بعد أن نشرا مقالا يشبه الرئيس إرنست باي كوروما بالفأر الأمر الذي أثار القلق على حرية الصحافة، واحتجز جوناثان لي مدير تحرير صحيفة اندبندنت اوبزرفر المعارضة ورئيس تحريرها باي باي سيساي منذ اعتقالهما ورفضت المحكمة الإفراج عنهما بكفالة، وقال صحفيون في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا انهم سيقاطعون المؤتمرات الصحفية الحكومية تعبيرا عن الاحتجاج وقال رئيس اتحاد الصحفيين كلفن لويس انه أسوأ هجوم على وسائل الإعلام منذ الحرب الأهلية في الفترة من 1991 إلى 2002. بحسب رويترز.

وقال صحفيون إن الشرطة داهمت مكاتب عدة منظمات إعلامية منذ نشر المقال الذي زعم وجود خلاف بين كوروما ونائبه وقال إن الرئيس يتصرف مثل الفأر، وتمتعت البلاد الواقعة في غرب أفريقيا بحرية صحافة واسعة النطاق خلال رئاسة كوروما ورفعت منظمة فريدوم هاوس وضع الصحافة في البلاد من "حرة جزئيا" إلى "حرة" هذا العام لكن جماعات حقوق الإنسان تقول إن الأحداث الأخيرة تشير إلى تغير في الموقف، وحذر كوروما مرتين في الأسابيع الأخيرة من أن "شهر العسل مع الصحافة المستهترة" سينتهي قريبا.

ودعت منظمة مراسلون بلا حدود إلى الإفراج الفوري عن الصحفيين وحثت منظمة العفو الدولية الحكومة على إسقاط جميع التهم، وقالت ليزا شيرمان نيكولاوس الباحثة في منظمة العفو الدولية "تسلط تهمة التشهير ضد العاملين في مجال الإعلام الضوء على مناخ مقلق بشكل لا يصدق لحرية التعبير في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا."

من جانب اخر ادان الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاعتداء على صحافية وناشطة موالية للغرب في اوكرانيا التي تشهد منذ أكثر من شهر حركة احتجاجية ضد السلطة التي دعت المعارضة الى "التحلي بالرشد" وترك الشارع، فقد تعرضت تتيانا تشورنوفيل الصحافية في نشرة اوكرانسكا برافدا التي تكتب مقالات شديدة الانتقاد للرئيس فيكتور يانوكوفيتش وحكومته لضرب مبرح ليل الثلاثاء الاربعاء على ايدي مجهولين أرغماها على التوقف حين كانت في سيارتها اثناء سيرها في احدى ضواحي كييف.

واصيبت هذه الناشطة في قيادة الحركة الاحتجاجية بكسر في الانف وارتجاج في المخ وكدمات متعددة كما ذكرت اوكرانسكا برافدا التي نشرت صورا للصحافية بعد الاعتداء عليها وحديثا معها في المستشفى.

وادانت الولايات المتحدة "العنف غير المقبول" الذي تعرضت له الصحافية الناشطة في المعارضة الأوكرانية، وقالت السفارة الاميركية في كييف في بيان "ندين الاعتداءات وندعو الى تحقيق فوري" في هذا الاعتداء.

من جانبه كتب ليناس لينكيفيشيوس وزير خارجية ليتوانيا الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الاوروبي على موقع تويتر "يجب وقف التخويف واعمال العنف ضد ناشطي الميدان الاوروبي" وهي التسمية التي أطلقت على الحركة الاحتجاجية، من جانبها نددت وزارة الداخلية وسلطات خاركيف بـ"استفزازات" تتعرض لها بهدف تشويه صورتها.

وكلف الرئيس الاوكراني وزير الداخلية فيتالي زاخارتشينكو والمدعي العام فيكتور بشونكا التحقيق في الاعتداء على الصحافية، ويقول زملاء تتيانا انها امضت نهاراً في التقاط صور لمنزلي هذين المسؤولين، العدوين اللدودين للمعارضة الاوكرانية الموالية لاوروبا التي تتظاهر منذ أكثر من شهر في وسط كييف ضد النظام، وقد اتهم وزير الداخلية بانه المسؤول عن قمع تظاهرة طلابية في 30 تشرين الثاني/نوفمبر سقط خلالها عشرات الجرحى فيما اتهم المدعي بـ"التغطية على جرائم" الشرطة.

واكدت الصحافية ان عناصر في قوات مكافحة الشغب تعقبوها وهي تقوم بعملها، وعلى الاثر اتهمت المعارضة السلطات بالوقوف وراء الاعتداء على تتيانا تشورنوفيل، واستنكرت رئيسة الوزراء السابقة المحبوسة حاليا يوليا تيموشينكو "هذا الاعتداء الوحشي" واتهمت الرئيس فيكتور يانوكوفيتش بالمسؤولية عنه، وقالت متوجهة الى الرئيس "اليوم كدتم تقتلون تتيانا تشورنوفيل، يجب ان يكون ذلك اخر مظهر للقسوة حيال الشعب الاوكراني تسمح به من خلال عدم تحركك"، من جانبه قال فيتالي كليتشكو بطل العالم السابق في الملاكمة الذي اصبح من قادة المعارضة ان "السلطة تكمم افواه الصحافيين، انهم يريدون شل الناس بتخويفهم لكننا لن نسمح لهم بذلك"، وتظاهر المئات امام وزارة الداخلية حاملين صور الصحافية المعتدى عليها.

واكد حزب تيموشينكو ان "النظام انتقل الى الهجوم، فالسلطات العاجزة عن وقف الاحتجاجات تنظم استفزازات بوسائل اجرامية"، من جانبه دعا رئيس الحكومة ميكولا ازاروف المعارضة الموالية لاوروبا الى وقف تحركاتها الاحتجاجية التي "تضر ماديا" بالبلاد التي تمكنت للتو من تحقيق نوع من الاستقرار المالي بفضل خطة الانقاذ الروسية، وقال ازاروف ان "نشاط المعارضة وبعض القوى المتطرفة والاستفزازية يعرقل عجلة انتاج المجتمع" مشيدا بخطة الانقاذ الروسية التي تعترض عليها المعارضة التي تتهم الحكومة بجعل اوكرانيا "رهينة" لروسيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2/كانون الثاني/2014 - 29/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م