الطفل المثقف

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: هل هناك أسباب ودوافع مهمة لكي نصنع طفلا مثقفا؟، وهل هناك تأثير على طفولة الطفل وسلوكه التلقائي مع أقرانه؟، وهل المجتمع بحاجة فعلا الى خلق قاعدة ذكية واعية من الاطفال؟، هذه الاسئلة تصب جميعها في هدف واحد، محتواه السمو بالطفولة الى ما فوق العشوائية، واللامبالاة التي يعاني منها بعض الكبار، شبابا وكهولا وحتى شيوخا، لذا من الافضل أن نبدأ بالاطفال، لنصنع منهم قاعدة ذكية، تنفع المجتمع حاضرا ومستقبلا.

من البديهي أن الطفل المثقف، سوف يكون أكثر وعيا من أقرانه غير المثقفين، على ان تكون الثقافة بمستوى الوعي الطفولي، ولا تتجاوز على الاجواء والحياة الطفولية التي يجب أن يعيشها الطفل مع اقرانه، حتى لا تتأثر شخصيته وينحو الى العزلة، أو يصاب بمرض التوحّد، كما يحدث لاطفال كثيرين، يبتعدون عن محيطهم وينعزلون عن الاخرين، ويلوذون بوحدة قاسية، تجعل من سلوكهم وتصرفاتهم غريبة ومؤلمة لهم.

ما نعنيه بالطفل المثقف ليس تجاوزا على طفولته، بل توجيها لوعيه، وتعميقا لفهمه ومعارفه، ضمن حدوده العقلية التي تتلاءم مع ما يرغب ويريد من أجواء، لذلك كان هناك توجه متواصل وراسخ، يطالب كتاب وشعراء الطفل بمخاطبة عقلية الطفولة، وينسجم مع مستوى خيال الطفل، بمعنى يجب أن يكون أدب الطفل مقاربا الى قدراته على التخيّل والفهم، لذا فإن الشروع في صناعة الطفل المثقف، سوف يصب في صالح الجميع، على أن يتم ذلك وفق خطط علمية مدروسة من لدن لجان متخصصة، تعرف وتؤمن بأهمية وخطورة هذا المشروع الذي سيسهم في صناعة الطفل الواعي.

ولعل الأهم في الشروع بتحقيق هذا الهدف، أننا نباشر بصناعة شخصية قوية واثقة من الطفل، تتخذ من الفهم طريقا لها، وتنشغل في الوقت نفسه بمتطلبات الطفولة، بمعنى هناك موازنة بين احتياجات الطفل وانشغالاته، وما يتلاءم وحياته ورغباته، وبين تخليق الادراك والفهم والعقلية الواعية للطفل، فيصبح لدينا طفل مثقف، قادر على التحليل والتعامل مع ما يدور حوله بصورة مدركة وسليمة، حتى يتهيأ للمرحلة العمرية المقبلة.

وقد أثبتت التجارب في المجتمعات المتقدمة، أن الطفل المثقف سوف يسهم بقوة في تصاعد الوعي والمعرفة، والتعامل الصحيح مع الأحداث والمواقف كافة، وسوف يشكل امتدادا طبيعيا لتوازن الشخصية التي ستكبر وتنتقل من مرحلة الطفولة الى الشباب، والى الكهولة، لأن الطفل المثقف، سوف يكون في المراحل اللاحقة، اكثر استعدادا من غيره لفهم الحياة، وسوف يتحلى بالقدرة الادراكية المطلوبة، للمساهمة في صناعة حياة مجتمعية افضل، واكثر عطاءً من سواها، لهذا لجأت المجتمعات والدول المتطورة منذ وقت مبكر الى رعاية الطفولة، وبث روح المعرفة بين هذه الشريحة عبر وسائل عديدة، منها الاعلام بأشكاله وقنواته كافة، فضلا عن التعليم، والمرافق الرياضية، كل هذه الوسائل تشترك بقوة وتنسيق وتخطيط منظّم، لكي تمنح الطفولة وعيا اكثر مع الحفاظ على براءتها وتلقائيتها.

من هنا لابد ان تقوم الجهات المعنية في الدولة، والمنظمات الخيرية، والمؤسسات الاهلية المعنية بالطفل، باتخاذ الخطوات التي ترعى الوعي الطفولي، وتسهم في صناعة الطفل المثقف، نعم هي عملية صناعة لا تختلف عن صناعة المواهب والقدرات الاخرى، ولكن يتطلب الامر سعيا حثيثا، وعملا منظما، وتخطيطا سليما، يبتعد عن العشوائية والارتجال، وما علينا اذن سوى أن نتحرك بصورة جدية ومنتظمة، للمباشرة في بث الوعي والمعرفة اكثر فأكثر بين شريحة الاطفال، وهو هدف سيكون قابلا للتحقيق اذا تم التخطيط له بصورة سليمة، من حيث التخطيط والتنفيذ معا، وهذه كما نعرف مهمة الدولة بالتعاون مع المنظمات الاهلية التي تعنى بالطفولة، وتهتم بها ضمن البرامج المحلية والعالمية في الوقت نفسه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/كانون الأول/2013 - 27/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م