رأس المال النفسي

علي اسماعيل الجاف

 

يتحدث العالم المتطور اليوم عن الاحاديث والاقاويل والاراء التي يتشارك فيها الناس داخل بيئتهم لانهم مدركين ان اقناع واستمالة تلك الطبقات المتنوعة والمتعددة اصبح ضروريا واساسيا كونهم يشكلون المجتمع. فالبلد المتطور يسعى مفكريه وباحثيه الى تقديم افضل النظريات التطبيقية لتكون مخرجات ومدخلات الناس تواكب ما توصلوا اليه وتخدمهم.

 لانرى تمايلا وانحيازا في مفهوم المواطنة والسعي الجدي لخدمة البلد لان القاعدة الثابتة تستند على اساس رصين ومحكم لايقبل التنظير او المحاباة او التسويف ويحاول المنافسون لتلك البلدان الوصول وتقليد ما انتجوه؛ لكنهم لايسعون بجدية الى تقديم شيئا جديدا بالاعتماد على انفسهم ويطلقون على محاولاتهم، اقصد المنافسون، محاولات صحية!

اليوم، نحتاج الى استثمار المقترحات والافكار الايجابية والمنطقية التي تصب في مصلحة المواطن والمجتمع لان الاعلام والصحافة باتت تسلط الضوء على جوانب وترك اخرى، وربما يكون نهجهم موجا نحو مسار محدد لا يمكن العدول عنه. فلهذا، لا يمكن ان نواصل بدون مشاركة المواطن كونه يشكل المجتمع الذي تسعى تلك الفئات المؤمنة والمقتنعة باسلوبها وليس طريقتها في التعامل مع الناس.

ترى كثيرا ما يعبر ويصرح ويتحدث المواطن عن اراء منبثقة من هموم ومعاناة تخصه او لاتخصه، مدركا ان ايصالها او طرقها يتطلب الجهد الشفوي الذي لايلاقي استجابة في الغالب في بلداننا. فيجب ان ندرك الجميع ان رأس المال النفسي هو اسلوب حضاري لابد من استثماره ويمثل المرآة العاكسة لصورتنا الحقيقية بدون تعديل او اصلاح.

بالحقيقة، يتم استثمار راس المال النفسي من خلال توفير بيئة مناسبة لتسويق تلك الاراء والافكار والمقترحات كونها مجانية ونابعة من شعور واحساس وعاطفة وعقل الانسان، فتمثل تلك التعابير الصادقة تسويق اولي يحتاج الى من يستورده ليكون نافعا ومثمرا بلغة التطبيق. فقد نجد هناك جهات تتبنى افكار مواطننا الذي استطاع ان يوصلها عبر منافذ او ممرات متعددة الى الاخرين، اقصد الدول المتقدمة، وعندما يقدم ذلك المواطن الى بلده فكرة او رأيا او مقترحا ما يلاقي المواجهة والمجابهة والتصدي والتحدي وقتل ما يريد ايصاله لخدمة الناس بسبب ضعف الثقافة وشيوع ظاهرة الانا والانفرادية والتميزية والطبقية والاهمال الحقيقي والواضح لما يتوصل اليه ابن البلد!

نحكم على الآخرين، أسلوب نفسي داخلي، من خلال المشاهدة وليس التجربة مما يجعلنا مستسلمين لموضوع التقليد البيئي الداخلي ولانحاول الخروج الى واقع متطور تطبيقي ومنطقي معتمد دوليا كون الخلل في الانظمة والسياقات والتعاليم السائدة والمنتشرة.

 يحاول الكثير من الناس الخروج عن المألوف ومواكبة التطور الحاصل في دول العالم المتقدم لكنهم يتقدمون بفكرهم الذاتي دون احداث تأثير واضح في الجماعة كونهم يؤمنون بالملموس الظاهر بلغة البيئة المحيطة بيهم، وليس لديهم الاستعداد الكافي بنسبة 10% لتحدي ذلك الاطار والطوق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/كانون الأول/2013 - 27/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م