الكاتب..

من قاموس الامام الشيرازي

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: في سؤال الكتابة لماذا نكتب، وفي سؤال الكاتب ما هو الدور والوظيفة، الكتابة في جوهر معناها الانساني ليست ترفا بل هي بحث عن معنى او صنعه.

الكاتب تتعدد صوره في (مجتمع الكتابة) اذا صح هذا التوصيف، فهو قد يكون قاصا او شاعرا او روائيا، وهو قد يكون مؤرخا او مفكرا او عالما، وهو في جميع هذه التوصيفات يمارس فعل الكتابة ويصح عليه اطلاق وصف الكاتب..

دور الكاتب ووظيفته، تغيير ما يعانيه مجتمعه نحو الاحسن والافضل، والتغيير يتطلب رؤية واقع المجتمع لغرض فهمه وادراك ذلك الواقع..

في كتابه المعنون (الى الكتاب الاسلاميين) ينطلق الامام السيد محمد الشيرازي المرجع الراحل من سؤال الدور والوظيفة في توصيف الكاتب، فهو (يقوم بأداء دور كبير في المجتمع الإسلامي) وهذا الدور الذي يقوم به يكتسبه من خلال ما يمثله دوره، فهو (أداة الوعي الديني والسياسي والثقافي فـي الأمة).

وظيفة الكاتب لدى الامام الراحل ترتبط بالمسؤولية، وهي (مسؤولية تعبيـد الطريـق وإزالة العقبات والتراكمات التي قد تحول دون تقدّم الأمة).

يحدد الامام الراحل جملة من المشاكل والامراض التي تعاني منها الامة الاسلامية، وهي نفس التشخيصات التي اكد عليها في معظم ماكتبه طيلة حياته المباركة..

وسبب تأليف الكتاب هو محاولة (أن نضع أيدينا على العلاج بعد أن اكتشفنا المرض).

العلاج لدى الامام الشيرازي الراحل هو في (نشر الوعي)، و(رفع مستوى ثقافة الأمة).

ثنائية الوعي – الامة، تفترض الاجابة على ثلاثة اسئلة، هي (كيف – من – ماهو)

كيف يكون العلاج ومن يقوم به وماهو دور الكاتب في نشر الوعي داخل صفوف الامة؟

يقول الامام الشيرازي، مشخصا دور الكاتب ووظيفته، ومنبها الى جوانب اخرى لم تنل القدر الكافي من اهتمام الكتاب، ويرشدهم اليها: (يقوم الكاتب الإسلامي بدور كبير فـي تنمية ثقافة المجتمع ورفع مستوى وعيه الديني والسياسـي، لقد كتبوا كثيراً في العبادات وهو شيء حميـد والحمـد لله لكـن القليل مـن الكتّاب من نذر نفسه للموضوعات الحية التي هي مثار اهتمام الناس، فكان يفترض أن يهتم كتّابنا بالمشاكل الراهنة ويجدوا لها علاجاً).

وهو في كتابه يقدم ما اسماها بالمحاولة في توجيه انظار الكتاب (إلى بعض الموضوعات الهامـة التي يجب الاهتمام بها والكتابة عنها وتركيز الوعـي حولها، مـن خـلال الكتب والكراسات والجرائد والمجلات والمنشورات واستخـدام الوسائل الحديثة، في نشر الوعي مثل الإذاعة والتلفاز والأشرطة وأخيراً الانترنيت).

من ذلك مثلا على الكتّاب (ان يذكّروا المسلمين كيف كانوا، وكيف اصبحوا، وكم خسروا نتيجة ابتعادهم عن اتحادهم ووحدتهم الاسلامية)..

ومن مسؤولية الكتّاب (أن يتناولوا موضوع الحكم الإسلامي الذي أصبح منسيّاً وأن يتناولـوا الحريّات التي أصبحت في خبر كان، وأن يكتبـوا حـول الأحزاب الحـرة كي تنتعش التجمعات الدينية والوطنية لتأخذ طريقها فـي العمل الصالح، ولكي تعرف منـزلتها وأدوارها في الحياة، ولكي تدرك الأمة أن الحرية حقٌ من حقوق كل تجمع خير، لابدّ من ضمانه وإعطائه).

الحكم الاسلامي والحرية والشورى والاحزاب، مفردات كثيرة التواجد والتداول في كتابات الامام الراحل، فالحرية لديه هي من عوامل التقدم، التي يجب تكريسها في انفسنا.

وواحدة من تلك الحريات المطلوبة هي حرية تكوين الاحزاب والانتماء اليها وتوفير المناخات المناسبة لعملها.. وهو (قدس سره) لا يكتفي بطرح موضوع الاحزاب بل يصحبه بمناشدة رقيقة (أناشد أخوتي الكتّاب الإسلاميين أن يتحسّسوا المشاكل الإسلامية وأن يكتبوا برؤية ثاقبة عن هذه المشاكل، وأن يضعوا نصب أعينهم كيفيـة إنقاذ الأمـة مـن المشاكل العالقة في حياتهم وذلك بالاهتمام بصورة مركّزة بموضوع الأحزاب الحرة التي هي المفتاح لأي تقدّم في حياة الأمة).

الامام الشيرازي وفي موضع اخر من الكتاب، يشير الى حقيقة نفسية – اجتماعية مهمة، يعاني منها الانسان بمفرده، وتعاني منها المجتمعات والتي هي التجمع الاكبر للانسان، وهي المخاوف والهموم التي تنهش سكينته واستقراره وجعله / جعلها في بحث مستمر لا يهدأ له قرار عن علاج لها، وظيفة الكاتب ان يرشد اليها ويقدم العلاج لهذه المخاوف والاوهام التي هي حسب تعبير الامام الراحل (مجرد اوهام، بحاجة الى الكتاب الاسلاميين لفتح ملفاتها وتوضيح اسبابها ونتائجها، ثم تناول الحلول الناجعة لها، اذ بغير الاسلام لا يمكن العلاج)..

واخيرا يطلب الامام الشيرازي من الكاتب ان يكون لسان حال مجتمعه، والمعبر عن قضاياه، لان (الكاتب هو انسان كبقية البشر، يتحسس الام البشر، بل هو اكثر تحسسا لاولئك الذين يدفعون ضريبة عقائدهم في السجون والمعتقلات، فاقل ما يمكن ان يقدمه لاولئك المضطهدين هو نقل آلامهم عبر السطور وتصوير ما يجري عليهم على صفحات الكتب ليعرف العالم ما يجري عليهم).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 29/كانون الأول/2013 - 25/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م