تنظيم القاعدة.. سطوة إرهابية لنشر الموت

 

شبكة النبأ: على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبدها تنظيم القاعدة الارهابي في سلسة العمليات الخاصة التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الحكومات الاخرى في السنوات الاخيرة، والتي اسهمت بمقتل الكثير من القادة ومنهم زعيم التنظيم أسامة بن لادن، لا يزال هذا التنظيم الإرهابي وفروعه المنتشرة في الكثير من دول العالم اخطر منظمة ارهابية تهدد الامن والاستقرار العالمي كما يقول بعض الخبراء، الذين اكدوا على ان هذا التنظيم الارهابي قادر وبشكل عجيب على جذب وتجنيد والتدريب عناصر جديدة وله القدرة ايضا على التأقلم مع جميع المتغيرات، وهو اليوم اكثر اتساعا مما كان عليه في السنوات السابقة الامر الذي قد يطيل امد الحرب ضد الارهاب التي قد تتغير كثيرا في السنوات القادمة، خصوصا وان التنظيم قد اعتمد خطط وتكتيكات جديدة، وفي هذا الشأن يعتبر خبراء ومسؤولون رسميون في الولايات المتحدة ان اعلان الانتصار بعد مقتل اسامة بن لادت كان سابقا لأوانه معتبرين ان تنظيم القاعدة الذي يدعم الحرب في سوريا هو اليوم اقوى واخطر من اي وقت مضى.

واذا كان القادة التاريخيون الذين نجوا من حملة التصفية الهادفة لواشنطن بصواريخ الطائرات بلا طيار، ما زالوا ملاحقين بلا هوادة في المنطقة الباكستانية الافغانية، فان التنظيم قد قوي واجتذب اتباعا في الشرق الاوسط وافريقيا وما زال يهدد اوروبا واميركا، كما يؤكد هؤلاء الخبراء والمسؤولون.

ويقول الجنرال المتقاعد في البحرية جيمس ماتيس الذي تولى من 2010 الى 2013 القيادة المركزية للجيش الاميركي المسؤولة عن الشرق الاوسط وجنوب شرق آسيا، ان التهاني التي تم تبادلها قبل سنتين على اثر الاعلان عن مقتل زعيم القاعدة كانت سابقة لأوانها وفقدت صدقيتها اليوم. واضاف في كلمة القاها خلال ندوة نظمها مركز جيمستاون للدراسات، ان تنظيم القاعدة يتسم بالمرونة وقادر على التأقلم. تلقى قادته ضربات موجعة لكنه ما زال ينتشر، وهو يستفيد من عدد متزايد من المناطق.

وفي عام 2011 في اوج الابتهاج بتصفية بن لادن على يد مجموعة كومندوس من البحرية الاميركية في باكستان، كانت احدى المسائل التي نوقشت خلال الندوة نفسها متى وكيف نعلن الانتصار على القاعدة؟ واليوم، يتبارى الرسميون والخبراء في الاعراب عن تشاؤمهم. وكانت السناتورة داين فينستين رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ قالت ردا على سؤال عن هذا الموضوع، ان الارهاب يتفشى في العالم. الاحصاءات تؤكد ذلك، وعدد الضحايا يزداد.

ثمة مزيد من المجموعات ومزيد من المتطرفين ومزيد من الجهاديين العازمين على القتل لبلوغ اهدافهم. ويقول الخبير بروس هوفمن من جامعة جورجتاون ان الاوكسيجين الذي يغذي القاعدة هو وصولها الى معاقل ومناطق تستطيع التحرك فيها. ومن المؤسف القول انها تمكنت في السنتين الماضيتين من الاستقرار في عدد كبير من هذه المناطق الخارجة على السلطة المركزية وعلى طول حدود مختلف عليها او في بلدان تصعب السيطرة عليها.

واعتبر المتحدثون في الندوة ان الحرب الاهلية في سوريا تشكل للحركة الجهادية الدولية ارضية ملائمة لم تستفد منها منذ الانتفاضة ضد السوفيات في افغانستان. واكد الاسترالي ديفيد كيلكولن المتخصص بالحركات الجهادية وعمل مستشارا للقيادة الاميركية في العراق ان المجموعات التي تدور في فلك القاعدة انشأت في سوريا تحالفا يضم 45 الف مقاتل على الاقل، اي ضعف عدد المقاتلين الطالبان في افغانستان.

واضاف ان القاعدة تقوى على كل الجبهات. اصيبت قيادتها بالوهن لكن لم يتم القضاء عليها. ويشكل وجود مئات المتطوعين الآتين من اوروبا او من بلدان غربية اخرى في صفوف الاسلاميين المتطرفين في سوريا، موضوع قلق كبير، لأن بعضا منهم سيعودون مقاتلين يتمتعون بخبرة كبيرة. واضاف بروس هوفمن مع التدريب الذي يحصلون عليه في سوريا، ثمة امكانية كبيرة لان يكونوا خلال السنتين المقبلتين قادرين على تنفيذ الامنية الاخيرة لأسامة بن لادن وهي شن هجوم شبيه بالهجوم على مدينة مومباي الهندية في اوروبا. والعامل الاخر الذي ادى الى تقوية الحركة الجهادية هو الاتجاه الاخير الذي سلكته الاحداث في بلدان الربيع العربي. بحسب فرانس برس.

وقال بروس ليدل العضو السابق الواسع النفوذ في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية والعضو اليوم في بروكينغز انستيتيوشن ان الربيع العربي شكك في طروحات القاعدة. واضاف ان التغيير لم ينجم عن الرعب بل عبر تويتر. لكن كل شيء قد تغير اليوم.  فطروحات القاعدة قد تثبتت في 2013 وخصوصا في مصر. فقد انتصرت الثورة المضادة، واطاح الجيش الحكومة المنتخبة ويعتبر الذين كانوا يريدون الالتحاق بالحركة الجهادية ان احداث القاهرة ودمشق يؤكد ما قالوه دائما: وحده الجهاد هو الحل لمشاكل التغيير في العالم العربي اليوم. وخلص الى القول ان "انتشار القاعدة الذي نشهده في العالم العربي يشكل بالفعل ظاهرة تفوق ما شهدناه في العقد الاول من وجودها.

توجيهات الظواهري

في السياق ذاته أصدر زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري أول توجيهات محددة بشأن الجهاد حث خلالها على الامتناع عن مهاجمة الطوائف الإسلامية الأخرى وغير المسلمين وتجنب بدء صراعات في دول قد يجد فيها الجهاديون قاعدة آمنة لترويج افكارهم. وتعطي هذه الوثيقة التي نشرتها خدمة سابت التي تراقب مواقع الإسلاميين على الانترنت لمحة نادرة عن استراتيجية التنظيم بعد 12 عاما من هجمات 11 سبتمبر ايلول على الولايات المتحدة وعن طبيعة طموحاته العالمية من شمال افريقيا إلى القوقاز وكشمير.

وقال الظواهري إن الهدف العسكري للقاعدة لا يزال إضعاف الولايات المتحدة وإسرائيل لكنه أكد في الوقت نفسه على أهمية "الدعوة" لنشر أفكاره. وقال أما استهداف عملاء أمريكا المحليين فيختلف من مكان لمكان. والأصل ترك الصراع معهم إلا في الدول التي لا بد من مواجهتهم فيها. وتتعلق تلك التصريحات بشكل خاص بمنطقة شمال افريقيا حيث يعتقد كثير من المحللين أن القاعدة تستغل الأجواء الأقل تقييدا عقب انتفاضات الربيع العربي لكسب أتباع جدد غالبا من خلال تحالفات محلية في الوقت الذي تتجنب فيه لفت الانتباه إلى نفسها من خلال تجنب شن هجمات.

وقال الظواهري في بيان تحت عنوان توجيهات عامة للعمل الجهادي نشر على منتديات إلكترونية للجهاديين معركتنا طويلة والجهاد بحاجة لقواعد آمنة. وسرد الظواهري المناطق التي يعتبر فيها الصراع حتميا ومنها أفغانستان والعراق وسوريا واليمن والصومال. وقال الظواهري الذي تعتقد مصادر بالمخابرات أنه مختبئ في باكستان "في باكستان الصراع معهم مكمل لقتال الأمريكان لتحرير أفغانستان ثم إنشاء منطقة آمنة للمجاهدين في باكستان ثم السعي في إقامة النظام الإسلامي في باكستان انطلاقا منها."

وأشار إلى ضرورة إضعاف الجزائر التي سحقت المتشددين الإسلاميين في الحرب الاهلية في التسعينات ونشر نفوذ الجهاديين في أنحاء منطقة المغرب العربي وغرب افريقيا. وفي إشارة على ما يبدو لمن يقولون إن تركيز القاعدة على الولايات المتحدة يضعف معركتها ضد الحكومات المحلية أيد الظواهري حق المتشددين في مقاتلة روسيا في القوقاز والهند في كشمير والصين في شينجيانغ.

ودعا الظواهري أتباعه وأغلبهم من السلفيين إلى تجنب مهاجمة أتباع الطوائف الإسلامية الأخرى وقال إنهم إذا هوجموا فينبغي أن يقتصر ردهم على من يشاركون في القتال. وقال إنه ينبغي أيضا عدم مقاتلة المسيحيين والهندوس والسيخ الذين يعيشون على اراض مسلمة واحترام ارواح النساء والأطفال والامتناع عن استهداف الأعداء في المساجد والأسواق والتجمعات حيث يختلطون مع المسلمين.

ولم يتطرق الظواهري بالذكر إلى مصر مسقط رأسه رغم أنه قال "وفي أكناف بيت المقدس الاشتباك الرئيسي والأساسي مع اليهود." وانتقد الظواهري في الماضي جماعة الاخوان المسلمين لمشاركتها في الديمقراطية كما اثار عزل الجيش للرئيس الإسلامي محمد مرسي مخاوف من ان تستغل القاعدة هذا لإثارة صراع في مصر.

غير أن الظواهري أشار إلى أن القاعدة ستتعاون مع الجماعات الإسلامية الأخرى فيما اتفقت عليه قائلا "الأولوية في المواجهة مع أعداء الإسلام وخصومه ولذا لا يجب أن يخرجنا الخلاف مع الجماعات الإسلامية الأخرى إلى الانصراف عن مواجهة أعداء الإسلام وخصومه عسكريا ودعويا وفكريا وسياسيا."

على صعيد متصل أعلن مجلس شورى المجاهدين التابع لتنظيم القاعدة في بيان له ان الشبان الثلاثة الذين قتلهم الجيش الاسرائيلي في الخليل هم اعضاء خلية تابعة له. وقال التنيظم في بيان على موقعه على الانترنت نبشر الامة ونحن نزف هذه الكوكبة انه بفضل الله تعالي اصبح لمنهج الجهاد العالمي في ضفة العزة(الضفة الغربية) موطئ قدم بعد ان سعي الجميع لافشال كل بذرة تزرع هناك.

وقال مسؤولو أمن إسرائيليون إن قواتهم قتلت ثلاثة متشددين فلسطينيين ينتمون إلى شبكة بالضفة الغربية مرتبطة بتنظيم القاعدة. وقال مسؤول من جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) إن الجهاز علم من خلال عدد من الاعتقالات في وقت سابق أن الشبكة كانت تعتزم شن هجمات في الأيام القادمة ضد أهداف إسرائيلية وضد السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب. وللجماعات التي تستلهم نهج القاعدة وجود في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس لكنها أقل شيوعا في الضفة الغربية المحتلة التي تتولى مهام الامن فيها القوات الإسرائيلية وقوات السلطة الفلسطينية. بحسب رويترز.

وقال مسؤول الشين بيت إن شبكة المتشددين أقامت ملاذا آمنا في الضفة الغربية وكانت تقوم بتخزين أسلحة. واوضح بيان القاعدة امتد منهج السلفية الجهادية الي الضفة وفاح عبيره من دماء الشهداء وما كان الا اول الغيث قطرة. وندد بيان تنظيم القاعدة باستئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية المباشرة برعاية امريكية منذ ما يقارب الاربعة اشهر ودعا الى وقفها. وقال البيان ندعو كل مخلص غيور الي نبذ ما تسمي بالمفاوضات التي تفوح منها رائحة العمالة.

من جانب اخر وعد ناصر الوحيشي زعيم تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب بتحرير افراد التنظيم المعتقلين وذلك في رسالة نشرتها مواقع جهادية. وقال الوحيشي في رسالته الخطية وعنوانها "رســالــة الــى الأسير في سجون الطغاة" مخاطبا "إخوة الدرب ورفقاء الطريق وأهل الصبر" إن "فرجكم قريب". واضاف بشراكم بالخروج العاجل إلى الدنيا، وهي سجن أكبر مما أنتم فيه، ويكون هذا قريبا إن شاء الله, فإخوانكم يدكون أسوار الظلم ويهدمون عروش الباطل، وكل يوم تتهاوى هذه الأسوار والعروش، ولم يبق على النصر إلا خطوة والنصر صبر ساعة.

وتابع لن يطول السجن ولن يبقى القيد، وماهي إلا أيام ويرفع الاستضعاف وتنتهي مرحلة البلاء وتبدأ مرحلة التمكين ونسأل الله أن يجعلنا سببا في فك أسركم وتفريج كربكم. واكد الوحيشي الذي كان مساعدا لاسامة بن لادن وبات زعيما لما تعتبره واشنطن الفرع الاكثر نشاطا في تنظيم القاعدة "أوشك الفجر بالبزوغ، إنه بزوغ فجر الخلافة الراشدة على منهاج النبوة". ويعتقد ان تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب هو في اساس الاستنفار الامني الواسع النطاق الذي شهدته بعثات دبلوماسية غربية في العالم وتمثل خصوصا باغلاق 25 بعثة دبلوماسية اميركية في العالم. وسبق ان تبنى هذا التنظيم عددا كبيرا من الهجمات، ابرزها محاولة تفجير طائرة مدنية اميركية يوم عيد الميلاد عام 2009.

تنافس الجماعات الاسلامية

في السياق ذاته كشف الهجوم على مركز وستجيت التجاري في كينيا عن جانب قد يعقد جهود مكافحة التشدد الاسلامي الا وهو التنافس بين الجهاديين الذي قد يدفعهم لشن هجمات كبرى. وكما حدث في الهجوم الذي تعرضت له مدينة مومباي الهندية عام 2008 والهجوم الذي وقع هذا العام على محطة غاز في صحراء الجزائر سبق الهجوم الذي شنته حركة الشباب الصومالية في العاصمة الكينية نيروبي تناحرا بين جماعات متشددة وانتقال الأنصار من جماعة لأخرى.

وهذا التنافس قد يجعل الجماعات تبدو متشرذمة وضعيفة في بادئ الامر لكنها في الواقع تصبح أكثر خطورة اذا شعر أحد زعمائها بانه يحتاج الى شن هجوم كبير يعزز مسوغاته الجهادية حتى يستطيع تجنيد المزيد من الجهاديين ويحصل على التمويل الذي يحتاجه. ويدرك مسؤولو مكافحة الارهاب في الغرب منذ فترة طويلة ان تشديد اجراءات الامن التي طبقت في الداخل بعد الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر ايلول عام 2001 أجبر المتشددين على استهداف المواطنين الغربيين في الخارج.

لكن المسؤولين بدأوا مؤخرا يفهمون أثر التنافس والذي يخلقه في احيان الجهود التي تبذلها الحكومة لمحاربة المتشددين. وظهر ذلك بوضوح في الهجوم الذي شنته حركة الشباب على المركز التجاري في نيروبي وقتل خلاله 67 شخصا. وكانت حركة الشباب التي اعترف بها تنظيم القاعدة كأحد روافده عام 2012 قد عانت من خلافات داخلية في الوقت الذي تمكنت فيه قوات الاتحاد الافريقي ومن بينها قوات من كينيا من طرد مقاتلي الحركة من معاقلها في المدن.

وطفت هذه الانقسامات على السطح حين كتب عمر همامي الامريكي المولد على تويتر عما وصفه بمحاولة اغتياله على يد قتلة من الشباب أرسلهم زعيم الحركة. وتحدثت تقارير عن مقتله في الصومال. ورغم انه من السابق لاوانه معرفة كل الدوافع وراء هجوم مركز وستجيت لكن الاهتمام الذي حظي به الهجوم يمكن ان يساعد زعيم الشباب أحمد جودان في اعادة توصيف حركته كحركة جهادية رئيسية وهو ما دفع المحللين الى التحذير من امكانية شن هجمات قادمة.

وفي حالة جماعة عسكر طيبة التي تتخذ من باكستان مقرا لها وألقت عليها الولايات المتحدة والهند مسؤولية الهجوم الذي وقع في مومباي ربما ساهمت الضغوط الخارجية في حدوث حركة ديناميكية داخلية للقيام بمثل هذا الهجوم الذي اجتذب انظار العالم.

وعلى خلاف القاعدة تركز جماعة عسكر طيبة حملتها على الهند وكشمير. لكنها مثل القاعدة جماعة سلفية وتتبنى نفس دعوتها لنشر الاسلام من دلهي الى اسبانيا وهو ما يسهل انتقال أتباع الجماعات المختلفة من جماعة الى اخرى. وبعد ضغوط شديدة لكبح جماح نشطيها بعد ان ظهر ان احد الرجال الذين نفذوا الهجمات على وسائل النقل في لندن عام 2005 على صلة بها بدأت عسكر طيبة تخسر بعض اعضائها لصالح القاعدة وجماعات اخرى تقاتل بهمة اكبر في افغانستان. وجاء في شهادة الامريكي الباكستاني المولد ديفيد هيدلي الذي رصد الاهداف في مومباي قبل الهجوم ان ما شجع على شن مثل هذا الهجوم الواسع النطاق بعد التخطيط في بادئ الامر لهجمات محدودة هو الحاجة الى التنافس مع الجماعات الاخرى.

وشن هجوم مومباي عشرة رجال وقتلوا خلاله 166 شخصا واجتذب اهتمام وسائل الاعلام خلال الحصار الذي استمر ثلاثة ايام وأصبح نموذجا "حرفيا" لعمليات لاحقة مثل عملية وستجيت. وجاء الهجوم على محطة الغاز في الجزائر الذي وقع في يناير كانون الثاني وقتل خلاله 39 رهينة أجنبيا أيضا بعد تنافس داخلي. فمدبر الهجوم مختار بلمختار الجزائري الجنسية كون مجموعته الخاصة وظل على علاقات قائمة وان كانت متوترة مع جناح القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي. وبعد ان اطلق عليه اسم "السيد مارلبورو" نظرا لنشاطه في عمليات التهريب حقق بلمختار مكاسب وأصبح ممثلا حقيقيا للقاعدة في المنطقة بعد هذا الهجوم.

وفي التسعينات من القرن الماضي لجأت الجزائر الى اساليب الاختراق ومبدأ فرق تسد لاحداث انشقاقات تقضي بها على التمرد الذي واجهته بعد ان الغت انتخابات كان الاسلاميون مرشحون للفوز بها. لكن هذا ايضا شجع على القيام بهجمات وحشية على المدنيين. وقتل في الحرب الاهلية في الجزائر نحو 200 الف شخص.

ونجحت القاعدة رغم القوة العسكرية الهائلة التي تحاربها منذ هجمات سبتمبر في البقاء. ولانها تفكر على مستوى العالم أكثر من الحكومات التي تحاربها تمكنت من خلال شبكة تحالفاتها الممتدة من باكستان حيث توجد قاعدتها الى غرب افريقيا من استغلال حالة عدم الاستقرار التي أحدثتها انتفاضات الربيع العربي عام 2011. بحسب رويترز.

ويبدو ان زعيم القاعدة الجديد ايمن الظواهري الذي تسلم الزعامة بعد مقتل زعيمها الراحل اسامة بن لادن في باكستان عام 2011 يمارس دوره بوضع التوجه العام للقاعدة مع ترك قيادة العمليات للروافد التابعة للتنظيم. وفي وقت سابق من العام تدخل لوقف الاقتتال بين جماعتين متحالفتين مع القاعدة في سوريا هما جبهة النصرة والدولة الاسلامية في العراق والشام وأثبت انه أكثر قدرة على وقف التناحر بين حلفائه من الدول الغربية التي تحاول التدخل في الحرب الاهلية الدائرة في سوريا وتضييق هوة الخلافات بين صفوف المعارضة.

اعتقالات مستمرة

الى جانب ذلك اعتقلت روسيا 14 عنصرا مفترضا من جماعة التكفير والهجرة الاسلامية المرتبطة بالقاعدة في موسكو وصادرت كميات كبيرة من الاسلحة والمتفجرات في منازلهم، وفق ما اعلنت السلطات الروسية. واشارت وزارة الداخلية الروسية في معلومات نقلتها وكالة انترفاكس الى ان "14 عنصرا من مجموعة التكفير والهجرة الاسلامية المتشددة اعتقلوا خلال عملية في شرق موسكو في اطار قضية جنائية".

واوضحت الوزارة انه خلال عمليات التفتيش التي جرت لدى المشتبه بهم، صادر الشرطة ثلاث عبوات ناسفة يدوية الصنع بينها حزام ناسف وصواعق واسلاك ومسدسات وقنابل يدوية وطلقات نارية ومؤلفات ذات طابع متشدد. واضافت ان المشتبه فيهم كانوا يمولون هذه المنظمة بواسطة الاموال الصادرة من انشطة اجرامية. وفي وقت سابق، اعتقلت السلطات قرب موسكو عنصرا اخر في هذه المنظمة الاسلامية يشتبه في تجنيده شابات، بحسب الوزارة.

وشهدت روسيا في السنوات الاخيرة عددا من الهجمات نفذتها انتحاريات، اخرها يعود الى 21 تشرين الاول/اكتوبر. وفجرت امرأة متحدرة من جمهورية داغستان في شمال القوقاز التي تشهد حركة تمرد اسلامية ناشطة، في حافلة في فولفوغراد (جنوب)، ما ادى الى سقوط ستة قتلى. وفي كانون الثاني/يناير 2012، اعلن جهاز الامن الفدرالي اعتقال رجل في سيبيريا تم تقديمه على انه زعيم جماعة التكفير والهجرة. وفي العام 2010، صنفت المحكمة العليا جماعة التكفير والهجرة بمنظمة متشددة وحظرت انشطتها في روسيا.

من جهة اخرى سلمت السلطات الباكستانية فرنسا الفرنسي نعمان مزغيش الذي يعتبر قياديا تاريخيا في تنظيم القاعدة ويشتبه بانه جند مقاتلين اسلاميين وتورط في مشاريع اعتداءات في الغرب، بحسب ما صرحت مصادر دبلوماسية. وبعد ستة عشر شهرا في الاعتقال، سلمت باكستان مزغيش بعدما نقلته الى مطار اسلام اباد ووضعته في طائرة متجهة الى باريس عبر دبي، يحيط به عناصر حراسة.

وقال مصدر دبلوماسي ان مزغيش الذي يحمل ايضا جواز سفر جزائريا وصل جوا الى باريس. واوقفته على الفور المديرية المركزية للاستخبارات الداخلية ووضعته في الحبس على ذمة التحقيق، كما اوضح مصدر قضائي في وقت لاحق. وعلى صعيد مكافحة الارهاب، يستمر الحبس على ذمة التحقيق اربعة ايام في فرنسا.

وقد اعتقلته الشرطة الباكستانية في ايار/مايو 2012 بينما كان مسافرا على متن حافلة مع ثلاثة فرنسيين اخرين في جنوب غرب باكستان النائي، الذي غالبا ما يختاره الجهاديون لقربه من المناطق القبلية، المعقل الاساسي للقاعدة في المنطقة وفي افغانستان. ولدى اعتقاله، وصفت اجهزة الاستخبارات الفرنسية مزغيش بأنه شخصية مهمة للقاعدة، على صلة بخلية هامبورغ التي ينتمي اليها عدد كبير من قراصنة الجو الذين نفذوا اعتداءات 11 ايلول، والمشبوهة ايضا بالتخطيط لمشاريع اعتداءات في الغرب في الاعوام الفين. لكن اهميته في تنظيم القاعدة ما زالت موضع جدال.

وستتم متابعة حالته عن كثب في بلد ما زال مصدوما بقضية محمد مراح الذي قتل سبعة اشخاص في اذار/مارس 2012 قائلا انه قام بفعلته باسم القاعدة، وذلك بعد اشهر من سفره الى باكستان. ومزغيش الذي اعتقل في باكستان في ظروف صعبة، اذ اصيب بالمرض ونفذ اضرابا عن الطعام، هو العضو الاخير من الفرنسيين الذين اعتقلوا في 2012 والذي يصل الى فرنسا. وكان الثلاثة الاخرون الذين ابعدوا اتهموا لدى وصولهم بتنظيم مجموعة من مثيري الشغب لتنفيذ اعمال ارهابية ووضعوا في الحبس على ذمة التحقيق.

وتقول مصادر متطابقة ان مزغيش سيلاحق ويسجن للسبب نفسه، وهي تهمة محددة في القانون الفرنسي التي تتيح الملاحقة والحبس بناء على نوايا القيام بأعمال ارهابية او اتصالات مع منظمات مشبوهة بالارهاب. لكن الملف يبدو من جهة اخرى ضعيفا في ما يتعلق بالوقائع التي تؤخذ عليه: فاذا كان مشبوها منذ فترة طويلة بالانتماء الى القاعدة، الا انه لم يثبت اي عنصر ملموس حتى الان تورطه في اي مشروع او هجوم ارهابي.

ويقول مصدر قريب من الملف ان القضاء الفرنسي يستطيع مع ذلك ملاحقته على اساس عناصر قضائية قدمتها اجهزة الاستخبارات الالمانية وترقى الى الفترة التي كان يعيش خلالها في المانيا. وقال مصدر قريب من الملف ان مزغيش هو نجم العصابة. وهدف الاجراء الذي سيبدأ سيكون اثبات انتمائه الى القاعدة او صلاته بالشبكة، للوصول الى محاكمة عند الضرورة. واكد مسؤول فرنسي في مكافحة الارهاب انه صيد ثمين. ونحن في القلب التاريخي للقاعدة. لكن مصدرا آخر قريبا من الملف كان اكثر دقة اذ اعتبر ان من الصعب القول ما اذا كان فعلا ناشطا او مهما او كان في اطار القاعدة.

ووصفت اجهزة الاستخبارات الغربية والباكستانية مزغيش بأنه مقرب من يونس الموريتاني المسؤول المهم في القاعدة الذي اعتقل قبله في باكستان. ويقول الجيش الباكستاني ان يونس الموريتاني كان مكلفا "بصورة شخصية" من اسامة بن لادن بالتخطيط في نهاية العقد الاخير لاعتداءات ضد اهداف اقتصادية مهمة في الولايات المتحدة واوروبا واستراليا. واكد مصدر فرنسي لدى اعتقال هذا الفرنسي الجزائري ان "مزغيش على صلة بالتهديدات الموجهة الى اوروبا". بحسب فرانس برس.

واعتقاله مع ثلاثة شبان فرنسيين في منطقة يمر فيها عدد من المقاتلين الاسلاميين، عزز ايضا الشبهات بأن مزغيش كان يضطلع ايضا بتجنيد الشبان المجاهدين الاوروبيين ولاسيما الفرنسيين. وتقول مصادر متطابقة ان مزغيش لزم الصمت خلال استجوابه في باكستان. لكن بعضا من الفرنسيين الثلاثة الذين كانوا معه اعلنوا انهم "جاؤوا الى باكستان لتعميق معرفتهم بالإسلام والذهاب للقتال في افغانستان. وتأمل السلطات الفرنسية في ان تتيح مواجهتهم مع مزغيش الحصول على مزيد من المعلومات، كما قالت هذه المصادر.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 28/كانون الأول/2013 - 24/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م