مسلمو بريطانيا.. التأرجح بين العنصرية والإرهاب

 

شبكة النبأ: الأقليات المسلمة في بريطانيا كما في غيرها من الدول الغربية تعاني الكثير من المشاكل والانتهاكات والمضايقات التي تمارس من اطراف كثيرة، سواء كانت مؤسسات حكومية او قانونية او جماعات يمينية متشددة تسعى الى تعميق العداء وإثارة الكراهية العنصرية ضد الأقليات المسلمة والتي تفاقمت بشكل خطير في السنوات الاخيرة كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على وجود مخطط خطير يهدف الى محاربة الاسلام والمسلمين، من خلال تعميم بعض التصرفات والاعمال الارهابية التي تقوم بها بعض الجماعات السلفية المتشددة المحسوبة على الإسلام وهو ما يعتبر انتهاك صارخ لحقوق الانسان، وفي هذا الشأن قال وزير في حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون انه يجب منع المسلمات من ارتداء النقاب حين يدلين بشهادة في المحاكم البريطانية لأن ذلك يجعل من الصعب الحكم على مدى صدق الشهادة.

وفي تصريحات من المرجح ان تثير موضوعا محركا للمشاعر بالفعل قال كين كلارك الوزير بلا وزارة والذي اعتاد العمل محاميا جنائيا ان الزي الاسلامي التقليدي للنساء يشبه ان تكون في كيس من نوع ما وإنه يعتبره أغرب زي يتخذه الناس في القرن الحادي والعشرين. وقال كلارك وهو وزير داخلية سابق أعتقد اننا نحتاج حكما واضحا. لا أعتقد انه ينبغي السماح لشاهدة بالأدلاء بشهادتها من وراء نقاب.

وتابع لا يمكنني أن أرى بحق أي شيء على الارض يمكن لقاض ولمحلف ان يقيما فعليا دليلا حين تواجه شخصا متسربلا بعباءة وغير مرئي لك على الاطلاق. من المستحيل تقريبا اقامة محاكمة سليمة اذا كان احد الاشخاص في كيس من نوع ما. وكان قرار قاض في سبتمبر أيلول بأن امرأة مسلمة لا يمكنها الادلاء بشهادة اثناء محاكمتها وهي ترتدي النقاب اثار نقاشا حول إن كان يجب على بريطانيا ان تحذو حذو دول اوروبية أخرى وتحظر النقاب في المدارس والاماكن العامة.

وقال كلارك انه لا يعترض على ان يرتدي أي احد ما يشاء خارج المحكمة بشرط ان يكون "لائقا". واضاف ان من المهم للقضاة ان يمكنهم ملاحظة لغة الجسد وتعبيرات الوجه لاتخاذ قرار بشأن ما اذا كان الشاهد يقول الحقيقة واضاف انه لهذا السبب فإن تغطية الوجه تعوق العدالة.

الخطر الأكبر

في السياق ذاته قال مدير جهاز الأمن الداخلي البريطاني (MI5) اندرو باركير إن الآف من المتشددين الاسلاميين في بريطانيا يرون الشعب البريطاني كهدف مناسب لتنفيذ عملياتهم. وتناول باركير في أول خطاب له آخر المستجدات الأمنية في موضوع الأمن في بريطانيا. وأضاف باركير إن القاعدة وحلفاءها في جنوب آسيا وشبه الجزيرة العربية يشكلون تهديداً مباشراً لأمن بريطانيا.

وقال باركير في كلمته إنه بالرغم من الاستثمارات الضخمة التي رصدت في السنوات الأخيرة، إلا أن الحقيقة تكمن بأننا ركزنا على قضايا منفردة ومحدودة في وقت واحد. وأشار إلى أن الخطر الأكبر يكمن في أولئك العناصر المنتمين إلى القاعدة الذين نجحوا في تهريب متفجرات على متن الطائرات رغم جميع الاحتياطات الأمنية المتبعة في السنوات الأربع الأخيرة.

واوضح باركير أن الصراع المستمر في سوريا دفع بالعديد من البريطانيين إلى السفر والمشاركة في القتال الدائر هناك. وأردف رئيس جهاز الأمن الداخلي البريطاني أن المجموعات السنية الأصولية في سوريا تخطط للاعتداءات على الدول الغربية. وقال إن حوالي 330 شخصاً أدينوا بتهم تتعلق بالإرهاب في بريطانيا بين 11 ايلول/سبتمبر و31 آذار/مارس 2013.

واضاف أن خلال الأشهر الأولى من هذا العام، جرت 4 محاكمات متعلقة بالتخطيط لارتكاب اعمال ارهابية في البلاد. وأوضح أن العديد من الاشخاص تم توقيفهم في المطارات كما القي القبض عليهم للاشتباه بتورطهم بأعمال ارهابية. ويمتلك باركير خبرة تقدر بحوالي 30 عاماً في جهاز الأمن الداخلي البريطاني حيث عمل نائباً لمدير MI5.

السجن مدى الحياة

الى جانب ذلك حكم على أوكراني بالسجن مدى الحياة بعد إدانته بقتل مسلم مسن في بريطانيا وزرع قنابل أمام مساجد وذلك بعد خمسة أيام من قدومه إلى البلاد. واعترف الأوكراني بافلو لابشين (25 عاما) بطعن المسلم ثلاث طعنات في الظهر وتفجير عبوات ناسفة قرب مساجد في وولسول وولفرهامبتون وتيبتون بوسط انجلترا. ولم يصب أحد في الانفجارات لكن الشرطة رجحت تخطيطه لهجمات أخرى بعد أن عثرت على مواد كيماوية ومعدات لصنع القنابل لدى تفتيش منزله عقب القبض عليه في يوليو تموز.

وقيل أمام لجنة المحلفين بالمحكمة إنه تبين بعد البحث في جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به وجود مواد يمينية متطرفة منها ألعاب فيديو ذات نزعة عنصرية مثل لعبة "التطهير العرقي" حيث مهمة اللاعبين اغتيال غير القوقاز وجاء لابشين إلى بريطانيا بتأشيرة دخول سارية لمدة عام بعد أن فاز في مسابقة عمل بشركة تصنيع. وقيل في المحكمة إنه حاول التعرف على الأماكن التي يمكنه شراء معدات لصنع قنابل منها في برمنجهام حتى قبل أن يحصل على تأشيرة الدخول. وبعد خمسة أيام من وصوله قام بطعن محمد سليم البالغ من العمر 82 عاما والذي كان يرتدي جلبابا أثناء خروجه من المسجد متجها إلى منزله. وخلال استجوابه قال لابشين إنه تحرك بدافع "العنصرية" وإنه كان يأمل في أن تزيد هجماته من التوتر في جزء من بريطانيا تعيش به جالية مسلمة كبيرة.

وقال سيضطر المسلمون لترك منطقتنا. ولدى النطق بالحكم قال القاضي نيجل سويني إن على لابشين أن يقضي 40 عاما على الأقل بالسجن قبل النظر في إطلاق سراحه. وأضاف "مثل هذه الآراء ومشاعر الكراهية والدوافع مقيتة بالنسبة لكل الأسوياء ولا مكان لها إطلاقا في مجتمعنا الذي يضم عقائد وثقافات متعددة."

تضيق ورقابة

على صعيد متصل حكم على ثلاثة عناصر في عصابة اطلقت على نفسها اسم "الدورية المسلمة" بالسجن من ستة الى ستة عشر شهرا لانهم تعرضوا لمارة وارادوا ان يطبقوا الشريعة في شوارع لندن. ودان مسجد شرق لندن الكائن في حي ويتشابل بلا تحفظ تحركات هذه المجموعة التي تسببت بتوجيه رسائل تهديد للمسجد ولوثت بالخزي والعار الطائفة الاسلامية.

وقد بث هؤلاء الثلاثة الرعب في عدد من احياء شرق العاصمة البريطانية، ثم وضعوا اشرطة فيديو على اليوتيوب، فلفتوا بذلك نظر الشرطة وسرعوا عملية اعتقالهم وبدأ هؤلاء الاشخاص الذين اعتنقوا الاسلام، وارادوا كما قالوا تطبيق الشريعة في شوارع لندن، بالتعرض لزوجين كانا يسيران في منطقة اسلامية ويمسك كل منهما بيد الآخر. وبعد اسابيع، وصفوا امرأة كانت ترتدي تنورة قصيرة بأنها عاهرة وطلبوا منها ارتداء ثياب اخرى تحت طائلة العذاب في الجحيم.

وفي تلك الفترة ايضا هاجموا مجموعة من الرجال الذين كانوا يشربون الكحول في حي شورديتش الذي يعتبرونه "ارض الله". وقال جوردن هورنر (19 عاما) مخاطبا المجموعة لماذا تسممون انفسكم؟ هذا مخالف للإسلام. نحن الدورية المسلمة. اقتلوا الكفار. ووجه لكمة على فك احد هؤلاء الرجال ثم ضرب آخر على مؤخر عنقه. وحكم على هورنر بالسجن 68 اسبوعا، فيما حكم على المتهمين الاخرين بالسجن 52 و24 اسبوعا.

وقال ديلوار خان المسؤول الكبير في مسجد شرق لندن على الذين يسعون الى ان يفرضوا على الاخرين رؤيتهم الحصرية والذين لا يعرفون حتى الدين الذي يقولون انهم ينتمون اليه، ان يخجلوا من هذه التصرفات. والترهيب يتناقض مع القيم الاسلامية ولا يساعد في شيء ملايين المسلمين البسطاء الذين شوهت سمعتهم التصرفات الخرقاء لاقلية لا يعتد بها.

من جانب اخر اعلنت الشرطة البريطانية انها تلاحق رجلا من اصل صومالي يشتبه بعلاقته بحركة الشباب المجاهدين الصومالية المتطرفة بعد ان تمكن من الافلات من الرقابة القضائية بارتداء برقع خلال صلاة الجمعة في مسجد بلندن.

وقالت وزيرة الداخلية تيريزا ماي امام مجلس العموم ان الملاحق محمد احمد محمد (27 عاما) لا يشكل بحسب اجهزة الامن تهديدا مباشرا لبريطانيا. بيد ان الشرطة التي نشرت صورة المطلوب وهويته داعية الجمهور للإبلاغ عنه، اوصت بالاكتفاء بالإبلاغ عن الرجل في حال مشاهدته دون الالتحام معه.

واكدت الوزيرة ان المطارد كان يحمل سوارا الكترونيا يتيح اقتفاء اثره وهو مطالب بالقدوم يوميا الى مفوضية شرطة وشرحت انه دخل مسجد اكتون غرب لندن وهو يرتدي ثيابا عادية على الطريقة الاوروبية وخرج منه بعد ساعات في شكل امرأة ترتدي برقعا وبثت الشرطة صورا التقطتها كاميرات مراقبة للتدليل على اقوالها.

وكان المطارد يخضع لنظام اطلاق السراح المشروط الخاص بموجب اجراءات جديدة اعتمدت في كانون الثاني/يناير 2012 بحسب مذكرة اجراءات الوقاية من الارهاب وتنطبق هذه الاجراءات على كل الاشخاص الذين يشتبه بعلاقتهم بأنشطة ارهابية دون ان يملك القضاء ادلة كافية لبدء محاكمتهم. وفي حالة المشتبه به المطارد فان الامر يتعلق بمنعه من السفر بتهمة دعم الارهاب في الخار"، بحسب الوزيرة. بحسب فرانس برس.

وقالت مصادر امنية ان محمد احمد محمد اقام في معسكر تدريب للشباب في الصومال في 2008 وساعد على دخول ارهابيين مفترضين آتين من الصومال الى بريطانيا. وكان مشبوه آخر تمكن في كانون الاول/ديسمبر الماضي من خداع الشرطة بعد ان تخلص من سواره الالكتروني. وهو لا يزال ملاحقا.

على صيد متصل كشفت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" اليوم أن أعمال داعية مسلم هندي حظرته سلطات المملكة المتحدة من دخول أراضيها قبل أكثر من 3 سنوات، متوفرة في مكتبة عامة في جنوب شرقي العاصمة لندن. وقالت الإذاعة إنها عثرت على 3 كتب من أعمال زكريا نايك في المكتبة العامة في حي ووليتش، تضم تصريحات مثيرة للجدل في شأن المرأة واليهود والإرهاب، بينما دافع مجلس بلدية الحي عن قرار الاحتفاظ بكتبه. وأضافت أن المكتبة تبعد زهاء 200 متر عن المكان الذي قُتل فيه الجندي البريطاني لي ريغبي، على يد رجلين مسلمين متطرفين بريطانيين من أصول نيجيرية.

ونسبت "بي بي سي" إلى المتطرف السابق والباحث في مؤسسة "كويليام" لمكافحة التطرف أسامة حسن، قوله إن المتعاطفين مع الجهاديين قد ينظرون إلى كتب نايك على أنها مبرر للإرهاب، في حين يمكن أن يعتبرها شخص ما يملك فهماً محدوداً جداً عن الاسلام كمبرر للعنف. كما نقلت عن متحدث باسم مجلس بلدية منطقة غرينيتش المسؤولة عن المكتبة: لسنا على علم بأي قوائم عن الكتب المحظورة من قبل وزارة الداخلية، كما أن كتاب أدولف هتلر "كفاحي"، كان متاحاً للجمهور على رفوف المكتبات العامة في بريطانيا على مدى عقود، ولا يزال في إمكان أي مواطن في المملكة المتحدة شراء الكتاب من الأسواق.

وكانت وزيرة الداخلية البريطانية تريزا ماي حظرت في تموز (يوليو) 2010 على الداعية الاسلامي الهندي زكريا نايك دخول بريطانيا بسبب تصريحات أدلى بها واعتبرتها تمثل سلوكاً غير مقبول ينطبق على كل من يكتب أو ينشر مواد يمكن أن تحرّض على العنف أو تمجّد الإرهاب أو تسعى لتحريض الآخرين على القيام بأعمال إرهابية، ولأن وجوده لا يخدم الصالح العام. ويُعتبر نايك ثالث أكثر الدعاة الإسلاميين شعبية في الهند، واحتل عام 2009 المرتبة 82 على لائحة أقوى الشخصيات المؤثرة هناك، وكان زار بريطانيا عام 2006 لإلقاء محاضرات وخطب دينية.

خطر الموت

الى جانب ذلك حذرت الشرطة البريطانية شخصيات مسلمة بريطانية عدة من احتمال تعرضها للخطر لورود اسمائها على انها اعداء للإسلام في شريط فيديو نشرته حركة الشباب الصومالية على الانترنت. وصرح متحدث باسم سكوتلنديارد ان تحقيقا جاريا حول شريط فيديو يستغرق ساعة نشرته حركة الشباب الاسلامية المتطرفة على موقع يوتيوب ثم ما لبثت ان سحبته واوضح اننا ندرس حاليا محتواه.

واعلن اربعة مثقفين مسلمين ادلوا بتصريحات معارضة للتطرف الديني، انهم تلقوا زيارة شرطيين جاءوا لتحذيرهم من ان اسماءهم وردت في ذلك الشريط. ورصدت الشبكة الاميركية لمراقبة المواقع الاسلامية (سايت) شريط فيديو اعدته حركة الشباب للمتمردين الاسلاميين الصوماليين تبنت فيه خصوصا الهجوم الدامي على مركز تجاري في نيروبي. ويندد الشريط المترافق بتعليق رجل لكنته انكليزية بهؤلاء المثقفين لانهم "شوهوا تعاليم الاسلام" بحسب صحيفة الغارديان البريطانية. بحسب فرانس برس.

واكد اجمل مسرور وهو امام وصحافي مقيم في لندن على صفحته على موقع الفيسبوك ان الشرطة اوصته ب"اقصى درجات التيقظ". وكتب ان الرسالة هي ان ارهابيين قد يعرضون حياتي للخطر. وقال محمد انصار المخرج والصحافي من جهته على موقع تويتر ان الشرطة كانت تجوب بانتظام امام منزله. كما اعلن محمد شفيق وهو محلل واسامة حسن وهو باحث في مؤسسة كيليام المتخصصة بشؤون التطرف ان الشرطة قامت بتحذيرهم ايضا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/كانون الأول/2013 - 13/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م