التغيرات المناخية.. اخطار طبيعية تنذر بفتك البشرية

 

شبكة النبأ: التغيرات المناخية التي تشهدها الأرض منذ سنوات أسهمت وبشكل فاعل بارتفاع درجة حرارة الأرض، وازدياد نسب الكوارث والأخطار الأخرى التي يشهدها العالم كما يقول بعض الخبراء، الذين أكدوا على ان الفترة القادمة ستشهد تغيرات مناخية خطيرة يصعب التنبؤ بها خصوصا مع عدم وجود اتفاق دولي يهدف الى معالجة أخطار التي تفاقمت بشكل مخيف بسبب اتساع الأنشطة البشرية، وفي هذا الشأن فقد شهد العام 2013 عدة ظواهر مناخية قصوى، كان آخرها الاعصار هايان الذي ضرب الفيليبين، بالإضافة إلى ارتفاع قياسي في مستوى مياه البحار على ما كشفت الأمم المتحدة. ووفق المعطيات الموقتة التي نشرتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، بات العام 2013 على وشك أن يصبح من الأعوام العشرة الاشد حرا منذ البدء بتجميع البيانات ذات الصلة، علما أنه من المرتقب صدور المعطيات النهائية في هذا الشأن في آذار/مارس 2014.

وأوضح الخبراء أن "متوسط مستوى مياه البحار بلغ حدا قياسيا جديدا في العام 2013 ... مع ارتفاع بمعدل 3,2 مليمترات في السنة ، يوازي تقريبا ذلك المسجل في العقد الممتد بين العامين 2001 و 2010 (3,3 مليمترات في السنة) ويساوي ضعف ذاك المسجل في القرن العشرين (1,6 مليمتر في السنة).

وقد شهدت غالبية مناطق العالم درجات حرارة أعلى من العادة، لا سيما في أستراليا وشمال أميركا الشمالية وشمال شرق أميركا الجنوبية وشمال افريقيا وجزء كبير من المنطقة الاورو-الآسيوية. وكانت الفترة الممتدة بين كانون الثاني/يناير وأيلول/سبتمبر 2013 أشد حرا من الفترة عينها في العامين 2011 و 2012 عندما ساهمت ظاهرة "نينيا" في تخفيض الحرارة.

وقال ميشيل جارو الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية من المتوقع أن يواصل مستوى البحار ارتفاعه إثر ذوبان الصفائح والجبال الجليدية. وأكثر من 90 % من الحرارة الإضافية الناجمة عن غازات الدفيئة تحتبس في المحيطات التي ستستمر في الاحترار والتمدد على مدى مئات السنين. ولفت الى ان نسب ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بلغت مستويات قياسية في العام 2012، ومن المرتقب أن تصل إلى مستويات اعلى في العام 2013، أي أن درجات الحرارة سترتفع لا محالة.

وأضاف جارو رغم اننا لا نستطيع ان ننسب الاعاصير الاستوائية في شكل مباشر الى التبدل المناخي، فان ارتفاع مستوى البحار يجعل سكان السواحل اكثر ضعفا حيال العواصف، الامر الذي كانت له نتائج ماسوية في الفيليبين في اشارة الى الاعصار هايان. واوضح انه في الفيليبين ارتفع مستوى البحار بمعدل وسطي بلغ 12 ملم، اي ما يتجاوز باربعة اضعاف المستوى الوسطي في مجمل الكرة الارضية، ما يفسر في شكل جزئي خطورة الاضرار التي احدثها الاعصار، مؤكدا ان الانهيارات الارضية الناجمة عن الاستغلال البشري زادت من تاثير الكارثة.

والصلة بين التبدل المناخي وقوة الاعاصير الاستوائية لا تزال موضع ابحاث، لكن الخبراء يتوقعون ان تزداد خطورة هذه الظواهر الطبيعية. ويأتي هذا التحذير فيما تستضيف بولندا هذا الاسبوع المؤتمر التاسع عشر للامم المتحدة حول المناخ. وبين حزيران/يونيو واب/اغسطس 2013، سيطر ضغط جوي ادنى من المعدل الوسطي على قسم كبير من المحيط المتجمد الشمالي، ما ساهم في الحد من توزيع الحرارة التي مصدرها الجنوب وادى الى حرارة اضعف من تلك التي سجلت العام الفائت. كذلك، تسببت الرياح بتوسيع الغطاء الجليدي حتى احتل مساحة اكبر.

وازداد الغطاء الجليدي في المتجمد الشمالي في شكل طفيف بعد تراجعه غير المسبوق العام 2012، لكن مساحته تظل من بين الادنى التي تم تسجيلها في موازاة ازدياد سرعة ذوبانه. في موازاة ذلك وللعام الثاني على التوالي، بلغت مساحة الغطاء الجليدي في المحيط المتجمد الجنوبي مستوى قياسيا ناهز 19,47 مليون كلم مربع، اي ما يزيد بثلاثين الف كلم مربع عن المساحة القياسية السابقة في 2012 وبزيادة نسبتها 2,6 في المئة عن متوسط الفترة بين العامين 1981 و2010. بحسب فرانس برس.

ويرى العلماء ان التحول في مسار الضغط الجوي الذي سجل في الاعوام الثلاثين الاخيرة والناتج من الرياح المسيطرة في المتجمد الجنوبي هو عامل مرتبط بالظواهر المناخية القصوى، وذلك من دون استبعاد عوامل اخرى مثل تبدل حركة المحيطات.

إنقاذ المحيطات

الى جانب ذلك تجد محيطات الأرض نفسها مرغمة على امتصاص المزيد والمزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تسبب احترار الكوكب، مما يجعل تحمضها يتزايد بمعدلات غير مسبوقة خلال الـ300 مليون سنة الماضية، وفقاً لتقرير جديد. وتجدر الإشارة إلى أن المحيطات تزودنا بنصف الأكسجين الذي نتنفسه، وتمتص أيضاً 33 بالمائة على الأقل من ثاني أكسيد الكربون الذي ينتجه البشر.

ولكن التحمض لا يحد من قدرة المحيطات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون فحسب، بل قد يؤثر على الأمن الغذائي كذلك. وخلال عدة عقود، سوف تصبح أجزاء كبيرة من المحيطات القطبية قابلة للتآكل، مما سيؤثر بشكل خاص على الكائنات البحرية غير المحمية بالصدف، مثل الحبار.

ويعتبر هذا التقرير بمثابة ملخص لحالة المعارف العلمية عن تحمض المحيطات، ويستند إلى أحدث البحوث التي قُدمت خلال الندوة الثالثة حول المحيطات في عالم ترتفع فيه نسبة ثاني أكسيد الكربون، الذي عقد في مونتيري، بولاية كاليفورنيا، في سبتمبر 2012. وقد شارك علماء من مختلف أنحاء العالم في هذا البحث وحثوا مختلف البلدان المشاركة في محادثات وارسو على العمل من أجل الحد من زيادة درجات الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين بحلول نهاية هذا القرن.

من جانبه، ذكر ستيفان رامستورف، رئيس تحليل نظام الأرض بجامعة بوتسدام الألمانية، مؤخراً على أحد مواقع الإنترنت أن "الزيادة في كمية الحرارة في المحيطات تصل إلى 17 × 1022 جول على مدار السنوات الـ30 الماضية، وهذا قدر هائل من الطاقة يعادل انفجار قنبلة مثل تلك التي أُلقيت على هيروشيما كل ثانية في المحيط لمدة ثلاثين عاماً".

وقد أصبحت المحيطات أكثر حموضة أيضاً. ويتم قياس الحموضة أو القلوية في المحاليل المائية بواسطة مقياس الرقم الهيدروجيني، وكلما انخفض الرقم، زادت حموضة المحلول. وعندما يذوب ثاني أكسيد الكربون في مياه البحر، يتناقص الرقم الهيدروجيني الخاص به وهي عملية تعرف باسم التحمض.

ويمكن أن يقلل هذا من توافر الكالسيوم وهو قلوي بالنسبة للعوالق والحيوانات الصدفية، مما يهدد بقائها على قيد الحياة. ويعتمد الكثير من حيوانات السلسلة الغذائية البحرية على هذه الكائنات في غذائها، وبالتالي فإن النظام البيئي بأكمله يمكن أن يتأثر. وفي سياق متصل، أشارت ويندي برودغيت نائبة مدير قسم العلوم الطبيعية في برنامج الغلاف الأرضي والمحيط الحيوي الدولي، وهو أحد رعاة التقرير، إلى أن مصائد الأسماك تدعم سبل معيشة 540 مليون شخص، أو ثمانية بالمائة من سكان العالم، "مع ذلك، لا نعرف سوى القليل جداً عن الآثار المباشرة لتحمض المحيطات على الأسماك التي تعتبر الهدف الرئيسي للصيد التجاري وصيد الكفاف، وينتج عن هذا نسبة عالية من عدم اليقين عند التنبؤ بالتغيرات التي ستحدث في مصايد الأسماك في المستقبل". وأضافت أن العلماء يواصلون البحث في هذا الأمر.

ولكنهم يعرفون المزيد عن تأثير هذه التغيرات على الرخويات، مثل الحبار والمحار والحبار القاعي، والتي "يبدو أنها مجموعة من الكائنات الحية الأكثر حساسية التي تتم دراستها في ظل أنظمة تحمض المحيطات،" كما أوضحت برودغيت. ووفقاً لتقديرات العلماء، قد يؤدي انخفاض إنتاج الرخويات بحلول عام 2100 إلى خسائر اقتصادية عالمية سنوية تربو على 130 مليار دولار (بمستويات أسعار 2010) إذا استمرت الانبعاثات التي من صنع الإنسان دون تغيير.

وأشارت برودغيت إلى أن "يرقات المحار في المفرخات في منطقة شمال شرق المحيط الهادئ حساسة للغاية لتحمض المحيطات وتتأثر بالفعل بالمياه ذات الرقم الهيدروجيني المنخفض، وتتوقف عن تناول مياه البحر عندما ينخفض الرقم الهيدروجيني بها". وسيكون هناك أمل إذا سعت البلدان إلى تقليل الانبعاثات بحيث تظل الزيادة العالمية في درجات الحرارة أقل من درجتين مئويتين حتى مطلع القرن

 ومن الجدير بالذكر أن أحد المخاوف الرئيسية هو ما إذا كان المحيط قد وصل إلى حد لن يكون قادراً إذا تجاوزه على استيعاب المزيد من الحرارة. وأوضح ريتشارد فيلي، وهو عالم رفيع المستوى في الإدارة الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي (NOAA) التابعة للحكومة الأميركية، أن النماذج المناخية المعدة عن طريق الكمبيوتر "تشير إلى وجود اتجاه تنازلي في جزء من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون البشرية المنشأ الناتجة عن النشاط البشري التي تمتصها المحيطات طوال هذا القرن، ولكن المراقبة لم تتمكن من تأكيد هذا الاتجاه حتى الآن بسبب عدم اليقين في القياسات، فضلاً عن عدم وجود تغطية كاملة للقياسات في المحيطات. وبالتالي، فإن هذا أحد الموضوعات التي تتطلب المزيد من البحث.

مع ذلك، سيكون هناك أمل إذا سعت البلدان إلى تقليل الانبعاثات بحيث تظل الزيادة العالمية في درجات الحرارة أقل من درجتين مئويتين حتى مطلع القرن. وفي هذا الصدد، قالت برودغيت أن خفض الانبعاثات بنسبة كبيرة يمكن أن يضمن استمرار 50 بالمائة من المياه السطحية كبيئة مواتية لنمو الشعاب المرجانية وتفادي الظروف المسببة للتآكل في معظم أجزاء المحيط الجنوبي.

وأضافت أن مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في بعض المناطق قد تكون قادرة على التكيف عن طريق تعديل الممارسات الإدارية لتفادي آثار تحمض المحيطات. فعلى سبيل المثال، رصد مياه البحر حول مفرخات الأسماك الصدفية يمكن أن يحدد الوقت المناسب للإقلال من تناول مياه البحر التي يحتوي على رقم هيدروجيني أقل، أو يمكن نقل المفرخات، أو يمكن للمديرين اختيار مراحل اليرقات أو السلالات الأكثر مقاومة لتحمض المحيطات لاستخدامها في عملية التكاثر، كما أشارت. بحسب شبكة إيرين.

 وعلى المستوى المحلي، لا يقترح التقرير الكثير من التدابير التي تهدف إلى تخفيف الأثر غير تطوير ممارسات الإدارة المستدامة لمصائد الأسماك، مثل تنظيم الصيد للحد من الصيد الجائر. ويحث المؤلفون الحكومات على حماية سواحلها وموائل الأسماك عن طريق الحفاظ على المناطق المحمية التي ستدعم قدرة الأسماك على الصمود. كما يطالب العلماء برصد وتنظيم "المصادر المحلية للتحمض" مثل تسرب الأسمدة، والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروز من المصانع التي تعمل بالفحم ومن عوادم السفن.

محادثات الأمم المتحدة

في السياق ذاته حافظت نحو 200 دولة يوم على الآمال في التوصل لاتفاقية عالمية في 2015 لمحاربة التغير المناخي بعد التغلب على خلافات بشأن خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري ومساعدة الدول الفقيرة في اجتماع تعرض لانتقادات على نطاق واسع لافتقاره إلى الإلحاحية. واتفقت الحكومات على أن اتفاقا جديدا سيوقع في 2015 سيتألف من مجموعة من العروض الوطنية للحد من الانبعاثات وسيلغي 20 عاما من التفرقة بين التزامات الدول الغنية والبلدان الفقيرة.

وأنشأ الاجتماع أيضا آلية وارسو الجديدة لمساعدة الدول النامية على التغلب على الأضرار والخسائر الناجمة عن الموجات الحارة والجفاف والفيضانات والتهديدات الزاحفة مثل زيادة مستويات مياه البحار والتصحر رغم رفض الدول الغنية التعهد بدفع المزيد من الأموال. لكن كثيرين يقولون إن اجتماع وارسو لم يحقق ما كان مطلوبا.

وقال موفد الفلبين نادريف سانو لم نحقق نتيجة ذات مغزى. وكان سانو يتنقل بسرعة بين الاجتماعات ليطالب بتحرك لإبداء التعاطف مع ضحايا الإعصار هايان الذي قتل ما يزيد على خمسة آلاف شخص. ولم تعرض أي من الدول الكبرى أثناء اجتماع وارسو إجراءات أكثر صرامة لإبطاء الانبعاثات العالمية المتزايدة للغازات المسببة للاحتباس الحراري وتراجعت اليابان عن المستويات المستهدفة لعام 2020 بعد إغلاق صناعتها النووية في أعقاب كارثة فوكوشيما. وانسحب أنصار البيئة من الاجتماع تعبيرا عن الاستياء من عدم تحقيق تقدم. والدول الغنية منشغلة بإعادة تنشيط اقتصاداتها الضعيفة اكثر من مكافحة التغير المناخي.

وقال نيكولاس شتيرن من كلية لندن للاقتصاد الإجراءات التي تم الاتفاق عليها هي ببساطة غير كافية اذا قورنت بحجم وإلحاحية المخاطر التي يواجهها العالم بسبب ارتفاع مستويات انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. واتفق المفاوضون على أن تتضمن اتفاقية عالمية جديدة من المقرر إبرامها في باريس في 2015 وأن تدخل حيز التنفيذ في 2020 ما وصفوه بأنه مساهمات مقصودة يتم تحديدها على المستوى الوطني من كل من الدول الغنية والبلدان الفقيرة.

ولا يزال من المتوقع إلى الآن أن تتحمل الدول الغنية التي انبعثت منها معظم الغازات المسببة للاحتباس الحراري منذ الثورة الصناعية النصيب الأكبر من "الالتزامات" بينما تمنح البلدان الفقيرة "إجراءات" أقل صرامة. وقالت المفوضة الأوروبية كونى هيدجارد "في النظام القديم كان هناك حاجز بين الالتزامات والإجراءات الآن توجد صيغة واحدة للجميع. بحسب رويترز.

ويدعو اتفاق وارسو الدول التي بمقدورها أن تفعل هذا الى تقديم خططها في الربع الأول من 2015 ان تفعل هذا لإتاحة المزيد من الوقت للمراجعة قبل قمة في باريس في نهاية 2015. وفي ظل اتفاقية المناخ السابقة اتفاقية كيوتو فإن الدول الأكثر نموا فقط هي التي كانت مطالبة بالحد من الانبعاثات وكان ذلك من الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة إلى رفض الاتفاقية قائلة إنه يتعين أيضا مشاركة دول تحقق نموا اقتصاديا سريعا مثل الصين والهند.

والإجراء الوحيد الملموس الذي تم التوصل إليه بعد أسبوعين من المفاوضات كان الموافقة على قواعد جديدة لحماية الغابات الاستوائية التي تمتص ثاني أكسيد الكربون. وأصرت البلدان النامية على "آلية" لإظهار أنها منفصلة عن الهياكل القائمة حتى على الرغم من أن الدول الغنية تقول إن تلك الآلية لن تحصل على أموال جديدة أكثر من مبلغ المئة مليار دولار المزمع دفعه سنويا بعد 2020.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/تشرين الثاني/2013 - 24/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م