الصين... قطار تنمية صامت

 

شبكة النبأ: إصلاحات مهمة وتغيرات جديدة ستشهدها الصين التي أعلنت عن سلسلة إجراءات إصلاحية مهمة وغير مسبوقة في سبيل معالجة بعض المشاكل المهمة التي تعاني منها، وبحسب بعض الخبراء فان خطة الإصلاح والانفتاح الجديدة هي خطة مهمة وأساسية يمكن ان تغير الكثير من النتائج سواء من الناحية الاقتصادية او السياسية، حيث ستسعى الصين ومن خلال قرارها الأخير الصادر عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، الى توسيع فرص الوصول إلى الأسواق الصينية وتعزيز التعاون الإقليمي وانفتاح المدن الحدودية والداخلية. هذا بالإضافة الى ان القرار الجديد سيسهم بتخفيف القيود المفروضة على العديد من الأنشطة الاستثمارية والصناعية المهمة. وفي هذا الشأن فقد دعا زعيم صيني كبير أعضاء الحزب الشيوعي الحاكم الى التوحد حول خطة إصلاح رئيسية وتحمل المسؤولية "التاريخية" بالتأكد من تطبيقها.

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن تشانغ دجيانغ الرجل الثالث في قيادة الحزب الحاكم ورئيس البرلمان الصيني قوله للمسؤولين ان خطة الإصلاح "مهمة سياسية هامة." ونشرت صحيفة الشعب اليومية هذا المقال بشكل كامل.وكشفت الصين عن مجموعة من أجرأ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية منذ نحو 30 عاما تضمنت تخفيف سياسة الطفل الواحد وتحرير الأسواق بصورة أكبر لتعزيز استقرار ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وساهمت هذه التغييرات الكبيرة في تبديد الشكوك إزاء رغبة القيادة في الإصلاحات الضرورية لإعطاء الاقتصاد دفعة جديدة بعدما بدأت تظهر مؤشرات على تباطؤ النمو السريع الذي استمر على مدى ثلاثة عقود. وأصدر الحزب الشيوعي وثيقة بخصوص الإصلاح في أعقاب مؤتمر مغلق لكبار قادته استمر أربعة أيام تعهد فيها بإجراء إصلاحات بشأن تسجيل الإقامة والأراضي ضرورية لدعم سكان الحضر في الصين والسماح بانتقال البلاد إلى اقتصاد قائم على الخدمات والاستهلاك على غرار الاقتصادات الغربية.

وستحدد السوق أسعار الوقود والكهرباء وبعض الموارد الرئيسية الأخرى بينما تعهدت بكين أيضا بالإسراع في فتح الحساب الرأسمالي وفك المزيد من القيود المالية. وقال شو هونغ كاي كبير الاقتصاديين في المركز الصيني للتغيرات الاقتصادية الدولية وهو معهد بحثي في الصين "هذه الإصلاحات غير مسبوقة... فقد كانت الإصلاحات في التسعينات مقصورة على بعض المجالات أما الآن فتشمل الإصلاحات جميع النواحي."

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن الوثيقة إن الرئيس شي جين بينغ ورئيس وزرائه لي كه تشيانغ اللذين توليا منصبيهما في مارس آذار أعلنا عن عدة اصلاحات في السياسة الاجتماعية وتعهدا بتوحيد نظامي الأمان الاجتماعي الريفي والحضري وإلغاء معسكرات العمل المثيرة للجدل. بحسب رويترز.

واعتبر مراقبو الأوضاع في الصين أن تأسيس مجموعة عمل لقيادة عملية الإصلاح الاقتصادي ومجلس جديد لأمن الدولة بمثابة علامات على تمكن شي من تعزيز سلطته بعد ثمانية أشهر فقط من توليه منصبه رسميا. وكانت الوثيقة الأولية المقتضبة التي تضمنت الخطوط العريضة للإصلاحات أثارت موجة من البيع في البورصة حيث اعتبر المستثمرون افتقارها إلى التفاصيل بمثابة علامة على عدم التزام شي أو عجزه عن التعامل مع أصحاب المصالح مثل الشركات الكبرى المملوكة للدولة. غير أن مجموعة من الخطط المحددة المتعلقة بسعر الفائدة وتحرير نظام العملة وتسجيل الأراضي وفتح بعض القطاعات المغلقة أمام الشركات الخاصة والأجنبية ساهمت على ما يبدو في تهدئة هذه المخاوف.

مجلس جديد

 في السياق ذاته اعتبر الرئيس الصيني شي جينبينغ أن مجلس الأمن القومي الذي أسسته بكين قبل أيام سيتيح للحكومة توحيد جهود مواجهة أزمات داخلية وخارجية. واعتبر مراقبون أن تأسيس مجموعة عمل لقيادة عملية الإصلاح الاقتصادي، ومجلس جديد للأمن القومي، مؤشر على تعزيز شي جينبينغ سلطته، بعد ثمانية أشهر على توليه منصبه.

ورأى خبراء أن المجلس الجديد يستند إلى تجربة مجلس الأمن القومي الأميركي، وسيعزّز التنسيق بين أجنحة البيروقراطية الأمنية الصينية، الموزعة بين الشرطة والجيش والاستخبارات والجهاز الديبلوماسي، علماً أن الصين تواجه تحديات داخلية، بينها الوضع في إقليمَي التيبت وشينغيانغ، وتهديدات خارجية، بينها كوريا الشمالية والنزاع مع دول مجاورة على بحر الصين الجنوبي.

وأشار شي إلى أن على مجلس الأمن القومي الجديد التصدي للتحديات الأمنية المحلية والدولية، مضيفاً يواجه بلدنا ضغوطاً خارجية لحماية مصالح السيادة والأمن والتنمية، وضغوطاً داخلية للحفاظ على الأمن السياسي والاستقرار الاجتماعي. وزاد تأسيس مجلس الأمن القومي يعزّز تركيز عمليات أمننا القومي ويوحّدها، ويمثّل أولوية قصوى.

وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) بأن الإصلاحات تتيح تحسين حجم الجيش وهيكليته، وتقليص المؤسسات والأفراد غير القتاليين، وتسريع بناء قوات قتالية جديدة، إضافة إلى بناء نظام قوة عسكرية حديث بخصائص صينية و تعزيز التكامل العسكري–المدني، من خلال السماح لشركات خاصة رائدة بالمشاركة في صناعة الدفاع، علماً أن موازنة الجيش الصيني سترتفع هذه السنة بنسبة 10.7 في المئة، لتبلغ 120 بليون دولار.

الصين والدول الأخرى

من جانب اخر قال الرئيس الصينى شى جين بينج، إنه يتعين على الصين والولايات المتحدة تقوية تنسيق السياسات بينهما، خلال عملية الإصلاح وإعادة الهيكلة الخاصة بالبلدين. وأضاف الرئيس الصينى خلال اجتماع مع الممثل الخاص للرئيس الأمريكى باراك أوباما، وزير الخزانة الأمريكى جاكوب ليو ببكين، أن الإصلاح والانفتاح الشامل فى الصين سيوفر ليس فقط قوة دفع قوية للتنمية الصينية، ولكن سيوفر أيضا المزيد من الفرص الجديدة للتعاون الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة ودول أخرى فى العالم".

وأوضح أنه من خلال تطبيق الإجراءات بشكل جيد، تعمل الصين كأكبر دولة نامية فى العالم والولايات المتحدة كأكبر دولة متقدمة فى العالم على تقديم الإسهام الأكبر للعالم، وتابع بقوله ستدفع الصين الإصلاح بقوة دفع أكبر، وستحافظ على النمو المستدام والصحى للاقتصاد. وأعرب الرئيس الصينى عن أمله فى أن تدفع الولايات المتحدة إعادة الهيكلة وتحقق الاستقرار والاستدامة للقطاع المالى، وتضمن انتعاشا ونموا فى المجال الاقتصادى بشكل مستقر، وقال إنه ينبغى على الصين والولايات المتحدة تقوية التنسيق بشأن السياسات خلال عملية الإصلاح وإعادة الهيكلة الخاصة بكل منهما، وتوسيع المصالح المتبادلة، واستكشاف فرص جديدة للتعاون عبر تسهيل مفاوضات معاهدة استثمار ثنائية.

ودعا شى البلدين إلى تحسين التعاون فى الشئون الدولية والإقليمية وتعزيز التعاون الإقليمى والازدهار العالمى بشكل مفتوح وشامل، وأن العلاقات الصينية-الأمريكية حافظت على قوة دفع إيجابية ومستقرة للتنمية، وينبغى على الجانبين الاستمرار فى تنفيذ التوافق المهم الذى تم التوصل إليه بينى وبين الرئيس باراك أوباما، وبناء نمط جديد من العلاقة، والحفاظ على تبادلات رفيعة المستوى.

في السياق ذاته اعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال لقاء مع الموفد الخاص للرئيس التايواني ان الخلاف بين بكين وتايوان لا يمكن ان يستمر "من جيل الى جيل". واثناء لقائه فينسنت سيو، نائب الرئيس التايواني السابق، اعتبر شي ان على تايبيه وبكين ان تعتبرا انهما من "عائلة" واحدة، وفق ما افادت وكالة الصين الجديدة الرسمية. ونقلت الوكالة عن الرئيس الصيني قوله "لا يمكننا نقل هذه المشاكل من جيل الى جيل".

واوفد الرئيس التايواني ما يينغ-جيو سيو الى منتدى التعاون الاقتصادي في آسيا المحيط الهادىء، اذ ان رؤساء تايوان محرومون من المشاركة في أبيك لان الصين ترفض حضورهم. وانعقد لقاء اخر على هامش آبيك بين وانغ يوكي المسؤول التايواني الكبير عن العلاقات مع بكين ونظيره الصيني زانغ زيجون. وقالت تايوان ان هذا اللقاء هو الاول من نوعه واعتبره كوان شنوغ مينغ المسؤول في المجلس التايواني للتنمية والتخطيط الاقتصاديين "حدثا بالغ الاهمية. وقد استقلت تايوان فعلا منذ 1949 رغم ان بكين تعتبرها جزيرة متمردة ولا تستبعد استعمال القوة لاستعادة سيادتها عليها. ومنذ انتخاب ما يينغ-جيو في 2008 ثم اعادة انتخابه في 2012، شهدت العلاقات بين الصين وتايوان تحسنا.

على صعيد متصل التقى الرئيس الصيني شي جينبنغ بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في بكين. وتتقاطع زيارة عباس، الاولى التي يقوم بها زعيم شرق اوسطي الى الصين منذ تولي الرئيس الجديد مهام منصبه مع زيارة يقوم بها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى البلد الاسيوي بدأها في شنغهاي. ووصف الاعلام الصيني الرسمي زيارة عباس بانها زيارة دولة، فيما وصف مسؤولون زيارة نتانياهو بانها "زيارة رسمية". ودأبت بكين تقليديا الى الناي بنفسها عن شؤون الشرق الاوسط، الا انها بدأت في السنوات الاخيرة في لعب دور دبلوماسي اكثر نشاطا.

وعقب استقبال عسكري امام قاعة الشعب الكبرى، قال شي للرئيس الفلسطيني انه "حافظ على خيار السلام الاستراتيجي" وساعد على "بناء بلد وهو ما لقي احتراما ودعما واسعين من الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي". وقال عباس بدوره انه يقدر "مكانة الصين العالية في العالم اليوم. وفي السنوات الاخيرة تبنت الحكومات الصينية سياسات حكيمة كانت لها فوائد وتجنبت وقوع الضرر". بحسب فرانس برس.

ووقع الجانبان اتفاقيات حول التعاون الاقتصادي الفني والتبادل الثقافي، الا انه لم يتم الكشف عن تفاصيل تلك الاتفاقيات. وقبل زيارته صرح عباس لوكالة الصين الجديدة انه يعتزم خلال زيارته مناقشة العوائق امام المحادثات الاسرائيلية الفلسطينية ويطلب من بكين دعوة اسرائيل الى انهاء سياساتها التي تعيق الاقتصاد الفلسطيني. ويتوقع ان يسعى نتانياهو خلال زيارته الصين الى الحصول على دعم اكبر من بكين لفرض عقوبات اشد على ايران بسبب برنامجها النووي التي تشتبه اسرائيل والدول الغربية في انه يهدف الى تطوير اسلحة نووية. وقال متحدث باسم السفارة الاسرائيلية في بكين ان نتانياهو وصل الى الصين وبدأ اجتماعات رسمية الا انه لم يكشف عن تفاصيل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 18/تشرين الثاني/2013 - 14/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م