ايران والوعود الخضراء... اصلاحات لا تزال معطلة

محمد حميد الصواف

شبكة النبأ: يعول الكثيرين من الايرانيين على قيادة الرئيس الاصلاحي حسن روحاني في رسم سياسات داخلية وخارجية تحد من ظاهرة التدهور الشاملة التي باتت تعصف في تلك الدولة، اقتصاديا واجتماعيا وانسانيا، املا في ان يكون روحاني قادرا على اخراج البلاد من حالة الانغلاق والتشدد الى انفتاح يعيد الى الشعب الايراني حق المشاركة في ادارة البلاد بعد فترة ولاية الرئيس السابق احمدي نجاد الكارثية، بحسب ما يصفها اغلب المراقبين.

ويستدعي مسؤولية الاصلاح التي تقع على روحاني هيكلة الكثير من مفاصل الدولة بالشكل الذي يلاءم تطلعات الشعب الايراني ويعيد مسار التنمية الى مكانها الصحيح، بعيدا عن ثقافة التشدد والتزمت والتهميش المتعمد لشرائح واطياف المجتمع المختلفة.

فغالبا ما اتصفت السياسات المتبعة منذ انطلاق ثورة 1979 وحتى يومنا هذا في ايران، بإزدواجية محبطة والتفاف مستمر على الارادات الشعبية في الكثير من الشؤون المهمة والاساسية، واختزل صناعة القرار ورسم السياسات العليا للدولة في رموز وشخصيات محدودة، دون الأخذ بنظر الاعتبار رغبة اغلبية افراد الشعب أو حتى الاستئناس بآرائهم.

وما يثير الاستياء استحداث الحكومات السابقة اجهزة امنية ومؤسسات تعمل تحت عناوين مختلفة كانت مهامها الترغيب والترهيب وتكميم الافواه بمسوغات غير قانونية، لم تراعي في سياق انتهاكاتها حرمة حقوقية او دينية او انسانية.

اذ استحدث صقور النظام السياسي في ايران تلك المؤسسات بحسب ما ينسجم وشخصية من يخضع لها او يستهدف منها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، انشأت السلطات الايرانية منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي ما يسمى بمحكمة رجال الدين الخاصة، للتعامل الفقهاء ومراجع الدين المعارضين او المناهضين للسياسات الخاطئة المتبعة هناك، سيما بعد ظهور معارضة عدد من كبار رجال الدين لنهج الحكم.

وتتصف هذه المحكمة بالشدة واحكامها غير قابلة للنقض، وفي مقدمة ما تصدره من احكام هي (نزع اللباس) اي تجريد رجل الدين من ملابسه الدينية ومنعه من اي نشاط سياسي ديني.

واستهدف الكثير من المراجع وابناءهم فضلا عن بعض السياسيين من رجال الدين ممن تتقاطع رؤاهم مع السياسات او الشؤون الاجتماعية من خلال تلك المحكمة سيئة الصيت، بعد تلفيق تهم اعدت سلفا لترهيب او اعتقال المعارضين.

ولبعض رجال في ايران تأثير كبير في المشهد الاجتماعي مما يجعل منهم مكمن خطر دائم لبعض اقطاب السلطة المخضرمين، خصوصا بعد تنامي الرغبة الجامحة لدى اغلبية الشعوب الايرانية في التغيير والانفتاح وتحسين الاوضاع المعيشية المتردية بسبب العقوبات الغربية المفروضة على ايران.

فيما بات اكثر ما يثير الجدل والسخرية في الوقت ذاته، ان السلطة الايرانية اصبحت تضيق على بعض الممارسات الدينية التي تربعت بفضلها على السلطة، في مؤشر خطير سبق وان مارسته الانظمة الاستبدادية في المنطقة لكبت اي بروز لتجمعات معارضة.

فقد اصدر السلطات الايرانية قرارات تحظر جوانب كبيرة من الشعائر الحسينية، واعتقلت الكثير ممن يشاركون في احيائها، او من يمول ويدعم اقامتها، مما اثار الاستياء لدى شرائح واسعة في ايران، خصوصا ان تلك الشعائر خطوط حمراء لدى معظم مراجع الدين والمسلمين الشيعة من جانب، ومن جانب آخر يعد انتهاك صارخا لحرية التعبير الديني وحق الاعتقاد وممارسة الطقوس الدينية.

وعودة على ذي بدأ، يقف الرئيس الايراني حسن روحاني في هذه المرحلة على مفترق طرق مصيري، اهونهما شاق ومكلف، فهل سيكون قادرا على صناعة التغيير ويلبي ارادة ناخبيه كما وعد، ام سيكون انتخابه تحصيل حاصل يراد منه تلميع النظام السياسي فقط؟... هذا ما ستكشفه تقادم الايام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12/تشرين الثاني/2013 - 8/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م