سوق الحمير

علي فاهم

 

في برنامج وثائقي حول شخصية عراقية معروفة من على احدى القنوات ظهر أحد (الاساتذة) الجامعيين الذي كان يدرسنا في الكلية ابان حكم الطاغية، تذكرت هذا الشخص الذي كان محل سخرية الطلاب والاساتذة لأنه لم يكن يجيد من العلم سوى ما يخص آراء حزب البعث المقبور، فكان استاذا جامعياً في التملق والنفاق وتمجيد القتلة فكان عبارة عن نسخة نمطية من البعثي الوصولي الذي وصل لمنزلة التدريسي في الجامعة فقط لأنه بعثي يوالي الحزب الحاكم ويرتدي الزيتوني في مناسباتهم ويتغنى بحروبهم الفاشلة.

 لم يكن يحترمه أحد ولكن كان يخاف منه الاساتذة والطلبة لان تقرير منه قد يؤدي بحياة عشيرة كاملة فكنا نمقته ونمقت درسه وقد فضلت الرسوب في مادته على ان أشترك في مسرحية التملق وألبس دور النفاق في ترديد شعارات خاوية أو أناديه بلقب لا يستحقه، لان لقب (أستاذ) كان مقدس عندنا فهو يرمز الى العلم والرفعة والابوة ولا يمكن ان نهينه فنلقيه على أعتاب من لا يستحقون أن يكونوا مجرد طلبة ودفعنا ضريبة المبدئية.

 ولكن هذه الحالة تتكرر اليوم بشكل يجتره بعض الاشخاص الذين ارتقوا بعض ابواب السلطات الطارئة بفعل الصدفة لا بالجدارة او الاستحقاق فمازال ذلك البعثي ومن على شاكلته يلقب بالأستاذ رغم كل شيء كما سمعت البعض يلقي بهذا اللقب ببذخ كبير على سائق أحد المسؤولين : أستاذ.. استاذ.. استاذ.. استغربت كثيراً وانا اسمع هذا اللقب يضاف لهذا السائق الذي كانت مهمته قبل أعوام سياقة عربة يجرها حمار..

 وعلى ذكر الحمير والسياقة قفزت الى ذهني قصة قرأتها حول علاقة لقب الاستاذ بالحمير.. حيث يحكى عن رجل ملّ من سيارته وعطلاتها والازدحامات والسيطرات وجهاز السونار والبنزين فقرر ان يشتري حماراً يساعده في التغلب على هذه الصعوبات اليومية فذهب الى سوق الحمير الذي كان يحتوي على أشكال وألوان من هذه الحيوانات الصابرة على ضيمها وتوجه الى أحد الباعة وسأله : حجي الله يساعدك بلا زحمة بيش هذا المطي؟ مشيراً الى أحد الحمير الثلاثة التي كان الرجل يعتني بها..

- عمي هذا بمليون دينار..

- شدعوة حجي شنو شمتري؟ هو مطي قابل شنو مميزاته..

- عمي هذا الحمار جبير اختصاص يشيل السمان وأغراضك ويتحمل هواي ولا يتأفف ولا يعترض ولا يناهك..

- أها.. زين عمي هذا الوسطاني بيش؟

- هذا بمليونين..

- ليييش حجي؟؟ شنو مطي كامل المواصفات، شنو مميزاته؟

- عمي هذا رشيق يفوت بالازدحامات ويفتهم الحجي وما ياكل هواي، وصرفياته قليلة وبعده صغير واله شغلات ثانية...

- زين عمي ذاك المطي بيش؟

- هذا بثلاث ملايين.

- لييييييييييش حجي يمعود ما تكلي شنو مميزات هذا المطي؟؟؟؟

- والله عمي هذا ما عنده أي مميزات..

بس ذولة الزمايل يصيحوله.. أستاذ..

ودمتم سالمين.

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/alifahim.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/تشرين الاول/2013 - 23/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م