الأسلحة النووية... تعهدات دولية لا تحد من سباق التسلح

 

شبكة النبأ: قضايا نزع الأسلحة النووية والحد من انتشارها كانت ولاتزال من اكبر التحديات التي تواجه المجتمع الدولي، خصوصا وان هناك تقارير تفيد بعدم التزام بعض الدول العظمى بتعهداتها السابقة المتعلقة بنزع الأسلحة النووية والتخلص منها كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على وجود سباق دولي بهدف بناء وتطوير القدرات النووية الامر الذي قد يسهم بتعطيل او الغاء كل القرارات والتعهدات الدولية السابقة، وفي هذا الشأن فقد ذكر تقرير لاتحاد العلماء المعنيين إن خطة إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما المتعلقة بإنفاق 60 مليار دولار على مدى الأعوام الخمسة والعشرين المقبلة لتحديث ترسانتها النووية غير حكيمة وتنتهك تعهد الحكومة بعدم تطوير أسلحة نووية جديدة.

وقال التقرير الذي أعدته الجماعة المستقلة غير الهادفة للربح في 81 صفحة إن النفقات المخصصة لتحديث الرؤوس الحربية وقدرها 60 مليار دولار ما هي إلا جزء مما تعتزم واشنطن إنفاقه على أسلحتها النووية في العقود القادمة علاوة على المليارات المخصصة لمنشآت التصنيع الجديدة وأنظمة النقل مثل الغواصات.

يأتي هذا الإنفاق رغم تأييد الرئيس الأمريكي باراك أوباما لهدف اخلاء العالم من الأسلحة النووية ومفاوضاته مع روسيا بخصوص معاهدة ستارت الجديدة التي تلزم الخصمين السابقين في الحرب الباردة بتقليص الأسلحة النووية الاستراتيجية إلى 1550 رأسا نوويا لكل منهما بحلول عام 2018.

غير أن أوباما شدد أيضا على أن الولايات المتحدة يجب أن تضمن بقاء أسلحتها المتبقية في حيز التشغيل وهي تحاول التفاوض مع دول أخرى مسلحة نوويا بخصوص تقليص الترسانات النووية. وقال فيليب كويل الباحث في مركز مراقبة الأسلحة وحظر انتشارها والذي شارك في إعداد التقرير خطة الإدارة القومية للأمن النووي تنتهك روح إن لم يكن فحوى تعهد الإدارة بعدم تطوير أسلحة نووية جديدة. فهي تبعث الرسالة الخطأ إلى باقي العالم. وقالت ليزبيث جرونلوند المديرة المشاركة في برنامج الأمن العالمي التابع لاتحاد العلماء المعنيين والتي شاركت في إعداد التقرير إن جهود التحديث التي تبذلها الإدارة القومية للأمن النووي يمكن أن تقوض الثقة في قوة الترسانة وإمكانية الاعتماد عليها.

من جهة اخرى يقول اتحاد العلماء الأمريكيين وهو مؤسسة بحثية خاصة إن الولايات المتحدة تعدل رؤوسها الحربية الحالية بموجب ما تطلق عليه اسم برامج إطالة العمر الافتراضي في حين تزيد روسيا عدد الرؤوس الحربية بكل من صواريخها وتضم الصين صواريخ متنقلة جديدة إلى اسلحتها النووية.

ودفعت تلك الأنشطة انجيلا كين ممثلة الأمم المتحدة العليا لشئون نزع السلاح للتعليق بالقول برامج التحديث القوية للأسلحة النووية تثير تساؤلات مشروعة بشأن ما إذا كانت تلك الخطوات تمضي باتجاه عالم خال تماما من الأسلحة النووية أو بدلا من ذلك إلى عالم مسلح نوويا بشكل دائم. الى جانب ذلك يقول هنري سوكولسكي من مركز ثقافة سياسة عدم انتشار الأسلحة بالولايات المتحدة نظريا بوسع الجميع أن يقول إن العدد المثالي هو صفر لكن عمليا لا أحد مستعد للقيام بهذه المخاطرة.

وتشير التقديرات إلى أن تسع دول حاليا تمتلك أسلحة نووية تشمل الهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية مقارنة مع تنبؤات امريكية في اوائل الستينات بأن نادي الأسلحة النووية يمكن أن يزيد إلى 25 دولة خلال بضعة عقود. والدول الأربعة الأخيرة ليست اعضاء في معاهدة حظر الانتشار النووي التي تضم 189 دولة. ويعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل هي القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط وهو ما يثير إدانات متكررة لها من إيران والعرب.

ويقول محللون إنه كلما طال تمسك الدول المسلحة نوويا بترساناتها زاد احتمال إغراء دول أخرى ببحث إمكانية تطوير مثل هذه الأسلحة. وحذر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية من أن سباق التسلح في جنوب آسيا وتطوير باكستان لأسلحة ذرية تكتيكية "لساحة المعركة" يزيد خطر تحول أي صراع إلى حرب نووية.

ويقول اتحاد العلماء الأمريكيين إن الرؤوس الحربية الروسية والأمريكية تشكل اكثر من 90 في المئة من المخزون الاجمالي العالمي في حين تملك كل من بريطانيا وفرنسا والصين ما يتراوح بين 200 و300 رأس والهند 110 رؤوس وباكستان 120 وإسرائيل 80 رأسا. ويقول اتحاد العلماء الأمريكيين ومعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام إن العدد الإجمالي للرؤوس الحربية المنتشرة المحملة على صواريخ أو الموجودة في قواعد مع قوات عاملة تصل إلى نحو 4400 رأس الغالبية العظمى منها أمريكية وروسية.

على صعيد متصل نجحت الهند للمرة الثانية في اطلاق صاروخ قادر على حمل مواد نووية يمكنه ان يصل الى بكين واغلب مناطق اوروبا الامر الذي يقربها من انتاج سلاح يستهدف الردع النووي. وقال رافي كومار جوبتا المتحدث باسم منظمة الابحاث والتطوير الدفاعي الاختبار كان ناجحا. أضاف هدفا في المسار المحدد سلفا. لقد اوفى بكل مطالب المهمة. وأظهر تسجيل مصور وزعته المنظمة صاروخ اجني-5 وهو يطلق من غابة مقطوعة الأشجار على جزيرة واقعة قبالة ولاية اوديشا على الساحل الشرقي للهند.

وتحاول الهند مواكبة القوة العسكرية المتنامية للصين وتريد ان يكون لديها رادع قوي ضد جارتها الأكبر التي تمتلك اسلحة نووية. وتوصف علاقات البلدين بانها طيبة عادة لكنهما خاضتا حربا وجيزة في جبال الهيمالايا عام 1962 . وأجني-5 هو أكثر الطرز تطورا من سلسلة الصواريخ اجني (النار) محلية الصنع والتي تعد جزءا من برنامج بدأ في الستينات.

ويمكن ان تصل الطرز السابقة الى باكستان الخصم القديم وغرب الصين. وقال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ان باكستان المسلحة نوويا تزيد ترسانتها من الرؤوس الحربية النووية وتطور اسلحة قصيرة المدى وأسلحة نووية تكتيكية مما يزيد القلق بشأن تصاعد سباق التسلح في جنوب آسيا. بحسب رويترز.

وقال مركز الابحاث في تقرير ان السباق مع باكستان يزيد من خطر تبادل الهجمات النووية خلال صراع تقليدي ربما يطلق شرارته عمل ارهابي. وجرى اختبار الصاروخ اجني-5 للمرة الأولى في ابريل نيسان 2012. وهو في الغالب مصنوع محليا ويبلغ مداه خمسة الاف كيلومتر.

الطاقة النووية

من جانب اخر استغلت الصين والهند ودول اسيوية أخرى اجتماعا للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة لإبداء عزمها على توسيع استخدامها للطاقة الذرية. ووضحت الصين الخطوط العريضة لخططها لبناء المزيد من منشآت الطاقة النووية رغم مخاوف عالمية تتعلق بالأمان بعد كارثة فوكوشيما في اليابان. وقال ما شين غروي رئيس هيئة الطاقة الذرية الصينية لم تتردد الحكومة الصينية قط في تصميمها على دعم تطوير الطاقة النووية.

وقال ما في المؤتمر إن بكين تملك 28 منشأة للطاقة نووية تحت الإنشاء بجانب 17 منشأة تعمل بالفعل في الصين وهذا هو أكبر عدد في العالم. وخفضت الوكالة من توقعاتها لنمو الطاقة النووية على المدى البعيد للعام الثالث على التولي لأسباب من بينها حالة من التردد بعد أزمة اليابان. لكن الوكالة قالت إن الطاقة النووية قد تصل إلى قرابة ضعف طاقتها الانتاجية بحلول عام 2030 بسبب النمو في اسيا. بحسب رويترز.

وقال سانك موك لي رئيس وفد كوريا الجنوبية إن بلاده مستمرة في جهود توسيع برنامجها للطاقة النووية وتملك حاليا 23 محطة وتعتزم بناء 11 مفاعلا جديدا بحلول عام 2024. وقال راتان كومار سينها رئيس لجنة الطاقة الذرية الهندية إن بناء بلاده لاربعة مفاعلات للماء الثقيل يجري كما هو مقرر وأضاف أن الهند تهدف إلى بناء 16 مفاعلا آخر.

الى جانب ذلك قالت السلطات إن كوريا الجنوبية وجهت اتهامات بالفساد ضد 100 شخصية من بينهم مسؤول حكومي كبير سابق في فضيحة تتعلق بشهادات سلامة مزورة لقطع غيار لمفاعلات نووية. وشهدت كوريا الجنوبية رابع أكبر قوة اقتصادية في آسيا سلسلة إغلاقات لمنشآتها النووية بسبب وثائق مزورة يعود تاريخها إلى أواخر عام 2012. ولا تزال ستة مفاعلات من بين 23 مفاعلا في البلاد معطلة من بينها ثلاثة مفاعلات أوقفت في مايو أيار لاستبدال كابلات صدرت لها شهادات مزورة.

وقال كيم دونج يون وهو منسق كبير لسياسات الحكومة في بيان صحفي نأمل القضاء على ما يسمى بسلوك المافيا في القطاع النووي إذا استمرت التحقيقات وتطبيق القانون بصرامة وإذا استمر إصلاح النظام. ومن بين الذين وجهت لهم اتهامات أحد نواب رئيس شركة الكهرباء الكورية ورئيس تنفيذي سابق في شركة الطاقة المائية والنووية الكورية ويواجهان اتهامات بتقاضي رشا. وألقي القبض على الاثنين عندما تكشفت الفضيحة. وتعرضت السرية الشديدة التي تحيط بالقطاع النووي في كوريا الجنوبية لانتقادات باعتبارها المسؤولة عن ثقافة السرية التي أدت إلى الممارسات الفاسدة بين المسؤولين المعنيين بإصدار شهادات السلامة.

روسيا تحذر

في السياق ذاته قالت روسيا إن توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا قد يكون له وقع الكارثة إذا أصاب صاروخ مفاعلا نوويا صغيرا قرب دمشق يحتوي على يورانيوم مشع. ودعت وزارة الخارجية الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى تقييم المخاطر على وجه السرعة.

وقالت الوزارة في بيان إذا أصاب رأس حربي بقصد أو دون قصد مفاعل النيوترون الصغير قرب دمشق فقد تكون النتيجة كارثة. وأضافت أن المناطق القريبة قد تتعرض للتلوث باليورانيوم العالي التخصيب وسيكون من المستحيل تحديد مصير المواد النووية بعد مثل هذه الضربة مشيرة إلى أن هذه المواد قد تسقط في أيدي من قد يستخدمونها كسلاح.

وحثت روسيا أمانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على التجاوب بسرعة وأن تقدم لأعضائها تحليلا للمخاطر المرتبطة باحتمال توجيه ضربات أمريكية لمفاعل النيوترون الصغير ومنشآت أخرى في سوريا. وموسكو أقوى حليف للرئيس السوري بشار الأسد وحالت دون صدور قرارات أكثر صرامة ضده من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتحذر من ان هجوما عسكريا غربيا على سوريا سيزيد التوترات ويقوض الجهود الرامية لإنهاء الحرب الأهلية هناك.

وقال متحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية أحيطت الوكالة علما بالبيان لكنها لم تتلق طلبا رسميا من روسيا. وأضاف سنبحث الأسئلة المطروحة إذا تلقينا طلبا كهذا. وكانت الوكالة قالت في تقرير للدول الأعضاء إن سوريا أعلنت أنه توجد كمية صغيرة من المواد النووية في مفاعل النيوترون الصغير وهو نوع من مفاعلات الأبحاث يعمل غالبا باليورانيوم عالي التخصيب.

وقال الخبير النووي مارك هيبز من معهد أبحاث كارنيجي إن المفاعل صغير للغاية ولا يوجد الكثير من المواد النووية هناك. لكنه قال إن من المحتمل أن يشكل خطرا إشعاعيا كبيرا على المستوى المحلي لو كانت هناك مواد نووية مشعة في المفاعل وجرى تدميره في هجوم مسلح. بحسب رويترز.

وقال أولي هاينونن وهو مفتش كبير سابق في الوكالة الذرية إنه عادة ما يحتوي قلب مثل هذا النوع من المفاعلات على كيلوجرام من اليورانيوم عالي التخصيب وهو ما يقل كثيرا عن الكمية اللازمة لتصنيع قنبلة نووية وهي 25 كيلوجراما على الأقل. وقال إن أي تلوث إشعاعي سيكون مشكلة محلية. وقصفت إسرائيل في عام 2007 موقعا في الصحراء السورية وقالت تقارير مخابرات أمريكية إنه كان مفاعلا نوويا من كوريا الشمالية وكان يجري تجهيزه لإنتاج بلوتونيوم للأسلحة النووية. وقالت سوريا إن الموقع كان منشأة عسكرية عادية في دير الزور.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26/تشرين الاول/2013 - 21/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م