إشلونك حجي

هادي جلو مرعي

 

وصلت أول طائرة عراقية نهاية اليوم الرابع من عيد الأضحى الى مطار العاصمة بغداد، وكان على متنها 400 حاج أغلبهم وزراء ومسؤولون ونواب برلمان وموظفون كبار في مؤسسات الدولة...

فرض الله الحج على الناس ولم يلزمهم به إلا مع الإمكان، ولم يأمر بالحج إلا لمن إستطاع إليه سبيلا. بينما عرض على الفقراء صفقة توفر لهم ضمانات كاملة في أن يطمئنوا الى نهاية طيبة وشعور بالحصول على مكاسب دنيوية وأخروية في حال لم يقدروا على تكاليف الحج، وفي حديث نبوي شريف ( عليكم بحج الفقراء) وفي الرد على سؤال، ماهو حج الفقراء، جاء الرد، صلاة الجمعة التي هي في المتناول، ويستطيع كل مسلم أن يؤديها دون عناء ويتوجه الى المسجد الذي يريد ويختار بلا تكاليف باهظة ترهق الكاهل وتتعب الروح والجسد.

يتحول الحج الى نوع من التفاخر والتباه، لاحظ إن الذين يتوجهون الى الحج لايذهبون إلا بقافلة، وترفع لهم الأعلام وتتبعهم عدد من السيارات الصغيرة في موكب مهيب، وربما يكون السبب في ذلك إن الحجيج إنما يؤدون فريضة في مكان قصي عن الديار، وليس كمن يؤدي الزكاة، أو الصوم والصلاة، ويتحمل عناء البعد عن الأهل والأحبة لأسابيع.

وقد كان المسلمون في الأزمنة الماضية يحجون مشيا على الأقدام ويستخدمون الدواب، ومنهم من يصل الى أهله بعد سنوات، ومنهم من يموت في الطريق، ومنهم من لايعود أبدا لسبب ولآخر، فلم تكن من قنوات تواصل كالهاتف النقال ولا الطائرات ولا السيارات والسفن والقطارات التي حولت الرحلة التي كانت تقطع في أشهر الى ساعات، ومنهم من لايحتاج إلا لساعتين أو لثلاث ليصل الديار المقدسة، وحين يعود الحج فإنه يزف كعروس حيث يولم له ويدعى الى الوليمة الأهل والأحبة والجيران، ويقوم هو بتوزيع الهدايا التي جاء بها من الديار المقدسة، ومنهم من يأتي بقرب مملوءة بماء من بئر زمزم المقدس.

تطلق كلمة ( حجي ) على من يؤدي الفريضة ويتحول الى شخص موثوق به ومؤتمن لأن غالب المسلمين يرون إن من يذهب الى مكة، ويطوف الكعبة، ويصعد عرفات، ويرجم الشيطان، ويؤدي المناسك كاملة يعود من الذنوب خاليا، ولاتعود عليه من إلتزامات، ثم إنه يكون مختلفا عن هيئته السابقة، ويناديه الجميع ( حجي ) زوجته وأولاده والمقربون منه، حتى إن السياسيين يفضلون الذهاب الى الحج، وكذلك يفعل التجار والمغنون والنصابون وأصحاب الأموال والوظائف الرفيعة، ومنهم من يحصل على فرصته بالواسطة.

روى لي أحد المواطنين العراقيين، إنه كان قدم طلبا لأداء الفريضة ولم يوفق، وبعد أسابيع جاءه رجل ووقف عند باب داره وسأله إن كان بحاجة الى عون، أو مساعدة في شيء، فقال الرجل، أريدك أن تهبني الرضا فقد فعلت شيئا لايرضيك؟ وماهو؟ لقد توسطت للذهاب الى الحج ودفعت المال في ذلك فرفعوا إسمك ووضعوا إسمي بدلا منه... يقول المواطن، لم أتمالك نفسي وأشبعته ضربا وقلت، لن أسامحك ولن أرضى عنك..لايطاع الله من حيث يعصى.. فليس من المعقول أن نقدم الرشا، ونرتكب المحرمات لنرضي الله !!

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/hadijalomarei.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/تشرين الاول/2013 - 16/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م