الجزائر والارهاب... مكتسبات الحرب الناعمة

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: بوتيرة هادئة تعكف السلطات الجزائرية على درء رياح التغيير القسري التي ضربت شقيقاتها من الدول العربية، بعد ان كانت قاب قوسين او ادنى من التأثر بها، والانخراط في اتون انهيار الانظمة المطاحة في تونس او ليبيا او مصر.

كما لم تغفل الجزائر التصدي بحزم أجندات اقليمية مقولبة بالعنف تقف في صدارة تنفيذها الجماعات التكفيرية والجهادية المنتشرة على جانبي الحدود، قاطعة بذلك الطريق على أي محاولة لتعكير الامن السلمي، سيما ان لها تجربة مريرة مع تلك الجماعات وسيناريوها الارهاب الذي تتقنه.

اذ استشعرت الحكومة الجزائرية مع بداية اطلاق يد جماعات العنف المتطرفة في البلدان المحيطة حجم الخطر المحدق، دفعها ذلك الى احباط عمليات الاختراق بشكل احترافي ودقيق. وقرّرت الحكومة الجزائرية تشديد قانون العقوبات المتعلق بمكافحة الإرهاب والوقاية منه، من خلال إدخال إجراءات جديدة. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الحكومية، عن مشروع القانون الجديد المتمم لقانون العقوبات الذي سيعرض على البرلمان، أن مراجعة أحكام قانون العقوبات المتعلقة بمكافحة الإرهاب تندرج ضمن تكييف التشريع الوطني مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قِبل الجزائر، سيّما تلك المتعلقة بقمع تمويل الإرهاب ومكافحته والوقاية منه.

ويقترح مشروع القانون الجديد إتمام قانون العقوبات عن طريق النص على الأفعال الإرهابية الواردة في الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر. ويتعلق الأمر أساساً بتلك الأفعال المتعلقة بالتمويل الإرهابي وتحويل أي وسيلة من وسائل النقل والاعتداءات بالمتفجرات أو المواد النووية.

وطبقا لذلك، فإن مشروع القانون يعتبر "أفعالاً إرهابية"، إضافة إلى تلك التي سبق ذكرها، إتلاف منشآت الملاحة الجوية أو البحرية أو البرية، وتخريب وسائل الاتصال، وأيضاً احتجاز الرهائن.

من ناحية أخرى، ينص مشروع القانون في الجزء الخاص بتجريم التمييز على أنه "يعتبر تمييزاً كل تفرقة أو استثناء أو تقييد على أساس العرق أو اللون أو النسب الأصلي والقومي والديني أو الإعاقة، تسبّبت في تعطيل الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية". ويُعاقب من يُدان بالتمييز بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات، إضافة الى غرامة مالية.

الى ذلك قتل الجيش الجزائري خمسة مسلحين على الحدود الشرقية والجنوبية للبلاد في عمليتين منفصلتين. وذكرت صحيفة (الشروق) الجزائرية أن قوات الجيش التي كثفت عمليات المراقبة والانتشار بالصحراء الجنوبية، سيما الفاصلة بين الجزائر وتونس وليبيا، “تمكنت من رصد تحرك مجموعة إرهابية على متن سيارتين في منطقة قريبة من بلدية البرمة بولاية ورقلة المتاخمة للحدود الجنوبية الشرقية”.

وأوضح المصدر أن قوات “الجيش تعاملت بقوة مع السيارتين، بعد رفضهما أوامر التوقف حيث تم القضاء على ثلاثة إرهابيين، كانوا على متن المركبتين بصدد التنقل من ليبيا نحو الأراضي الجزائرية ثم التونسية”.

وبولاية أدرار في أقصى جنوب البلاد وتحديدا بالمنطقة الحدودية المسماة برج باجي مختار، قتلت قوات الجيش عنصرين من تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” وأوقفت ثالثا، يجري التحقيق معه.

فيما كشف مصدر جزائري أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وافق على مقترح تقدم به رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، لحجب مواقع الجماعات “الجهادية”. بحسب يونايتد برس.

ونقلت صحيفة (البلاد) الجزائرية، عن مصدر جزائري وصفته بالموثوق، قوله إن بوتفليقة وافق على مقترح حجب الحكومة المواقع الإلكترونية والمنتديات الخاصة بالجماعات “الإرهابية” التي تتبنى الفكر المتطرف، منها القاعدة بالمغرب الإسلامي، وتنظيم المرابطون وتنظيمات “إرهابية” أخرى “نتيجة الخطر الكبير الذي أصبحت تشكله هذه المواقع الإلكترونية على الأمن القومي الجزائري”.

وأوضح المصدر أن بوتفليقة أعطى موافقته بالموازاة مع بدء ما سمي بعملية “الفتح المبين” التي تشنها قوات الجيش والدرك والشرطة ضد الجماعات المسلحة ومطاردتها بالجبال، حيث يتطلب ذلك حجب هذه المواقع لما تشكله من مصدر معلومات يتم تبادلها بين التنظيمات “الإرهابية” بما فيها تلك المتمركزة في المناطق الجبلية الوعرة.

وقال إن موافقة بوتفليقة على مقترح رئيس أركان الجيش كان خلال اللقاء الأخير الذي جمعهما، وكان ذلك قبل أن يرقى قايد صالح إلى منصب نائب وزير الدفاع (الذي يشغله بوتفليقة). وأشار إلى أن فريقاً من الخبراء المختصين التابع للمركز الإلكتروني التابع لدائرة الاستعلامات والأمن في وزارة الدفاع كان وراء دراسة المقترح قبل عرضه على بوتفليقة الذي وافق عليه وأمر قايد صالح بمتابعته شخصيا لتسريع عملية الحجب.

وقال المصدر أن الجهات الأمنية المختصة رفعت تقريرا من 14 صفحة مكتوب عليه عاجل ومهم للغاية، أرسل إلى وزارة الداخلية ووزارة البريد وتكنولوجيا المعلومات، تعرب من خلاله عن رغبتها في حجب هذه المواقع المتشددة ومنتدياتها والتي تساعد بشكل جدي وفعال في التواصل بين المجموعات “الإرهابية”، وكذا استقطاب شريحة من المواطنين.

وذكرت الصحيفة أن تقارير وضعها خبراء أمنيون أوضحت أن هذه المنظمات “الإرهابية” تستخدم الآن تكنولوجيا متقدمة للتخطيط وتنفيذ عملياتها، واستدلوا على ذلك بالهجوم الذي وقع في كانون الثاني/يناير الماضي والذي نفذته كتيبة “الموقعون بالدم” التي يتزعمها مختار بلمختار أمير إمارة الصحراء ضد منشأة الغاز بمنطقة عين صالح في أقصى جنوب شرق الجزائر والتي أودت بحياة 37 عاملا أجنبيا وجزائري واحد فضلا عن مقتل 29 مسلحا.

وأشارت التقارير إلى أن التواصل بالإنترنت بين مرتكبي الإعتداء سهل من نجاح العملية. كما أشارت إلى أن هذه المواقع تستعمل للدعاية من خلال عرض أنشطتها المختلفة في وسائل الإعلام، والتي تستقطب الكثير من الناس المعتدلين الذين يقومون بقراءة الأخبار ومشاهدة مقاطع الفيديو من الجماعات المسلحة.

وأكدت التقارير على أن المنظمات “الجهادية” نجحت في تجنيد أعضاء جدد من خلال الإنترنت. ويذكر أن عدد المواقع “الجهادية” في العالم قفز من 12 موقعا عام 1998 إلى 4800 موقع حاليا.

من جهتها رفضت “جبهة الصحوة الحرة الإسلامية” السلفية الجزائرية (قيد التأسيس)، الإتفاقية الأمنية التي وقعتها الجزائر مع إيران في مجال “مكافحة الإرهاب” والجرائم بكل أشكالها. وقال زعيم الجبهة، عبد الفتاح حمداش، في رسالة وجهها إلى رئيس الشرطة الجزائرية اللواء عبد الغني هامل، “إن الإتفاقية الأمنية في التعاون بين الشرطة الجزائرية والأمن الإيراني في مجالات مكافحة الجريمة العابرة للحدود ومكافحة الجرائم المستجدة الجرائم المعلوماتية لا تستقيم دينا ولا عقلا ولا عرفا ولا مذهبا”. ووصف الإتفاقية الأمنية مع إيران “بالخطر على الجزائر دولة وشعبا”.

العمليات الانتحارية

ويحذر مسؤولون جزائريون من وقوع هجمات إرهابية ينفذها انتحاريون من دول الجوار، مثل ليبيا وتونس ومالي تستهدف الأجانب ونقاطا إستراتيجية حساسة شرق البلاد. وأفاد تقرير إخباري بأن ولاة (محافظين) بشرق الجزائر أرسلوا تعليمات صارمة لمختلف الهيئات الأمنية والإدارية، يحذرون من إمكانية وقوع عمليات إرهابية تستهدف مقار ونقاطا إستراتيجية حساسة.

وكشفت صحيفة (الخبر) أن هذه التعليمات أشارت إلى تهديدات إرهابية قد تكون بغرض الاستيلاء على مواد كيماوية تستخدم في الأنشطة العادية في المصانع والشركات العمومية أو الخاصة، كتلك التي تستعمل في الملاعب المعشوشبة طبيعيا مثل مادة “آم بيكا” التي يضعها التقنيون المختصون على مستوى المركبات الرياضية، بغرض إعطاء اللون الأخضر للعشب الطبيعي لميادين كرة القدم، وهي المادة التي تعتبر من بين أهم وأخطر مواد التفجير، التي من شأنها أن تلجأ لها الجماعات الإرهابية لتنفيذ عملياتها.

ونقلت الصحيفة عن مصدر قوله إن ولاية باتنة /430 كم شرق البلاد/ تعد من بين الولايات التي تعرف تهديدا في هذا الجانب، ما جعل السلطات الولائية والأمنية تحذر رؤساء الدوائر والبلدات والمديريات التنفيذية، وتعزز من إجراءاتها الأمنية في مختلف المؤسسات ذات الطابع الإداري والإنتاجي، حيث رفعت درجة الحذر والتأهب في مختلف النقاط الإستراتيجية.

وبحسب المصدر، جرى تكثيف تواجد أفراد الشرطة والدرك في نقاط المراقبة وتشديد الرقابة على المركبات التي تدخل إلى تراب الولاية، والتي تخرج منها أيضا، كما تم تعزيز منظومة حماية الأجانب المشتغلين في مشاريع بولاية باتنة، أو أولئك الذين قدموا لزيارة الولاية التي تزخر بمناطق سياحية مسجلة تراثا عالميا كتيماد وإمدغاسن وغوفي، وهي المناطق الأثرية الأكثر استقطابا للسياح سنويا.

وأشار المصدر إلى أن المصالح الأمنية بعد تسلمها التعليمات، حث الفرق المسؤولة عن حماية الرعايا الأجانب بإلزام هؤلاء بضرورة التقيد بكل الإجراءات المتخذة، مع إمكانية لجوء تلك الفرق إلى تغيير أسلوب التعامل مع الرعايا من خلال منعهم أو توقيفهم في حالة ما لم يستجيبوا لتلك الإجراءات، حفاظا على سلامتهم وتفاديا لأي طارئ قد يحدث.

وأكد أن الجماعات الإرهابية التي يجري البحث عن أفرادها، تخطط لتنفيذ عمليات انتحارية تم تحضيرها لضرب مواقع إستراتيجية وإنتاجية في ولايات الشرق والجنوب الشرقي من البلاد ، لافتا إن الانتحاريين ينحدرون من دول الجوار كليبيا وتونس ومالي.

15 ألف اسلامي تخلوا عن العمل المسلح منذ 1999 في الجزائر

وبلغ عدد الاسلاميين المسلحين الذين تخلوا عن العمل المسلح منذ 1999 في الجزائر 15 الفا سلموا انفسهم للامن للاستفادة من قانوني الوئام والمصالحة الوطنية، بحسب ما افاد الاحد مروان عزي رئيس خلية المساعدة القضائية لتطبيق قانون المصالحة.

واعلن المحامي مروان عزي رئيس الخلية المشكلة من محامين متطوعين في ندوة في ذكرى السنة الثامنة للاستفتاء على قانون السلم والمصالحة الوطنية في 2005″ استفاد حوالي 15 الف ارهابي من قانوني الوئام المدني الصادر في 1999 والمصالحة الوطنية في 2005″.

واوضح ان “6500 ارهابي سلموا انفسهم في اطار قانون الوئام المدني واغلبهم ينتمون للجيش الاسلامي للانقاذ، وما يقارب 8500 استفادوا من اجراءات العفو في قانون السلم والمصالحة الوطنية”.

وكان الجيش الاسلامي للانقاذ الذراع المسلح لحزب الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظور وافق على وضع السلاح مقابل عدم متابعة عناصره.

وكان زير الخارجية الجزائري اعلن في 2011 في الامم المتحدة ان عدد الاسلاميين المسلحين الذين استفادوا من اجراءات العفو بلغ عشرة آلاف، بحسب وكالة الانباء الجزائرية. وفي رده على سؤال حول مصدر هذه الارقام التي يقدمها بصفة دورية رد عزي ان “مصدرها ملفات الشرطة والدرك الوطني”. بحسب فرانس برس.

واصدر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ وصوله الى السلطة في 1999 قانونا للوئام المدني، ب “عدم المتابعة القضائية للمسلحين الذين يسلمون انفسهم”. واعتبر عزي ان هذا القانون تضمن “اجراءات تقنية ولا يخص سوى الجماعات المسلحة”، بينما قانون المصالحة الوطنية الذي صوت لصالحه الشعب في 29 ايلول/ سبتمبر 2005 والذي بدا العمل به في شباط/فبراير 2006 “يشمل الارهابيين في الجبال او في السجون والمفقودين والعمال المسرحين بسبب المأساة الوطنية وكذلك عائلات الارهابيين المقتولين”.

ويستثني قانون المصالحة من العفو “مرتكبي المجازر الجماعية والمتورطين في التفجيرات في الاماكن العمومية ومرتكبي الاغتصاب”، بحسب عزي.

وسمح قانون المصالحة الوطنية، الذي يعده انصار بوتفليقة من اهم انجازاته، من وضع حد لحرب اهلية اسفرت عن مقتل 200 الف قتيل على الاقل بحسب مصادر رسمية. وتراجعت الاعمال المسلحة في الجزائر بصفة واضحة الا ان عناصر من تنطيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي لا زالوا ينشطون خاصة في المناطق المحيطة بالعاصمة الجزائرية وفي الجنوب الصحراوي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/تشرين الاول/2013 - 9/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م