المكافأة الدبلوماسية المتمثلة في غاز غزة الطبيعي

الموجود في عرض البحر

سايمون هندرسون

 

هناك اعتقاد بأن المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين قد وافقوا من حيث المبدأ على خطط لاستغلال حقل غاز يقع على عمق 2000 قدم في المياه قبالة ساحل قطاع غزة. وقد تم اكتشاف الحقل الذي يُعرف باسم "غزة مارين" في عام 2000 ولم يدخل إلى مرحلة الإنتاج بسبب الخلافات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، بالإضافة إلى سيطرة «حماس» على القطاع عام 2007.

ويبدو أن إسرائيل قد وافقت على السماح بتطوير الحقل منذ أكثر من عام. ووفقاً لصحيفة الـ"فاينانشال تايمز" في عددها الصادر في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر، إن التقدم الأخير تجاه انفراجة ينبع أيضاً من جهود دبلوماسية ترمي إلى تعزيز الاقتصاد الفلسطيني. وقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن مثل هذه الجهود في أيار/مايو، وذلك بدعم من رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، الذي يمثل الآن اللجنة الرباعية الدولية حول الشرق الأوسط (أي، الأمين العام للأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا).

وتوفر إسرائيل حالياً 95 في المائة من كهرباء الضفة الغربية، بينما تزود الأردن النسبة الباقية. وقد اقترح البعض استخدام الغاز البحري لتوليد الكهرباء في محطات الطاقة الجديدة في الضفة الغربية مع استبدال المحطة العاملة بزيت الوقود في غزة. ومن شأن رسوم الامتياز والعائدات أن تدعم ميزانية السلطة الفلسطينية وتقلل من الحاجة إلى المساعدات الأجنبية.

وعلى الرغم من موقع الحقل إلا أنه يخص السلطة الفلسطينية وليس نظام «حماس» في غزة. وقد اكتشفته الشركة البريطانية "BG" (سابقاً "بريتيش غاز")، التي لا تزال حاملة لترخيص العمل في الحقل. وبسعيها الحصول على حصة أكبر من الإيرادات، تتفاوض السلطة الفلسطينية في الوقت الحالي على اتفاق امتياز معدّل مع "BG" ومستثمر آخر هو "شركة كونسوليديت كونتراكتورز"، وهي مجموعة هندسية مملوكة لفلسطينيين وكائنة في اليونان. إن رضوخ إسرائيل هنا مطلوب لأسباب أمنية، حيث إن الغاز يقع في منطقة تجوبها دوريات البحرية الإسرائيلية. ورغم ذلك تنازل رئيس الوزراء السابق إيهود باراك عن ملكية الحقل لصالح الفلسطينيين في عام 2001 كبادرة حسن نية، وعدلت إسرائيل الحدود البحرية الافتراضية في المنطقة بحيث يقع حقل "غزة مارين" بالكامل داخل المياه الفلسطينية بدلاً من عبوره "المنطقة الاقتصادية الحصرية" لإسرائيل.

ويبلغ احتياطي الحقل تريليون قدم مكعب، وبذلك فإن حجمه مفيداً للاقتصاد الفلسطيني على الرغم من كونه ضئيلاً جداً قياساً مع الاكتشافات البحرية الإسرائيلية الأخيرة الخاصة بها (حقل "تامار"، الذي يقع على بعد حوالي خمسين ميلاً من حيفا غرباً، يحتوي على كمية غاز هي عشرة أضعاف ما يحتويه الحقل الفلسطيني وقد بدأ إنتاجه في آذار/مارس، في حين أن حقل "لفياثان" القريب هو أكبر من "تامار" وحجمه 19 تريليون قدم مكعب). وسوف تستمر احتياطيات "غزة مارين" على الأرجح لمدة 10-12 عاماً، لكن إدخاله حيز الإنتاج ينبغي أن يشجع بدء عمليات تنقيب جديدة عن حقول إضافية.

ومن بين العقبات التي ربما لا يزال يتعين التغلب عليها هي معارضة «حماس». ففي أعقاب الإطاحة بحكومة «الإخوان المسلمين» في مصر، فقدت «حماس» الدعم التي كانت تحصل عليه من القاهرة، ويبدو أن عزلة الحركة قد زادت من التفاؤل بشأن مشروع الغاز. ورغم ذلك، فإن المشروع سوف يلزم الحصول على دعم شعبي واسع من الفلسطينيين لأن الطريق الأكثر فائدة من الناحية التجارية يتطلب التعاون الجوهري مع الإسرائيليين؛ ويشمل ذلك السماح لهم بشراء بعض من ذلك الغاز. إن الطريقة الأكثر وضوحاً لجلب الغاز إلى البر هو من خلال ربط الحقل بهيكل خط الأنابيب المجاور في قاع البحر الخاص بإسرائيل، والمرتبط بمحطة لمعالجة الغاز خارج أشدود. ومن هناك يمكن نقل الغاز بسهولة - وبثمن بخس - بواسطة الأنابيب إلى الضفة الغربية. وذكرت الـ "فاينانشال تايمز" أن المشروع سيحتاج إلى استثمار رأسمال قدره مليار دولار، ويمكن أن يبدأ إنتاجه بحلول عام 2017.

إن تطوير "غزة مارين" يمكن أن يعود بالفائدة للضفة الغربية وغزة وإسرائيل، بما يعزز الاحتمالات الاقتصادية للفلسطينيين ويدعم حق الشعور بتقرير المصير. لكن في منطقة تشتهر بالنتائج الصفرية، فإن إحراز المزيد من التقدم يرجح أن يتطلب الكثير من الجهود الدبلوماسية.

* سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن

http://www.washingtoninstitute.org

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/تشرين الاول/2013 - 9/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م