أَمْرِيْكا وإِيْرَان.... صِرَاعٌ مِنْ أَجْلِ البَقَاء

(الحَلَقَةُ الثَانِيَةُ)

مُحمّد جَواد سُنبه

 

فِي الحَلَقَةِ الأُوْلَى مِنْ هَذا المقَالِ، استَخلَصتُ أَربَعَ نُقَاطٍ جَوّهريَّةٍ، مِنْ نَصِّ خِطَابِ الرَّئيْسِ أَوْبَامَا، الّذي أَلقاهُ أَمَامَ الجَمعيَّةِ العَامَّةِ للأُمَمِ المُتَّحِدَةِ، بتاريخِ، 24 أيلول 2013. وفِي هَذهِ الحَلَقَةِ، سَأُكْمِلُ مُنَاقَشَةَ النُّقْطَةِ الخَامِسَةِ والأَخيرةِ، مِنْ خِطَابِ الرَّئيْسِ أَوْبَامَا. كَمَا سَأُواصِلُ فِي هَذِهِ الحَلَقَةِ، تَفْكِيْكَ المَقَاصِدِ والأَهْدَافِ، الّتي تَسْعَى الولايَاتُ المُتَّحِدَةُ الأَمْريكِيَّةُ، تَحقِيْقَهَا فِي مَنطِقَتِنَا. وبِمُقارَنَتِها مَعَ مَا تَسْعَى إِليّهِ، إِيْرَانُ ورُوْسْيَا وحَليفَاتُهُمَا، لِنَصِلَ عَن طَريقِها إِلى التَوقُعَاتِ الّتي، ستُشَكِّلُ المَنْظوْمَةَ الدُّوليَّةَ الجَديدَة. وكيّْفَ سَيكونُ مَوقِعُ مَنطِقَتَنا العَربيَّةِ مِن تلكَ المَنْظومَة؟.

 5. إِحسَاسُ الإِدَارَةِ الأَمْريْكِيَّةِ بأَخْطَائِها السِّيَاسِيَّةِ، مَعَ بَعضِ دُوَلِ العَالَم.

 قَالَ الرَئيْسُ أَوْبَامَا:

(الولايات المتحدة تعلمت درساً شاقاً من التواضع حينما يتعلق الأمر بقدرتنا على تقرير الأحداث داخل دول أخرى. قد تكون فكرة الإمبراطورية الأميركية دعاية مفيدة، ولكنها دعاية لا تثبت صحتها السياسة الأميركية الراهنة ولا الرأي العام..... إنما الخطر على العالم هو أن تبتعد الولايات المتحدة بعد عقد من الحروب وانشغالها عن حق بقضاياها الداخلية، مع إدراكها للعداوة التي ولّدها دورنا في المنطقة في مختلف أرجاء العالم الإسلامي...... وإذا كنا لا نريد أن نختار بين الجمود والحرب، فعلينا جميعنا، أن نتقن سياسة منع انهيار النظام الأساسي). (إِنَّ الرَّئيْسَ أَوْبَامَا، يَقصِدُ بِذلكَ نِظامَ تَوازُنِ القِوَى فِي العَالَم / تَوضيحٌ مِنْ كاتِبِ المَقَال).(انتهى).

إِنَّ مَصْلَحَةَ إِيْرَانُ تَقْتَضِي، أَنْ تَتَحالَفَ مَعَ الجَّانِبِ الرُوْسِيّ، مُطَبِّقَةً مَا ذُكِرَ فِي كِتَابٍ قَديمٍ اسْمُهُ: (الاستراتِيْجيّاتُ الصينيَّةُ السَّتِ والثَلاثِيْن)، والّذي جَاءَ فِيْه: (عندما تعوزكَ وسيلةَ هجومٍ مُباشِرةٍ عَلى العَدُوِّ، هَاجمْهُ مُستَخدِماً قُوَّةَ الغَيْر). هَذا المبدَأُ الّذي لا يتجَاوَزْ طُوْلَهُ السَطرِ الواحِدِ، حَدَّدَ عنَاصِرَ التَّوازُنِ فِي المَنطِقَة. وهَذا مَا عَمِلَتْ بِه إِيْرَانُ بالضَّبْطِ، عندَما تَحالَفَتْ معَ رُوسْيّا ومُحوَرِهَا، لِضَمانِ مَصَالِحِها في الدَّاخِلِ والخَارِج.

 لَقَدّْ خَاضَتْ إِيْرَانُ، صِراعاً مَريْراً مَعَ الوِلايَاتِ المُتَّحِدَةِ. مَارَسَتْ فِيْهِ أَمْريْكا شَتّْى أَنوَاعِ الضَّغطِ، مِنْ أَجْلِ وَضْعِ العَراقِيْلِ أَمَامَ إِيْرَانَ، لِمنْعِها مِنْ تَبَوُّءِ أَيَّةِ مَكانَةٍ دُوَلِيَّةٍ، تَجعَلُها أَنْ تَكونَ، بِمَوّْقِعِ المُتحَدّْي للسِّياسَةِ الأَمْريْكيَّةِ. وإِنَّ المَجْمُوعَةَ الأُوْربيَّةَ، كانَتْ تُسَايرُ تَوجُّهاتِ الإِدَارَةِ الأَمْريْكيَّة. فَخَسِرَتْ هَذِهِ المَجْمُوعَةُ عِلاقَاتِها مَعَ إِيْرَانَ، وتَحَمَّلَتْ جَرَّاءَ ذلِكَ، خَسَائِرَ اقتِصاديَّةٍ كبيرَةٍ، بِسَبَبِ حِرمَانِ شَرِكاتِها مِنَ التَّعاونِ معَ إِيْرَانَ، تَطْبِيْقَاً لبِنُوْدِ المُقَاطَعَةِ الاقتِصَاديَّةِ مَعَ إِيْرَانَ.

لَكِنَّ إِيْرَانَ كيَّفَتْ كُلَّ أَوْضَاعِها، الاجتِماعِيَّةِ والاقتِصاديَّةِ، والثَّقافِيَّةِ والتَربَويَّةِ، والاعلامِيَّةِ والعَسكَريَّةِ، لتكُونَ قَادِرَةً عَلى فَرضِ وجُودِها، كقُوَّةٍ لَها وَزنِها فِي المَنطِقَةِ. كمَا لا يُمكِنْ إِغْفَالُ تَطوُّرَهَا المُتواصِلَ، فِي جَوانِبِ تَكنُولُوجْيَا الأَسْلِحَةِ، بِاخْتِلافِ أَنوَاعِهَا، عَنْ طَريْقِ الاعتِمَادِ، عَلى قُدُرَاتِها الذَّاتِيَّةِ، إِضَافَةً إِلى دَعمِ حُلفَائِها لَها. وعِنْدَ انْعِقَادِ اجْتِمَاعَاتِ الجَمْعِيَّةِ العَامَّةِ للأُمَمِ المُتَّحِدَةِ، فِي دَوْرَتِها الثَّامِنَةِ والسِتّينَ، فِي 24 أيلول 2013. سَنَحَتْ فُرصَةٌ ذَهبيَّةٌ أَمامَ إِيْرَانَ، اسْتَطاعَتْ أَنْ تَسْتَثْمِرَ فِيها، كُلَّ مُعانَاةِ العُقُودِ الثَّلاثَةِ المَاضِيَةِ؛ وهذهِ الفُرصَةُ تَزامَنَتْ مَعَ ظَرفَيْنِ خَاصَّيْنِ هُمَا:

الأَوَّلُ: صُعُودُ الدِّكتورِ (حَسَنِ رَوحاني)، كرئيْسٍ جَديْدٍ لإِيْرَان. الّذِي اسْتَلَمَ مَهَامَّ المَسْؤولِيَّةِ فِي بدايَةِ آبٍ 2013، خَلَفَاً للرَّئيْسِ السَابِقِ (محمود أَحمدي نَجاد)، وقَدّْ عُرِفَ الرَّئيْسُ (نَجاد)، بعلاقَتِهِ المُتشَدِّدَةِ، مَعَ السِّياسَةِ الأَمْريْكيَّة. هَذا التَّغييرُ فِي الرِّئَاسَةِ الإِيرانِيَّةِ، قَدَّمَ الرَّئيْسَ (حَسَنَ رَوحاني)، الّذي يُجيْدُ بِحذَاقَةٍ، فّنَّ استِخدَامِ الدُّبْلُومَاسِيَّةِ النَّاعِمَةِ، كَمُتَفَاهِمٍ مُتَفَائِلٍ، يَسْتَطيْعُ التَّحَاورَ مَعَ أَمْريْكا، وَجْهَاً لِوَجْهٍ، لِتَذلِيْلِ عَقَبَاتٍ كَبيْرَةٍ، بَيّْنَ الطَّرَفَيّْنِ، تَقِفُ عَائِقاً يَحُوْلُ دُوْنَ التَّوَصُّلِ إِلى حِلُولٍ جَذْرِيَّةٍ لِمَشَاكِلَ الطَّرَفَيّْن.

أَمّا الظَّرفُ الثَّانِي؛ فَإِنَّ رُوْسْيَا بِقيَادَةِ الرَّئْيسِ (فلاديمير بوتين)، أَخَذَتْ تَفرِضُ وجُودَهَا بِقُوَّةٍ، عَلى السَّاحَةِ السِّياسِيَّةِ الشَرقِ أَوْسَطيَّة. والسَّبَبُ الّذي يَقِفُ وَراءَ ذلكَ، وجُوْدُ مَشاكِلَ كَبيرَةٍ، يُعانِي مِنْها الاقْتِصَادُ الأَمريكِيُّ، مِمَّا أدّْى إِلى انكِمَاشِ دَوْرِها السِّياسِيّ جُزئِيّاً. ولا غَرابَةَ أَنْ تُعلِنْ أَمْريْكا، فِي يَوّْمِ 1/10/2013، عَنْ إِيقَافِ (800)، أَلفَ مُوَظَّفٍ أَمريكيٍّ (غَيّرِ فدراليّ) عَنْ العَمَلِ، وإِعطَائِهِمْ إِجازَةٍ إِجبَاريَّةٍ، لأَجَلٍ غَيْرِ مُسَمَّى، لِعَدَمِ امكانِيَّةِ دَفْعِ رَواتِبِهِمْ. كَمَا أَنَّ الرَّئيْسَ أَوْبَامَا أَلغَى زِيَارَتَهُ إِلى أَندُونيْسيَا، لِحُضُوْرِ قِمَّةِ مَجمُوعَةِ (آسيان)، الّتي انْعَقَدَتْ فِي يَوّْمِ 6/10/2013، بِسَبَبِ المَشَاكِلِ المَّالِيَّة.

كمَا أَنَّ رُوْسْيَا تَسَيَّدَتْ المَوْقِفَ السِّيَاسِيّ، فِي حَسْمِ مَوْضُوعِ السِّلاحِ الكيْميَاوِيّ، فِي سُوْرِيَّا، حَيّثُ طُرِحَ هَذا الموْضُوعُ فِي قِمَّةِ دُوَلِ العِشْريْنَ، الّتي اجْتَمَعَتْ فِي مَديْنَةِ (سان بطرس بيرغ) الرُّوْسِيَّةِ، فِي شَهْرِ أَيلولَ 2013. إِضَافَةً لِذلِك، فَقَدّْ أَوْجَدَ خِطَابُ الرَّئيْسِ (رَوحاني)، الذي أَلقَاهُ، أَمَامَ الجَّمعيَّةِ العَامَّةِ للأُمَمِ المُتَّحِدَةِ، حَالَةً مِنَ الارتِيَاحِ عِنّدَ المُجتَمِعِ الدُّوَلي، حيْنَمَا أَكَّدَ، بِأَنَّ إِيْرَانَ لا تَسْعَى للحُصُوْلِ، عَلى أَسْلِحَةِ الدَّمَارِ الشَّامِل. فَقَدّْ جَاءَ فِي خِطَابِ الرَّئِيْسِ (رَوحاني) مَا يَلي:

(ان الاسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل الاخرى لا مكان لها في عقيدة الدفاع الايرانية، وتتنافى مع قناعاتنا الدينية والاخلاقية الاساسية. (واضاف): ندافع عن السلام المستند إِلى الديموقراطية وبطاقة الاقتراع في كل انحاء العالم، بما في ذلك في سوريا والبحرين وفي دول اخرى بالمنطقة. ليس هناك حلول عنيفة لازمات العالم.).(موقع الـ(بي بي سي))

إِنَّ تَحَوُّلَ المواقِفِ الدُّوَلِيَّةِ لِصَالِحِ إِيْرَانَ،(كالِّلقَاءِ الّذي جَرى بَيّْنَ الرَئيْسِ الفَرَنْسِيّ (هولاند) والرَئيْسِ (رَوحاني)، ولقاءات مُهمَّةٍ أُخرى، حَصَلَتْ بَيّْنَ الوَفدِ الإِيْرانِيّ ووفُودٍ أُخرى)، لَمْ تَلِدّْهَا مَحضُّ الصِّدَف. وإِنَّمَا رَسَمَتْها سِيَاسَةٌ مُبَرمَجَةٌ، اعتَمَدَتْ عَلى اسْتِراتِيجِيَّةٍ شَامِلَةٍ بَعيدَةِ المَدَى، بَدَأَتْ إِيْرَانُ بِتَطبِيْقِها مُنْذُ عَامِ 1980، والّتي يُمكِنُ إِجْمَالُها بِالنُقَاطِ التَّالِيَة:-

1. تَطبِيْقُ سِيَاسَةِ الاعتِمَادِ عَلى مَبْدَأ الاكتِفَاءِ الذَّاتِي، والتَّوّْظِيْفِ الأَمثَلِ للقُدُراتِ الإِيْرانِيَّةِ المُتَاحَةِ، ومُقَاطَعَةِ المُنْتَجَاتِ الأَجنَبيَّةِ، وبِنَاءِ اقْتِصَادٍ وَطَنيٍّ مُتَكامِلٍ، وبذَلِكَ وَفَّرَتْ إِيْرَانُ، الكَثِيْرَ مِنِ الأَمْوَالِ، وحَمَتْ صِنَاعَاتِها المَحلِّيَةِ، ودفَعَتها نَحوالتَّقَدُّم.

2. اعتَمَدَتْ إِيْرَانُ فِي مُواجَهَتِها مَعَ أَمْريْكا والغَربِ، عَلى تَطّْبِيْقِ قَاعِدَةِ التَّحصِيْنِ النَفْسِيّ. مِنْ خِلالِ إِعدَادِ بَرامِجَ تَربَويَّةٍ وثَقافِيَّةٍ واجتِماعِيَّةٍ هَادِفَةٍ، فَحَمَتْ مُؤَسَّسَاتُ الدَّوْلَةِ المُواطِنَ الإِيْرَانِيّ، مِنْ تَأْثِيراتِ الدِّعَايَةِ والحَربِ النَّفسِيَّةِ، والإِعلامِيَّةِ المُعَادِيَةِ، الموَجَهَةِ ضِدَّ الدَّوْلَةِ، وضِدَّ المواطِنِ أَيْضاً. وللتَاريخِ، فَإِنَّ إِيْرَانَ، أَتْقَنَتْ فَنَّ مُواجَهَةِ الحَربِ النَّفسِيَّةِ، أَكثرَ مِمَّا أَتْقَنَ، الإِتِّحادُ السُّوفْيَيتيّ هذا الفَنَّ، فِي زَمَنِ الحَربِ البَارِدَة.

3. اعتَمَدَتْ إِيْرَانُ اسْتِرَاتيجِيَّةَ، تَنْفِيْذِ بَرنامَجِها النَوَوِيّ، وفَرضِهِ عَلى الدُّوَلِ الكُبْرَى، كأَمْرٍ وَاقِع. لِذَا لَمْ نَجِدْ أيَّ رَئِيْسٍ إِيْرَانِيّ، سَاوَمَ بالتَّنَازُلِ عَنْ حَقِّ إِيْرَانَ، بِامْتِلاكِ التَكنُولُوجْيَا النَّوَوِيَّة. بالرَغْمِ مِنْ جَميعِ التَّحَدِيَاتِ، وسِلْسِلَةِ العُقوبَاتِ الّتي فَرَضَتْها أَمْريكا ومُحوَرُها عَلى إِيْرَانَ.

4. ثَبَاتُ عِلاقَاتِ إِيْرَانَ قَائِمَةٌ، دُوْنَ تَذَبْذُبٍ ولِسِنِيْنَ طَوِيلَةٍ، وبِكُلِّ مُسْتَوَياتِها مَعَ حُلَفَائِها، رُوْسْيَا، الصِّيْنَ، كُوْريَا الشَمَاليَّة.

5. هَذَا الاتِّجَاهُ المُتَنَاسِقُ، فِي السَّيَاسَةِ الإِيْرِانِيَّةِ الدَّاخليَّةِ والخَارِجِيَّةِ، كانَ المِفْتَاحَ الّذي فَتَحَتْ به إِيْرَانُ، أَبْوَابَ القَرَارِ السِّياسِيّ الأَمريكِيّ. فَأَصبَحَتْ هِيَ وحليَفَتُها رُوْسْيَا، قَادِرَتَيّْنِ عَلى إِقْنَاعِ أمْريْكا، بَأَهَمِّ قَضِيَتَيّْنِ فِي الشَّرقِ الأَوْسَط.

الأَوْلَـــــــــــــــــى: إِيجَادِ مَخْرَجٍ لقَضِيَّةِ السِّلاحِ الكِيْميَاوِيّ السُوْرِيّ، باسْتِخْدَامِ الدُّبْلومَاسِّيَّةِ المُنَسَّقَةِ لحَلِّ الأَزمَة.

والثَّانِيَةُ: إِيجادِ فُرصَةٍ للحِوارِ المُباشِرِ، مَعَ أَمْريْكا، لمنَاقَشَةِ بَرنَامَجِها النَّوَوِيّ.

6. هَاتَانِ القَضِيَّتَانِ أَربِكَتَا الوَضْعَ السِّيَاسِيّ الإِسْرَائِيليّ، والوضْعَ السِّياسِيّ الخَليجِيّ أَيْضَاً. وَحَسَّتْ إِسْرائِيْلُ، بِأَنَّ شَيْئَاً غَيّرُ مُتَوقَّعٍ سَيَحصَلُ فِي المَنْطِقَةِ. فَهَرَعَ (نتنياهو) مُوَلِّيَاً صَوْبَ الرَّئيْسِ أَوْبَامَا فِي 30/9/2013، لمَعرِفَةِ مُجْرَياتِ الأُمُورِ. لَكِنْ عَلى مَا يَبْدُوْ، أَنَّ (نتنياهو)، لَمْ يَحَصَلْ عَلى إِجَابَاتٍ مُحَدَّدَةٍ، أَومُقْنِعَةٍ مِنَ الرَّئيْسِ أَوْبَامَا.

إِنَّ التَّحليلَ والمقَارنَةَ يَفْرِضانِ التَّسَاؤلاتِ التَّاليَةِ. والإِجَابَةُ عَلَيّها، لَيْسَتْ عَصِيَّةً عَلى المُطَّلِعِ الفَطِنِ، وهِيَ سَتَكُونُ بِمَثَابَةِ النَّافِذَةِ، الّتي سَنَطِلُّ مِنْ خِلالِها، لِلنَظرِ إِلى أَبعَادِ المُسْتَقْبَلِ، الّذي سَتَتَمَخَّضُ عَنْهُ، أَدوَارٌ جَديْدَةٌ لِدُوَلِ مَنطِقَتِنَا. كمَا أَنَّ الإِجَابَةَ عَلى هَذِهِ التَّساؤلاتِ، سَتُقَدِّمُ الكَثيرَ مِنَ التَّوَقُعَاتِ المُقنِعَةِ. وهَذِهِ الأَسئِلَةُ هَيَ:

1. هَلّْ أَصبحَتْ رُوْسْيَا قَابَ قَوْسَيّنِ، مِنْ تَحقِيْقِ حُلُمِها في الوصُولِ، إِلى شَواطِئِ البَحْرِ المُتَوَسْط؟.

2. هَلّْ سَيَصِلُ النِّفْطُ الإِيْرَانِيّ، إِلى المَوانِئِ السُوْرِيَّةِ عِبْرَ الأَراضِي العِراقِيَّة؟.

3. هَلّْ سَتَشْهَدُ أَنْظِمَةُ الخَلِيْجِ، الّتي تَعيْشُ أُسَرُهَا الحَاكِمَةُ، فَترَةَ الحُكْمِ (مَعَ انْتِهاءِ فَترَةِ صَلاحِيَتِها)، رَبيْعَاً خَليْجِيّاً، يَختَلِفُ فِي صُوْرَتِهِ عَنْ الرَّبيْعِ العَرَبِيّ؟.

4. هَلّْ مِنْ ضَرورَاتٍ تَكتِيْكِيَّةٍ، سَتَحدِثُ فِي المَنْطِقَةِ، لِتَكْبَحَ جُمَاحَ السُّلوْكِ التَّطَرُّفِيّ، الّذي غَمَرَ المَنْطِقَةَ، بِسِيُولٍ مِنَ الدِّمَاءِ البَريْئَةِ. والثَابِتُ أَنَّ هَذا التَّطَرُفَ كَانَ بِرعَايَةِ وإِشْرَافِ وتَمْوِيْلِ تِلْكَ الأُسَرِ الحَاكِمَة؟.

5. هَلّْ سَتَتَحَوَّلُ دُوَلُ الخَليْجِ، مِنْ لاعِبٍ مِنَ الدَّرَجَةِ الأُوْلَى فِي المَنْطِقَةِ، إِلى لاعِبٍ مِنَ الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ، (بَعدَ رُوْسْيَا وإِيْرَان)؟.

6. هَلّْ سَتكونُ دُّوَلُ الخَلِيْجِ، مُجَرَّدَ مَجْمُوعَةٍ مِنْ آبَارِ نِفّْطٍ، تَقَعُ تَحتَ استثماراتِ الشرَكاتِ الأَمريكِيَّةِ والأُورُبيَّةِ، وإِنَّها سَتَكونُ وَرَقَةَ ضَغطٍ، بيَدِ أَمْريْكا وحُلَفَائِها، تُسْتَخدَمُ لِتَصْحِيْحِ التَّوَازُنَاتِ الإِقتِصادِيَّةِ الدُّوَلِيَّة؟.

7. هَلّْ تُخَطِّطُ أَمْريكا لِيَكونَ النِّفْطُ الإِيرانِيّ، مُنَافِسَاً قَوِيَّاً لِلنِّفْطِ الخَليْجِيّ، فِي السُّوْقِ العَالمِيَّةِ لِلنِّفْط. وبِذلِكَ سَتُمَارِسُ أَمْريْكا، ضَغْطاً عَلى دُّوَلِ الخَلِيْجِ، لِلحُصُوْلِ عَلى مَا تَحتاجُهُ مِنْ نِّفْطٍ، بسِعرٍ أَدنَى، مُقَابِلَ دَعْمٍ أَمريكِي لِبَقَاءِ تِلكَ الأَنْظِمَةِ فِي الحُكْمِ. الأَمْرُ الّذي سَيُسَاعِدُ أَمْريْكا فِي حَلِّ مَشَاكِلِها الاقْتِصَادِيَّة؟. عِلْماً أَنَّ مُنَظَمَةَ (أُوْبِكْ)، تَشْكوم ِنْ تَجَاوُزِ السَّعودِيَّةِ، لِحِصَّتِها مِنَ الإِنْتَاجِ النِّفْطِيّ، عَمّا هو مُقَرَّرٌ لَها، لِغَرَضِ الحِفَاظِ عَلى السِّعرِ العَالَمِيّ لِلنِّفْط.

8. هَلّْ تُخَطِّطُ أَمْريْكَا لِلبَدْءِ، بِتَطبِيْقِ اتِّفَاقِيَّةِ (أُوْسْلُو)، وتَضْغَطُ عَلى إِسْرائِيْلَ، للإِنْسِحَابِ إِلى حُدُوْدِهَا، الّتي كَانَتْ عَليّها قَبْلَ عَامِ 1967، وإِقَامَةِ دَوْلَتَيّنِ مُتَجَاوِرَتَيّْنِ، يَهُودِيَّةٍ وفِلِسْطِيْنِيَّة. وبِذَلكَ تَتَخَلَّصُ أَمْريْكا، مِنَ الأَعبَاءِ المَالِيَّةِ الّتي تُقَدِّمُها كَمُسَاعَدَاتٍ إِلى إِسْرائِيْلَ، حتّى تُخَفِّفَ مِنْ الأَزْمَةِ المَالِيَّةِ الّتي تَمُرُّ بِها؟.

(صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماري هارف يوم الاربعاء 2 أيلول 2013، من المحتمل أن تؤجل الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية لإسرائيل، وعدد من الدول الأخرى، جراء نقص التمويل في الميزانية، وتعليق عمل حكومة الولايات المتحدة. وتبلغ مساعدات أمريكا لإسرائيل (3.1) مليار دولار في السنة المالية 2014). (موقع/ اذاعة صوت روسيا / باختصار).

الأَشْهُرُ المُقْبِلَةُ، سَتُحَدِّدُ عَمَلِيّاً قِسْمَاً مِنَ الإِجَابَاتِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ كُلُّهَا، وبالتَّأْكِيْدِ سَتَشْهَدُ مَنْطِقَةُ الشَّرقِ الأَوْسَطِ، انْقِلابَاً فِي الكَثيرِ مِنَ المُعَادَلاتِ، وإِعَادَةً جَذْرِيَّةً فِي تَرتِيْبِ الأَوْلَوِيَّاتِ فِيها. وإِنَّ غَدَاً لِنَاظِرِهِ لَقَريْب.

* كاتِبٌ وبَاحِثٌ عِراقِيّ

[email protected]

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/mohamedjoaad.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/تشرين الاول/2013 - 7/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م