مهنة الحلاقة بين ألأمس واليوم

سيف حسين ألأسدي

 

شبكة النبأ: تعتبر مهنة الحلاقة من المهن التي لازالت تحتفظ بمكانتها بين المجتمع على الرغم من التطور العلمي والتكنولوجي الهائل الذي اجتاح اغلب مفاصل الحياة.

إذ بات من الملاحظ كثرة أعداد محال الحلاقة في المنطقة الواحدة وهذا ما يشير إلى الأهمية الكبيرة التي لازالت تحظى بها هذه المهنة بين أفراد المجتمع.

فمهنة الحلاقة لازالت تعتمد على أدواتها الأساسية كالمقص وشفرة الحلاقة بالرغم من شمولها بالتطور من خلال مكائن الحلاقة الكهربائية التي سهلت من مهمة الحلاق كثيرا كما إنها اختصرت الوقت بالنسبة للجميع أكان زبونا أم حلاقا وبالتالي أخذت تتطور هذه المهنة من دون أن تختفي على الكثير من المهن التي كانت في السابق ولكنها اختفت بمرور الزمن وصارت من الماضي. وتعود مهنة الحلاقة في العراق إلى فترات بعيدة، أيام كان الحلاق يمارس مهنته في الهواء الطلق، في وقت كان يحتفظ بأدواته في أوان نحاسية، مرورا بتخصيص محال بدائية للحلاقة، وانتهاء باستخدام أخر القصات والتسريحات وأنواع الشامبوهات ومساحيق التجميل وإخفاء العيوب,في حين شهدت هذه المهنة في الوقت الحالي جملة من التطورات اذ أدخلت عليها بعض الأدوات التي سهلت من عمل الحلاق أكانت المكائن الكهربائية أو مستحضرات تنظيف البشرة التي أخذت تستهوي الزبائن.

ذكريات

أبو صلاح (70)عاما: كنت اعمل في الماضي بمهنة الحلاقة وكان يُطلق على الحلاق سابقا اسم (المزيّن)، وكنت أقضي يومي كله في مزاولة عملي،وكانت في السابق مهنة شاقة جدا وذلك لتنقلي الدائم بين المناطق والمنازل، فليس للحلاق سابقا محلا يقصده الزبائن كما هو حال اليوم. وكانت عندي دراجة هوائية أتجول بها وذلك للقيام بمزاولة هذه المهنة الشاقة,فالحلاقة سابقا كانت إجبارية على الجميع ولاسيما الصغار، حيث كانوا يخضعون لحلاقة الرؤوس أسبوعيا، وكان سعر قص الشعر للصغار نصف ربيه وللكبار ربيه واحدة. وغالبا ما يقوم الحلاق بقص شعر الزبون كاملا ليبدوا بدون شعرا (أقرع)، أما البعض ألأخر فكان يطلب ان اعمل له قصة خاصة.
فكانت عدة الحلاق (المزين) كانت عبارة عن حقيبة بداخلها أداة الحلاقة (الموس) وإناء صغير وطاسة, ومُسِن الموس وبعض قطع القماش وصابون لغسل الرأس به قبل الحلاقة. وكان الحلاق يقوم أحيانا بحلاقة الذقن (اللحية)، وذلك أما أن يزيلها بالكامل أو يقوم بتعديلها. كان بعض الحلاقين يعملون أطباء شعبيين أيضا، حيث ويعالجون بعض، وذلك لخبرتهم في استخدام أداة الحلاقة (الموس).

والطريف في الأمر أن بعض الحلاقين ما إن ينتهي من قص شعر الزبون حتى يبدأ عمله في علاج ما تسبب به من إيذاء رأس الزبون الذي بات ينزف دما جراء استخدام أداة الحلاقة الحادة في الحلاقة، وتلك معاناة للزبون والحلاق على حد سواء.

أبو علي (55) عاما: كان الحلاق في السابق يشكل مصدر رعب عند ألأطفال فكنت عندما أراه اهرب ولا احد يعرف اين اختبأ حتى يذهب فكنت انا وبعض ألأطفال يصل ألأمر بأهلنا بأن يقوموا بضربنا لكي نحلق رؤوسنا ففي السابق كانت تنتشر امراض كثيرة تصيب الرأس بسبب الجهل في ذلك الوقت وقلة النظافة.

اختلاف في الأجور

الحلاق ماجد حسين يعمل في إحدى محال الحلاقة في محافظة كربلاء ,تتفاوت المدة التي يحلق فيها الزبون شعره ما بين مرة واحدة في الشهر أو مرتين، وقد تصل الى أكثر من ذلك في بعض الأحيان. أما حلاقة الذقن (اللحية) فتتم مرة أو مرتين أسبوعيا كمعدل عام ".

وأضاف ,صالونات الحلاقة في وقتنا الحاضر تختلف من منطقة لأخرى من حيث استخدام مكائن الحلاقة المتطورة والأجهزة الحديثة، واستخدام أجود أنواع مستلزمات تنظيف الوجه، وتوفير أجود أنواع صبغ الشعر، بالإضافة إلى قص الشعر وفق آخر الصيحات ".

وعن أجور الحلاقة فأنها تختلف تبعا للخدمة التي يقدمها الحلاق لاسيما في بعض المناطق، فنرى مثلا ان الحلاقة في المناطق الراقية قد تصل الى (20000) دينار وربما أكثر، في حين نراها لا تتجاوز (5000) دينار في المناطق البسيطة والشعبية وربما تصل إلى أقل هذا من السعر.

ويجمع أغلب الزبائن على ان مهنة الحلاقة تعد من المهن التي نادرا ما يطلب فيها الحلاق سعرا معينا لأجور يده، حيث يكتفي الحلاق عند سؤاله من قبل الزبون عن المبلغ الذي يطلبه بالإجابة المعتادة: (بكيفك.. شتنطينه أنعم الله) والمرفقة دائما بكلمة نعيما. حينها يخرج الزبون مبلغا يراه هو مناسبا لأجر الحلاق، وقتها سنرى من ملامح الحلاق ان كان المبلغ كافيا، أم لا !.

حجج ومبررات

المواطن عباس فاضل تحدث عن هذه المهنة من وجهة نضره الشخصية حيث قال " الحلاقون يرون ان مهنتهم لا تخلو من سلبيات عديدة، منها انهم مضطرون للوقوف طيلة فترة حلاقة الزبون التي قد تشمل (حلاقة الرأس، حلاقة اللحية، أخذ الخيط، تنظيف البشرة، السشوار... الخ)، ومنها ان عليهم تحمل أمزجة الزبائن على اختلاف رغباتهم وميولهم وألوانهم ومستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية والطبقية، فضلا عن إن صالونات الحلاقة قد تتحول في بعض الأحيان إلى منتديات لمناقشة المواضيع السياسية والاقتصادية والرياضية الساخنة".

بينما يضيف محمد العامري إن مهنة الحلاقة هي مسؤولية كبيرة فاستخدام الموس والمقص هي أدوات خطرة يصعب على الكثيرين التعامل معها فقبل أيام عندي صديق حلاق قام بدفع مليون دينار(فصل) لشخص تعرضت إذنه لجرح بسيط ,ناهيك عن مزاج الزبون وكأن الحلاق يعمل كخادم عنده.

مسميات كثيرة

أبو صادق صاحب محل حلاقة في شارع الجمهورية في كربلاء تحدث عن أسماء القصات " هناك أسماء مختلفة لقصات وتسريحات الشعر منها: قصة السبايكي والنيكرو والكاريه والمارينز، أما اللحية فقد شملتها أيضا التسميات والموديلات مثل: لحية العكرب واللحية الشيطانية، كما إن السكسوكة لها تسميات أيضا كالسكسوكة الكويتية والإماراتية والمثلثة والعادية، أما الزلف فهو الأخر لحقته هذه التسميات والموديلات منها: الزلف الحاد والمثلث والعكس والبسمار وزلف السيف وغيرها من التسميات التي ما انزل الله بها من سلطان.

أوقات الذروة لدى الحلاقين

أبو عباس (حلاق)،لاشك إن الفترة التي تسبق العيد بيوم أو اثنين تشهد اكتظاظا كبيرا للزبائن الذين يتهافتون على الحلاقين بغية الاستعداد والتزين لهذه المناسبة. وأضاف "في تلك الأيام نمدد وقت الانتهاء من العمل إلى ساعتين أو ثلاث وأحيانا نبقى إلى ما بعد منتصف الليل أي عند إنهاء أخر زبون وذلك حرصا منا على إرضاء الجميع".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 5/تشرين الاول/2013 - 28/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م