عنف عبثي وصمت دولي

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: موجة عنف عبثي تضرب الارض، بهذا الوصف قدم احد المراقبين صورة عما يجري في كوكبنا، الأرض كلها تتحول الى ساحة صراع دموي، العالم محتقن الى درجة الانفجار في أية لحظة، تضارب المصالح القومية بين القوى الدولية الكبرى والصغرى الدائرة في فلكها، يجعل من كوكبنا كرة نار ملتهبة على الدوام، أنهار الدم تجري فيها من دون توقف، عنف عبثي يضرب الجميع، حتى الدول التي تقول انها في منأى عن نار العنف، فإن القادم من الايام والشهور، سيثبت انها ليست بعيدة عن موجات العنف المتتالية.

هناك بؤر عنف عبثية من الممكن أن تثور في أية لحظة، والسبب أن التطرف والرأي الأوحد وحالات القسر والتجبّر، هي التي تقود العالم الآن، فلا مكان كما تثبت الوقائع للحكمة، أو العقل، أو التفكير السوي في ادارة العلاقات الدولية والاقليمية، بل حتى العلاقات على مستوى الجماعات الصغيرة، تمر في حالة من الاحتقان والتصادم المتواصل، تكفي نظرة ثاقبة الى ما يحدث في دول الشرق الاوسط، في الدول العربية مثلا، مصر السودان سوريا العراق تونس، لكي نكتشف جانبا من موجة العنف العبثي التي تتصاعد وتيرتها على نحو يومي.

يقابل هذا العنف العبثي صمت مطبق، وكأن الجميع مقتنعون به او راضخون له!، وكأن الجميع يعانون من شلل الارادة التي يمكنها ان تحد من جموح العنف، وتضع حدا له بارادة دولة او اقليمية او محلية!، الجميع كما تدل الوقائع يترقب من دون ان يتحرك بالضد من موجة العنف، والدليل الأقرب ما يحدث في سوريا، حيث موجات العنف والتطرف والمصالح الدولية التي تغذي هذا العنف بشتى الوسائل، دمرت هذا البلد الجميل، حتى تحول الى خربة، فضلا عن آلاف الضحايا الابرياء.

في العراق ايضا موجة عنف تضربه من اقصاه الى اقصاه، وبطرق عبثية تماما، لا تضع حدودا بين الممنوع والمسموح دوليا او شرعيا او اخلاقيا، فالذي يستهدف الاسواق الشعبية، والابرياء العزل، ماذا يمكن ان تقول عنه، او بأية صفات يمكن ان تصفه، سوى انه فاقد تماما للضمير الانساني، والمشكلة أن هذا العنف العبثي تتم مقابلته بالصمت المطبق، وعدم التحرك السريع القوي الجاد لوضع الخطط، والاجراءات الكفيلة التي تحد من خطره الداهم والقائم على مدار الساعة، ذلك اننا يمكن ان نسمع عن تفجير هنا او هناك في اية لحظة، ليس هناك زمن مستثنى من الارهاب، وليست هناك اماكن مستثناة من الارهاب، كل المناطق لاسيما الاسواق والمتاجر والساحات المكتظة بالناس هي اهداف دائمة للارهاب والعنف العبثي، وعندما تتساءل وتقول، أن المجرمين بكل اصنافهم واشكالهم قد يفكرون في لحظة ما بالكف عن استهداف الضعفاء، والتفريق بين هدف وآخر، والابتعاد عن ارواح الناس الابرياء وممتلكاتهم البسيطة الرخيصة اصلا!!، فإن هذا الامل يبدو كالسراب، لأن (دوامة العنف التي تضرب العراق تخرج عن السيطرة، حسبما قال محللون وأن هناك ما هو اكثر من الإرهاب في اللعبة، من قبيل ان أعمال العنف في قسم كبير منها طائفية، تغذيها عوامل عدة معقدة من بينها الجمود السياسي).

ولكن دائما تجد العنف المطلق العبثي حاضرا في كل لحظة، مستهدفا فقراء الناس والابرياء، كما تشير الاخبار الى ما حدث في احد الاماكن التجارية الكبيرة في نايروبي، عندما استهدف مسلحون الناس العزل المتبضعين في احد المتاجر، وقاموا بقتل ما يقرب من ثمانين شخصا وجرح العشرات وفقدان العشرات!!، فأي عنف هذا؟ ولماذا هذه العبثية وهذا التدمير، نسخة العنف هذه تتكرر في اماكن كثيرة من العالم وسط صمت الجميع الا من التصريحات الباهتة التي لا تضع حلولا اجرائية شافية وكافية.

لذا لم يعد الامر مقبولا، وعندما نتكلم بخصوص العراق، بلدنا الذي نعيش في ربوعه، فإننا نرى أن الامر قد تجاوز حدوده المقبولة او المتوقعة بكثير، حتى بلغ السيل الزبى كما يقال، فالعنف والقتل والدماء لا تزال متواصلة على مدار الساعة، من دون ان نرى اجراءات فعلية كفيلة بالحد من هذه الظاهرة المخيفة، نقول لم يعد الامر معقولا ولا مقبولا، وبات حسم هذه القضية والاهتمام الجاد بها مطلبا من مطالب حماية الحياة، فهل من منفّذٍ او مجيب؟!.  

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 29/أيلول/2013 - 22/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م