سوريا والأسلحة الكيماوية... ورقة سياسية تربك جميع الاطراف

 

شبكة النبأ: باتت الأزمة السورية على أعتاب عامها الثالث دون نهاية في الأفق، فلم تنجح التحركات الدبلوماسية المكثفة خلال الاونة الاخيرة، بسبب تباين مواقف المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة وحلفائها، التي تسعى لتمرير أجنداتها من خلال الأزمة السورية الحالية، وبسبب تزمت كل طرف بموقفه وانقسام القوى العالمية في دعمها لطرفي الصراع، وسط خلافات كثيرة بين القوى السياسية الإقليمية والدولية، وهذا الامر يشير الى أن تكون هناك صفقات سياسية بين الدول الكبرى المتصارعة والمهتمة بالهيمنة على سوريا وبلدان الشرق الأوسط كافة، بهدف إعادة ترتيب الأوضاع بالمجال السياسي في بلدان تلك المنطقة، مما اثار بواعث خطر واحتمالية نشوب حرب وشيكة بين الاطراف المتخاصمة.

خصوصا بعدما عزمت الولايات المتحدة لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا على خلفية الهجوم الكيمائي الاخير الذي اثار جدلا واسعا على المستوى الدولي، لكن كشفت التطورات الأخيرة والمتمثلة باستراتيجيات الدبلوماسية بين امريكا وروسيا على نحو خاص، حيث تسعى كل من الإدارة الأمريكية والروسية الى إيجاد أساليب واستراتيجيات جديدة لمعالجة الأزمة السورية الحالية، وتجسدت هذه الاستراتيجيات الدبلوماسية عندما توصلتا الدولتان الى اتفاق في جنيف على خطة لازالة الاسلحة الكيميائية السورية تمهل دمشق اسبوعا لتقديم لائحة بهذه الاسلحة على ان تنتهي عملية الازالة في منتصف العام 2014.

ولاقى هذا الاتفاق الأمريكي ترحيبا دوليا، حيث جاء الاتفاق الأمريكي الروسي بشأن الأسلحة الكيماوية في حين هددت الولايات المتحدة حكومة الأسد بضربات جوية لردعها كما تقول واشنطن عن استخدام الأسلحة الكيماوية مرة اخرى، ولا يستبعد مشروع القرار الحالي صراحة استخدام القوة لكن دبلوماسيين غربيين قالوا إنهم قد يكونون مستعدين لإضافة هذه العبارة إذا اصرت روسيا.

فيما تسعى فرنسا إلى كسب التأييد لقرار تصدره الأمم المتحدة يهدد الحكومة السورية بعواقب خطيرة إن لم تلتزم بتنفيذ الاتفاق الروسي الأمريكي، غير أن روسيا - حليف سوريا القوي - تقول إنه يجب أولا منح حكومة الرئيس بشار الأسد الفرصة للتخلي عن أسلحتها الكيماوية، وكانت روسيا قد عبرت عدة مرات عن شكوكها في أن الهجوم الكيماوي كان استفزازا نفذه مسلحو المعارضة بهدف التسبب في تدخل عسكري غربي في النزاع، ووجهت روسيا انتقادات للتقرير لكن الامم المتحدة رفضت الانتقادات الروسية لتقرير مفتشي الاسلحة الكيماوية، ووصفت النتائج التي توصل اليها بأنها غير قابلة للمنازعة وموضوعية للغاية.

ويرى بعض المحللين ان الاتفاق سيسمح بتفادي الضربة العسكرية ويشجع تنفيذ الحل السياسي لكن في الوقت نفسه ان هذا الاتفاق كشف المواقف المتقلبة الدولية التي تسعى لتقديم أجنداتها المشوبة بدوافع سياسية على حساب السلام في سوريا، فالنسبة للادارة الامريكية بقيادة اوباما الذي يخوض معركة ضارية للفوز بتأييد محلي للقيام بعمل عسكري ضد سوريا فان التوصل لاتفاق من خلال الامم المتحدة يمكن ان يعفيه من هزيمة ساحقة في الكونجرس، ورغم ان أوباما وصف الاقتراح الروسي بأنه ينطوي على احتمالات ايجابية الا انه قال مكنون بشيء من الحذر.

إذ يرى الكثير من المراقبين إن خطط الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا تركز على أمن حلفائها فكان الهدف بالدرجة الاولى هو حماية إسرائيل وليس ايجاد حل الازمة السورية فمن شأن هذه الضربة لو حدث ان تفاقم من الوضع السوري المتدهور اصلا، وقد تصل تداعيتها على النمطقة برمتها،  كما يرى هؤلاء المراقبين أن فشل الجماعات المسلحة في سوريا المدعومة ماليا ولوجستيا من دول اقليمية وغربية، في اسقاط النظام السوري الذي من شأن أن يكمل مشروع الديمقراطيات الجديدة الامريكي في المنطقة، فقد فشلت هذه الادوات المستأجرة في تحقيق أهدافها، مما سيفشل من يقف خلفهم ويدعمهم، وعليه في ظل صراع دولي يبدو تحت السيطرة الى حين تطرح المعطيات آنفة الذكر سؤالا هام هو من سيقلب الطاولة؟.

تدمير الاسلحة الكيميائية يتطلب سنة ومليار دولار

فقد تعهد الرئيس السوري بشار بتسليم الاسلحة الكيميائية التي بحوزة نظامه لكنه حذر من ان ضبطها وتدميرها سيستغرق سنة وسيتطلب مليار دولار، وتحدث الاسد في اخر مقابلة تلفزيونية تجري معه فيما تواصلت المشاورات في مجلس الامن حول مشروع قرار يرمي الى ضمان تفكيك الاسلحة الكيميائية السورية عملا باتفاق اميركي روسي، وشدد الاسد في المقابلة التي جرت معه بالانكليزية وبثتها شبكة فوكس نيوز الاميركية على ان سوريا لا تشهد "حربا اهلية" بل هي ضحية مقاتلين اجانب مدعومين من تنظيم القاعدة.

واكد ان قواته لم تكن خلف الهجوم بالاسلحة الكيميائية الذي اوقع مئات القتلى المدنيين في 21 اب/اغسطس في غوطة دمشق، متعهدا رغم ذلك بتسليم ترسانته الكيميائية، وهي ثاني مقابلة يجريها الاسد هذا الشهر مع شبكة تلفزيونية اميركية، ضمن سلسلة من اللقاءات التي يعقدها مع صحافيين غربيين للتصدي للضغوط السياسية المتزايدة التي تمارسها عليه عواصم غربية.

وجدد الاسد في المقابلة التي اجريت معه في دمشق التزامه بالتعاون لكنه شدد على ان قرار التعاون هذا ليس نتيجة التهديدات الاميركية بالتحرك عسكريا، وقال لشبكة فوكس نيوز "اعتقد ان العملية معقدة جدا فنيا وتحتاج الى الكثير من المال، حوالى مليار دولار"، وتابع "عليكم ان تسألوا الخبراء ماذا يعنون حين يقولون بسرعة. هناك جدول زمني محدد. الامر بحاجة الى سنة او ربما اكثر بقليل".

وقال "ما يجري (في سوريا) ليس حربا اهلية. لدينا حرب، انها حرب من نوع جديد" يخوضها على حد قوله مقاتلون اسلاميون قادمون من اكثر من ثمانين بلدا، وقال "نعلم ان لدينا عشرات الاف الجهاديين... نحن على الارض، نعيش في هذا البلد" ناقضا بذلك تقرير خبراء افاد بان الاسلاميين يشكلون حوالى نصف عدد مقاتلي المعارضة البالغ حوالى مئة الف عنصر، وتابع "ما يمكنني قوله لكم... هو ان ثمانين الى تسعين بالمئة من الارهابيين هم من عناصر القاعدة واتباعها".

واقر الاسد بانه لم يكن هناك جهاديون عند انطلاق الانتفاضة في اذار/مارس 2011 مؤكدا ان المتطرفين الاسلاميين باتوا يشكلون غالبية المقاتلين منذ نهاية العام 2012، وقال ان "عشرات الاف السوريين" و15 الف عنصر من القوات الحكومية قتلوا "بشكل اساسي في هجمات واغتيالات وعمليات انتحارية ارهابية"، وفيما واصل الاسد حملته المضادة الاعلامية، اجرت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين) مشاورات جديدة حول مشروع قرار يرمي الى ضمان التفكيك الفعلي للاسلحة الكيميائية السورية. بحسب فرانس برس.

وقال الاسد في المقابلة ان بوسعه تقديم قائمة "غدا" فيما اكدت موسكو انها تلقت ضمانات بانه سوف يتعاون، ومن دون كشف تفاصيل حول مشروع القرار، اعلن السفير البريطاني في الامم المتحدة مارك ليال غرانت ان "الهدف الرئيسي من القرار هو ان يضمن مجلس الامن الدولي الاتفاق-الاطار الذي ابرم بين الولايات المتحدة وروسيا في جنيف والقرار الذي سيتخذه المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية، تحت شكل ملزم قانونيا وقابل للتحقق وللتنفيذ".

وبعدما كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اعلن عند التوصل الى الاتفاق مع نظيره الاميركي جون كيري انه "في حال عدم احترام (دمشق) الشروط او في حال استخدام الاسلحة الكيميائية من اي جهة كانت، فان مجلس الامن سيتخذ تدابير في اطار الفصل السابع"، عاد بعد ذلك ورفض ان يصدر القرار تحت الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة، وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ماري هارف " بانه يتحتم على دمشق ان "تقدم قائمة كاملة" باسلحتها الكيميائية بدون ابطاء.

الجدال الدولي

فيما دافعت الأمم المتحدة عن تقرير لخبراء الأسلحة الكيماوية الدوليين وصفته روسيا بأنه "منحاز" واجتمع مبعوثون من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن لليوم الثاني للتباحث بشأن قرار صاغه الغرب بشأن التخلص من الأسلحة الكيماوية السورية.

وقالت الأمم المتحدة ايضا انه ينبغي عدم التشكيك فيما خلص اليه خبراؤها للأسلحة الكيماوية من ان صواريخ محملة بغاز السارين استخدمت في هجوم في سوريا يوم 21 من أغسطس اب، وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نسيركي "النتائج في هذا التقرير لا جدال فيها." واضاف "انها تتحدث عن نفسها وكان هذا تقريرا موضوعيا تماما بشأن ذلك للحادث المحدد."

وأكد فريق الخبراء بقيادة السويدي آكي سيلستروم استخدام غاز السارين في الهجوم الذي وقع خارج دمشق وذلك في تقريرهم الذي طال انتظاره وقالت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إنه قدم أدلة على مسؤولية قوات الرئيس بشار الأسد، لكن روسيا نددت بنتائج التقرير ووصفتها بأنها تصورات مسبقة ومشوبة بدوافع سياسية. وتقول روسيا وحكومة الأسد إن المعارضة نفذت الهجوم الذي تقول الولايات المتحدة إنه أودى بحياة أكثر من 1400 شخص بينهم أكثر من 400 طفل.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف في دمشق مشيرا إلى تفسيرات الدول الغربية للتقرير بشأن هجوم 21 من أغسطس "لا يمكن أن يكون المرء متحيزا ومعيبا مثلما شهدناه من القاء اللوم التام في حادث الغوطة على الحكومة السورية"، وجاء دفاع الأمم المتحدة عن التقرير بينما اجتمع مبعوثون من الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين لاستئناف المفاوضات بشأن مسودة قرار أعدته دول غربية يطالب بتدمير الأسلحة الكيماوية السورية تنفيذا لاتفاق أمريكي روسي تم التوصل إليه في الآونةالأخيرة.

وقال ريابكوف إن قرار مجلس الأمن يجب أن يساند قرارا متوقعا لمنظمة حظر الاسلحة الكيماوية يؤيد الاتفاق الروسي الأمريكي و"لا شيء أكثر من ذلك"، واجتمع مبعوثو القوى الخمس بالأمم المتحدة لمدة ساعتين في مقر البعثة الأمريكية في الأمم المتحدة. وصحبت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة سامانتا باور السفير الروسي فيتالي تشوركين الى الباب بعد الاجتماع. ورفض تشوركين التعقيب وهو يغادر الاجتماع، وقال السفير البريطاني مارك ليال جرانت "كان اجتماعا مطولا ومفيدا." وقال السفير الصيني ليو "إننا نعمل.. نعمل بشكل وثيق معا"، وقال ليال جرانت في وقت سابق ان فحوى مشروع القرار الغربي هو مطالبة سوريا بالوفاء بتعهدها بالتخلي عن برنامجها للأسلحة الكيماوية، واضاف قوله "جوهر هذا القرار وغرضه الرئيسي هو جعل الاتفاق الإطاري الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة وروسيا في جنيف والقرار الذي سيتخذه المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية يلقى قبولا من مجلس الأمن بشكل ملزم قانونا وقابل للتحقق والإنفاذ". بحسب رويترز.

وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة أنه لم يتضح بعد متى يجري التصويت على قرا مجلس الأمن. وقالوا إنهم يأملون الموافقة عليه قبل ان يصل زعماء العالم الأسبوع القادم لحضور الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبموجب الاتفاق الأمريكي الروسي الذي تم التوصل اليه الاسبوع الماضي فإن اي اجراءات عقابية ستتطلب استصدار قرار ثان من مجلس الأمن.

وقال نسيركي إن تسلسل نقل جميع العينات البيئية والحيوية التي أخذها المفتشون وثق بدقة. وأضاف أن الخبراء سيعودون إلى سوريا في أقرب وقت ممكن لمواصلة التحقيق في حادث وقع في مارس اذار في منطقة خان العسل وجميع "المزاعم الجديرة بالثقة" الأخرى، واقتصر تفويض سيلستروم على التحقيق فيما إذا كانت أسلحة كيماوية استخدمت دون تحديد من استخدمها. لكن مسؤولين غربيين يقولون إن التفاصيل الفنية في التقرير تقدم أدلة واضحة على أن قوات الأسد هي التي نفذت الهجوم.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بمراقبة حقوق الانسان إن مسارات القذائف التي وردت في تقرير الأمم المتحدة تشير إلى أن القذائف المحملة بغاز السارين أطلقت من قاعدة تابعة للحرس الجمهوري الذي يقوده ماهر شقيق الأسد، وأكد دبلوماسيون غربيون تقرير المنظمة، وقال دبلوماسيون في نيويورك إن السفير الروسي بالأمم المتحدة تشوركين شكك في بعض نتائج التقرير في اجتماع لمجلس الأمن، وقالوا إن تشوركين طلب من سيلستروم وصف نوعية الأسلحة التي استخدمت في نقل غاز السارين.

ترحيب دولي بالاتفاق الأمريكي الروسي

الى ذلك رحبت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بالاتفاق الروسي الأمريكي حول الأسلحة الكيميائية في سوريا، وتمنى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن يتيح هذا الاتفاق إنهاء "المعاناة المروعة" للسوريين، ونقلت المتحدثة باسم الامم المتحدة فانينا مايستراشي ان الامين العام "يعد" بان تساعد الامم المتحدة في تنفيذ هذا الاتفاق الذي تم التوصل اليه في جنيف بين وزيري الخارجية الاميركي والروسي، و"يامل بقوة" في ان يمهد الاتفاق "لحل سياسي يضع حدا للمعاناة المروعة للشعب السوري".

وفي اليوم الثالث من المفاوضات بين سيرغي لافروف وجون كيري، توافقت واشنطن وموسكو على امهال دمشق اسبوعا لتسليم قائمة باسلحتها الكيميائية بغية ازالتها بحلول منتصف العام 2014، كما توافق الطرفان على اصدار قرار لمجلس الامن يجيز اللجوء الى القوة في حال لم يف النظام السوري بالتزاماته، وقبيل اعلان الاتفاق، اعلن بان كي مون ان الامم المتحدة ستحاول تنظيم مؤتمر سلام حول سوريا "خلال تشرين الاول/اكتوبر".

من جهته رحب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس باعلان اتفاق اميركي روسي في جنيف حول تدمير الترسانة الكيميائية السورية، معتبرا انه "تقدم مهم"، وقال فابيوس في بيان ان "مشروع الاتفاق يشكل تقدما مهما"، موضحا ان باريس ستاخذ في الاعتبار تقرير خبراء الامم المتحدة حول الهجوم الكيميائي في 21 اب/اغسطس والذي يتوقع صدوره "لتحدد موقفها". وبحسب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون فإن هذا التقرير "سيخلص بشكل دامغ الى ان السلاح الكيميائي استخدم" في سوريا. ولا يخول التفويض الممنوح للمفتشين تحديد الجهة المسؤولة عن هجوم 21 اب/اغسطس الكيميائي والذي حمل الغربيون نظام بشار الاسد مسؤوليته.

من جانبه اعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان بلاده "ترحب" بالاتفاق بين واشنطن وموسكو على ازالة الترسانة الكيميائية السورية، مؤكدا ان المهمة "الملحة" لتطبيق هذا الاتفاق تبدأ من الان، وقال هيغ عبر موقع تويتر "لقد تحدثت الى وزير (الخارجية الاميركي جون) كيري. ان بريطانيا ترحب باتفاق الولايات المتحدة وروسيا حول الاسلحة الكيميائية في سوريا"، مضيفا ان "عملا ملحا لتطبيق (الاتفاق) سيبدأ الان"، وايدت بريطانيا، حليفة الولايات المتحدة، فكرة رد دولي قوي على النظام السوري بعد الهجوم الكيميائي المفترض قرب دمشق في 21 اب/اغسطس. لكن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اضطر الى التخلي عن مشاركة بلاده في اي عمل عسكري محتمل ضد دمشق بعد رفض مجلس العموم مبدأ اللجوء الى القوة في سوريا.

كما اعتبر وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي ان فرص التوصل الى حل سياسي للنزاع في سوريا ستزيد "بشكل كبير" بعد اعلان اتفاق اميركي روسي حول ازالة الاسلحة الكيميائية السورية، وقال الوزير الالماني في بيان مقتضب "في حال اتبعت الاقوال بالافعال فان فرص التوصل الى حل سياسي ستزيد بشكل كبير"، واكد الوزير "ترحيبه بهذا القرار"، مع العلم ان المانيا ترفض اي مشاركة في عملية عسكرية محتملة قد تقوم بها الولايات المتحدة ضد النظام في سوريا، وتابع بيان الوزير ان "السلام الدائم" في سوريا "لا يمكن ان يقوم عبر حل عسكري بل فقط عبر حل سياسي". بحسب فرانس برس.

من جهتها رحبت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون بالاتفاق الاميركي الروسي لتدمير الاسلحة الكيميائية السورية وعرضت مساعدة الاتحاد الاوروبي في عمليات التفتيش، وقالت اشتون في بيان "ارحب بالاتفاق الذي انجز اليوم بين الولايات المتحدة واتحاد روسيا لضمان تدمير سريع وآمن للاسلحة الكيميائية السورية" مضيفة ان الاتحاد الاوروبي مستعد لارسال خبراء "للمساعدة في تأمين المواقع وتفكيك وتدمير بعض العناصر الكيميائية".

سوريا قادرة على التخلص من الأسلحة الكيماوية رغم الحرب

من جهته قال رئيس هيئة الاركان الأمريكية المشتركة إن الحكومة السورية ما زالت لها السيطرة الفعلية على أسلحتها الكيماوية ومن المتوقع أن تكون قادرة على نقلها إلى المفتشين الدوليين لتدميرها برغم الحرب المستمرة، واقر الجنرال مارتن ديمبسي بأن الصراع في سوريا يشكل "بيئة صعبة للغاية" للتخلص من الأسلحة بموجب اتفاق توصلت إليه الولايات المتحدة وروسيا.

وفي مؤتمر صحفي بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) "الدلائل في المرحلة الحالية تشير إلى أن النظام يسيطر على مخزوناته.، واضاف "ماداموا وافقوا على إطار العمل الذي يجعلهم مسؤولين عن تأمين ونقل وحماية ... المفتشين عندئذ أعتقد ... أن هذا ممكن"، وقال ديمبسي إنه لا يزال يشعر بالقلق بشأن أمن المخزونات لكنه أضاف "علينا أن نتأكد من بقاء كل تلك الأشياء تحت أعيننا"، وتابع قوله "يدعو إطار العمل إلى وضعها تحت السيطرة أو تدميرها أو نقلها". بحسب رويترز.

وقال ديمبسي ووزير الدفاع تشاك هاجل الذي حضر المؤتمر الصحفي أيضا إنهما يشعران بالارتياح إزاء العملية الدبلوماسية الرامية للتخلص من الأسلحة الكيماوية السورية، وقال هاجل إن المسار الدبلوماسي "نهج حكيم ينم عن شعور بالمسؤولية" لكنه قال إن التهديد باستخدام الولايات المتحدة للقوة ضد سوريا ساعد في التوجه إلى الدبلوماسية وينبغي أن يظل قائما لحين إنجاز اتفاق.

في المقابل قال سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي إن القرار الأول لمجلس الأمن الدولي الذي يدعم اتفاق التخلص من الأسلحة الكيماوية السورية يجب أن يقتصر على هذا الغرض مشيرا إلى أن موسكو ستعارض أي تهديد بالقوة في المرحلة الحالية، وواصل ريابكوف الذي كان يتحدث في دمشق بعد اجتماعه مع الرئيس بشار الأسد الانتقادات الروسية لتقرير محققين دوليين بشأن هجوم بالغاز السام في ضواحي دمشق يوم 21 أغسطس اب.

وقال للصحفيين في دمشق في تصريحات بثها التلفزيون "نشعر بخيبة أمل لعدم الاهتمام بشكل لائق بهذه الأدلة في التقرير الذي قدمه الفريق في نيويورك في وقت سابق هذا الأسبوع، "ينبغي ألا يكون المرء متحيزا ومعيبا مثلما شاهدنا .. يلقي باللوم كله في حادث الغوطة على عاتق الحكومة السورية" مشيرا إلى تفسير الدول الغربية للتقرير بشأن هجوم 21 أغسطس اب. بحسب رويترز.

وقال إن التقرير محدود في نطاقه وكرر دعوات روسيا إلى مزيد من التحقيقات تشمل روايات من مصادر مثل الانترنت وأدلة حكومية عن استخدام مزعوم لأسلحة كيماوية بعد 21 اغسطس اب، وقال دبلوماسيون إن مسودتي قرارين غربيين تدعوان إلى إعطاء سوريا مهلة للتخلي عن أسلحتها الكيماوية وإلا واجهت "الإجراءات اللازمة"، وقال ريابكوف إن قرار مجلس الأمن ينبغي أن يؤيد قرارا متوقعا من المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية يحدد إجراءات التعامل مع الأسلحة الكيماوية "ولا شيء أكثر من ذلك" غير توفير عنصر الأمن لأنشطة المنظمة في سوريا.

روسيا ستقدم للأمم المتحدة أدلة على استخدام المعارضة أسلحة كيماوية

من جهتها ستزود روسيا الامم المتحدة "بأدلة حول استخدام المعارضة السورية أسلحة كيماوية " في الحادي والعشرين من أغسطس/آب الماضي، حسب ما قال وزير الخارجية سيرجي لافروف، وأضاف لافروف قائلا "سنناقش كل هذا في مجلس الأمن ، مع التقرير الذي قدمه الخبراء للأمم المتحدة، والذي يؤكد استخدام الأسلحة الكيماوية. سيترتب علينا التوصل الى هوية الطرف الذي استخدمها"، وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف قد اعلن بعد إجراء محادثات في دمشق أن الحكومة السورية سلمت روسيا مواد جديدة تشير إلى ضلوع مسلحي المعارضة في الهجوم الكيماوي في ريف دمشق في 21 أغسطس/آب، لكن وزير الخارجية لم يطلع عليها بعد، وأضاف ريابكوف أن "روسيا بدأت تحليل هذه المعلومات الإضافية. لا يمكننا في الوقت الراهن القيام باستنتاجات"، وأشار إلى أن "الخبراء الروس يتولون تحليل هذه العناصر، ونعتبر أن ذلك سيتيح تعزيز الشهادات والأدلة على ضلوع مسلحي المعارضة في استخدام السلاح الكيماوي".

وكان تقرير صادر عن الأمم المتحدة قد أكد وقوع هجوم بغاز السارين على غوطة دمشق أودى بحياة المدنيين بينهم أطفال، ووجهت الولايات المتحدة أصابع الاتهام إلى النظام، ولم يوجه التقرير اتهامات لأي طرف، وعبر ريابكوف أيضا عن خيبة أمل روسيا من تقرير الأمم المتحدة حول الهجوم الكيماوي قائلا "لقد خاب أملنا من موقف الأمانة العامة للأمم المتحدة ومفتشي المنظمة الدولية الذين كانوا في سوريا، والذين أعدوا تقريرهم بشكل انتقائي وغير كامل بدون الأخذ بالاعتبار العناصر التي أشرنا إليها عدة مرات"، وقال "بدون أن يكون لدينا صورة كاملة عما حصل هنا، لا يمكننا اعتبار النتائج التي خلص إليها مفتشو الأمم المتحدة إلا أنها نتائج مسيسة ومنحازة وأحادية الجانب". بحسب البي بي سي.

وكان ريابكوف قد وصل إلى دمشق لعرض نتائج اتفاق جنيف بين الروس والأمريكيين حول ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية على حكومة دمشق، وقال إنه شدد أمام المعلم على أهمية أن يسلم الجانب السوري "بدقة وبسرعة" تفاصيل ترسانته للأسلحة الكيماوية إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، من ناحية أخرى قال ريابكوف قب اجتماع عقده مع ممثلين عن المعارضة السورية غنهم مستعدون للمشاركة في مؤتمر جنيف 2 الدولي، حسب ما ذكرت محطة روسيا 24 الحكومية، وقال ريابكون إنه اجتمع مع ممثلين عن الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير و لجنة التنسيق الوطني في السفارة الروسية في جنيف، وأكد الطرفان أن الطريق الوحيد هو المشاركة في مؤتمر جنيف 2.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 21/أيلول/2013 - 14/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م