الأركيلة... وباء يجتاح الشباب والأطفال

 

شبكة النبأ: تشكل ظاهرة تدخين الاركيلة عند الشباب العراقي والمنتشرة اليوم في المقاهي والطرقات العامة خطرا فعالا على حياة احدى اهم مكونات وشرائح المجتمع وباتت سلوكا فرديا بين الشباب والشابات حيت تطور الامر ليشمل الصغار وصار هذا الخطر يهدد البيوت وليشمل حتى الفتيات.

واليوم نواة العراق يعيشون في ضياع بين المعسل وفحم الاركيله ودخانها القاتل وبات الانيس مائها ورائحة دخانها هذا المشهد يتزايد يوميا بين الاطفال المراهقين في سن العاشرة والرابعة عشرة من العمر ولعل الاسباب كثيرة منها التغييرات الفيزيولوجية لدى المراهق خصوصا الشباب الذي يملك قراره ما يدفعه لتجربة كل ما هو جديد محاولا التمرد على الذات وضعف سيطرة الاهل وتغيير منظومة القيم بالاضافة إلى عامل الفراغ الاجتماعي الناتج عن البطالة. ان تدخين الاركيله أو الشيشة حديث العهد في العراق إذ انتشرت الظاهرة بعد عام 2003 خصوصا في العاصمة بغداد وشمال العراق وبعد إن كانت محصورة على الشباب بدأت بالتفاقم لتشمل الأطفال أيضا ومن مختلف الأعمار، وما زال متعاطو الشيشة في تزايد خصوصا بعد انتشارها وبشكل واسع في المطاعم والكافيتريات والحدائق العامة بل وصل الأمر ببعض الشباب والأطفال إلى تعاطيها داخل البيوت وأمام ذويهم وهذا الشيء ولد عبأ جديد ليضاف على الاعباىء الموجودة في المجتمع في الوقت الحاضر.وتشير منظمة الصحة العالمية في دراسة لها عن أضرار الاركيله بينت ان هذه الأضرار تفوق مخاطر التدخين إلى 50 عاما حيث أظهرت النتائج ارتفاع معدلات ضربات القلب اكثر بعد تدخين الاركيله كما أثبتت إن معدل استنشاق الدخان كان بنحو 48مرة عند تدخين الاركيله مقارنة بالسجائر علما انه مع اختلاف إنهما يؤديان لإمداد الجسم بالنيكوتين.

خطر كبير

وأضاف الباحث الدكتور محمد عباس :ان مدخن الاركيله قد يستنشق خلال جلسة واحدة مايعادل تدخين 100 سيجارة أو أكثر والاركيله وأضرارها تكون كالتالي: إن الدخان الذي يخرج من الاركيله يحتوي على العديد من المواد السامة التي تؤدي إلى سرطان الرئة، وأمراض القلب وغيرهما من الأمراض.مشيرا إلى إن أخصائيين في بحث علمي جديد نشر في نيويورك أفادوا إن كل جلسة تدخين اركيله قد تعرض المدخن لفترة دخان أطول من تدخين السجائر مؤكدا إن مدخن الاركيله قد يستنشق خلال جلسة واحدة ما يستنشقه المدخن جراء 100 سيجارة أو أكثر. وقال انه وفي الوقت الذي تمتص المياه بعضاً من النيكوتين، إلا أن مدخن الاركيله قد يتعرض الى جرعة كافية من هذا المخدر ليدمن عليه، فكمية النيكوتين كبيرة في التبغ بشكل عام. وأوضح إن مدخني السجائر يدخنون حتى يحصلوا على كمية النيكوتين التي تشبع حاجتهم وإدمانهم، ولكن ليس بالنسبة التي توصل إلى الغثيان، ومن المرجّح ان انخفاض تركيز النيكوتين في النرجيلة قد يؤدي بالمدخنين إلى استنشاق كميات أكبر من الدخان وبالتالي تعريض أنفسهم لنسب أعلى من المواد الكيماوية المسبّبة للسرطان وللغازات السامة مثل ثاني أوكسيد الكربون؛ وذلك يجعل مدخني النرجيلة والمدخنين السلبيين عرضة لنفس الأمراض التي يسببها التدخين بما فيها السرطان وأمراض القلب والجهاز التنفسي فضلاً عن الآثار الضارة أثناء الحمل.

أمراض مدمرة

الدكتور عبد الحميد احمد استشاري أمراض صدرية وقلبية قال :أن هناك اعتقادا خاطئا بين الناس بأن تدخين الأركيلة أخف وأقل تأثيراً من السكائر، على اعتبار أن دخان الأركيلة تتم تنقيته بواسطة المياه التي يمر عبرها الدخان، إلا أن الدراسات التي أجريت مؤخراً في مختلف المعاهد العالمية للصحة تشير إلى أن الأركيلة الواحدة تعادل في مضارها 8 سكائر. وتابع " إن اوكسيد الكاربون وغاز ثاني اوكسيد الكاربون يدخل إلى رئة المدخن أسرع من السيكارة لذلك يكون معرضاً للإصابة بإمراض القلب والشرايين و الرئتين.كما يكون المدخن أكثر عرضة للإصابة بقرحة المعدة لتزايد نسبة الكولسترول في الجسم، فضلاً عن الشعور الدائم بآلام الرأس والدوران وخفقان القلب وانسداد الشعب الهوائية وأمراض الجهاز التنفسي التي يكون تأثيرها المباشر على الرئة. وحذر الدكتور حميد النساء من تناول الأركيلة وخصوصاً الحوامل كونها تؤثر على نمو الأجنة وصحة الطفل، وقد تحدث تشوهات جراء الكاربون المحترق، فضلاً عن نقص الوزن عند حديثي الولادة لأمهات مدخنات وأمراض سرطانية من جراء القطران والمعادن الثقيلة التي يحتويها كالبنزوبيرين، الزرنيخ، الكروم، الرصاص التي تتواجد في دخان الأركيلة بكميات تفوق دخان السيكارة بأضعاف المرات. ويؤدي ذلك إلى احمرار العينين بسبب الدخان المتصاعد وقد يؤدي إلى سرطان الحنجرة.

وأضاف عبد الحميد بأن هناك دراسات علمية أجريت على مدخني الأركيلة من قبل باحثين في المركز الطبي الأميركي اكتشف أنه حتى بعد نصف ساعة من تدخين الأركيلة، يحدث ضرر فعلي على عمل الرئتين والقلب، وارتفاع بضغط الدم والنبض، وانخفاض بنسبة الأوكسجين بالدم. وكان باحثون قد أكدوا في أبحاث سابقة أنه عند تدخين رأس أركيلة واحد فيه كمية مساوية من النيكوتين لعشر سكائر تقريباً وكمية من المواد السامة. وتبين أيضا أن خليط الفواكه المعسّل يحتوي على كميات من الدبس السكرّي، بنزوفيرن، أرسين، كروم ورصاص، قد تؤدي إلى أمراض سرطانية شتى.وتشير الأبحاث إلى أن الجمرة التي تستخدم في إشعال الأركيلة مصنّعة من مواد كربونيّة وبقايا مواد صناعية تؤدي إلى الموت لكن ببطء. ونتأمل من الحكومة العراقية أن تضع قانونا يحد من التدخين الاركيلة لكونها أصبحت آفة تهدد الأجيال الشابة وكذلك يجب أن تقوم وزارة الصحة باتخاذ إجراءات مشددة على أصحاب مقاهي الاركيلة ومحلات بيع المعسل وبيع الشيشة.

شباب وأطفال يتعاطون الاركيلة

في احد الأماكن الترفيهية كان يجلس عدد من الشباب و الأطفال وهم يستنشقون وكلهم غبطة وسرور على (نفس) الاركيله دون مراعاة للأخلاقيات وللصحة العامة والبيئة, سجاد حميد 13 سنة، احد مدخني الاركيلة، قال :تعودت على الاركيلة حتى صرت غير قادر على الاستغناء عنها، فهي رفيقتي في كل مكان اذهب إليه. مشيرا الى انه يدخن نحو 4 مرات يوميا، معتبرا أنها صارت وجبة رئيسية مثل وجبات الطعام. وأشار سجاد إلى انه يفقد السيطرة على أعصابه وتنتابه لحظات غضب عندما يبتعد عن الاركيلة معتبرا أن لجوءه للاركيلة والتدخين جاء بسبب تركه للدراسة وأوقات الفراغ الطويلة، وأضاف بأني تعلمت من أخي ألكبير الذي كان يدخن ألأركيلة في البيت فكنت أجربها بين فترة وأخرى وكان يراني وكان شي عادي لأن دخانها يملأ كل البيت فصرت أدخنها حتى وصلت إلى ماوصلت إليه اليوم مع العلم إنني لا اعمل فأواجه صعوبة في الحصول على الأموال لكي أدخن ألأركيلة فأضطر في بعض ألأوقات للعمل في المقهى نفسه الذي ادخن فيه لكي احصل على ماأريد.

امجد حسن 22 عاما طالب جامعي، وصف الاركيلة بأنها حبيبته الوفية التي يحتاجها عندما يكون منزعجا، وقال أنا اشغل نفسي بالاركيلة في الأوقات التي أكون فيها بحاجة للترويح عن نفسي، اشعر إنها تكلمني وتخفف من ضغوط حياتي، الجأ إليها في المقهى مع أصدقائي لقضاء أوقات ممتعة برفقتها وتنسيني هموم الدنيا وما أعانيه من المتاعب وخاصة ضغوط الدراسة ففي بعض ألأوقات أنسى ألأكل ولا أنسى الاركيلة.

سبب رئيسي لانتشار الاركيلة

من جهته قال الأستاذ احمد محمد حسن أستاذ في علم النفس إن "السبب الأساسي للانتشار الكبير للاركيلة هو البطالة المنتشرة بما تشكله من أوقات فراغ طويلة، فضلا عن تردّي الوضع الاقتصادي، مشيرا إلى إن "الشباب العراقي خارج سوق العمل، تتعاركهم الهموم المعيشية، ولا حلّ يجدونه سوى اللجوء إلى تدخين الارجيلة".

وعبر عن اعتقاده بان الاركيلة جاءت إلى العراق من دول الجوار نتيجة تقليد أبطال المسلسلات السورية والمصرية التي تعرض على شاشات التلفزة، حيث إنها تحولت من تقليد إلى موضه ثم إدمان, لافتا إلى إن الاركيلة كانت منتشرة في صفوف كبار السن فقط لكنها الآن أصبحت تحظى بشعبية بين صفوف الشباب والمراهقين أكثر محذرا من المخاطر الناشئة عن هذه الظاهرة على قدر كبير من الخطورة، ولابد من اتخاذ خطوات جدية للتخلص منها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 19/أيلول/2013 - 12/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م