اصدارات جديدة: سرد قصصي في الكلام عن ادباء

 

 

 

 

الكتاب: أدباء من العالم-غرائب مأساوية-سير وحكايات

الكاتب: نجم عبد الكريم

الناشر: دار (رياض الريس للكتب والنشر) في بيروت

عدد الصفحات: 394 صفحة متوسطة القطع

عرض: جورج جحا

 

 

 

 

شبكة النبأ: نجم عبد الكريم في كتابه (أدباء من العالم-غرائب مأساوية-سير وحكايات) يقدم قراءة ممتعة تتسم باسلوب قصصي مؤثر فتشعر وانت تطالع المادة التاريخية عنده بانك تقرأ قصصا موحية جذابة.

الا ان هناك ما قد يؤخذ على الدكتور نجم عبد الكريم وهو انه يقدم المادة وكأنها من مشاهداته او ذكرياته اي انه لا يشير الا نادرا جدا الى المصادر التي يستقي منها مواده.

وقد يقال ان المؤلف نفسه تنبه الى شيء من ذلك فقال في مقدمة كتابه "إن الوقوف على احداث استثنائية من تجارب ادباء استثنائيين لا يعد تأريخا لحياتهم.. وهو محاولة استكشاف السر الذي كان يكمن وراء انطلاقتهم نحو الخلود الذي سجلهم كمبدعين.

"وهي ليست دراسة تحليلية او نقدية لمنجزاتهم انما هي الوقوف على مواقف محددة مهدت الى ابراز تلك الظروف التي حددت مكانة كل واحد منهم في عالم الابداع. وقد يدهش القارىء عندما يقف على ما لا يصدقه عقل في تصرفات هؤلاء العظماء وتباين سلوكياتهم الغريبة احيانا والماساوية احيانا اخرى..."

هذا الكلام على صحته لا يعتبر تبريرا كاملا لأسلوب المؤلف. تقرأ المادة عنده فتظهر كأنها من معلوماته الخاصة دون ان يكون هناك مراجع تظهر من أين أخذ معلوماته التاريخية ونظرياته النقدية.

وقد تؤخذ على نجم عبد الكريم في جهوده الكبيرة والممتعة بعض الاشارات التي قد لا تعتبر دقيقة تماما. يقول مثلا ان تشارلز ديكنز "صاح من خلال اعماله الفريدة 'الفن للحياة' وكان في ذلك رده الحاسم على غلاة الرومانسية الذين سبقوه والذين رفعوا شعارا يكتنفه الضباب كثير الضوضاء هو'الفن للفن'..."

وعلى رغم واقعية اعمال ديكنز فالقول ان الرومانسيين قالوا بالفن للفن ليس دقيقا فالشعار هذا يعود الى جماعة البرناسيين الذين وصفوا بانهم جماعة الفن للفن.

ثم انه احيانا يترك القارىء ان يواجه غموضا دون أي سعي منه لتفسيره او القول على الاقل ان هذه هي الحال ولا تفسير لها كما في حالة انتحار ارنست همنجواي.

جاء الكتاب في 394 صفحة متوسطة القطع وصدر عن دار (رياض الريس للكتب والنشر) في بيروت. نجم عبد الكريم درس الاعلام في الولايات المتحدة الا ان الدار لم تشر الى جنسيته. بحسب رويترز.

وقد تناول الكاتب خمسة عشر أديبا في كتابه هذا وجاءت عناوين الفصول على الشكل التالي : بدايات تشارلز ديكنز. اوفيد.. العاشق المنفي. ارثر ميللر.. وعبادة الشيطان. الكسندر بوشكين يموت دفاعا عن شرفه. المعتمد بن عباد يقتل صديقه ثم يبكي عليه. جوستاف فلوبير.. رائد الواقعية (مدام بوفاري).

"ثلاثة ملامح من حياة دوستويفسكي. المازني يسخر من الناس وهو في قبره. ليو تولستوي يفر من زوجته وهو في الثانية والثمانين. رامبو وفرلين -ابداع وشذوذ. جوته تجاوز السبعين ويعشق مراهقة. همنجواي انبه ضميره فانتحر. لامارتين : قصيدة البحيرة. هل قبر فيكتور هوجو يحتوي على جثته؟!. ادجار الن بو: حياة مأساوية لعبقري."

من أبرز ما جاء في الكتاب الحديث عن عظيم هو تشارلز ديكنز وعن طفولته وصباه وفقره وعذاباته وقصص حبه وصراعه الى ان بلغ قمة المجد الادبي. ويختم الفصل بطريقة مؤثرة برسالة من الملكة فيكتوريا تطلب منه ان يزورها لتتحدث معه عن اصدقائها ابطال رواياته السيد بكويك واوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد.. الا ان الرسالة وصلت يوم وفاة ديكنز.

وفي (ارثر ميلر وعبادة الشيطان) يبدو لنا ان الامر قد التبس على الكاتب فاعتبر قصة ميلر الكاتب الامريكي الخيالية عن عالم خفي امرا واقعيا ومن ذكريات ميلر. القصة تحدثت عن رجل غريب مجنون حذر بطلها وطلب اليه الهرب من ذلك العالم ولكنه لم يفعل.

يقول عبد الكريم في نهاية عرضه للقصة "في اوراق ارثر ميلر لم يشر الى مصير ذلك الرجل المجنون ولا الى الطريقة التي استطاع بها مغادرة ذلك العالم الغريب..."

في (الكسندر بوشكين يموت دفاعا عن شرفه) قصة عن الشائعات التي أحاطت بزوجة الشاعر والقصصي الروسي ظلما كما يبدو بفعل البوليس السري الروسي الى درجة انه دخل في مبارزة غير متكافئة قتل فيها.

وفي (المعتمد بن عباد يقتل صديقه ثم يبكي عليه) قصة توحي بمغبة وضع الأمور في غير موضعها وقصة الغيرة بين حب الزوجة ومحبة الصديق. هناك صور توحي بعلاقة مثلية بين المعتمد بن عباد وصديقه ابو بكر بن عمار. يتحدث الكاتب بتفصيل كأنه كان موجودا مع الاثنين وطبعا دون الاشارة الى مصادره او مراجعه.

في (غوستاف فلوبير رائد الواقعية-(مدام بوفاري) يصف فلوبير بانه رائد الواقعية ويقول انه لم يخترع القصة انما نقلها عن قصة وقعت في قرية كان يعيش فيها وغير في الاسماء وبعض التفاصيل كي لا يخالف القوانين.

في (ثلاثة ملامح من حياة دوستويفسكي) عرض لمدى حبه لامه الحنون التي ماتت بالسل وعن الديون ومصادرة الممتلكات وحديث عن اصابته بالصرع عند الانفعال ووصف محزن للفقر الذي لاحقه وعن استغلال ناشر كتبه له ومن ذلك مثلا ان روايته (الجريمة والعقاب) التي بيعت منها ملايين النسخ وترجمت الى معظم لغات العالم لم يستفد منها الكاتب لانها وفقا لعقد احتيالي كانت من ممتلكات الناشر.

في (تولستوي يفرمن زوجته وهو في الثانية والثمانين) عرض للقصة التي هزت روسيا والعالم. كان يحب زوجته وقد احبها طوال عمره لكنه رفض ما يسمى القفض الذهبي وعملها الدائم على مراقبة اموره وتجسسها على خصوصياته. عارضت توزيعه املاكه على الفلاحين لكنها كانت تحبه حبا كبيرا.

خرج من بيته سرا مع طبيبه وابتعد لكنه مرض واضطر الى المبيت في منزل ناظر محطة القطار في قرية صغيرة نائية هي استابوفو. واشتد عليه المرض وتسرب الخبر لكنه كان مصرا على عدم حضورها لان ما يحدثه وجودها من انفعال قد يقضي عليه. وفود الناس والفلاحين "وقساوسة ورهبان يركعون في الطين والجليد يصلون من اجل كاتبهم الكبير..."

لكن الحكومة القيصرية لم تتحرك مع الفيض العاطفي للشعب الروسي لان القيصر والقيصرة يبغضان تولستوي. الامبراطورة كانت تكرهه تبعا لكراهية راسبوتين له. وكان راسبوتين يتحكم بالقيصرة. ارسل القيصر رئيس القساوسة لاخذ اعترافات تولستوي فرفض الجميع ذلك كي لا يقوّله ما لا يقوله وقرأت ابنته ساشا ما كتبه اذ قال "حين يحوم الموت حول رأسي فلا اريد ان يقتحم لقائي مع ربي احد من رجال الدين.. اريد ان اقترب من خالقي في فيض من نور المحبة وليس مع ثرثرة كهنوتية."

وقبل ان يسلم الروح طلب ان تكون زوجته الى جانبه وما ان شعر بوجودها حتى علت البسمة وجهه ومد يده نحوها. اسرعت تجثو الى جانب فراشه وقبلت يده. وبعد قليل أحست ببرودة الموت في اليد وقالت لها ساشا باكية "أماه ان ابي الان مع خالقه."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/أيلول/2013 - 10/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م