بيتنا وبيت الجيران

محمد خليل كيطان

 

منذ ان بدأت الحرب الاهلية السورية انعكس ذلك سلبا وبشكل مباشر على حياة العراقيين وواقعهم الامني على عكس التوقعات تماما.

دعوني أسأل اولا وعدّوني متعصباً حد التطرف لعراقيتي ـ وافتخر بذلك ـ وليقل عني بعضهم ما يقول.. اتساءل لماذا عندما تهم الولايات المتحدة بقصف دمشق تتضرر بغداد بشكل مباشر؟ ولماذا عندما حوصرت طهران وضيق الخناق الاقتصادي عليها تأثر الاقتصاد العراقي بشكل سلبي ايضا واستحدثت لدينا عشرات المصارف المريبة والمتخصصة بشفط دولاراتنا؟ ولماذا عندما يجوع الاردن يجوع العراق؟ وعندما يتظاهر الناس في اسطنبول والبحرين والسعودية وعُمان والكويت ويتزعزع صفو الامن والامان في الامارات وقطر يتضاعف انتقام الارهابيين بحق العراقيين المساكين؟

ورب قائل يقول انها الاخوة العربية الاسلامية ولا بد للعراق من أن يتأثر بمحيطه.. قد يكون ذلك صحيحا الى حد ما، ولكني اعود الى التساؤلات مجددا واوضح ان العلاقة بين العراق وجيرانه تتجلى في المثل الشــــــــعبي القائل ( بخيرهم ما خيروني وبشرهم عمو عليه).

 فكم مرة انهالت الصواريخ على بغداد في عقد التسعينيات ومطلع الالفية الثانية خلال عهد الرؤساء بوش الاب ثم كلنتون ثم بوش الابن؟؟ وفرضت منطقة حظر جوي في الجنوب والشمال.. اقول هل تأثر احد من دول الجوار الاسلامي؟ هل رف جفن للعرب العاربة والمستعربة؟... ثم كم سنة حُوصر العراقيين حصارا لا مثيل له حتى صار الناس (يلوكون الصخر خبزا) على رأي كاظم الساهر؟ هل تأذى من حصارنا غيرنا؟، بل على العكس من ذلك، فان الاخرين حصدوا فوائد ما بعدها فوائد، فقد وجدت البضائع السورية والايرانية والتركية والاردنية آنذاك سوقا لا حد لها في العراق، وباعونا اسمالهم وغث طعامهم وبنوا بفلوسنا مدناً ومقاطعات، وأنشئوا مصارف ومتاجر، واستحصل الاردنيون على استثناء خاص من الحصار، وحصلوا على نفطنا مقابل اسعار مخفضة وربما (ببلاش) في مقابل اذلالنا الى اليوم في مطاراتهم ونقاطهم الحدودية.

 اما المملكة العربية السعودية، فقد تمتعت بميزة بيع النفط خارج سقف منظمة أوبك، طيلة سنوات الحصار الثلاثة عشر بحجة سد النقص الحاصل في السوق النفطية، بسبب توقف صادرات العراق، وانتعشت موانئ وبورصات واستثمارات قطر والامارات والكويت كل ذلك على حسـاب حصار وموت الشعب العراقي.

ثم جاءت مرحلة الاحتلال الامريكي ـ البريطاني واسقاط النظام السابق، وشمر الاخوة العرب والمسلمون عن سواعدهم مرة اخرى، لا لمساعدة العراق في محنته ودعم مساعيه حتى يعود الى الحياة مجددا، بل اصبحت البلاد مرتعا لأجهزتهم المخابراتية، وشكلوا لوبيا كبيرا وعفويا لتجنيد الارهابيين وتدريبهم وتسليحهم، وسرقة خيرات العراق، بدءاً من الزحف البطيء على الحدود وضم الاراضي، مروراً بالحفر المائل للآبار النفطية والاستحواذ عليها، وصولا الى تحذير الشركات الاستثمارية عن اقامة المشاريع عبر اسلوبي الترهيب والترغيب.

نقول لسياسيينا ليس امامكم اليوم سوى لملمة البيت العراقي ككل لان التيار المدني الوطني الجديد أخذ يتنامى وسيجرفكم ان لم تتداركوا الموقف.. دعوا الاخوة الجيران جانبا.. عشر سنوات وعمليتكم السياسية تتخبط هنا وهناك، بل انها تعقدت اكثر، ويتعسر على الجميع فهم اتجاهاتها؟؟ لقد أوصلتمونا الى مرحلة فقدان الثقة بقدراتنا، ناهيك عن الثقة الضائعة تماما بينكم، انتم تتفقون على موائد الطعام وتختلفون على شاشات الفضائيات... كنا نأمل منكم ان تكونوا انموذجا في الايثار والتضحية، لا ان تتهافتوا على الامتيازات، وتتسابقوا على ابتكار اساليب جديدة من المزايدات، لإظهار التأييد المطلق لتظاهرات (الرواتب التقاعيدية) سعيا لإفراغها من محتواها وجعلها دعاية انتخابية مجانية لكياناتكم السياسية.. الوقت ينفد فمتى تفهمون اللعبة؟؟.. ( يمعودين).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 8/أيلول/2013 - 1/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م