حافظ على سلامة ذاكرتك تعش سعيدا

 

شبكة النبأ: الذاكرة هي إحدى قدرات الدماغ على تخزين المعلومات واسترجاعها هي أعظم وظائف الدماغ. وقد اتفق العلماء على تعريف بسيط للذاكرة فقالوا هي القدرة على تذكر التواريخ والوجوه والحقائق والمعلومات والأشكال والمعطيات. تتعرض الذاكرة لأمراض كثيرة ولأسباب مختلفة قد تساهم في حدوث انتكاسات الذاكرة والانحدارات العقلية الأخرى، لعل أهمها مرض الزهايمر، والخرف الناتج عن إصابات الحوادث أو جلطات المخ المتكررة أو التهاب المخ أو السحايا. هو ما تثبته الدراسات والابحاث العلمية المتواصلة فقد اكتشف علماء من السويد أن ذاكرتنا في أسناننا، مؤكدين أن فقدان الإنسان أسنانه يؤدي إلى خلل في ذاكرته، ومن دون أن يكون لذلك أي علاقة بالعمر. وتوصلت الدراسة إلى أن فقدان الأسنان يؤدي إلى خلل في ذاكرة الإنسان، دون أن يكون لذلك علاقة بالعمر، وأن الذاكرة الجيدة ترتبط بالأسنان الطبيعية الجيدة وليس الاصطناعية.

وظهر في البحث، أنه عند فقدان السن فإن جزءا من شبكة الأعصاب تختفي، مما يؤثر سلبا على جزء من الدماغ المختص في الذاكرة. وتابع الفريق الطبي المئات من المواطنين في كل من السويد والنرويج لمدة عشرين عاما، سجلت خلالها التطورات لكل شخص على صعيد العمر والذاكرة والهرم. ويعتقد الخبراء أنه مع فقدان الأسنان تضعف الإشارات الحسية، التي تبعث المعلومات إلى الدماغ، وهذا يؤثر سلبا في ذاكرة الإنسان. كما يعتقد العلماء أيضا أن الأمراض التي تصيب الإسنان لها علاقة أيضا بالذاكرة، حيث إن هذه الأمراض يمكن أن تسبب موت العصب وفقدان الذاكرة. لذا ينصح الأطباء بأنه إذا ما أراد المرء الحفاظ على ذاكرة جيدة في الكبر، أن يحافظ على أسنانه أثناء شبابه.

بروتين Arc

في السياق ذاته اكتشف علماء المزيد من المعلومات بشأن دور أحد البروتينات المهمة في الدماغ، يلعب دورا محوريا في الاحتفاظ بالتعلم. وقال العلماء الذين نشروا دراستهم في مجلة نيتشر نيوروساينس العلمية إن المزيد من البحوث في الدور الذي يقوم به بروتين Arc قد يساعد في التوصل لطرق جديدة لمواجهة الأمراض العصبية. وقالت الدراسة إن نفس البروتين قد يكون له دور أيضا في مرض التوحد. وقد توصلت الدراسة إلى أن بروتين Arc كان غير موجود في أدمغة المصابين بمرض الزهايمر.

وقال ستيف فينكباينر، أستاذ علم الأعصاب وعلم وظائف الأعضاء بجامعة كاليفورنيا، والذي قاد فريق البحث في معهد جلادستون، إن الاختبارات التي أجريت في المعامل أظهرت أن هذا البروتين له دور مهم جدا فيما يتعلق بالذاكرة. وأضاف: "كان العلماء يعرفون أن بروتين Arc له صلة بالذاكرة الطويلة المدى، لأن فئران التجارب التي كانت تفتقر إلى هذا البروتين كانت تستطيع أن تتعلم مهاما جديدة، لكنها فشلت في تذكرها في اليوم التالي."

وقد أظهرت الأبحاث المتواصلة أن هذا البروتين يعمل بمثابة "المنظم الرئيسي" للخلايا العصبية خلال عملية تشكيل الذاكرة طويلة المدى. وأوضحت الدراسة أنه خلال عملية تشكيل الذاكرة، هناك بعض الجينات التي تنشط وتتوقف على نحو متقطع في أوقات محددة من أجل توليد البروتينات التي تساعد الخلايا العصبية في إنتاج ذاكرات جديدة. وقد وجد الباحثون أن بروتين Arc هو الذي يوجه هذه العملية من داخل النواة العصبية.

وقال فينكباينر إن الأشخاص الذين يفتقرون إلى هذا البروتين قد يعانون من مشاكل تتعلق بالذاكرة. وأضاف اكتشف العلماء مؤخرا أن هذا البروتين ينضب في مركز الذاكرة في الدماغ لدى المصابين بمرض الزهايمر. بحسب بي بي سي.

وتقول الدراسة إن الخلل في إنتاج وتحرك هذا البروتين قد يؤثر أيضا بشكل كبير في مرض التوحد. حيث يؤثر هذا الاضطراب الجيني، والذي يعرف باسم متلازمة Fragile X و يعد السبب الشائع في كل من الإعاقات العقلية والتوحد، تأثيرا مباشرا على انتاج بروتين Arc في الخلايا العصبية. وقال فريق البحث إنه يأمل في إجراء المزيد من البحوث بشان الدور الذي يقوم به هذا البروتين في صحة الإنسان ومرضه، وهو ما من شأنه أن يوفر معلومات أكثر عمقا حول هذه الاضطرابات، ويضع الأساس لاسترتيجيات علاجية جديدة للتعامل معها.

الذاكرة والنوم

الى جانب ذلك قال علماء من ألمانيا إن الأطفال الذين يعانون من تشتت انتباههم لا يستطيعون تثبيت ذكرياتهم العاطفية أثناء الليل بشكل جيد مثل أقرانهم الأصحاء. ورجح الباحثون في دراستهم التي نشرت في مجلة "بلوس ون" الأميركية أن تكون لهذه الظاهرة علاقة بمعالجة هؤلاء الأطفال الليلية للاستثارات في الفص الجبهي للمخ. وقال ألكسندر برين كريستنسن الذي أشرف على الدراسة في قسم علم نفس الشباب في جامعة كيل إن فكرة وجود تغير في النوم لدى الأطفال المصابين بتشتت في الانتباه موجودة لدى العلماء منذ فترة طويلة "لذلك ركزنا على العلاقة بين النوم والذاكرة، وكانت الفكرة أن الأطفال المصابين بهذا التشتت لا يعانون فقط من تراجع أداء ذاكرة الفص الجبهي أثناء النهار فقط بل ليلا أيضا وأنهم يعانون بسبب ذلك من مشاكل في تثبيت محتوى الذاكرة مقارنة بأقرانهم".

ويرجح كريستنسن الآن أن علاقة نشاط الفص الجبهي لدى الأطفال المصابين بقصور بمدى قوة الذاكرة تختلف عنها لدى الأطفال الأصحاء "ولكننا لا نستطيع حتى الآن معرفة مكمن المشكلة". غير أن كريستنسن لا يستبعد أن يكون هذا السبب هو وجود اضطراب في اتصال الفص الجبهي بغيره من مناطق المخ.

ذاكرة قصيرة المدى

من جهة اخرى أكدت الرابطة الألمانية لأطباء الأطفال والمراهقين أن الأطفال الذين ينشؤون على تعلم لغتين منذ صغرهم تزداد لديهم قدرة الذاكرة القصيرة المدى المعروفة باسم الذاكرة العاملة أكثر من غيرهم من الأطفال الذين يتعلمون لغة واحدة. وتستند الرابطة، التي تتخذ من مدينة كولونيا مقرا لها، في ذلك إلى نتائج دراسة إسبانية كندية مشتركة تم إجراؤها على 200 طفل تتراوح أعمارهم بين خمسة وسبعة أعوام.

وأوضحت الرابطة أن الذاكرة القصيرة المدى مسؤولة عن تخزين ومعالجة وتحديث المعلومات التي ينبغي استدعاؤها في غضون فترة زمنية قصيرة. وتتمتع هذه الذاكرة بأهمية كبيرة في تأدية الكثير من المهام الذهنية كالعمليات الحسابية مثلا، إذ تستلزم هذه المهمة أن يتم استدعاء الأرقام التي يقوم الإنسان باستخدامها لإجراء العمليات الحسابية في فترة زمنية قصيرة. كما أنها أساسية لاستيعاب نص ما أثناء قراءته، إذ يستلزم ذلك أن يقوم الذهن بتنسيق وربط المعلومات التي يتم عرضها داخل النص مع بعضها البعض. وبالإضافة إلى ذلك تلعب الذاكرة القصيرة المدى دورا هاما أثناء التخطيط لتأدية مهمة معينة، فمن خلالها يمكن استبعاد الأشياء غير المهمة لإنجاز الأمر بسهولة.

التلاعب ممكن

على صعيد متصل قال باحثان من الولايات المتحدة إن من الممكن التلاعب في ذكريات الإنسان حتى بعد أن تستقر تقريبا. وأكد الباحثان جاسون تشان وجيسيكا لا باغليا من جامعة أيوا الأميركية في دراستهم التي نشرت امس الاثنين في مجلة "بروسيدنغز" التابعة للأكاديمية الأميركية للعلوم أن من الممكن تغيير بعض تفاصيل محتوى الذاكرة عند استدعاء هذه الذكريات وإعادة تخزينها من جديد. وتوقع الباحثان أن يساعد هذا الكشف في الصدمات والأمراض النفسية التي تعقب التجارب السيئة التي يتعرض لها الإنسان.

وفحص الباحثون خلال الدراسة مدى إمكانية الاعتماد على الذاكرة الخاصة بالتجارب الذاتية أو الحقائق التي اكتسبها الإنسان على مدى عمره. وكان العلماء يعرفون بالفعل أن المعلومات المكتسبة حديثا غير مستقرة بالذاكرة وسهلة التغيير والحذف قبل إقرارها في المخ. ولكن تبين للعلماء أن من الممكن محو المعلومات القديمة بالذاكرة بشكل مشابه للمعلومات التي لم تستقر وذلك من خلال استدعاء هذه المعلومات القديمة وهو ما يجعلها ضعيفة ويتطلب إعادة تثبتها في المخ من جديد لإقرارها في الذاكرة، وهو ما كان معروفا خلال التجارب مع الحيوان ولكن لم تكن هناك تجارب مشابهة على الإنسان.

وعرض الباحثان فيلما وهميا على متطوعين يظهر فيه هجوم إرهابي ثم استدعوا بعد مرور بعض الوقت تذكر المتطوعين لهذا الحدث من خلال توجيه أسئلة لهم عن الفيلم وأحداثه ثم استمع المتطوعون إلى موجز شفهي لمضمون الفيلم وذلك بعد أن زور الباحثان بعض مضمونه، ومن ذلك أن الهجوم الذي استهدف مضيفات لم يحدث باستخدام حقنة بل باستخدام سلاح مخدر. ثم أظهرت أسئلة أخرى أن المتطوعين تبنوا المعلومات الخاطئة في ذاكرتهم وأن ذلك حدث حتى بعد مرور يومين بين تكوين الذاكرة الحقيقية واستعادة الذكريات بما في ذلك من تشويه لها.

ولكن الباحثين أكدا على ضرورة أن يحدث تغيير الذكريات بعد وقت قصير من وقوع الحدث أي حين يكون محتوى الذاكرة في حالة ضعيفة مرة أخرى. وقال الباحثان إن طريقتهما يمكن أن تساعد في إضعاف الذكريات غير المرغوب بها في المخ وأوضحا أن محاولة أطباء النفس كبت تجارب بعينها في المخ أثناء العلاج من الصدمات النفسية الناتجة عن التعرض لتجارب سيئة أدت إلى نتيجة عكسية في حين أن التجارب الحديثة التي تعتمد على استدعاء مثل هذه التجارب وإعادة تحليلها كانت أكثر نجاحا. كما أوضح الباحثون أن معرفة معلومات عن التذكر وكيفية عمل الذاكرة هامة لتقييم مدى صحة المعلومات التي يتقدم بها الشهود.

الشوكولاتة و المطالعة

في السياق ذاته أظهرت دراسة أميركية حديثة "أن تناول كوبين من الشوكولاتة الساخنة يوميا قد يساعد في تحسين الذاكرة لدى الأشخاص المتقدمين في السن، ورأى الباحثون أن سبب هذا التحسن هو زيادة تدفق الدم إلى الدماغ بفعل تأثير الكاكاو"، حسبما ذكر موقع الجزيرة الاخباري. وأجرى الدراسة باحثون من كلية الطب التابعة لجامعة هارفرد في بوسطن، ونشرت في دورية طب الأعصاب، وشملت 60 شخصا معدل أعمارهم 73 عاما ولا يعانون من الخرف، وطلب منهم شرب كوبين من الكاكاو يوميا. وبينت النتائج "أن شرب الشوكولاتة كل يوم لمدة شهر ساعد في تحسين تدفق الدم إلى الدماغ".

وقال الباحث فارزينا سورنود، "إن المشاركين في الدراسة كان 18 منهم يعانون من خلل في تدفق الدم إلى الدماغ في البداية، مشيرا إلى أن التدفق إلى المناطق النشطة من الدماغ تحسن لديهم بنسبة 8.3% بحلول نهاية الدراسة". ولكن سورنود أوضح أنه لم يتم تسجيل تحسن لدى الأشخاص الذين لم يكونوا يعانون من أي خلل. وقال إننا ندرس علاقة تدفق الدم بصورة جيدة إلى الدماغ بطرق التفكير، مضيفا أنه كلما زادت حاجة أجزاء مختلفة من الدماغ إلى طاقة أكثر، زادت حاجتها إلى تدفق أكبر للدم. وأظهرت الدراسة "أن الأشخاص الذين كانوا مصابين بخلل في تدفق الدم إلى الدماغ في بداية الدراسة أبلوا أفضل في اختبارات الذاكرة بعد شرب الشوكولاتة".

من جانب اخر توصلت دراسة أميركية حديثة إلى" أن القراءة والكتابة أو القيام بالنشاطات العقلية، التي تحرض الدماغ على العمل وتحتاج للتفكير والتحليل، يمكن أن تفيد في الحفاظ على حدة الذاكرة عند الكبر، حتى لو تم القيام بها بأي عمر خلال الحياة". ونشرت الدراسة في دورية "علم الأعصاب"، وهي المجلة الطبية للأكاديمية الأميركية لعلم الأعصاب، وتابع فيها الباحثون 294 شخصا لتقييم الذاكرة وطريقة التفكير لديهم كل عام، كما تم سؤالهم عن عادة القراءة أو مهارة الكتابة أو قيامهم بنشاطات أو ألعاب تتطلب التفكير والتحليل خلال أي مرحلة من مراحل حياتهم سواء الطفولة أو البلوغ أو الشباب وحتى بالعمر الحالي، وحتى بعد وعند وفاتهم تم دراسة دماغهم لمعرفة إن كان يحتوي على تغيرات في بنيته تشير للخرف.

وأبانت النتائج "أن تراجع الذاكرة كان أقل بمقدار النصف تقريباً (48%) لدى المشتركين الذين يحبون القراءة أو الكتابة أو الذين مارسوا الألعاب أو النشاطات التي تتطلب التفكير وتحفز الدماغ على العمل، مقارنة مع الأشخاص الذين لم يقوموا بأي من هذه النشاطات، وحتى بعد استبعاد الحالات التي أظهر فحص الدماغ وجود تغيرات في بينة الدماغ تشير إلى الخرف".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 7/أيلول/2013 - 30/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م