الحرب القادمة... سوريا شرارتها الأولى

 

شبكة النبأ: تموج منطقة الشرق الأوسط بالاضطرابات والصراعات حاليا بشكل مضطرد، نتيجة لتزايد العداوات السياسية والخلافات الداخلية والمطامع الدولية من أجل تحقيق أجندات وصفقات سياسية بين الدول الكبرى المتصارعة والمهتمة بالهيمنة على بلدان الشرق الأوسط، وذلك بهدف إعادة ترتيب الأوضاع بالمجال السياسي في بلدان تلك المنطقة، وتجسدت بالصدامات والصراعات السياسية والحروب بالوكالة النشطة بين الخصوم الاقليمين والدوليين،  مما ينذر ببواعث خطر نشوب حرب وشيكة بين الاطراف المتخاصمة،  فاخذت تلقي بظلالها على التوازن السياسي والامن الاقليمي الهش في المنطقة، وسط خلافات كثيرة بين القوى السياسية الإقليمية والدولية، مما وضع منطقة الشرق الأوسط في حالة من عدم الاستقرار السياسي الذي يلقي بظلاله على المجالات كافة.

فقد شهدت هذه المنطقة الساخنة سياسيا وأمنيا أحداثا صاخبة، نمت بقوة بعد التغييرات السياسية في الفترة الأخيرة، فيبدو أن النوايا المبيتة والرهانات شبة الحتمية لإثبات الوجود بمنطقة الشرق الاوسط  تقرع طبول الحرب، بعد أن زادت حدة التوتر كثيراً بالمنطقة خاصةَ في الآونة الأخيرة، نتيجة التحشيد العسكري متعددة الغايات تضفي بواعث خطر الانزلاق الى حرب كارثية، ولعل إجراءات الأخيرة باحتمالية توجيه ضربة على سوريا قد تزعزع استقرار الشرق الأوسط المهزوزة أصلا،  كما تبين ذلك من خلال المستجدات والأحداث والتطورات السياسية والامنية الاخيرة، والممتثلة بتوسيع نفوذ الارهاب، وتفاقم الأزمات الاقتصادية والحقوقية والاجتماعية، والدور الخفي لإسرائيل المستفيد الأوحد من اضطرابات الشرق الأوسط، كلها عوامل تسهم في ديمومة الاضطربات التي تغذيها الازمات المتتالية على الاصعدة كافة.

كما يرى محللون آخرون أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي كان ذات يوم مثار اهتمام العالم العربي فقد كثيرا من أهميته في منطقة الشرق الأوسط التي مزقها الصراع الديني والاضطراب السياسي والمشكلات الاقتصادية، فالاضطرابات في مصر والحرب السورية الى جانب الحروب المذهبية  قد تمهد لساعة الصفر لحرب شرق اوسطية كارثية لاتحمد عقباها في المستقبل القريب.

الضربات على سوريا تزعزع استقرار الشرق الأوسط

في سياق متصل حذرت روسيا الغرب من اي ضربات عسكرية ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد معتبرة انها قد تؤدي الى زعزعة استقرار كل منطقة الشرق الاوسط ورفضت مجددا تحميل دمشق مسؤولية الهجوم الكيميائي المفترض، ومعارضة موسكو الشديدة لاحتمال القيام بتحرك عسكري غربي ضد نظام الاسد تنذر بازمة دبلوماسية جديدة بين روسيا والغرب.

وشدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مكالمة هاتفية اجراها مع الموفد الخاص للجامعة العربية والامم المتحدة الى سوريا الاخضر الابراهيمي على انه "لا بديل لحل سياسي-دبلوماسي في سوريا"، واشار الى ان "محاولات الحل العسكري لن تقود سوى الى زعزعة الاستقرار اكثر في البلد والمنطقة" كما جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية، واضاف البيان ان الابراهيمي ولافروف اتفقا على انه "في هذه الاوقات الحرجة على كل الاطراف - بما يشمل الاطراف الخارجية- العمل باكبر قدر من المسؤولية وعدم تكرار اخطاء الماضي".

وعمد مسؤولون روس الى المقارنة بين استخدام القوة المحتمل ضد سوريا والاجتياح الدولي بقيادة الولايات المتحدة للعراق في 2003 الذي عارضته موسكو بشدة، والذي تبين انه كان يستند الى معلومات استخبارات خاطئة حول امتلاك نظام صدام حسين السابق اسلحة دمار شامل، ولم تتمكن الولايات المتحدة من العثور على اية اسلحة دمار شامل في العراق بعد اجتياح هذا البلد.

الازمة في الشرق الاوسط قد تستمر لعقود

في سياق متصل حذر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ من ان الاضطرابات في منطقة الشرق الاوسط قد تستمر "عقودا"، وصرح هيغ لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) ان "ما يحصل حاليا في الشرق الاوسط هو الحدث الاهم في القرن ال21 حتى الان بل واهم من الازمة المالية التي واجهناها ومن عواقبها على عالم الاعمال". بحسب فرانس برس.

واضاف "اعتقد اننا سنحتاج لسنوات وربما لعقود لينتهي الامر وحتى ذلك الحين علينا ان نستمر في دعم الديموقراطية والمؤسسات الديموقراطية بوضوح وتشجيع الحوار. سيكون هناك الكثير من النكسات التي يجب الا نستعجب حدوثها"، ومصر التي فرضت فيها حالة الطوارىء تمر بازمة سياسية خطيرة وتغرق في العنف.

الحرب الباردة

فيما تباينت موضوعات الشرق الأوسط في الصحف البريطانية الصادرة، التي نتناول "الحرب الباردة الجديدة" بالمنطقة، في صحيفة صنداي تايمز نطالع تقريرا عن الصراع بين روسيا والولايات المتحدة في الشرق الأوسط، التقرير يقول إن الشرق الأوسط يتحول إلى ساحة "حرب باردة جديدة" بين واشنطن وموسكو، وينقل عن مراقبين قولهم إن الرئيس الأمريكي، باراك اوباما، مهدد بخسارة هذه "الحرب" لمصلحة نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، ويستعرض التقرير موقف كل من واشنطن وموسكو من أبرز نقاط الصراع بين الجانبين وهي: مصر، وسوريا، واليمن، وإيران.

في مصر، ترددت الولايات المتحدة في شأن تحديد ماهية عزل الجيش الرئيس محمد مرسي من حيث اعتباره انقلابا عسكريا أم لا، ما أثار نفورا لدى طرفي النزاع هناك. وبالتالي، فإن روسيا، التي تقدّم نفسها في صورة حليف الأنظمة التي تحارب المسلحين الإسلاميين، بوسعها أن تكسب نفوذا، وفق تقرير الصحيفة.

وبالنسبة لسوريا، يشير التقرير إلى أن الكرملين يدعم الرئيس بشار الأسد الذي يضيق الخناق على المعارضة المدعومة من واشنطن. كما أن القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس السوري تعتبر موطئ قدم حيوي في البحر المتوسط. بحسب البي بي سي.

وبينما تنأى روسيا بنفسها عما يحدث في اليمن، تصعّد الولايات المتحدة الغارات بطائرات بلا طيار ضد أعضاء تنظيم القاعدة. لكن احتمال مقتل مدنيين في الغارات يغذي مشاعر مناهضة للولايات المتحدة، بحسب تقرير "صنداي تايمز"، وفي إيران، يشير التقرير إلى أن روسيا تقدّم منذ فترة طويلة مساعدات للجمهورية الإسلامية في المجال النووي، كما تعرقل محاولات الولايات المتحدة لاتخاذ موقف أكثر تشددا مع طهران.

الخلافات بين اسرائيل والعرب

في السياق ذاته قال تقرير لمكتب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة يوكيا أمانو ان الأخير لم يتمكن من تضييق الخلافات الاسرائيلية - العربية بشأن كيفية المضي قدما نحو شرق أوسط خال من الاسلحة النووية لكنه سيستمر في جهوده.

وجاء في التقرير ان المحادثات مع مسؤولين من المنطقة أظهرت انه مازالت توجد "خلافات اساسية في وجهات النظر" بين اسرائيل والدول الاخرى في الشرق الاوسط.

ويعتقد على نطاق واسع ان اسرائيل تمتلك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط وهو ما يعرضها باستمرار لتنديد عربي وايراني. واسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم توقع على معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية، وتعتبر اسرائيل والولايات المتحدة ايران الخطر الرئيسي في العالم لانتشار الاسلحة النووية وتتهمانها بالسعي سرا لامتلاك أسلحة نووية وهو ما تنفيه الجمهورية الاسلامية.

وتمت الموافقة على اقتراح مصري لعقد اجتماع دولي يضع اساسا لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل في مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية عام 2010، لكن الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وهم رعاة للاجتماع الدولي المقترح قالوا العام الماضي انه لن يعقد كما تقرر في ديسمبر كانون الاول عام 2012 ولم يحددوا موعدا جديدا لعقده، وقال مسؤولون امريكيون واسرائيليون ان اقامة شرق اوسط خال من الاسلحة النووية لا يمكن ان يصبح حقيقة اذا لم يتحقق السلام العربي الاسرائيلي ولم تقيد ايران برنامجها النووي. بحسب رويترز.

ومثلما هو الحال في سنوات سابقة طلب اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عام 2012 من امانو اجراء مشاورات مع دول الشرق الاوسط بشأن وضع كل الانشطة النووية تحت اشراف الوكالة، ورغم ذلك لم يتمكن من تحقيق مزيد من التقدم بشأن تطبيق "ضمانات شاملة للوكالة التي تغطي كل الانشطة النووية في منطقة الشرق الاوسط" مضيفا انه سيستمر في مشاوراته.

عاصفة العالم العربي لن تهدأ

على الصعيد نفسه ركزت الصحف البريطانية في تغطيتها لمنطقة الشرق الأوسط على التطورات في دول ما يُعرف بـ"الربيع العربي"، كما تساءلت عن طبيعة دور منظمة الأمم المتحدة، ونبدأ من صحيفة "فاينانشال تايمز" التي قالت في افتتاحيتها إن "صيفا سلطويا" جاء في أعقاب الربيع العربي الذي بدأ قبل نحو عامين ونصف، وقالت الصحيفة إن إخلاء سبيل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك وخروجه من السجن يرمز إلى عودة النظام القديم في مصر.

وقالت الصحيفة إنه على الرغم من أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في عام 2011 سمحت بإطاحة مبارك ودعت الأسد للرحيل، فإن السياسة الأمريكية تبدو حاليا مرتبكة. "كما تراجع نفوذ الولايات المتحدة كثيرا".

وطرحت تساؤلات منها: هل سيترك البيت الأبيض النفوذ الأمريكي يتراجع؟ وهل يمكنه صياغة ستراتيجية للتعامل مع الوضع الراهن في الشرق الأوسط؟.

وتقول الصحيفة إن بعض السياسيين في الغرب أشاروا إلى أن الأحداث بالمنطقة تسير، في الواقع، في الطريق الصحيح، وأضافت أن هؤلاء يشعرون بالراحة لعودة "مَن يعرفونهم" في مصر وسوريا، معتقدين أن ذلك يحقق استقرارا في نهاية المطاف، "لكن حقيقة الأمر أن حالة الفوضى في العالم العربي تطرح تحديات قوية أمام العالم، فالقادة القدامى لن يستعيدوا سلطتهم بسهولة". بحسب البي بي سي.

قاعدة سرية لمراقبة الانترنت

على صعيد ذو صلة ذكرت صحيفة بريطانية ان بريطانيا تدير محطة سرية لمراقبة الانترنت في الشرق الاوسط، مستندة في معلوماتها هذه على الوثائق التي سربها اخيرا المستشار السابق للاستخبارات الاميركية ادوارد سنودن، وقالت صحيفة الاندبندنت انه لم يكشف البلد الذي تتمركز فيه هذه القاعدة لكنها اوضحت انها تستطيع اعتراض الرسائل الالكترونية والاتصالات الهاتفية وحركة اشلبكة للولايات المتحدة ووكالات استخبارات اخرى. بحسب فرانس برس.

واضافت ان القاعدة البريطانية تتصل بكابلات الالياف البصرية تحت البحر في المنطقة، وهي تعيد تمرير المعلومات الى وكالة التنصت الالكتروني البريطانية "غوفرنمنت كومينيكشن هيدكوارترز" (جي سي اتش كيو) في شلتنهام جنوب غرب انكلترا، التي تتقاسم المعلومات مع وكالة الامن القومي الاميركية، وكشف سنودن الذي كان مستشار متعاقدا مع وكالة الامن القومي الاميركية تفاصيل عن نشاطات تجسسية تقوم بها الولايات المتحدة وبريطانيا، وذلك عن طريق صحيفة الغارديان مطلع العام الجاري.

شرق أوسط خال من المسيحيين.. قريباً؟

كان هناك ومازال، مسيحيون في الشرق الأوسط منذ ميلاد المسيح،  أما الآن فإنّ هذا التاريخ الذي يمتد على 2013 سنة، بات مهددا، ودعم بابا الأقباط البابا تواضروس الإجراءات التي اتخذها الجيش في أعقاب قراره إطاحة الرئيس محمد مرسي، واشتكى المسيحيون، الذين يشكلون 10 بالمائة من الشعب المصري، إلى جانب أقليات أخرى من أن الدستور الذي أقره محمد مرسي ينتقص من حقوقهم.

وأحصت "المبادرة المصرية من أجل حقوق شخصية" 30 هجوما على كنائس ومؤسسات مسيحية آخرى، والآن يعيش 10 ملايين مسيحي في الشرق الأوسط مما يجعل منهم 5 بالمائة من إجمالي عدد سكانه. وقبل قرن كان تعدادهم يقارب 20 بالمائة.

وأسباب التراجع كثيرة من ضمنها موجات الهجرة وكذلك ارتفاع نسب الولادة لدى المسلمين العرب، ولكن دون نسيان عاملي تهميش المسيحيين واستهدافهم ليس في مصر وحدها بل في عدة دول عربية.

كما بات الجهاديون الإرهابيون في سوريا يستهدفون المسيحيين ومن الأمثلة على ذلك استهداف منطقة مسيحية تقع في العاصمة دمشق، من قبل مسلحين جهاديين مما أدى إلى مصرع أربعة مسيحيين، وفي بنغازي الليبية هذه المرة، تمت محاصرة نحو 60 مسيحيا من قبل متشددين ثم جرى تسليمهم إلى الحكومة للاشتباه في كونهم كانوا يحاولون الهجرة من مصر بطريقة غير قانونية، بل إن المتشددين أخضعوا بعضا من هؤلاء المسيحيين للتعذيب وقتلوا واحدا منهم، لقد تسبب كل تلك الأعمال في موجة نزوح مسيحية من المنطقة، وتقول منظمات إنّ عدد المسيحيين شمال شرق سوريا، وهي المنطقة التي تعد معقلهم التاريخي، تراجع بمقدار الثلث مقارنة بما قبل عامين. بحسب السي ان ان.

وفي العراق أيضا، ومنذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، تراجع عدد المسيحيين هناك بمقدار النصف وفقا لوكالة الاستخبارات الأميركية. ورغم أنهم لا يمثلون سوى 3 بالمائة من إجمالي السكان، إلا أن المسيحيين الفارين من العراق يبلغ تعدادهم نصف عدد الفارين عموما عام 2010 أي في حدود 200 ألف، ورغم أنّ التوترات بين مسلمين ومسيحيين غير مستحدثة في مصر، إلا أنّه منذ إطاحة حسني مبارك، شهد الوضع تدهورا واضحا، وشهد ذلك أوجه في أكتوبر/تشرين الأول 2011 عندما قتل ما لا يقل عن 20 مسيحيا في اشتباكات مع الجيش، وهو ما دفع 100 ألف مسيحي مصري يغادرون البلاد منذ 2011.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 31/آب/2013 - 23/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م