الحرب على سوريا... اغتصاب الشرعية

هل تكرر واشنطن سيناريو مهاجمة العراق؟

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يبدو ان معظم قادة الولايات المتحدة مولعين بعمليات الاغتصاب، خصوصا فيما يتعلق بالشؤون الدولية والسياسيات الخارجية، وتحديدا انتهاك القوانين الاممية، التي ساهمت واشنطن في صياغتها ابان التأسيس لمنظمة الامم المتحدة، باستثناء الرئيس الاسبق بيل كلنتون، الذي فضل اللهو وممارسة الشذوذ مع احدى العاملات في البيت الابيض، على خوض حربا خارجية يغتصب خلالها الشرعية الدولية، اسوة بما فعله سلفه، وما استمر عليه خلفه.

فالحرب على سوريا باتت مسالة وشيكة الوقوع مع تزايد اصوات قرع الطبول، وازدياد القارعين والراقصين على ايقاعها، دون اكتراث او حسبان لنتائج تلك الحرب في حال اندلعت، ومدى تأثير تداعياتها على دول الاقليم والمجتمع الدولي عامة.

اذ توحي المشاهد الجارية لحراك بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات الامريكية المتحدة وحلفائها الانكليز والفرنسيين، وتوابعهم من الانظمة العربية الخليجية وسواها، الى جانب العثماني الجديد رجب اردوغان، توحي في حقيقتها الى امر يدبر بليل يهدف التحضير الجدي لمهاجمة دمشق بكافة السبل المتاحة، ضاربة في مسعاها الارادة الدولية الرافضة لمثل هذه الخطوة الخطيرة.

وبعيدا عن ردود الافعال السياسية المتوقعة، والنتائج الكارثية لتلك الحرب المفترضة، تؤكد المعطيات الميدانية ان دول التحالف الجديد المناهض لسوريا لن يكون قادرا على وقف الحرب والاقتتال الدائر، ان لم تسهم تلك المعركة في ازدياد وتيرة اعمال العنف داخل وجوار سوريا وصولا الى الدول الاوربية المتشاطئة في البحر الابيض المتوسط.

اذ يرى معظم المراقبين ان العنف السياسي الذي اشعل في سوريا ومن قبل في العراق، سيكون له تشظي داخل الدول الداعمة والممولة له، خصوصا في السعودية وتركيا، فيما ستكتسب التنظيمات الجهادية المتطرفة دعما لتنفيذ اعمالها في العمق الاوروبي، خصوصا بعد انخراط المئات من الشباب الاوروبي المسلم في اعمال العنف الدائرة على الاراضي السورية.

وعودة على بدء، شهدت اروقة مراكز القرار في بعض العواصم الغربية والعربية تباين في مواقفها ازاء الحرب على سوريا، اذ نقل البيت الابيض ان الرئيس باراك اوباما ناقش مع رئيس الوزراء الاسترالي كيفن رود الوضع في سوريا في حين أجرت مستشارته للامن القومي محادثات مع مسؤولين اسرائيليين.

واضاف البيت الابيض زاعما في بيان، ان اوباما ورود عبرا اثناء اتصال هاتفي عن "قلقهما الشديد من تقارير عن استخدام النظام السوري اسلحة كيماوية ضد المدنيين قرب دمشق يوم الاربعاء." وقال البيان ان الزعيمين "ناقشا ردودا محتملة للمجتمع الدولي."

وسبق ان اجتمعت مستشارة الامن القومي الامريكي سوزان رايس مع وفد برئاسة يعقوب أميردور رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي. وقال البيت الابيض ان الاجتماع عقد في اطار سلسلة مشاورات ثنائية منتظمة على مستوى عال وتناول الوضع في كل من ايران ومصر وسوريا وقضايا امنية اخرى في المنطقة.

وبينما يدرس اوباما الردود المحتملة اوضح مسؤولون امريكيون انهم يريدون الحصول على دعم دولي قبل اتخاذ اي اجراءات وبدأت الادارة سلسلة مشاورات مع حلفاء الولايات المتحدة. وتحدث اوباما مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي فرانسوا اولوند.

وزعم رئيس الوزراء الاسترالي -وهو دبلوماسي سابق بلده حليف وثيق للولايات المتحدة سيتولى رئاسة مجلس الامن التابع للامم المتحدة- إن المباديء الدولية وراء الاحداث في سوريا واضحة.

واضاف رود في كلمة القاها في سيدني "لا أعتقد ان العالم يمكنه ان يغض الطرف عن استعمال لاسلحة كيماوية ضد سكان مدنيين نتج عنه وفاة حوالي 300 شخص أو اكثر واصابة حوالي 3600 يرقدون في المستشفى."

واضاف ان عدم إتخاذ اجراء سيرسل رسالة للافلات من العقاب الي "كل نظام لحكم الفرد يفكر مستقبلا في استخدام اسلحة كيماوية."

في حين حث أعضاء في الكونجرس الرئيس الأمريكي على التشاور معهم لدى اتخاذ قرار حول الحرب على سوريا، وقال برندان باك المتحدث باسم جون بينر رئيس مجلس النواب أوضح رئيس مجلس النواب أنه يجب إجراء مشاورات ذات معنى مع أعضاء الكونجرس قبل اتخاذ أي عمل كما يجب أن تكون هناك أهداف محددة بوضوح واستراتيجية أوسع لتحقيق الاستقرار.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز ومؤسسة ابسوس أن نحو 60 في المئة من الأمريكيين المشاركين فيه يرون أن الولايات المتحدة يجب ألا تتدخل في الحرب الأهلية السورية بينما قالت نسبة تسعة في المئة فقط إن على واشنطن أن تتصرف.

من جهتها سلطت صحيفة الإندبندنت الضوء على الدور المشبوة الذي يلعبه بندر بن سلطان في الترويج للحرب على سوريا، منطلقا من عداء تاريخي مع النظام في دمشق.

فتنقل الصحيفة، بندر، الذي عينه عمه العاهل السعودي العام الماضي ليرأس المخابرات السعودية، كان على مدى شهور يعمل بصورة حصرية لحشد التأييد الدولي للمعارضة المسلحة السورية، بما في ذلك تسليحها وتدريبها سعيا لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.

وتضيف، إن المخابرات السعودية برئاسة الأمير بندر بن سلطان كانت أول من نبه حلفاءها الغربيين إلى استخدام النظام السوري المزعوم لغاز السارين في فبراير/شباط الماضي.

وعلى الرغم من فشل الأمير بندر، في الرحلة التي قام بها في وقت سابق من الشهر الجاري إلى روسيا، في إقناع الرئيس فلادمير بوتن بسحب تأييده للرئيس السوري، فإن الأمير بندر يحظى بنفوذ كبير في الغرب، ويعود جزء من ذلك إلى الصداقات التي كونها أثناء إقامته في واشنطن.

وترى الصحيفة أن شهورا من الضغط على البيت الأبيض والكونغرس بدأت تحدث تأثيرا. وتضيف أنه توجد تقارير عن أن الأمير بندر كان يعمل بصورة مباشرة مع المخابرات المركزية الأمريكية منذ العام الماضي لتدريب مسلحي المعارضة في الأردن بالقرب مع الحدود السورية.

اما تركيا، التي ترقص على اطلال حلمها العثماني البائد فقد جددت على لسان وزير خارجيتها داود أوغلو دعمها الى خوض الحرب دون الحاجه الى تفويض مجلس الامن.

الدول المناهضة للحرب

ايران وكالعادة حذرت من اي تدخل عسكري خارجي في سوريا قائلة ان الصراع الذي سينجم عن ذلك سيحيق بالمنطقة كلها. مؤكدة على زيف الاتهامات الغربية حول الطرف المتهم باستخدام الاسلحة الكيمياوية في ريف دمشق.

وقال المتحدث باسم وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي خلال مؤتمر صحفي "نريد ان نحذر بشدة من اي هجوم عسكري على سوريا. ستكون هناك بالقطع عواقب خطيرة على المنطقة. هذه التعقيدات والعواقب لن تقتصر على سوريا. بل ستشمل المنطقة كلها."

اما الدب الروسي لا يزال يتحرك بوتيرة هادئة وبرود معهود منذ بداية الازمة، اذ عبرت موسكو عن أسفها لقرار واشنطن تأجيل إجتماع كان من المقرر عقده في لاهاي مع دبلوماسيين كبار من الولايات المتحدة لبحث مؤتمر دولي لاحلال السلام في سوريا.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي جينادي جاتيلوف الذي كان من المقرر ان يشارك في الاجتماع في حسابه على تويتر "من المؤسف ان شركاءنا قرروا تأجيل الاجتماع الروسي الامريكي بشأن الدعوة لمؤتمر دولي حول سوريا."

وأضاف "العمل على وضع المعايير السياسية لاتخاذ قرار في سوريا سيكون مفيدا للغاية الان في الوقت الذي يخيم فيه خطر القوة (العسكرية) على البلاد."

كما اعلنت بغداد عن رفضها الشامل لدعوات الحرب الغربية، مؤكدة على معارضتها استخدام أجوائها أو أراضيها لشنّ أي هجوم ضد السوريا، وقال علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء نوري المالكي "كنا وما زلنا ضد العمل العسكري، وكنا نأمل أن يكون هناك حل سلمي وسياسي للأزمة، لأن الحل العسكري لا يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة".

وأضاف: "نحن موقفنا ثابت من الأزمة السورية، نحن لا نوافق على أي استخدام لأجوائنا أو أراضينا للاعتداء على أي دولة جارة"، في إشارة إلى سوريا. وذكّر بأن "الدستور العراقي لا يسمح أن تكون أرض العراق منطلقاً لأي اعتداء على أي دولة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 28/آب/2013 - 20/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م