الربيع العربي جحيم يتحكم به الاخرون

صباح الرسام

 

سقوط الديكتاتوريات التي جثمت على صدر الشعوب لعقود ادخل الفرح الى قلوبنا وجعلنا نحلم اكثر وكان الامل كبير بان الشعوب العربية سترسم خارطة طريق جديدة تجعلها تقرر مصير بلدانها وتمنع التدخلات الخارجية وتعتمد على نفسها وتبني علاقات لصالح مواطنيها على عكس العلاقات التي كانت تبنيها الانظمة الغاشمة فقد كانت تبني علاقاتها على اساس تقوية انظمتها التي تجعل المواطن عبدا لها.

 وعندما انطلقت العاصفة الشعبية في تونس واسقطت النظام وتلتها تظاهرات تطالب بإسقاط الانظمة الاخرى في الدول العربية وكانت سقوط نظام القذافي وحسني مبارك اثلجت قلوبنا مع تلك تضامنا مع تلك الشعوب وعندما رأينا سقوط الانظمة نظام يتلو نظام كبر املنا الا ان الامل اصطدم بسرقة الاخوان لنضال الشعب المصري الذي برهن للعالم انه شعب حي لانه اسقط نظام ديكتاتوري بدون تدخل خارجي.

 وبعد سقوط النظام المصري بدأ التدخل الخارجي لتحويل الربيع العربي الى جحيم فقاموا بدعم ومساندة (الاخوان ) السلفيين في مصر لكي يستلموا السلطة الجديدة والسبب في دعمهم للاخوان بروز وتزايد اعداد الشيعة هناك وهذا لايروق للغرب المعروف بعدائه لايران الداعم الوحيد للمقاومة في لبنان وفلسطين وهذا السبب جعل الغرب يسرق الثورة المصرية وتجييرها للاخوان الذين لم يكن لهم دور في الثورة على نظام مبارك وبعد استلام الاخوان للسلطة عقدت اتفاقيات مع اسرائيل والتصريحات التي اطلقها مرسي ضد ايران وضد الشيعة وضد المقاومة التي تحارب اسرائيل خير شاهد على عمالة الاخوان.

 وكانت تصرفات السلفيين مخالفة لتطلعات شعب لم يجر انفاسه من نظام جثم على صدره لعقود مما جعل الشعب يجدد ثورته مجددا بإسقاط حكومة محمد مرسي السلفية.

هنا دخل الغرب مجددا وكانت فرصة لضرب عصفورين بحجر واحد هو ان الاسلاميين لايصلحون لقيادة حكومة ويبقون فكرة ان الاسلاميين خطر على الشعوب مما يجعل الاخرين لايفرقون بين الاسلاميين المعتدلين والاسلاميين المتشددين وتبقى هذه الفكرة معشعشة في عقول البسطاء، ومن ناحية اخرى انهم اخذوا مايريدون من حكومة مرسي السلفية فقد تمت اتفاقات ومعاهدات بين مرسي واسرائيل وامريكا ولا تستطيع الحكومات اللاحقة الغاءها لانها اتفاقات رسمية، كما ان الفوضى وسفك الدماء تجعل الشعب المصري وباقي الشعوب يندم على اسقاط الديكتاتوريات وهذه الاحداث انذار لباقي الشعوب كي لا تفكر بإسقاط الانظمة المستبدة.

والحال في ليبيا لايحسدون عليه فالفوضى وسفك الدماء باستمرار والتدخل العسكري الخارجي سيبقى ويتحكم باوضاعها ويكون الامن متقلب بين الصعود والنزول لحين استسلام الشعب واعلان ندمه على اسقاط القذافي وقبول الشعب بحكومة عميلة تستعبده وتلبي طلبات الغرب.

كما ان الدليل على تدخل الغرب ولعبه بالأوضاع السياسية والامنية في هذه البلدان هو مساندته للتيار الارهابي في سوريا التي اصبحت مغناطيس يجذب عتاة الارهابيين الذين قدموا من شتى بقاع العالم وجعلوا شعب سوريا يعيش الجحيم.

وبمساعدة تركيا ودول عربية عميلة في مقدمتهم السعودية وقطر وحتى حكومة مرسي فدمروا سوريا ولا يزال الوضع لايحسد عليه، وكانت هذه الغاية من احداث سوريا هو تشويه صورة الشعوب العربية التي ثارت على الانظمة العميلة وتدمير سوريا التي تساند المقاومة في لبنان وفلسطين باعتبارها قوة عربية لها مكانتها وكلمتها في الوطن العربي والمساندة للارهاب في سوريا حدث ولا حرج فقد رأينا كيف قصفت الطائرات الاسرائيلية مواقع في سوريا والدم بالمال والسلاح والبيانات الرسمية تكشف المؤامرة ناهيك عن الاعلام الذي يطبل واصبح بوق للارهاب في كل مكان ويفبرك الاحداث في سوريا.

ان كانت هناك ثورة تستحق المساندة والاشادة فهي ثورة الشعب البحريني الاعزل المظلوم لانه لم يجد المساندة والدفاع من الدول التي ترفع شعار الديمقراطية ولم يجد كلمة حق من الاعلام العربي العميل الا ماندر بينما تجد منظمات حقوق الانسان التي تدافع عن القتلة وتغض النظر عن الكوارث التي يمر بها الشعب البحريني الاعزل الذي لم يرفع السلاح بوجه النظام العميل بل رفع صوته مطالبا بالاصلاح، مما جعل الانظمة العربية العميلة تقف بوجه هذا الشعب وارسلت الجيوش التي ارتكبت المجازر التي يندى لها جبين الانسانية.

ولو كانت الدول التي تدعي الديمقراطية صادقة لأسقطت النظام الديكتاتوري التعسفي الوهابي في السعودية، والجميع يعلم ان النظام السعودي يدعم الارهاب في كل بقاع العالم وله علاقات حميمة مع امريكا واسرائيل، وهو النظام الوحيد وصلت دكتاتوريته الى تغيير اسم البلد من الجزيرة العربية الى السعودية نسبة لآل سعود.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/آب/2013 - 18/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م