ظاهرة الإرهاب وتضارب الارادات؟

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: يتفق المعنيون على أن الارهاب ليس وليد اليوم، ولا هو نتيجة لتشابك العلاقات الدولية، أو تضارب المصالح في العصر الراهن، إنه موجود في كل عصر وزمان، ولكن على مستويات متباينة من الحدة والتأثير، فضلا عن سعة المساحة التي ينتشر فيها، أما الارهاب في ظرفنا الراهن، فهو الاشد والاقوى من بين كل الحقب التي مضت، حتى يكاد يشكل ظاهرة دولية، بمعنى ليس هناك دولة مستثناة من هذه الظاهرة مهما بلغت قوتها العسكرية او الاستخبارية او الاقتصادية، فأمريكا مثلا على الرغم من كل التحصينات التي تتخذها ضد الارهاب عبر التشريعات الشديدة والاحترازالكبير واللجوء الى التقانات العالية في كشف المتفجرات وتوابعها، إلا أنها لا تزال تتعرض حتى اليوم الى هجمات، كما حدث ذلك قبل أسابيع، واذا اردنا العودة قليلا الى الوراء، فإن احداث تفجير مركز التجارة العالمية في امريكا عبر الاصطدام بطائرات النقل لا تزال ساخنة حتى هذه اللحظة.

ولكن هذا لا يمنع من وجود بؤر مضاعفة للارهاب، وهناك تركيز على دول ومناطق بعينها لكي تكون اهدافا للارهاب بأنواعه، ولعل العراق من بين أشد المناطق تعرضا للارهاب على مدى عقد من السنوات، ولا يزال هذا المد الارهابي الذي يستهدف العراق، متواصلا ضمن مخطط باتت اهدافه واضحة للجميع، فضلا عن الجهات التي تقف وراءه في التخطيط او التمويل أو التنفيذ.

أما لماذا العراق هو البؤرة او الهدف الابرز للارهاب في الوقت الراهن، فإن الدوائر الدولية ومصالحها والحسابات الاقليمية، وتشابك المصالح وتضارب الارادات، كلها تسهم بطريقة او اخرى في تكريس المنهج الارهابي لتعويق نمو هذه الدولة التي تغص بالثروات، لاسيما ما يتعلق بالطاقة والاحتياطي النفطي الهائل الذي يعد الثاني عالميا، فضلا عن احتلال العراق للمرتبة الثانية بعد العربية السعودية في تصدير النفط.

ومن بداهة القول ان تعويق البناء السياسي الراهن في العراق هو هدف أساسي للارهاب، لذلك نجد أن زعزعة الوضع في العاصمة العراقية وبقية المحافظات، أمر تعمل عليه قوى الارهاب على مدار الساعة، هؤلاء جميعا يلتقون في المصالح على حساب الشعب العراقي، لذلك مهما تضاربت مصالحهم واراداتهم، فهم متفقون على اهمية زعزعة امن العراق ومنع النظام السياسي القائم من ادارة البلاد باستقلالية تحرم هؤلاء من سرقة ثروة العراقيين بطرق تبدو مشروعة، لكنها مدمرة ومستنزفة للدولة العراقية.

إن سعي عصابات الارهاب لزرع الفتنة بين ابناء العراق واضح، ولا يحتاج الى كثير من العناء او الذكاء لاكتشافه، كما ان الاهداف واضحة ومعروفة، وكلها تنحصر في إفشال التأسيس السياسي الراهن، وارباك الوضع العراقي، وتعريضه على نحو دائم للهشاشة والتصدع، حتى يمكن ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فبالاضافة الى اضعاف القيادات السياسية، وتدمير الاقتصاد، وزرع البلبلة بين مكونات الشعب، هناك هدف واضح حتى للعراقيين انفسهم، وهو يفضح اهداف الارهاب، ويثبت بقوة الجهات التي تقف وراءه، وهم معروفون ومؤشرون.

لذلك ليس امام الدولة العراقية، حكومة ومؤسسات واجهزة امنية واستخبارية، سوى ادارة الصراع مع قوى الارهاب بذكاء وحيطة متواصلة من خلال التخطيط والتنفيذ السليم لوأد المشاريع الاجرامية التي تتبنى الارهاب كاسلوب لتحقيق مكاسب واهداف لا انسانية، فمن يقتل الاطفال والنساء ويستهدف الاماكن المدنية الرخوة دون وازع من ضمير او اخلاق، ينبغي أن يتم التعامل معه بحزم، ولابد أن يأخذ القضاء العراقي دوره العادل والحازم في هذا الجانب، كذلك على الجهات التنفيذية المسؤولة عن الملف الامني، أن تحصّن الاجهزة الامنية وتدعمها بالاساليب الحديثة القادرة على مقارعة الارهاب وتجفيف منابعه، حتى يتم ضمان استمرار العراق في التأسيس والبناء السليمين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 25/آب/2013 - 17/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م