تركيا... من التشبيك الى الاشتباك

سياسة الخسائر المتواصلة

 

شبكة النبأ: بنظرة متفحصة ومتأنية للسياسات التركية الراهنة، أو السياسات (الأوردغانية) نسبة الى رئيس الوزراء التركي الحالي (أوردغان)، يمكن للمراقب المعني أن يكتشف تراجعا كبيرا، للمكاسب التي حققها اوردغان، في بداية تسنمه لمنصبه كرئيس لوزراء تركيا، وسبب التراجع، ما تعرضت له تركيا من خسائر على الصعيدين الاقليمي والدولي، بسبب السياسات المتسرعة التي ينتهجها اوردغان، في محاولة مفضوحة لاستنهاض الروح الاستعمارية التي تسعى (بغباء) الى اعادة الامبراطورية العثمانية الى الحياة، مع أن المؤشرات العالمية كلها، تدل على استحالة عودة تلك الامبراطوريات الى الساحة، بعد أن باتت من الموروثات، والذكريات الأليمة التي ملأت قلب الانسانية قيحا، بسبب الانتهاكات التي احدثتها للشعوب المستعمَرة، طيلة حكمها الذي اتسم بالظلم والتجاوز على كرامة الانسان.

وفي عودة الى السياسة التي انتهجها اوردغان مع دول المنطقة، المجاورة او دول الشرق الاوسط، سنلاحظ سعيا ملحوظا لتركيا كي تؤسس وتطور وتنمّي مخالب لها في دول الجوار ودول اخرى في الشرق الاوسط عموما، وتعتمد في ذلك سياسة اكل عليها الدهر وشرب، لكنها تجد لها صدى واضحا بسبب قلة وعي الشعوب التي تحاول السياسة الاوردغانية، اختراقها، وبات من الواضح للجميع، أن سياسة (فرق تسد) القديمة الجديدة، هي الاسلوب الاوردغاني الواضح والمعلن، لتحقيق الاهداف التركية في توسيع نفوذها في المنطقة الاقليمية، وحتى على الصعيد العالمي.

ومن الجدير بالذكر هنا، أن نشير الى الخسائر المتتابعة التي حصدتها تركيا، نتيجة لزرعها السياسي الفاشل في دول اقليمية عديدة، مثل سوريا والعراق ودول الخليج واخيرا مصر، حيث تدخلت حكومة اوردغان بصورة علنية في الشأن المصري، عندما اعلنت مساندتها للاخوان المسلمين، واتهامها للحكومة المصرية الجديدة، بأنها تمتثل لأوامر اسرائيل، وهو تصريح واتهام ينطوي على نهج متعال متغطرس، ومرفوض بصورة كلية في التعاملات الدولية، على الصعيدين السياسي والدبلوماسي ايضا.

وهذا ما دفع مصر لرفض التدخل التركي السافر في شؤونها، والتهديد باتخاذ اجراءات صارمة تحد من الصلف الاوردغاني الذي يتبجح باحترام سيادة الدول بالقول، لكن الفعل القائم على ارض السياسة الاقليمية والدولية يؤكد غير تلك الاقوال، ويفضح بصورة واضحة نوايا واهداف تركية لبث الفرقة ونشر الفوضى في كثير من دول المنطقة والدول العربية خصوصا، وذلك لاستثمار الظروف الراهنة لصالح مخططات تركية قديمة جديدة، يتحرك اوردغان لاستنهاضها من جديد، في محاولات دأب عليها اوردغان منذ توليه رئاسة الوزراء التركية وحتى الآن.

ولم تنحصر الخسائر التركية، على المستوى الاقليمي فحسب، بل هناك خسائر تعرضت لها تركيا على الصعيد العالمي ايضا، بسبب غطرسة اوردغان، فبعد ان كانت تركيا قاب قوسين او ادنى من تحقيق حلمها في الدخول الى الاتحاد الاوربي، اصبح هذا الهدف الحلم من الاهداف الصعبة التحقيق إن لم تكن مستحيلة، حيث رفضت دول الاتحاد الاوربي بوضوح ادخال تركيا تحت خيمة هذا الاتحاد، بعد أن رأت في سياسة اوردغان، نزعة استعلائية تنم عن رغبة مكبوتة لإحياء روح الامبراطورية العثمانية المندثرة.

وهكذا تتواصل سلسلة الخسائر التي تتعرض لها تركيا، بسبب السياسات الاستعلائية لاوردغان، وسعيه لتحقيق مكاسب واضحة على حساب شعوب ودول المنطقة، كما هو الحال في الدور التركي الخطير بخصوص ما يحدث منذ عامين تقريبا في سوريا من صراع، تقوم السياسة الاوردغانية، على تأجيجه، من خلال بث الصراعات الطائفية وتعميقها بين ابناء الشعب الواحد، مغذية بذلك للازمات والاحقاد والصراعات، بغض النظر عن الخسائر الكبيرة في الارواح والتي يتعرض لها الابرياء من المدنيين الاطفال والنساء والشيوخ كذلك كما تشير الى ذلك وسائل اعلام مستقلة كثيرة.

لذا المطلوب اعادة نظر فورية بالسياسة التركية التي لم تعد خافي على احد، لانها واضحة ومرصودة من لدن الدول المجاورة، كما ان اهدافها باتت مفضوحة، ولابد لأوردغان ان يفهم بأن زمن الامبراطوريات قد ولّى الى الابد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24/آب/2013 - 16/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م