عالم الحيوان... بين الماضي والحاضر

 

شبكة النبأ: على الرغم من النتائج المهمة التي تحققت طيلة السنوات السابقة، لايزال عالم الحيوان محط اهتمام الكثير من العلماء والباحثين الذين يواصلون أبحاثهم ودراساتهم المستمرة في سبيل التعرف على بعض الأسرار الخاصة والمهمة التي تخص هذا العالم العجيب، وقد تمكن علماء الأحياء وبفضل التقنيات والتكنولوجيا المتطورة من الوصول الى نتائج مذهلة أسهمت بتغير بعض النظريات القديمة التي تتعلق  بمهارات و طرق تعايش هذه المخلوقات، وفي هذا الشأن فقد اظهرت دراسة علمية نشرت في مجلة "كارنت بيولوجي" الاميركية ان ذكور الطيور كان لديها في ما مضى قضيبا تناسليا على غرار ذكور سائر الفصائل الحيوانية، قبل ان يختفي بحكم التطور.

وقال مارتن كوهن المشرف الرئيسي على هذه الدراسة "ان ابحاثا تظهر ان تقلص حجم القضيب لدى الطيور كانت ناتجة عن تفعيل آلية لبرمجة موت الخلايا في مكان جديد وهو الجزء الاعلى من القضيب". واضاف "ان تنظيم التوازن بين انتشار الخلايا وموتها أمر اساسي في تحديد نمو العضو وتطوره" واوضح الباحث ان "الخلل في انقسام الخلايا او موتها يمكن أن يؤدي الى ضعف في نمو العضو وربما اختفائه".

ويسري هذا الامر على الدجاج ، اذ ان تفعيل جينة واحدة لديها هي "ب ام 4" سببت اختفاء القضيب مع الوقت. اما لدى طيور البط والنعام فان هذه الجينات لم تتفعل، ولذلك احتفظت ذكور هذه الطيور بقضيبها. لكن العلماء لم يتمكنوا بعد من تحديد الاسباب التي جعلت جينات "بي ام 4" تتفعل لدى الدجاج ومعظم الطيور ولا تتفعل لدى البط والنعام.

ومن شأن هذا الاكتشاف ان يفتح الباب امام فهم أفضل لفقدان اعضاء لدى عدد من الفصائل بسبب التطور، مثل الافاعي التي فقدت كل أعضائها، كما ان ذلك قد يتيح التوصل الى اجابات حول اسئلة طبية. وبحسب المشرف على الدراسة، فان "الاعضاء التناسلية هي الاسرع تطورا لدى الحيوانات وهي الاكثر تأثرا بالعيوب الخلقية".

ورأى ان فهم اسس التغيرات البيولوجية الطبيعية الناتجة عن عملية التطور من خلال دراسة الجزيئات يمكن أن يقود الى اكتشاف آليات جديدة في التطور الجنيني، بعضها غير متوقع على الاطلاق، وفقا لكوهن. واضاف "هذا الامر سيساعدنا ليس فقط على فهم كيف يجري التطور، بل للاضاءة ايضا على الاسباب المحتملة للتشوهات الخلقية".

من جانب اخر أدهش العلماء مؤخرا نوع من الحلزونيات البحرية التي تستطيع فصل عضوها الذكري عن أجسامها، ثم إعادة تنميته واستخدامه من جديد. ولاحظ باحثون يابانيون سلوكا جنسيا غريبا لدى هذا النوع من الحلزونيات الذي يسمى كرومودوريس الشبكي، ويوجد في المحيط الهادئ. ويعتقد الباحثون أن هذا أول كائن معروف لديهم يمكنه المعاشرة الجنسية مستخدما ما يصفونه بـ"عضو ذكري يمكن التخلص منه". وقد نشرت الدراسة الخاصة بسلوك هذا النوع في نشرة الملكية لعلوم الأحياء.

والحياة الجنسية لذلك النوع من الحلزونيات البحرية شديدة التعقيد، حتى قبل التعرف على الأعضاء التي يمكنها التخلص منها وإعادة تنميتها. فجميع تلك الكائنات كان يعتقد أنها تمتلك كلا الأعضاء التناسلية الذكرية والأنثوية، ويمكنها استخدام كليهما في الوقت ذاته.

ويشرح ذلك برنارد بيكتون، أمين المتحف الوطني للافقاريات البحرية في أيرلندا الشمالية، قائلا "إن الجهاز العام يوجد على الجانب الأيمن من جسم الحلزون. ثم يظهر جزءان عاريان يعرفان بالدودتين البزاقتين، ويواجه أحدهما الآخر بحيث يتلامس الجانب الأيمن لدي كل منهما بالآخر. "وهنا يلتئم العضو الذكري في أحدهما في العضو الأنثوي في الآخر، والعكس بالعكس كذلك. ويقذف كل منهما بحيامينه في الآخر".

غير أن وجود مثل هذا السلوك لدى نوع واحد من الكائنات زاد من تعقيد الأمر بالنسبة للباحثين.

علاج جنسي ولاحظ الباحثون اليابانيون أن هذا النوع من الحلزونيات البحرية التي جمعوها من الشعاب المرجانية القريبة من سطح البحر حول اليابان يمكنه ممارسة الجنس 31 مرة. ولا يستغرق ذلك سوى عدة دقائق أو ثوان، بعدها يندفع الحلزون بعيدا، ثم ينسال العضو الذكري من جسمه، فيتركه في القاع. ثم اكتشف الباحثون أن الحلزونيات تولد بعد 24 ساعة من ذلك أعضاء ذكرية جديدة ويمكنها ممارسة الجنس من جديد.

ولاحظ الباحثون بعد فحص الحلزونيات تشريحيا عن قرب أن في عضوها الذكري جزءا كبيرا ملفوفا بطريقة لولبية داخل أجسادها، يمكنها بعد ذلك استخدامه لسد النقص مكان العضو المتخلص منه. ولاحظ الباحثون كذلك أن في العضو الذكري نوعا من الحسك. وتستطيع الحلزونيات ممارسة الجنس ثلاث مرات متتابعة، يفصل بين كل منها 24 ساعة.

القروش و الدلافين

على صعيد متصل أظهرت دراسة أعدها علماء استراليون ان أسماك القرش تهرب من اكتمال البدر ومن انتصاف الشمس في السماء، الى قاع البحار كي تتابع صيدها ولا تكون فريسة للحيتان المفترسة. وعمل العلماء على مدى ثلاث سنوات على مراقبة التنقل العمودي لتسعة وثلاثين من أسماك القرش قبالة سواحل أرخبيل بالاو في المحيط الهادئ. وأمكن مراقبة هذه الاسماك بواسطة اجهزة بث صوتية.

ونشرت نتائج هذه الدراسة في مجلس "بلوس وان"، وأظهرت ان أسماك القرش تنتقل الى الاعماق مع حلول منتصف الشهر القمري اي حين يكون القمر بدرا، ومن ثم تعاود انتقالها الى السطح بعد ذلك، وهو سلوك تشترك فيه مع اسماك مفترسة اخرى مثل سمكة ابو سيف والتونة الصفراء والتونة السمينة. وخلال النهار، تغوص اسماك القرش الى الاعماق عندما تكون الشمس في وسط السماء، ثم تعود للصعود الى السطح عند المساء، بصرف النظر عن منازل القمر.

وقال الباحث غبريال فيانا "لقد فوجئنا عندما لاحظنا ان أسماك القرش تنزل تدريجا خلال النهار، ثم تعاود الصعود بعد الظهر سالكة طريق النزول نفسه وانما بالعكس". وتفعل أسماك القرش ذلك لملاحقة طرائدها التي تعتمد السلوك نفسه، وايضا لمغادرة المناطق المضاءة في المياه والتي قد تعرضها لهجوم الأسماك المفترسة لها، ولا سيما الحيتان ذات الاحجام الكبيرة. وتغوص أسماك القرش الى أعماق تراوح بين 35 مترا في الشتاء و60 مترا في الربيع، بحسب هذه الدراسة الى اعدها معهد علوم المحيطات في جامعة غرب استراليا، والمعهد الاسترالي للعلوم البحرية.

ومن شأن هذه الخلاصات التي أتت بها هذه الدراسة ان تساهم في سياسة المحافظة على انواع أسماك القرش المهددة. فيمكن للصيادين مثلا ان يعتمدوا على التقويم القمري وعلى اختلاف مواقع الشمس في السماء لتحديد العمق الذي يجب ان يلقوا شباكهم فيه. وقال غابرييل فيانا "في مناطق مثل بالاو، حيث تعد السياحة البحرية مصدرا اساسيا للدخل وحيث تجذب اسماك القرش اعدادا كبيرة من السياح، يعد صيد هذه الاسماك اضرارا كبيرا بالاقتصاد الوطني".

من جانب اخر توصل العلماء من خلال دراسة حديثة إلى دليل إضافي على أن الدلافين تنادي بعضها البعض "بالاسم". وقد أظهرت الدراسة التي نشرت في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم أن الدلافين، وهي من الثدييات البحرية، تستخدم صفارة فريدة من نوعها للتعرف على بعضها البعض ، كما يستخدم البشر الأسماء في مناداة بعضهم البعض. وقد وجد فريق البحث الذي أجرى الدراسة من جامعة سانت أندروز بإسكتلندا أنه عند سماع هذه الحيوانات للنداء الخاص بها فإنها تستجيب له.

وقال فنسنت جانيك بوحدة بحوث الثدييات البحرية بالجامعة "إن الدلافين تعيش في بيئة بحرية ثلاثية الأبعاد، دون وجود أي نوع من المعالم المميزة، وهي بحاجة إلى أن تبقى معا كمجموعة واحدة." وأضاف "هذه الحيوانات تعيش في بيئة تحتاج فيها إلى نظام فعال جدا لتبقى على اتصال فيما بينها."

وكانت هناك شكوك قديمة مفادها أن الدلافين تستخدم صفارات مميزة بنفس الطريقة التي يستخدم بها البشر الأسماء. وتوصلت البحوث السابقة إلى أن هذه النداءات كانت تستخدم بشكل متكرر، وأن الدلافين في نفس المجموعات كانت قادرة على تعلم ومحاكاة الأصوات غير المعتادة. لكن هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها دراسة استجابة هذه الحيوانات للنداء "بأسمائها".

ومن أجل التحقق من ذلك، سجل الباحثون مجموعة من أصوات الدلافين ذات الأنف القارورية، وتم تحديد بصمة الصوت لكل دولفن. ثم قام العلماء بتشغيل هذه الأصوات باستخدام سماعات تحت الماء. وقال جانيك: "قمنا بتشغيل الصفارات الخاصة بالحيوانات في كل مجموعة، كما قمنا بتشغيل صفارات أخرى بترتيب معين، وبعد ذلك قمنا بتشغيل صفارات خاصة بمجموعات مختلفة، ولحيوانات لم ترها قبل ذلك مطلقا في حياتها."

وقد وجد الباحثون أن أسماك الدولفين استجابت بشكل فردي للصوت الذي يخصها، من خلال الرد عليه بصفارتها الخاصة. ويعتقد الباحثون أن الدلافين تفعل كما يفعل البشر، فهي تجيب حينما تسمع أحدا ينادي باسمها. وقال جانيك إن مثل هذه المهارة ظهرت لمساعدة الحيوانات على البقاء معا فيما بينها في مجموعة وسط هذه البيئة الواسعة تحت الماء.

وأضاف "في معظم الوقت، لا يمكنها أن ترى بعضها البعض، ولا تستطيع أن تستخدم حاسة الشم تحت الماء، وهي حاسة مهمة جدا بالنسبة للثدييات من أجل التعرف على بعضها البعض. كما أنها لا تميل إلى المكوث معا في بقعة واحدة، وبالتالي فهي لا تملك أعشاشا أو جحورا لكي تعود إليها."

ويعتقد الباحثون أن هذه هي المرة الأولى التي يشهدون فيها مثل هذا الأمر في حيوان ما، على الرغم من أن دراسات أخرى سابقة قالت إن بعض الأنواع من طيور الببغاء قد تستخدم الأصوات لتميز بعضها البعض داخل مجموعاتها. وقال جانيك إن فهم كيفية تطور هذه المهارة بالتوازي في مجموعات أخرى مختلفة من الحيوانات قد يساعدنا في التعرف على المزيد بشأن كيفية تطور الاتصال لدى البشر.

الى جانب ذلك تقفت مجموعة من العلماء بقيادة استراليا للمرة الاولى اثر حيتان زرقاء من المحيط المتجمد الجنوبي (انتاركتيكا) مستخدمين تكنولوجيا سمعية لمتابعة الاصوات الصادرة عنها على ما افادت الحكومة الاسترالية. والحيتان الزرقاء هي اكبر حيوانات العالم ونادرا ما ترصد في المحيط الجنوبي الا ان فريقا من العلماء تمكن من تحديد مكان بعض هذه الثدييات بعد رصد الاصوات العميقة والمعقدة الصادرة عنها.

وقال وزير البيئة الاسترالي توني بورك ان الباحثين الذين امضوا اسابيع يعملون من على متن زوارق صغيرة وسط جليد انتاركتيكا ذهلوا بالتصرفات الملفتة للحيتان التي رصدوها. واوضح بورك ان "طول حوت انتاركتيا الازرق قد يصل الى 30 مترا ووزنه الى 180 طنا ولسانه لوحده اثقل من فيل وقلبه بحجم سيارة صغيرة". واضاف "حتى اكبر الديناصورات كان اصغر من الحوت الازرق". واخذ العلماء خزعات من الحيتان ووضعوا اجهزة بث عبر الاقمار الاصطناعية على حوتين من هذه الحيتان.

وقالت العالمة فيرجينيا اندروز-غوف ان "هذه الاجهزة نقلت معلومات لم يسبق لنا ان حصلنا عليها حول تحركات سريعة بالطول خلال موسم التغذية الصيفي وتطوافها عند حدود الجليد في القطب الجنوبي". واضافت ان "هذه الطريقة لدرس الحيتان الزرقاء كانت ناجحة وستكون مرجعا للباحثين المتخصصين في حيتان اخرى عبر العالم. والمهمة الاولى لمشروع "انتاركتيكا بلو ويل بروجيكت" قامت على نشر عوامات سمعية في بحر روس لالتقاط الاصوات الصادرة عن الحيتان الزرقاء التي يمكن رصدها على بعد مئات الكيلومترات. وقد سجل العلماء 626 ساعة على ما قال الخبير بريان ميللر. بحسب فرانس برس.

وبعد تحليلها بطريقة مباشرة "تمكن الباحثون من تحديد مكان الحيتان من خلال الاصوات الصادرة عنها وتوجيه الزورق الى المنطقة المعنية" على ما اضاف. وقال الوزير بورك ان الدراسة اثبتت انه من غير الضروري الاجهاز على الحيتان لاجراء ابحاث عملية حولها في اشارة الى مطاردة الحيتان السنوية من قبل اليابان في المحيط المتجمد الجنوبي باسم البحث العلمي.

هوية الذئاب

من جهة اخرى أظهرت دراسة جديدة أن بالإمكان التعرف على ذئاب برية بعينها بدقة تصل إلى 100 في المئة من خلال العواء. واستطاع فريق عمل من جامعة نوتنغهام ترينت ببريطانيا تطوير برنامج كمبيوتر لتحليل الإشارات الصوتية للذئاب الرمادية. وتجول الذئاب في المراعي الشاسعة، ما يجعل من الصعب على نشطاء الحفاظ على البيئة تتبعها رأي العين. غير أن تكنولوجيا يستخدمها فريق من العلماء قد تتيح سبيلا للخبراء لرصد ذئاب بعينها من خلال الصوت فقط. وقالت هولي روت غوتيريدج، المشرفة على الدراسة "عواء الذئاب كثير جدا في البرية. وبإمكاننا الآن بكل تأكيد تحديد أي ذئب يعوي."

وتستخدم الذئاب نداءات مميزة من أجل حماية الأراضي من أي خصوم واستدعاء أقرانها الآخرين. وقالت روت غوتيريدج "إنهم يستمتعون بذلك كنشاط جماعي، فعندما تستمع إلى جوقة عواء تجدهم جميعا يشاركون فيه." ويعتبر برنامج الكمبيوتر الذي يستخدمه الفريق فريدا من نوعه لأنه يحلل علو الصوت وطبقته، في الوقت الذي استطاع فيه العلماء في السابق دراسة طبقة صوت الحيوانات فقط.

وأضافت "تخيل طبقة الصوت بمثابة نغمات صوتية يغنيها الذئب، إن ما نضيفه في هذه الدراسة هو علو الصوت، أو بمعنى آخر طبقة الغناء في الأوقات المختلفة." وقالت "الأمر أشبه بلغة، عندما تشدد نبرة صوتك في أماكن مختلفة، يكون لك صوت مختلف." ووضع العلماء هذه الأداة الجديدة للإختبار من خلال دراسة عشرات التسجيلات الأرشيفية لعواء ذئب رمادي يقطن حديقة غونكين في كندا وجمعتها المكتبة البريطانية في لندن.

وكانت نسبة نجاح العلماء 100 في المئة في تحديد ذئاب بعينها من خلال عواءها التي تنفرد به. وبلغت نسبة النجاح 97 في المئة من حيث تحديد الذئاب التي تعوي جميعها فيما يطلق عليه "جوقة العواء". وقالت روت غوتيريدج إن التكنولوجيا في مراحل تطويرها الأخيرة، لكنها تأمل في إمكانية استخدام نشطاء الحفاظ على البيئة هذه التكنولوجيا في البرية في المستقبل القريب. وأضافت "يمثل ذلك بالمعنى العلمي متعة حقيقية، لأن ذلك يعني أنه إذا سمعنا عواء ذئبا معينا في الليل، فسيكون بإمكاننا تحديد ما إذا كان هذا الذئب نفسه ما نقصده أم لا."

يذكر أنه في السابق حقق العلماء نتائج بلغت دقتها 76 في المئة باستخدام عينات صوتية لتحديد الذئاب البرية. وقالت روت غوتيريدج "كان أكبر تحديين هو الحصول على تسجيلات نقية كما أن الذئب لا يرغب أحيانا في العواء". واستطاع الخبراء استخدام عينات صوتية بنجاح لرصد الحيوانات البرية الاخرى مثل الخفافيش والثديات البحرية. بحسب بي بي سي.

وكشف العلماء في بورتو ريكو عن تكنولوجيا صوتية بإمكانها التعرف على حيوانات الغابات المطيرة من خلال ما تصدره من أصوات. وتعتقد روت غوتيريدج أن الشفرة التسجيل الصوتية الجديدة لفريقها يمكن استخدامها في الدراسات الصوتية لحيوانات "ذئاب أخرى وكلاب. وأي حيوان يعوي في حقيقة الأمر."

ذيل الطاووس

الى جانب ذلك لجأ بعض العلماء في الولايات المتحدة الأمريكية إلى استخدام كاميرات تعمل على متابعة حركة العين لدى أنثى الطاووس، وذلك للتعرف على ما يجذبها في ذيل ذكر الطاووس. حيث يقوم ذكر الطاووس بإظهار ريشه الملون خلال موسم التزاوج، وعرضه بطريقة متباهية مصدرا أصواتا تنجذب من خلالها أنثى الطاووس إليه.

وعمد فريق من باحثي الأحياء إلى تثبيت متتبع للحركة على عين أنثى الطاووس للتوصل إلى ما يجذب نظرها خلال ذلك العرض الذي يقوم به الذكر. وأظهرت الدراسة التي نشرت نتائجها في مجلة "اكسبيريمينتال بيولوجي" أو البيولوجيا التجريبية مدى صعوبة الحفاظ على تركيز أنثى الطاووس على شيء ما، وهو ما يساعد في تفسير السبب وراء قيام ذكر الطاووس بعرض ذيله المزركش بطريقة ملفتة.

ويعد ذيل الطاووس تقريبا أكثر الأمثلة شيوعا على عملية الاختيار الجنسي، وهي الظاهرة التي تعرف عالم الطبيعة تشارليز داروين عليها، والتي تقوم خلالها الحيوانات بإظهار ميزة من ميزاتها لجذب الجنس الآخر. وقالت جيسيكا يورزينسكي، والتي شاركت في هذا البحث أثناء عملها كأستاذ بجامعة كاليفورنيا ديفيس وجامعة دوك في نورث كارولاينا "هناك عدد قليل جدا من أنواع الكائنات الحية التي تمتلك خاصية لفت الانتباه تلك بألوانها المزركشة، على الرغم من أنها لا تقوم بأي وظيفة من وظائف الحفاظ على حياتها. فقد يكون ذلك الذيل الطويل سببا في صعوبة هروب الطاووس من أي حيوان مفترس يتهدد حياته."

وحتى يتعرفوا على السبب وراء كون ذيل الطاووس معقدا ومفصلا إلى تلك الدرجة، عمد الباحثون إلى فهم الأشياء التي يمكن أن يكون لها تأثير على أنثى الطاووس. ويحاول ذكر الطاووس جذب الأنثى بكل السبل عن طريق تغيير ألوان ذيله وأضافت يورزينسكي "كنت أريد معرفة ما يلفت نظر أنثى الطاووس عندما تقوم بتقييم الذكر أمامها."

ومن ثم عمد الباحثون إلى تدريب 12 من أنثى الطاووس على وضع جهاز تتبع حركي للعين، ويتضمن ذلك الجهاز كاميرتين دقيقتين مثبتتين فوق رأسها، تقوم إحداها بتسجيل ما يظهر أمامها، بينما تقوم الأخرى بتسجيل حركة عينها. وقالت يورزينسكي "أصبنا بالدهشة لما توصلنا إليه من نتائج". وأظهرت كاميرات تتبع حركة العين أنه وبدلا من أن تركز الأنثى نظرها على الجزء العلوي من ذيل الذكر، كانت تنظر بشكل أساسي إلى الأجزاء السفلية من الذيل، لتعلق يورزينسكي بأن ذلك قد يشير إلى أنها تقوم بعملية قياس لعرض الذيل. وأظهرت التجارب أن تركيز أنثى الطاووس كان يتراوح ما بين البيئة المحيطة بها وبين ذيل ذكر الطاووس أمامها.

وقالت موضحة "قد يكون من المفيد لأنثى الطاووس أن توزع انتباهها ما بين البيئة المحيطة من حولها، والذكر الذي تقوم باختياره أمامها. فإذا لم تكن الأنثى منتبهة لما حولها وكانت تركز انتباهها على الذكر فحسب، قد ينتهي بها الأمر لأن تصبح فريسة لحيوان مفترس." وتظهر الدراسة أن ذيل ذكر الطاووس كان يعمل على التغيير من شكله حتى يتمكن حجب كل ما من شأنه جذب انتباه الأنثى عنه.

وكان ذلك أيضا سببا في إثارة السؤال حول السبب وراء رفع ذكر الطاووس لذيله بهذه الطريقة الملفتة إذا ما كانت الأنثى تركز في الغالب على الجزء السفلي من الذيل. وكان ليورزينسكي تفسير لذلك أيضا. حيث قالت إن كل ما يمكننا ملاحظته من جسم ذكر الطاووس هو الجزء العلوي من ذيله. وتابعت "لذا نعتقد أن يقوم بنشره لذيله بهذه الطريقة لإرسال إشارة بعيدة المدى إلى أنثى الطاووس". من جانبه، وصف تيم بيركهيد، خبير الطيور والأستاذ بجامعة شيفيلد، هذا البحث بأنه "شيق جدا"، مضيفا أنه ينتهج "طريقة حديثة" للبحث

اكتشاف جديد

على صعيد متصل من الممكن أن يكون العلماء قد توصلوا إلى حل للغموض الذي يكتنف "مثلث برمودا" الخاص بعالم الحمام الزاجل. فلسنوات، احتار العلماء في السبب الذي يضل به هذا الحمام الزاجل القادر على الملاحة عندما كان يجري إطلاقه من موقع معين في ولاية نيويورك. إلا أن الدراسة الجديدة ترى أن الطيور تستخدم أصواتا لها ترددات أقل تمكنها من تتبع مسار طريقها. وجرى نشر تلك الدراسة في مجلة "إكسبيريمنتال بيولوجي" أو "الكيمياء التجريبية".

وقال جوناثان هاغسترام، كبير باحثي تلك الدراسة وهو من هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، إن الطيور كانت تعمل على رسم "خرائط سمعية" لكل ما يحيط بها. إلا أن باحثين آخرين قالوا إن تلك تعتبر نظرية جدلية، وأن ثمة نقاش كبير حول القدرة التي يتمتع بها الحمام الزاجل للملاحة بفاعلية. وبدأ لغز اختفاء الحمام الزاجل في ستينيات القرن الماضي. وكان بيل كيتون، الأستاذ بجامعة كوميل، يحاول أن يفهم قدرة الطيور المذهلة على تتبع طريقها إلى منازلها من أماكن لم يزوروها من قبل.

وكان كيتون قد أطلق بعض الطيور في ولاية نيويورك، وكان مما أثار تعجبه اكتشافه أنه عندما يجري إطلاق الحمام في جيرسي هيل، قريبا من مدينة إيثاكا بولاية نيويورك، ترتبك تلك الطيور وتبدأ في الطيران دون هدف. وحدث ذلك مرارا وتكرارا، إلا أنه وفي إحدى المرات في الثالث عشر من أغسطس/آب عام 1969، تمكنت الطيور من العودة إلى أبراجها بنجاح. وقد تمكن هاغسترام حاليا من الخروج بتفسير لتلك الظاهرة.

وقال: "تعتمد الطيور في السير نحو وجهاتها على نظام البوصلة الخاص بها وخرائطها. وعادة ما تتمثل البوصلة في موقع الشمس أو المجال المغناطيسي للأرض، إلا أن الخريطة لم تكن معروفة لعقود." وأضاف أن الحمام يستخدم ذبذبات "تحت مستوى الصوت"، حيث إن لها ترددات لا يمكن للأذن البشرية التقاطها. ويعتقد هاغسترام أن الطيور عندما تطير في أماكن ليست معروفة لديها، فإنها تستمع إلى ذبذبات "ما تحت مستوى الصوت التي تميز مواطنها، ومن ثم فإنها تستخدم تلك الذبذبات لتتبع طريقها. إلا أن ذلك النوع من الذبذبات قد يتأثر بالتغيرات التي تطرأ على المناخ.

ولجأ هاغسترام إلى درجات الحرارة وقياسات الرياح التجريبية المختلفة التي أخذت لحساب كيف كان للصوت أن ينتقل من مواطن الحمام تلك إلى جيرسي هيل. وتابع قائلا: "كان تكوين الحرارة والرياح في الجو في منطقة شمال ولاية نيويورك يعمل على ارتفاع ذبذبات الصوت بعيدا فوق منطقة جيرسي هيل." ويعني ذلك أن الطيور لم تكن قادرة على سماع تلك الذبذات مما تسبب في أنها ضلت طريقها، وذلك على العكس مما حدث أحد الأيام التي تمكنت فيه من الوصول إلى مواطنها بنجاح.

وقال هاغسترام: "في الثالث عشر من أغسطس/آب عام 1969، كان ثمة شيء من أمرين، إما اختلاف في سرعة الرياح تبعا لارتفاعها، أو حدوث تقلب في درجات الحرارة في الطبقة الحوية السفلى مما تسبب في توجيه تلك الذبذبات الصوتية نحو الأسفل، مما جعلها تصل مباشرة إلى منطقة جيرسي هيل في ذلك اليوم فقط."

ويعتقد هاغسترام أن عرقلة ذبذبات ما تحت مستوى الصوت قد يكون السبب في إيجاد حلول لبعض الغموض الذي يكتنف قدرة الحمام على العودة إلى موطنه. حيث تضل أعداد كبيرة من الحمام الزاجل طريقها، كما حدث عام 1997 عندما ضلت حوالي 60 ألف حمامة طريقها بطول القناة الإنجليزية. وقد اعترف هاغسترام أن نتائج أبحاثه تلك قد تكون مثارا للجدل، إلا أنه أكد على أنها خرجت بفكرة جديدة يرى أنها هي أفضل توضيح لما تقوم به أسراب الحمام الزاجل، حيث إنها توضح ما كان يحدث فوق منطقة جيرسي هيل.

بينما يرى البعض الآخر أن الحمام يلجأ إلى وسائل أخرى يتتبع به طريقه، حيث يعتقدون أنه يلجأ إلى حاسة الشم أو إلى الإشارات المرئية، أو أنه يعتمد على المجال المغناطيسي للأرض، وقد يجمع بين كل تلك الطرق. حيث يقول تيم غيلفورد، أستاذ علم السلوك الحيواني بجامعة أكسفورد، إنه ومع وجود خلاف حول التفاصيل، فإن ما ثبت من خلال عدد كبير من الشواهد التجريبية يؤكد على ضرورة الاعتماد على الروائح المنتشرة في الهواء، وذلك يعتبر كافيا في الغالب لتوضيح طريقة أداء الحمام الملاحي في المناطق التي لا تتعرف عليها. بحسب بي بي سي.

وقال غيلفورد: "عندما تعتاد الطيور على نطاقات أوسع مما يحيط بها، فإنها تبدأ في زيادة الاعتماد على التفاصيل التضاريسية (المرئية) التي تراها لتحديد مسارات اعتيادية لها." وقال هاستغرام إنه لجأ إلى استخدام "طريقة مشوقة" كان من شأنها أن تخرج بعدد من الأفكار الجديدة. مضيفا أنه ومع تلك الشواهد على الطرق الأخرى، لا يبدو أن ذبذبات ما دون مستوى الصوت تمثل توضيحا كاملا لتلك الفكرة.

عنكبوت عملاق

في السياق ذاته حدد العلماء في سريلانكا نوعا جديدا من العناكب يمتاز بضخامة حجمه الذي قد يبلغ حجم وجه الانسان ويقدر طول ساق هذا العنكبوت بنحو عشرين سنتمترا، ما يجعله من العناكب العملاقة. وقد عُثِرَ على هذا النوع من العناكب في احد الادغال شمال سيرلانكا والتي كانت قبل اربع سنين مضت منطقة حرب. وقد سمي هذا النوع باسم poecilotheria rajaei وهو اسم مستوحى من اسم احد مفتشي الشرطة واسمه مايكل راجاكومار بوراجار الذي كان يساعد فريقا من العلماء وعثر على اجزاء حية من هذا العنكبوت الذكر بعدما قتله احد القرويين.

ويجري الخبراء اختبارات الحمض النووي على هذا العنكبوت للتأكد مما اذا كان يمكن تصنيفه في فصيلة جديدة. ورغم تشابه هذا النوع المكتشف حديثا في المظهر مع فصيلة عناكب الرتيلاء التي تمتاز بحجمها الكبير وجسمها المكسو بالشعر والتي تعيش في المناطق الدافئة ومن ضمنها امريكا الجنوبية، فإن هناك فرقا واضحا بينهما في الخصائص الطبيعية. بحسب بي بي سي.

كما يبدو الاختلاف واضحا مع نوع اخر من العناكب الكبيرة القريبة لفصيلة الرتيلاء والتي تعرف باسم العنكبوت آكل الطيور. ويعتبر العثور على هذا العنكبوت دليلا على ان الحياة البرية قد نجت بل وحتى ازدهرت في مناطق الحرب السابقة في سيرلانكا. لكن العلماء يخشون من أن تخرج هذه المخلوقات من بيئتها الطبيعية في الغابات والتي تناقصت بشكل ملحوظ في هذا البلد وبالتالي قد تكون مهددة بالانقراض.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 21/آب/2013 - 13/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م