موطا من مولدافيا!!

زاهر الزبيدي

 

قليل منا من يعرف مولدافيا ؛ ولمن لا يعرفها، هي إحدى جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق، وهي أصغرها مساحة إلا أنها إحدى أكثر الجمهوريات ازدحاما بالسكان، وبشكلها المثلث تقريبا تقع مولدافيا إلى الشرق من رومانيا وتكاد أوكرانيا أن تحيط بها من ناحية الشمال، وتشكل حدودها الجنوبية والشرقية نهاية حدود جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق حيث يقع البحر الأسود في آخر نقطة على الحدود الجنوبية... هذا ليس درساً في الجغرافيا.. ولكنه تعريفاً بتلك البلدان البعيدة، فقد أنتبه أحدهم الى أن أحد أنواع الآيس كريم، الموطا المستوردة، قد صُنعت هناك !!

لننظر الى حال صناعتنا وأموالنا التي تخرج يومياً من مزادات البنك المركزي العراقي والتي تصل إحياناً الى مئآت الملايين من الدولارات.. أين تذهب.. ونتسائل عن أسباب البطالة؟ وتجارنا الأبطال قد عبروا الجبال والبحار ليجلبوا لأطفالنا "الموطا" من مولدافيا.. ولم يأبه أحد منهم يوماً الى أن يكون لدينا مصنعاً لها وهي التي لا تكلف شيئاً.. مصنعاً كبيراً ليغطي على كل الإستيرادات الخارجية الكبيرة لمواد ليست لها أهمية.. ويلم شتات أبناءنا من الشباب الذين أنهكتهم البطالة وشد على عظمهم الفقر وحطم ما تبقى لهم من مستقبل..

وسوريا أيضاً على الرغم من كل الذي يجري من دمار منظم فيها.. وفي ريف دمشق بالذات يجري الإنتاج لذات المنتج وغيره والعراق مستمر بالإستيراد.. فالصناعة يعلم أهلها أنها ما أن تتوقف حتى يموت الوطن وينزوي بعيداً عن مواكبة إقتصادات العالم المتصاعدة بوتيرة عالية ويومياً.. فلماذا نمنح المبالغ الطائلة لتجار أبوا على أنفسهم إلا الربح الكبير على حساب مصلحة الوطن الكبرى في رفد الصناعة الوطنية بمصانع مهما كان حجم إنتاجها وإستيعابها لحجم العمالة وما توفره من فرص عمل لشبابنا.

الى أين تسير الصناعة العراقية؟ ونحن نستنزف مواردنا المهمة في الإستيرادات العشوائية بدلاً من إقامة صناعة وطنية تضاهي الأجنبية إعتماداً على الموارد البشرية المتوفرة وإستغلالاً لطاقاتها بدلاً من تبذير المليارات على تلك الإستيرادات التي لا تمثل أي إضافة نوعية في مجال الصناعة. علينا أن نبدأ في الصناعة والنظر الى حالها المزري فمن النادر اليوم أن تجد منتجات عراقية، غذائية أو استهلاكية، على رفوف المتاجر والأسواق وكأن الصناعة أصبحت اليوم في وطننا كأنه صناعة القنابل الذرية المحرمة.

لماذا وللعراق تأريخ معروف في مجال الصناعة ولدية صناعات لم تكن لدى دول الجوار.. كنا نُصنّع أو نُجمّع كل شيء من السلع الإستهلاكية المهمة للعائلة العراقية وكذلك الغذائية التي تندرج في مجال الاستهلاك اليومي المستمر.. منها من أندثر ومنها من لا زال يعاني ومن سوء التعليب أو النوعية.

العراق بلد زراعي من الدرجة الأولى ومن الأهمية له أن يتولى الصناعة الغذائية التي تهم شعبه بنفسه بدلاً من الإعتماد على دول الجوار التي تغص متاجرنا وأسواقنا بصناعاتها المختلفة وأن نحاول بذلك أن نلملم بعض ما يتناثر من موازناتنا في التبادل التجاري المحموم مع دول العالم والذي يصل الى 55 مليار دولار في عام 2011 فقط.

علينا أن لا نظل على هذا المنوال المقيت في إقتصاد ريعي سوف لن يجرنا إلا الى تعطيل آلة شعبنا عن العمل، العالم ينتج وينتج ويزيد من غلته إلا نحن لا ننتج إلا الموت والدمار وضعف التخطيط، علينا أن نديم زخم صناعتنا وأن نبدأ حتى لو كانت بداياتنا بسيطة فسوف تشعلها المنافسة وتطورها العقول الخاملة الآن عندما يحركها أزيز المعامل في نهار العمل الجميل.. حفظ الله العراق.

[email protected]

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/Zahiralzubaidy.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 14/آب/2013 - 6/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م