أستغرب جدا

صالح الطائي

 

استغرب جدا من توجيه البعض اتهامات قاسية (لدولت) الحكومة و(دولت) السادة المسؤولين واتهامهم بأنهم غير مهتمين بما يعانيه الشعب العراقي من ظلم الإرهابيين.!

أستغرب جدا من الذين يدينون المسؤولين ظنا منهم أنهم بتلك الإدانات سيغيرون مسار التاريخ ويوقفون العنف.

لماذا الاتهام بالتقصير؟ ألم يدن (دولت) السيد أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب تفجيرات العيد بشدة ويتهم تنظيم القاعدة بارتكاب المجازر الوحشية؟

ألم يستنكر (دولت) الوقف الشيعي تلك التفجيرات بشدة وغضب؟

ألم يستنكرها (دولت) الوقف السني ويصب جام غضبه على تنظيم القاعدة؟

فماذا تريدون أكثر من ذلك أيها اللائمون؟

أليس هذا جل ما يقدر عليه المسؤولون في العراق وصلاحياتهم تنتهي دون الإدانة وتبلغ أوجها مع الإدانة، ولا شيء في أيديهم أكثر من الإدانة؟

ثم هل تستحق كل تلك التفجيرات الدموية الشرسة أكثر من هذا الموقف النبيل من (دولت) المسؤولين العراقيين وهي بالرغم من كثافتها وانتقاء أماكن تنفيذها (ملاعب الأطفال والأسواق والتجمعات السكانية الكثيفة) لم تتسبب إلا بمقتل اثنين فقط من المواطنين حسب تصريحات (دولت) السيد الفريق الركن الشمري قائد عمليات بغداد؟

ولماذا هذه الثورة، هل القتل والتفجير والمقابر الجماعية جديدة على العراقيين وهم الذين كانوا ولا زالوا يقدمون قوافل القتلى بقلب مرح ونفس كريمة منذ تسعين عاما بلا كلل؟

لماذا تلومون البرلمانيين و(دولت) السادة النواب الذين يتمتعون بإجازتهم الصيفية ويقضون فترات استجمامهم في المنتجعات الدولية وهم بعيدون عن العراق وما يحدث فيه من ظلم، فهم حتما سوف يدينون التفجيرات متى انتهت إجازتهم في 20 آب الجاري إذا لم تقع تفجيرات جديدة تجعلهم ينسون تفجيرات العيد التي قتلت عشرات الأطفال الذين كانوا يرفلون بملابس العيد بحثا عن السعادة المفقودة بالعراق منذ زمن طويل؟

http://www.annabaa.org/news/maqalat/writeres/salehaltaei.htm

ثم ألا تدل إدانة واستنكار (دولت) السادة المسؤولين للتفجيرات مع كل مرة تقع بها وتحصد عشرات العراقيين على اهتمامهم بشؤون المواطن العراقي وحرصهم عليه وهل من دليل أكبر من ذلك؟.

فالرجاء من كل المنتقدين الغاضبين عدم اللجوء إلى هذا الأسلوب الاستفزازي ودعوا (دولت) السادة المسؤولين، دعوهم يدينون ويستنكرون على هواهم، ولا تعرقلوا عملهم البطولي فدولتهم لم يقصروا أبدا.!!

وأنا هنا لا أدافع عن (دولت) السادة المسؤولين فحاشى الله ان يدافع إنسان مثلي عن مثلهم، وإنما انتقد من يتهمهم؛ لأن المنتقدين لا يفرقون بين ما يتوجب على المسؤول العراقي القيام به تجاه شعبه بعيدا عن الإدانة الفارغة الجوفاء، وبين الإدانة الدولية والعربية وتأثيرها على الرأي العام، فالإدانة الدولة تأتي بمستوى موقف سياسي له تأثيره الكبير، والإدانة الإسلامية تأتي بمستوى فتوى لها قدسيتها وتأثيرها، أما الإدانة الداخلية فهي ليست أكثر من تهرب من المسؤولية.!!

يقول توماس فريدمان في مقال له بعنوان (سنة العراق: ماذا تريدون بحق السماء؟)

"وقد صدرت مؤخرا فتوى ضد لاعبة تنس هندية مسلمة تدينها لارتدائها تنورة قصيرة، ولكن لم تصدر أي فتوى من رجال الدين السنة تدين مذابح الزرقاوي بحق الأطفال والمعلمين الشيعة العراقيين" فالفتوى هنا هي الإدانة الحقيقية للأعمال الإجرامية باعتبار أن المُدينين لا يملكون حق التدخل في الشؤون الداخلية العراقية ولكنهم يستطيعون التأثير على العناصر الخارجية التي تسهم فيها.

وقال عبد الرحمن الراشد في مقال له نشرته صحيفة الشرق الأوسط السعودية: إن "إحدى الظواهر الأكثر غرابة في الوقت الحالي هي رفض الحكومات العربية إدانة الأعمال الإرهابية في العراق أو مواساة الضحايا ... خذوا آخر المذابح حيث فقد ما يزيد على 200 عراقي أرواحهم خلال يومين.. لم ترفع حكومة عربية صوت إدانة، على الرغم من أن معظمها اعترض بشدة عندما أخفق الدستور العراقي الجديد أن يشير إلى أن العراق جزء من الأمة العربية. لقد كان الموقف العربي الرسمي تجاه العراق يفتقر إلى الإرادة على الدوام" والإدانة هنا إسهام في منع تفاقم ظاهرة العنف، وهي يمكن أن توقف التغرير بالسذج ودفعهم لتفجير أنفسهم في العراق.

أما (دولت) المسؤول العراقي فليس مطلوبا منه إدانة الأعمال الإجرامية وكفى؛ وإنما مطلوب منه العمل بكل الوسائل المتاحة لوقف نزيف الدم وحماية أرواح الأبرياء؛ قبل أن تغضب الجماهير المكلومة المصدومة عليه وتُنْزِفُ دمه في شدة غضبها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 13/آب/2013 - 5/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م