العراق ومتلازمة العنف... هل تطيح بالسلم بالأهلي؟

 

شبكة النبأ: لم ينجح العراق في شق طريقه والخروج من المأزق الأمني المستدام حتى بعد مرور عقد من الغزو الأمريكي الذي كان الشرارة الأولى التي زعزعة الأمن العراقي على نحو خطيرا جدا، بل أصبحت أعمال العنف مشهدا شبه يومي يتكرر في معظم المدن العراقية،  فيؤدي الى قتل المئات من أبناء الشعب العراقي، ففي الاونة الأخيرة ضربت موجة عنف متصاعدة العراق بسلسلة من التفجيرات الإرهابية سجلت اعلى معدل لضحايا اعمال العنف في شهر واحد منذ نيسان/ابريل 2008، في الوقت الذي تتزايد فيه التوترات بين الفصائل السياسية الشيعية والسنية والكردية في الحكومة العراقية، إذ يرى الكثير من المحللين بأن التقصير الأمني مؤشر أساسي للضعف الأمني في البلاد، وان  الخلافات السياسية الداخلية والصراعات المستدامة بين السياسيين وضعت الكثير من العقبات أمام تحسن الأمن خاصةً في الآونة الأخيرة، إذ تشكل تلك النزاعات احد ابرز العوامل التي تغدي ديمومة هذه الأزمة.

كما أثارت أعمال العنف الأخيرة مخاوف من العودة الى أتون العنف الطائفي الذي بلغ ذروته في 2006 و2007، في حين يرى محللون آخرون أن انعدام الرؤية الإستراتجية الأمنية مع ضعف  المؤسسة العسكرية غير متماسكة الناتج عن عدم كفاءة بعض القيادات العسكرية واحد من أهم الأسباب التي تقف الأسباب تقف وراء ذلك العجز الأمني، بدليل انه وراء كل خرق امني كبير يتم إقالة او استبدال قائد عسكري او قائد من قوات الشرطة، وهذا ما يوحي بأن المؤسسة العسكرية غير متماسكة، حيث باتت القوات الأمنية العراقية ليست قادرة على ضبط الامن كليا، في ظل الخروق الأمنية المستمرة بمختلف أنواعها، كالعجلات المفخخة والعمليات الانتحارية والاغتيالات وتهريب السجناء، وللقاعدة او ما يعرف ب دولة العراق الاسلامية حصة الاسد في تنفيذها، خصوصا وأن اعمال العنف الاخيرة أتت بعد اسابيع من هجمات واسعة اعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عنها، استهدفت سجونا قرب بغداد ادت الى فرار مئات المسلحين، حيث حذر محللون من ان هرب هؤلاء السجناء يمكن ان يؤدي الى زيادة الهجمات لان العديد منهم مرتبطون بتنظيم ما يسمى بـ الدولة الإسلامية في العراق والشام.

بينما تلعب التدخلات الإقليمية من لدن دور الجوار دورا كبيرا في هذا المجال، من خلال تحويل أزمات تلك الدول وتداولها داخل العراق، لكي تبعد الأزمات عنها، كون اغلب الدول تعيش نفس الهواجس والتحديات، على الصعيد الامني ومجالات اخرى ايضا، غير أنها تسيطر على تلك التحديات لامتلاكها مؤسسات عسكرية متماسكة ومنظمة، لذا تشي تلك العوامل آنفة الذكر ببواعث القلق من ان يؤثر الصراع في سوريا المجاورة على التوازن الطائفي والعرقي الهش في العراق، سيما وان حروب الكلامية باتت اكثر وضحا وشرسة، لتقدم صورة سياسية لانعدام الثقة بين المكونات السياسية ولتشكل أساس هذه الأزمة المستعصية.

في الوقت الذي تقف فيه الجهات المسوؤلة مكتوفة الأيدي ومغمضة العينين أمام العنف الإرهاب المضطرد، ولا تقدم سوى تعهدات لا تغني ولا تنفع الشعب العراقي، كونها وعود جوفاء، تؤدي الى تكرار أخطاء الماضي أو المضي نحو المجهول.

فكما يبدو العراق لا يسير في الاتجاه الصحيح في الوقت الراهن، نظرا لما يشهده هذا البلد من تصعيد في التوتر الأمني والسياسي والطائفي الممزوج بموجات العنف الدامية التي تعزف على أوتار الأزمة السياسية المؤججة حاليا، ونتيجة لهذه العوامل آنفة الذكر يرى أغلب المحللين أن الملف الأمني سيظل متعثرا دون حلول اكثر فعالية، فربما تضع المعركة السياسية في العراق، جميع أطياف الشعب تحت وطأة المؤامرات في الآونة المقبلة، مما اثار مخاوف كبيرة داخل الشعب العراقي من انزلاق العراق في وحل الفوضى مجددا، الذي يبقي نزيف الدم العراقي مستمرا.

سلسلة تفجيرات تستهدف احتفالات العيد

في سياق متصل قتلت سلسلة تفجيرات بسيارات ملغومة في مناطقة ذات أغلبية شيعية في بغداد 57 شخصا وأصابت أكثر من 150 في هجمات منسقة فيما يبدو على مواقع تجمع فيها المحتفلون بعيد الفطر، واستهدف 12 تفجيرا منفصلا اسواقا وشوارع تجارية مزدحمة ومتنزهات ترتادها الأسر للاحتفال بالعيد وتعتبر جزءا من العنف الطائفي المتصاعد في العراق منذ بداية العام.

وكان رمضان هذا العام واحدا من اكثر الشهور دموية على مدى سنوات حيث شهد هجمات منتظمة بالقنابل قتلت عشرات الأشخاص خاصة في بغداد. وتتشابه هجمات يوم السبت مع الهجمات التي وقعت في بغداد يوم الثلاثاء وأودت بحياة 50 شخصا، وقالت الأمم المتحدة ان أكثر من ألف شخص قتلوا في يوليو تموز وهو أكبر عدد من القتلى في شهر واحد منذ عام 2008، وقالت وزارة الداخلية ان العراق يواجه "حربا مفتوحة" تغذيها الانقسامات الطائفية في البلاد وسارعت الى تعزيز الأمن في بغداد وأغلقت الطرق ودفعت بطائرات هليكوبتر للقيام بدوريات في سماء العاصمة.

وخارج بغداد قالت مصادر أمنية وطبية إن انتحاريا فجر قنبلة في سيارة بشارع مزدحم في مدينة طوز خورماتو على بعد 170 كيلومترا شمالي العاصمة مما أسفر عن مقتل عشرة اشخاص على الأقل وإصابة 45 آخرين. بحسب رويترز.

وقال مصدر أمني ان الشرطة تعتقد ان الانتحاري كان يحاول الوصول الى مقر محلي لحزب سياسي كردي لكنه عجز عن بلوغ هدفه بسبب الاجراءات الأمنية المشددة في المنطقة، وقالت مصادر بالشرطة ان سيارتين ملغومتين انفجرتا قرب متنزه بمدينة الناصرية على بعد 300 كيلومتر جنوب شرقي بغداد مما أسفر عن مقتل ستة اشخاص وإصابة 25 آخرين.

وأظهرت صور نوافذ العرض لمحال تجارية وقد دمرها أحد التفجيرات في حين تناثرت على الأرض قطع حديد وحطام اكتسى باللون الاسود. ولم يتبق من سيارة استخدمت في التفجير سوى إطارين وقضيب حديد يصل بينهما، ووقعت تفجيرات بسيارات ملغومة ايضا في مدينة كربلاء الشيعية مما أسفر عن مقتل أربعة اشخاص وإصابة 11 آخرين. واستهدفت التفجيرات كذلك مسجدا للشيعة في مدينة كركوك بشمال العراق مما اسفر عن مقتل أحد المصلين وإصابة خمسة آخرين.

هجمات شرسة تضرب أغلب المدن العراقية

على الصعيد نفسه قتل خمسة اشخاص بينهم فتاة في الحادثة عشرة من العمر واصيب ما لا يقل عن عشرة اخرين بينهم طفل بجروح في هجمات متفرقة استهدفت مناطق متفرقة في العراق، حسبما افادت مصادر امنية وطبية، ففي الموصل (350 كلم شمال بغداد) قال الملازم اول اسلام الجبوري ان "انفجار عبوة ناسفة بالتزامن مع مرور دورية للشرطة في حي سومر، شرق الموصل ادى الى مقتل فتاة تبلغ من العمر 11 عاما كانت على مقربة من المكان". واضاف ان "خمسة من عناصر الشرطة وشخصين بينهم طفل يقل عمره من عشر سنوات، اصيبوا بجروح في هجومين بعبوتين ناسفتين استهدفتا دوريتين للشرطة في حي الرفاعي ومنطقة وادي عكاب" كلاهما غرب الموصل. كما اصيب شخص بجروح جراء سقوط ثلاث قذائف هاون في حي القبة شمال الموصل، وفقا للمصدر. واكدت مصادر طبية في مستشفى الموصل حصيلة الضحايا.

وفي الضلوعية (70 كلم شمال بغداد) قال ضابط برتبة مقدم في الشرطة ان "ثلاثة من عناصر الشرطة قتلوا واصيب شرطي اخر بجروح بانفجار عبوة ناسفة لدى مرور دوريتهم في منطقة البوصليبي" الواقعة الى الشرق من الضلوعية. بحسب فرانس برس.

بدوره ، اكد طبيب في مستشفى بلد حصيلة الضحايا. وفي الحلة (100 كلم جنوب بغداد) قال ضابط برتبة ملازم اول في الشرطة ان "شخصا قتل واصيب اثنان اخران بجروح جراء انفجار عبوة لاصقة على حافلة مدنية في ناحية المسيب (40 كلم شمال الحلة)"، وجائت الهجمات بعد يوم من مقتل 47 شخصا واصابة العشرات بجروح في هجمات متفرقة في البلاد، بينها سلسلة تفجيرات في بغداد قضى فيها 31 شخصا، وفقا لمصادر امنية وطبية.

كما قتل تسعة جنود في شرق العراق بانفجار عبوة ناسفة استهدفت ضابطا رفيع المستوى، في يوم دام جديد قتل فيه ايضا 15 شخصا اخر واصيب العشرات بجروح في هجمات متفرقة، وقال قائد عمليات دجلة الفريق الركن عبد الامير الزيدي لوكالة فرانس برس ان عبوة ناسفة انفجرت في منطقة قريبة من بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد) عندما نزل مع جنوده من سياراتهم.

واوضح "كنا في مهمة امنية وتعرضنا الى كمين ولكنني لم اصب في الانفجار" الذي قتل فيه تسعة جنود واصيب 11 بجروح، وتابع "هذا لن يغير موقفنا من دحر القاعدة"، مشيرا الى ان المنطقة التي وقع فيها الهجوم تعتبر ملاذا لهذا التنظيم، وفي وقت سابق، قال ضابط برتبة عقيد في وزارة الداخلية ان "شخصا قتل واصيب خمسة اخرون بجروح جراء انفجار عبوة ناسفة على جانب الطريق عند مجمع تجاري في حي العامل في غرب بغداد"، واضاف "كما قتل شخصان واصيب خمسة اخرون بجروح بانفجار عبوة ناسفة في منطقة الدورة" في الجانب الجنوبي الغربي من بغداد. بحسب فرانس برس.

من جهته، قال الملازم اول خالص الخالدي من شرطة الموصل (350 كلم شمال بغداد) ان "مسلحين مجهولين اغتالوا اثنين من حراس القضاة بعدما هاجموا سيارتهم الخاصة عند ناحية حمام العليل" على بعد 30 كلم جنوب المدينة، وفي هجوم اخر، قتل احد عناصر الشرطة في هجوم مسلح استهدف نقطة تفتيش للشرطة في منطقة السلامية (30 كلم جنوب شرق الموصل)، وفقا لمصادر امنية وطبية.

وفي بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد)، قال مصدر في قوات الصحوة ان "مسلحين مجهولين اغتالوا ثلاث نساء، سيدة وابنتيها، داخل منزلهن في ناحية بهرز" الواقعة على الاطراف الجنوبية من بعقوبة، كما قال ضابط في الشرطة برتبة مقدم ان "مسلحين مجهولين اغتالوا شقيقين من الصحوة قرب منزلهما في قرية محولة" الواقعة الى الشمال من بعقوبة، وقتل كذلك شخص واصيب اثنان من افراد عائلته بجروح بانفجار عبوة ناسفة عند منزلهم في حي الامين وسط بعقوبة، وفي هجوم مستقل، اغتال مسلحون مجهولون شخصا في قضاء المقدادية شمال بعقوبة، وفقا لضابط برتبة نقيب في الشرطة، ووقع هجوم في تكريت (160 كلم شمال بغداد) حيث قال ضابط في الشرطة برتبة مقدم ان "رجلا وابنه (11 عاما) قتلا بانفجار عبوة ناسفة قرب جامع الشهداء في وسط المدينة".

المالكي: امن العراق لم ينهار والدور قادم على الجيران

الى ذلك قتل 47 شخصا واصيب العشرات بجروح في هجمات متفرقة في العراق، بينها سلسلة تفجيرات في بغداد قضى فيها 31 شخصا، في وقت تعهد رئيس الوزراء نوري المالكي بالا تتحول البلاد الى "ضحية للفتاوى التكفيرية"، وقد شهدت بغداد انفجار ثماني سيارات مفخخة وثلاث عبوات ناسفة، رغم الاجراءات الامنية المشددة التي تتبعها القوات الامنية في العاصمة استعدادا لعيد الفطر.

فقد اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان الانتكاسات الامنية الاخيرة في البلاد لا ترقى الى مستوى "الانهيار"، محذرا دولا مجاورة "تخرب" في العراق والمنطقة من ان "الدور قادم" عليها، وقال المالكي في كلمة خلال لقاء مع عدد من القادة الامنيين والعسكريين بثتها قناة "العراقية" الحكومية "لم ينهار الامن"، مقرا رغم ذلك بحدوث "انتكاسات امنية".

وشدد على ان العراق يخوض "مواجهة لن نخسرها باذن الله بل نربحها حتما"، داعيا المجتمع الى الوحدة بعيدا عن "التمييز الطائفي"، والشرطة والجيش الى عدم التهاون "فنحن لم نتجاوز المحنة بعد (...) والتحدي كبير وسيبقى خطير"، وبحسب ارقام الامم المتحدة، قتل في العراق 1057 شخصا واصيب 2363 اخرون بجروح جراء اعمال العنف والارهاب التي وقعت خلال شهر تموز/يوليو الماضي، كما اظهرت ارقام وزارات الدفاع والداخلية والصحة مقتل 989 شخصا في البلاد خلال الشهر ذاته، وهو اعلى معدل رسمي لقتلى اعمال العنف في شهر واحد منذ نيسان/ابريل 2008. بحسب فرانس برس.

وشدد المالكي في كلمته على انه "يجب الا نسمح لهم بان يعبثوا بامن البلد وتاريخه (...) مهما دعمهم الاشرار من دول الجوار، والدور قادم على هؤلاء الذين يخربون في هذه المنطقة (...) لان الشر لا يمكن ان يحاصر ابدا"، وتابع "اذا ارادوا تصدير الشر الى العراق فليتحضروا ايضا هم لاستقبال هؤلاء الاشرار"، مضيفا "لا يتصور احد انه يتدخل ويشعل النار في بلد وفي ارواح مواطنيه وفي عزته وكرامته ويبقى هو وشعبه بعيدين عن ان يتدخل احد في شؤونهم"، وذكر ان "السلاح الذي يتدفق على هذه المنطقة يتدفق على جميع دولها (...) ومن يتحدث عن امكانية ان ينعزل ببلده عن المؤثرات فهو مشتبه"، داعيا "اخواننا في المنطقة الى التعاون لان مكافحة الارهاب مهمة انسانية"، واعاد المالكي ربط ما يحدث في العراق بالتطورات الإقليمية، وخصوصا سوريا، قائلا ان "معالجة الحالة العراقية بعيدا عن الحالات الاخرى في المنطقة" امر غير ممكن، وختم المالكي قائلا "سنبقى نحن مشروع استشهاد، كل منا ينبغي ان يكون مشروع استشهاد".

خندق امني يثير خلافات عربية كردية

على صعيد آخر اثار حفر خندق امني حول مدينة كركوك لحمايتها من الهجمات الارهابية خلافات اضافية بين عرب واكراد المحافظة الغنية بالنفط، اذ اعتبر العرب انه يهدف الى تحقيق اغراض سياسية وخطوة في طريق الحاق المدينة باقليم كردستان الشمالي.

وقال محافظ كركوك نجم الدين عمر كريم ان "المحافظة اتخذت قرارا بالاجماع بحفر خندق حول مدينة كركوك للسيطرة لمنع الارهابيين من ادخال سيارات مفخخة او مسروقة او غير مجازة"، واشار الى انتشار هضاب وتلال من الجهة الشمالية والشرقية للمدينة وهذه تشكل حاجز فيما تمتد اراضي منبسطة من الجهتين الجنوبية والغربية والتي يمكن تسلل سيارات منها دون المرور بنقاط التفتيش. واكد المحافظ جدوى حفر الخندق، مذكرا بتجربة مماثلة لدى تنفيذ الفكرة ذاتها حول مدينة اربيل، كبرى مدن اقليم كردستان الشمالي، ونفذ حول مدينة اربيل (320 كلم شمال بغداد) عام 2006 خندق مماثل، بالتزامن مع تصاعد موجة العنف في العراق التي بلغت اوجها بين 2006 و2008. واكد المتحدث باسم محافظة اربيل حمزة حامد عدم تعرض اربيل لاي هجمة ارهابية او اعمال عنف طوال السنين الماضية.

بدوره، قال محافظ كركوك ان "الخندق الذي نفذ حول اربيل من اهم اسباب استقرار الوضع الامني هناك"، وردا على اعتماد حفر الخندق دليلا على فشل قوات الامن، قال المحافظ ان "الدور الاكبر يبقى لقوات الامن والخندق لوحدة ليس الطريق الوحيد للحفاظ على الامن".

وتضم كركوك قوميات مختلفة (اكراد وعرب وتركمان). وهي الجزء الرئيسي من الاراضي الشاسعة التي يطالب بضمها اقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي في مواجهة اعتراضات شديدة من حكومة بغداد الاتحادية، وشهدت مدينة كركوك هجمات متكررة خلال الفترة الماضية، اخرها مقتل 41 شخصا في 12 من الشهر الماضي، في هجوم انتحاري استهدف مقهى في حي واحد حزيران، في جنوب المدينة، وفقا لمصادر امنية وطبية. بحسب فرانس برس.

وفيما يتعلق بموقف الحكومة المركزية من المشروع، اكد المحافظ ان "رئيس الوزراء (نوري المالكي) اكد لاحد مسؤولي المحافظة انه +ليس ضد حفر الخندق اذا كان يحافظ على حياة المواطنين وامن المدينة+". وتابع "لماذا يعترض من في بغداد وجميع الحكومة العراقية مقرها خلف خندق اسمها +المنطقة الخضراء+". وتعد المنطقة الخضراء الشديدة التحصين، التي يحيط بها نهر دجلة وجدران اسمنتية، المقر الرئيسي للحكومة العراقية وسفارات اجنبية بينها الاميركية والبريطانية. وتقدر كلفة حفر خندق كركوك الذي يبلغ طوله 53 كيلومترا وعمقه مترين وعرضه ثلاثة امتار، ثلاثة مليارات و500 مليون دينار (حوالى 2,9 مليون دولار)، وتم انجاز ثلثي المشروع الذي بدأ العمل فيه منذ خمس اسابيع، ويتطلب اتمامه بالكامل نحو ثلاثة اشهر، وفقا للمحافظ. ويقول عبد الرحمن منشد العاصي رئيس المجلس السياسي لعرب كركوك عبد الرحمن منشد العاصي، لفرانس برس ان "هذا المشروع يراد منه عزل كركوك لتكون جاهزة للضم الى اقليم كردستان". ووصف العاصي الخندق بانه "طوق سياسي يراد منه في المرحلة لاحقة تفريع كركوك من المكون العربي حتى يتسيد فيها الاكراد وتكون جاهزة للضم الى الاقليم".

واضاف "سنقف ضده لانه مشروع خطير يهدف الى سلخ كركوك الغنية بالنفط". وردا على ذلك قال المحافظ "هناك سوء فهم لدى العرب لانهم يتصورون ان الخندق من الجانب الجنوبي والغربي للمدينة" التي يسكنها غالبية عربية. واكد ان "المشروع يخدم جميع اهالي كركوك وهم عرب وتركمان اضافة للاكراد".

وتعد كركوك الغنية بالنفط، من اهم المناطق المتنازع عليها بين اقليم كردستان الذي يسعى الى الحاقها الى اليه والحكومة المركزية التي تعارض هذا الامر. وتساءل العاصي "اذا كان الغرض تحقيق اهداف امنية، فيجب ان نفكر بكل مناطق محافظة كركوك وليس بالمدينة (كركوك) فقط"، وحول اتخاذ المكون العربي خطوات اخرى غير الاعتراض السلمي، اكد العاصي "لن نذهب الى اي اتجاه لوقف المشروع غير الاعتراض السلمي" مطالبا الحكومة المركزية ب"لعب دورها وايقاف المشروع". كما قال برهان مزهر العاصي عضو مجلس محافظة كركوك عن العرب قاطع جلسة التصويت على المشروع، ان الخندق "لايحمي شيئا في كركوك وفكرته سياسية اكثر من كونها امنية". وذكر بان "المناطق الاخرى في المحافظة تتعرض لهجمات اكثر من مدينة كركوك".

وطالب الحكومة بوقف المشروع، لانه "خندق لعزل كركوك وليس لاغراض امنية". ورغم الاعتراضات التي تواجه المشروع، اكد قاسم حمزة البياتي مدير دائرة الطرق والجسور في كركوك، التي تشارك في تنفيذ الخندق، لفرانس برس ان "العمل مستمر في تنفيذ الخندق دون اي معوقات ونحن الان في مرحلة اعداد القوالب الكونكريتية لابراج المراقبة التي يبلغ عددها اكثر من 56 برج". واكد ان "الخندق سيكتمل خلال الاسابيع القليلة القادمة" مشيرا الى "انجاز 70% من المشروع حتى الان".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 13/آب/2013 - 5/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م