اللغة سراج معرفي بنكهة عصرية

باسم الزيدي

 

شبكة النبأ: تعرف اللغة على انها نسق من الإشارات والرموز التي تشكل أداة من أدوات المعرفة، وتعتبر اللغة أهم وسائل التفاهم والاحتكاك بين أفراد المجتمع في جميع ميادين الحياة، وبدون اللغة يتعذر على الناس ممارسة نشاطهم المعرفي، كما ترتبط اللغة بالتفكير ارتباطًا وثيقًا، فأفكار الإنسان تصاغ دومًا في قالب لغوي، حتى في حال تفكيره الباطني، ومن خلال اللغة فقط تحصل الفكرة على وجودها الواقعي، كما ترمز اللغة إلى الأشياء المنعكسة فيها، فيما عرّفها علماء النفس على أنها مجموعة إشارات تصلح للتعبير عن حالات الشعور، أي عن حالات الإنسان الفكرية و العاطفية والإرادية، أو أنها الوسيلة التي يمكن بواسطتها تحليل أية صورة أو فكرةٍ ذهنيةٍ إلى أجزائها أو خصائصها، والتي بها يمكن تركيب هذه الصورة مرّة أخرى بأذهاننا وأذهان غيرنا، وذلك بتأليف كلماتٍ ووضعها في ترتيبٍ خاصٍ، وتنقسم لغات العالم إلى "عائلات لغوية"، (لغات أفريقية آسيوية ولغات هندية أوروبية)، حيث تحوي كل منها عددًا من اللغات ذوات الأصول والخصائص المتشابهة، و"لغة اصطناعية" تحاكي الأنظمة اللغوية التي تطورت طبيعيا خلال مدى زمني أطول، و"لغات البرمجة" وهي أساليب معيارية لإيصال التعليمات إلى الحاسوب.

ويشهد تطور اللغة في مختلف العصور على حيويتها وتفاعلها المتواصل مع المجتمعات الإنسانية حتى باتت ممثلاً حقيقيا لها ومعبراً صادقاً ودقيق عن افرادها بكل ما يدور في انفسهم وخلجاتهم، ومع تطور الثقافة والحضارة والمعرفة الإنسانية تدرجت اللغة في مواكبة ها التطور وساعدت على صياغته في قوالب معرفية مناسبة لكي تمكن الاخرين من التواصل من خلالها الى افاق جديده تسهم في تحقيق المزيد من التطور والتقدم في مختلف الميادين والأنشطة البشرية.

غوغل واللغة

فقد أضافت شركة "غوغل لخدمات الانترنت" خاصية جديدة لتطبيق "غوغل للترجمة" حيث أصبح بإمكانه ترجمة الكلمات المكتوبة بخط اليد بـ45 لغة مختلفة، وذكر الموقع الإلكتروني البريطاني "تيك ريدر" المعني بأخبار التكنولوجيا أن هذه الخاصية أضيفت على الأجهزة التي تعمل بأنظمة تشغيل "أندرويد من غوغل" العام الماضي حيث يستطيع أي مستخدم كتابة الكلمة المطلوب ترجمتها باستخدام الفارة على الشاشة، ويتعين على المستخدم في البداية الضغط على خيار "الإدخال عن طريق الكتابة اليدوية" ثم كتابة الكلمة المراد ترجمتها في الحقل المخصص للإدخال باستخدام الفارة، وتنطوي هذه الخدمة على فائدة كبيرة، لا سيما بالنسبة للاشخاص الذين يحاولون تعلم لغة جديدة.

فيما أفادت أنباء بأن شركة "جوجل" تعمل حاليًا على نظام ترجمة فوري في هواتف "أندرويد"، يوفر للمستخدمين إمكانية نطق أي جملة أمام الهاتف، ليقوم النظام بدوره بترجمتها إلى اللغة التي يفهمها الطرف الآخر، ونقلت صحيفة "التايمز" هذا عن نائب رئيس إدارة "أندرويد" في "جوجل"، هوجو برّا، الذي قال "إن الشركة تعمل على جهاز يسمح للمستخدمين يومًا ما بالسفر إلى بقاع بعيدة دون الاكتراث لحاجز اللغة"، حسب تعبيره، وأضاف برّا أن الجهاز الذي تعمل عليه الشركة سيكون الحل الأمثل لبعض الأزواج من اللغات، مثل اللغتين الإنجليزية والبرتغالية مقارنة بالصعوبات التي تواجه بعض اللغات الأخرى، مثل الترجمة من الإنجليزية إلى الصينية أو العكس، هذا بالإضافة إلى صعوبات أخرى يراها الخبراء، تقف في وجه هكذا مشروع مثل العتاد الصلب، ومسألة الضجيج المحيط بالمستخدم، ومدى تأثيره على دقة الترجمة، ويُذكر أن شركة "جوجل" ليست الأولى بين الشركات التي أقدمت على تطوير هكذا مشروع، فقد عملت شركة "IBM" في عام 2006 مع إدارة الجيش الأمريكي لتطوير جهاز لترجمة الكلام تلقائيًا، حيث قامت الشركة بتزويد 35 جهاز حاسب محمول ببرنامج يقوم بترجمة الكلام بالإنجليزية إلى العربية العراقية في ثوان معدودة.

كذلك قامت شركة "جوجل" الأمريكية بإضافة خمس لغات جديدة لخدمة الترجمة التابعة لها "Google Translate"، ليتجاوز عدد اللغات التي تدعمها الخدمة 70 لغة، وتضم اللغات التي تم إضافتها اليوم، "البوسنية" وهي اللغة الرسمية للبوسنة والهرسك، ولغة "السيبيوانية" وهي إحدى اللغات المستخدمة في الفلبين، و"الهمونجية" وهي لغة يتكلم بها البعض في كل من الصين، وفيتنام، ولاوس، وتايلاند، والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى ثاني أكثر لغة محكية في أندونيسيا، وهي اللغة "الجاوية"، نسبة إلى جزيرة "جاوا"، يُذكر أن "جوجل" التي قامت بإضافة 5 لغات يصل عدد الناطقين باللغات التي تم إضافتها مؤخراَ يصل إلى 182 مليون نسمة، وكانت قد قامت قبل أسابيع قليلة بإضافة اللغة "الخميرية" وهي إحدى اللغات الرسمية في كمبوديا.

لغة خاصة في بنك

من جهة أخرى لم يعد ذوي الاحتياجات الخاصة في فلسطين بحاجة إلى طرفٍ وسيطٍ ثالثٍ كي يترجم لغتهم لمحاسب البنك الذى يتعاملون معه، فقد دشن البنك الاسلامي الفلسطيني استخدام لغة الإشارة في تعاملاته المصرفية، كأول بنك في الشرق الأوسط، يكسر حاجز الصمت الذي سَكَّن التعاملات المباشرة مع البنوك لذوي الاحتياجات الخاصة، "لماذا لا تتعاملون معي بلغة الإشارة؟"، سألت أمينة الصماء (17عاماً)، أحد موظفي البنك الإسلامي الفلسطيني، خلال زيارتها، ضمن فعالية "الأسبوع المصرفي" التي تنظمه سلطة النقد الفلسطينية (البنك المركزي الفلسطيني)، لتوعية الأطفال على المعاملات المصرفية، طرحت أمينة سؤالها ببراءة، ليشكل بذرة صحوة مؤسساتية لتفعيل حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في فلسطين، وإثر ذلك، قام البنك الإسلامي الفلسطيني، باستحداث لغة الإشارة في التعاملات البنكية، لعملائه من ذوي الاحتياجات الخاصة، وعمّمها على فروعه الخمسة عشر المنتشرة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعمل البنك على تأهيل أكثر من 50 من موظفيه على استخدام "لغة الصمت" في تعاملاتهم المصرفية، كما أدخل البنك الإسلامي الفلسطيني مجموعة من "المصطلحات المصرفية" إلى القاموس الفكري لذوي الاعاقة، بإصدار أسطوانة مدمجة، تترجم المصطلحات المصرفية كافة إلى لغة الإشارة، وقال مسؤول فروع غزة، في البنك الاسلامي الفلسطيني، عزيز حمد: "جاء قرارنا باستخدام لغة الإشارة في التعاملات البنكية، تلبيةً لاحتياجات جمهور المتعاملين من ذوي الاحتياجات الخاصة مع البنك"، وأضاف: "كل فروعنا مجهزة بحسب قانون سلطة النقد لذوي الإعاقة الحركية، لكننا اليوم نساهم في التيسير لذوي الإعاقة السمعية وإعاقة النطق"، وأوضح حمد أن البنك الإسلامي الفلسطيني هو البنك الأول الذي يقدم هذه الخدمة على مستوى الوطن، والشرق الأوسط"، مضيفاً: "لقد عملنا على تدريب موظفي البنك على استخدام لغة الإشارة، وعملنا على استحداث "لغة برايل المصرفية"، التي سنستخدمها قريباً لتعاملات ذوي الإعاقة الحركية".

وشدد حمد على الهدف الانساني لهذه الفكرة، بعيداً عن مبدأ الربحية، داعياً بقية البنوك والمؤسسات إلى تسهيل تعاملات هذه الشريحة المهمة من المواطنين، وسمحت هذه الخدمة لوسيم الأصم (25عاماً)، بأن يكون أول شاب فلسطيني من ذوي الإعاقة يتقدم بطلب تمويل من البنك الاسلامي الفلسطيني، بعد أن أتاح التعامل بلغة الإشارة لعملائه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتحدث وسيم بشكل مباشر إلى موظف البنك -المدرب على لغة الإشارة - ويطلب تمويل مشروع صغير، يستثمر عبره مهاراته في قص الشعر، ليتغلب على مشكلة البطالة، وذكر في حديثه إلى موظف البنك: "علمت على إطلاق الخدمة، وما كنت لأعرف معنى التمويل لولاها، الأمر الذي سوف يغير مجرى حياتي"، وأوضح وسيم، الملزم باستكمال إجراءات الضمان: "إذا وافق البنك على منحي التمويل اللازم سأقيم المشروع الذي أطمح إليه"، وستؤدي هذه الخدمة إلى مزيد من الحفاظ على سرية وخصوصية المتعاملين من ذوي الاحتياجات الخاصة، بتعاملهم المباشر مع موظفي البنك، وعبرت أمينة، عن سعادتها بالخدمة، قائلةً: "أشعر بسعادة غامرة بسبب استحداث هذه الخدمة، لن أنتظر صديقتي لتحضر لمساعدتي في تعاملاتي البنكية، من الآن فصاعداً يمكنني الاعتماد على نفسي والتعامل المباشر في حسابي البنكي، وبسرية أكبر".

وفي إحصائية تعود إلى العام 2011، أوضح تقرير صادر عن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، أن أعداد ذوي الاعاقة في فلسطين وصلت إلى نحو 113 ألفاً، منهم 40 ألف في غزة، وتشكل نسبة الإعاقة الأعلى في مدينة جنين، بنسبة 4.1 في المئة من السكان، تليها محافظة الخليل، ثم القدس، ثم قطاع غزة، بحسب إحصائية سابقة للمركز، وتتوزع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، في قطاع غزة، على 5 أنواع رئيسية من الاعاقة، تتمثل في الاعاقات البصرية والحركية والسمعية والتذكر والتركيز، فضلاً عن اعاقة البطء في التعليم، وبحسب احصائية الجهاز المركزي الفلسطيني، وصل عدد ذوي الاحتياجات الخاصة، في قطاع غزة، البالغين أكثر من18 عاماً إلى 27750 فرداً، موزعة كالتالي: في الاعاقة السمعية 4476 فرداً، الاعاقة الحركية 17596، الاعاقة البصرية 6902، اعاقة في التذكر والتركيز 5133، إعاقة البطء في التعليم 5091، وتشير الارقام الى النسبة الأعلى بينهم، التي تتشكل من ذوي الاعاقة الحركية، ويمثل هؤلاء نسبة 29 في المئة، ويبلغ عدد الأفراد ذوي الإعاقة دون 18 عاماً، نحو 12096 فرداً، منهم: 1555 إعاقة بصرية، 553 إعاقة سمعية، 1195 إعاقة في النطق، 2114 إعاقة حركية، 136 إعاقة في التذكر والتركيز، و777 إعاقة البطء في التعليم.

العصور الغابرة

على صعيد متصل قال علماء لغة بريطانيون ان اسلاف البشر في العصر الحجري في اوروبا ربما كانوا يستخدمون بعض الكلمات الشائعة اليوم في العديد من اللغات الحديثة، بحسب ما جاء في دراسة نشرت في الولايات المتحدة، وبحسب مارك باغيل استاذ علم الاحياء التطوري في جامعة ريدينغ في بريطانيا، فان العديد من الكلمات والافعال والصفات تعود جذورها الى لغة قديمة اندثرت قبل 15 الف عاما، ومن هذه الكلمات "انا" و"انت" و"نحن" و"ام" و"رجل" باللغتين الفرنسية والانكليزية، فهي تجد لها في بعض اللغات الاخرى المعنى نفسه والطريقة نفسها في اللفظ تقريبا، بحسب العلماء البريطانيين، وباستخدام نموذج معلوماتي، حدد العلماء ان بعض الكلمات تغيرت بشكل بطيء على مدى الوقت، بحيث حافظت على ملامحها الاصلية التي تعود الى اكثر من عشرة الاف سنة، وتشير هذه الكلمات الى وجود عائلة لغوية كبيرة تضم سبع مجموعات من اللغات في اوروبا وآسيا، وفقا للباحثين، وكان العلماء في السابق يرتكزون فقط على دراسة الاصوات المتشابهة بين الكلمات لتحديد تلك التي تعود الى اصل مشترك مثل كلمة "باتر" اللاتينية التي تعني "اب"، والقريبة جدا من "فاذر" باللغة الانكليزية و"بير" بالفرنسية، لكن استخدام هذه الطريقة ليس دقيقا اذ يمكن ان يجمع كلمات ذات معان مختلفة تماما، ولتجنب هذه المشكلة انطلق باغيل وفريقه من مبدأ ان الكلمات المستخدمة يوميا ربما تكون قد احتفظت بملامحها الاصلية على مدى أوقات طويلة جدا، وارتكزوا على هذه الفرضية لتحديد الكلمات ذات الاصوات المتشابهة، وقال باغيل في بيان "ان الطريقة التي نستخدم فيها بعض الكلمات في الحديث اليومي هي مشتركة بين كل اللغات البشرية"، واضاف "لقد اكتشفنا ان الاسماء والضمائر وتعابير ظرف الزمان والمكان تغيرت بوتيرة بطيئة جدا، اي مرة واحدة كل عشرة الاف سنة"، وتابع قائلا "الكلمات التي تستخدم اكثر من مرة في الالف في الحديث اليومي، لديها فرصة مضاعفة سبع مرات الى عشر لتكون ذات جذر قديم جدا في اللغات السائدة في اوروبا واسيا"، وكانت دراسات سابقة لمارك باغيل اظهرت تطور سبعة الاف لغة مستخدمة حاليا في العالم، شارحا سبب اختفاء بعض الكلمات. بحسب فرانس برس.

فيما وجدت دراسة جديدة أن اللغات المحكية لمليارات الأشخاص في أوروبا وآسيا تعود للغة الأم نفسها التي استخدمت في جنوب أوروبا قبل 15 ألف عام، وأوضح العلماء في جامعة القراءة في بريطانيا أن هناك مصدراً مشتركاً لمفردات إنكليزية وأردية ويابانية، ولغات أقل انتشاراً، وذكروا أن لغة الأسلاف المحكية في نهاية العصر الجليدي الأخير أسّست لسبع لغات أخرى شكلت فصيلة من اللغات القديمة الأوروآسيوية التي انقسمت بدورها في السنوات الـ5000 التالية إلى اللغات المحكية حالياً في منطقة أوراسيا، من البرتغال حتى سيبيريا، وقال الباحث مارك باغيل إن كل أحد في أوراسيا يمكنه إرجاع أصوله اللغوية إلى مجموعة أو مجموعات قبل 15 ألف عام، ربما في جنوب أوروبا مع تراجع الصفائح الجليدية .

لغات تتقنها شركتك

قد لا تبدو اللغات الأقل شيوعاً بالغة الأهمية بمفردها، ولكن عند النظر إليها بصورة جماعية تتسبب بضربة اقتصادية قوية والأهم من ذلك هو أنه من المتوقع أن تتزايد قوتها مع مرور الوقت ومن المتوقع أن تشهد الأهمية النسبية للغة الإنكليزية تراجعا، وأعلنت شركة "مايكروسوفت" في شهر ديسمبر الفائت عن إطلاقها برنامج "ويندوز 8" بلغة شكّلت بنظر محللين تقنيين كثيرين اختياراً مفاجئاً: الشيروكي، ومنذ عقد ليس إلا، لم يكن أي شخص ما دون سن الأربعين يتحدث لغة سكان أمريكا الأصليين بطلاقة، أمّا اليوم، فبالكاد يتحدثها 16 ألف شخص، وفي سياق جهود مشابهة، أعلنت "جوجل" في شهر يونيو الفائت عن دعمها مشروع "اللغات المهددة للخطر"، ضمن مبادرة تهدف إلى ترويج عمليّة مشاركة المصادر والمعلومات حول اللغات التي تكاد تزول عن الوجود، ومن بين 6500 لغة يتم تحدّثها اليوم، تعتبر 3 آلاف لغة مهددة بالزوال، وبفضل تزويد أفراد مجموعات الأقلية اللغوية بالتكنولوجيا بلغتها الأم، يمكن لهذه اللغات أن تصمد وتزدهر خلال الحقبة الرقمية، ولكن قبل أن نستنتج أن جهود "مايكروسوفت" و"جوجل" تهدف حصرياً إلى خدمة الغير، دعونا ننظر في بعض الوقائع المهمة، ففي العام 2003، أجرى مارك ديفيس تحليلاً مهماً لإجمالي الناتج المحلي بالنظر إلى اللغة المستعملة بطلب من مجموعة "يونيكود كونسورتيوم"، وكشف أن الناطقين باللغتين الإنكليزية والصينية يمتلكون القدرة الشرائية الأكبر، تليها لغات أخرى مستعملة ضمن اقتصاديات العالم الكبرى، على غرار اليابانية والإسبانية، إلا أن مقدار القدرة على الإنفاق الذي تمثله آلاف اللغات المتبقية الأخرى كان ملحوظاً، ويشكل نسبة 12.5 في المئة تقريباً من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وتجدر الملاحظة أن بيانات أحدث عهداً صدرت عن شركة "إنترنت وولرد ستاتس" أظهرت توجهاً مماثلاً، ومن بين مستخدمين تم تقدير عددهم بـ2.1 في 2011، تحدثت نسبة 82 في المئة لغة واحدة من أصل عشر لغات شديدة الانتشار- هي الإنكليزية، والصينية، والإسبانية، واليابانية، والبرتغالية، والألمانية، والعربية، والفرنسية، والروسية، والكورية، وماذا عن نسبة 18 في المئة المتبقية؟، وتحدثت هذه الفئة لغة أخرى من بين لغات العالم القليلة الانتشار والبالغ عددها 6500، وقد لا تبدو اللغات الأقل شيوعاً بالغة الأهمية بمفردها، ولكن عند النظر إليها بصورة جماعية، تتسبب بضربة اقتصادية قوية، والأهم من ذلك هو أنه من المتوقع أن تتزايد قوتها مع مرور الوقت، وفي تلك الأثناء، من المتوقع أن تشهد الأهمية النسبية للغة الإنكليزية تراجعاً، وتُعنى شركات على غرار "مايكروسوفت" و"جوجل" باللغات الأقل شيوعاً، ولكن ليس فقط بداعي عمل الخير، فإن أردت أن تضمن مقامك الريادي في السوق مستقبلاً، يتمثل أحد أكثر التحرّكات ذكاءً يُقدِم عليه أحدهم بتطوير السوق بحد ذاته، ولا يقتصر ذلك على مجرد أخذ منتجك إلى سوق جديد يكون حجم الطلب معروفاً فيه، بل يشمل إنشاء الظروف التي ستسمح لهذا الطلب بالبروز أساساً، وتتمثل إحدى هذه الشروط بالقدرة على تقديم منتجاتك للناس بلغات ممكن أن يعتبروها لغاتهم

«OK» ولغات العالم

من جانبها فان كلمة «OK» المستخدمة في عشرات اللغات غير لغتها الأم الاميركية والتي يتفوه بها الناطقون بلغة «الضاد» مع كل شاردة وواردة أين نشأت وإلى ماذا ترمز؟، وان تعددت المصادر فإن «OK» واحدة!، كلمة «OK» هي ذلك المصطلح اللغوي الشامل الذي نشأ اساسا في الولايات المتحدة الاميركية، ثم اصبح لاحقا مصطلحا شائعا في كل الدول الناطقة بالانكليزية، ثم شاع على نطاق واسع في عشرات من اللغات الأخرى حول العالم حيث بات يستعمل لاغراض متنوعة كثيرة، فمن الممكن مثلا استخدام كلمة «OK» للتعبير عن الاستحسان الحماسي لدى عثور المرء بعد طول بحث على مكان ليركن فيه سيارته (!Aparking spot! ok) او للتعبير عن الاستحسان الفاتر جدا الذي يتساوى مع عدم الاستحسان كأن يقول المرء عندما يُسأل عن رأيه في فيلم لم يعجبه كثيرا (!It was... er... ok) او كطريقة لتنبيه امستمع الى تغيير موضوع الحديث كأن تقول («ok... فلننتقل الى مناقشة النقطة التالية»)، او لتخفيف شعور الآخرين بالاسف عندما يعتذرون الينا فنقول لهم «it's ok»، علاوة على استخدمات كثيرة أخرى، والواقع انه لأمر مدهش ان العالم قد عاش من دون كلمة «ok» حتى ظهورها في اواسط القرن التاسع عشر، وتحديدا في العام 1839، ولعل هنالك روايات حول اصل كلمة OK» اكثر مما هنالك من استخدامات لتلك الكلمة المتعددة الدلالات اللغوية، فهناك روايات تزعم انها مشتقة من اسم ميناء «Aux CAYES» («أو كايي») الهابيتي، او من عبارة «au quai» («او كاي») الفرنسية، او من اسم مشروب كحولي بورتريكي محلي يُعرف بـ«Aux Quais» («او كواي»)، او هي منحوتة من الحرفين الاوليين من عبارة «Ober-Kommando» الالمانية التي تعني «القائد الاعلى»، او من كلمة «okeh» بلغة التشوكتو، او من عبارة «och aye» الاسكتلندية التي تعني بالانكليزية «oh yes»، او من عبارة «waw Kay» («واو كاي») المستخدمة في اللغة الولوفية السائدة في بعض دول شمال غربي افريقيا، او من الحرفين الاولين من عبارة «Olla kalla» اليونانية او من الحرفين الاولين من عبارة «Omnes korrecta» اللاتينية اللتين تعنيان «كل شيء على مايرام»، كما ان هناك روايات تنسب اصل كلمة «ok» الى جذور اخرى مختلفة من بينها الرواية المشهورة التي تقول ان تلك الكلمة نشأت خلال فترة الحرب الاهلية في الولايات المتحدة عندما كان الجنود يرفعون لافتات كبيرة عليها عبارة «zero Killed» (اي عدد القتلى هو صفر) وذلك عندما يعودون من المعركة دون ان يموت اي واحد من بينهم.

ووفقا لما يقوله الان ميتكاف، مؤلف كتاب «Ok: The Iprobable story of America's Greatest Word» (اوكي: التاريخ غير المتوقع لاعظم كلمة في تاريخ اميركا» فإن الحقيقة بشأن كلمة «ok» هي انها كانت نشأت في الاساس كنكتة عرجاء اختلقها ناشر صحافي في العام 1839»، والواقع ان هذا ليس رأي ميتكاف وحده او مجرد حكاية عابرة سمعها ذات مرة مثلما هو حال معظم القصص المتعلقة بأصل تلك الكلمة، فكتاب ميتكاف المشار اليه آنفا يستند الى ينبوع علم الاستاذ الجامعي «آلين ووكر ريد» الذي كان قد عكف طوال سنوات على فحص وتمحيص مصادر تاريخية بحثا عن جذور كلمة «OK» ثم نشر ما توصل اليه في سلسلة من المقالات الصحافية خلال الفترة من العام 1963 الى العام 1964، OK... اليكم القصة، في يوم السبت الموافق 23 مارس 1839، نشر رئيس تحرير صحيفة «بوستن مورننغ بوست» مقالا ساخرا عن مؤسسة هزلية كانت تطلق على نفسها اسم «جمعية مناهضة قرع الاجراس»، وهو المقال الذي كتب فيه مايلي: «ان رئيس لجنة الاجراس الخيرية هو احد نواب رئيس مجلس ادارة تلك المؤسسة، ولربما اذا عاد الى بوسطن فإن صندوق تبرعاته واشياءه الاخرى ستكون «.O.K» (اي «all correct» وسيكون من شأن عودته ان يجعل سدادات قناني المشروبات تتطاير الى الاعلى كالشرارات»، والواقع انه لم يكن غريبا كما قد يبدو ان يلجأ كاتب المقال آنذاك الى صياغة كلمة «ok» بأسلوب السك (مثل سك العملات) باعتبارها اختصارا لعبارة «all correct» (نظرا الى ان حرف «a» في الكلمة الاولى ينطق «o» وحرف «c» في الكلمة الثانية ينطق «k»)، فلقد كانت لك الصرعة رائجة آنذاك حيث كان يستخدم «i.s.b.d» اختصارا لعبارة «it shall be done» و«r.t.b.s» اختصارا لعبارة «remains to be seen» ويمكن القول ان تلك المختصرات كانت بمثابة الاسلاف الاوائل لمختصرات راهنة مثل «OMy God» (OMG) و «LOL» وغيرهما، إلا ان «اللعبة التي كانت تمارس آنذاك على تلك «الصرعة» اللغوية كانت تتمثل في صياغة مختصرات استنادا الى هجاء بديل (على غرار ما فعله كاتب المقال المشار اليه آنفا عندما استعمل O.K. كمختصر لعبارة «all correct»، لكن المدهش في الامر حقا هو ان ذلك التعبير المختصر («ok») قد نجح في الاستمرار والانتشار بهذا الشكل بينما اندثرت وانقرضت مختصرات اخرى كثيرة ولدت قبله ومعه وبعده، بل ان كلمة «OK» كانت على موعد مع الحظ السعيد خلال الانتخابات الرئاسية الاميركية التي اجريت في العام 1840، وذلك عندما اندمجت تلك الكلمة مع اسم «Old kinderhook» وهو الاسم الذي كان يشتهر به المرشح الرئاسي آنذاك مارتن فان بورين، فلقد قرر انصار المرشح ان يشكلوا ناديا اطلقوا عليه اسم «O.k. Club»، وبعد ان دخل ذلك النادي في بعض المشاحنات مع انصار المرشح المنافس هاريسون، اختلطت كلمة «Ok» اعلاميا مع السب والتشهير الى درجة انها باتت تستخدم لتشويه سمعة انصار «فان بورين» عن طريق الغمز الى انها (اي كلمة Ok) تعني «Out of Kash» او «Out of karacter» وغيرهما من العبارات السيئة التي تعمد مطلقوها التلاعب بالهجاء لتحقيق اغراض معينة، وبحلول سبعينات القرن التاسع عشر، اصبحت كلمة «ok» المصطلح المعياري الذي كان يستخدمه مشغلو خطوط التليغراف للاقرار بتسلم رسالة البث، ومنذ ذلك الحين انطلقت تلك الكلمة كالبرق لتنتشر حتى باتت عن جدارة اعظم كلمة انطلقت من الولايات المتحدة الى كل لغات العالم.

دخول وخروج

من جهته أدرج قاموس "أوكسفورد" للغة الإنكليزية معنى جديد لكلمة "تويت" اوتغريدة، وكتب رئيس تحرير القاموس على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" حول التعديلات التي أجريت على القاموس في شهر حزيران (يونيو) الجاري أن فعل "يغرد" (تويت) صار يعني أيضا في القاموس: "كتابة رسالة على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) أو استخدام (تويتر) بشكل دوري"، وكان المعنى الأصلي لكلمة "تويت" في قاموس "أوكسفورد" قبل الإدراج الجديد هو: يغرد، أي التواصل الصوتي للطيور، وتجدر الإشارة إلى أن "تويتر" ليست أول خدمة على الإنترنت يدخل فعلها في قاموس أوكسفورد المرموق الذي |أدرج عام 2006 كلمة "غوغل" (يبحث على محرك البحث غوغل) كفعل.

الى ذلك حذفت محكمة المانية كلمة Rindfleischetikettierungsüberwachungsaufgabenübertragungsgesetzsetz»

 المكونة من 63 حرفاً، من اللغة الألمانية، والتي تعني «قانون مهمة الرقابة على ملصقات لحوم المواشي»، وهو قانون متعلق بإجراء الفحوصات الصحية للحوم المواشي، وكانت الكلمة أضيفت عام 1999، في إطار مكافحة مرض «جنون البقر»، بولاية «مكلنبيرغ» إذ اشتق منها الإختصار«RkReUAUG»، وذلك لصعوبتها، وبعد اختفاء الكلمة من القاموس واللغة، تلتفت الأنظار نحو الكلمة الأطول التي تأتي على رأس اللغة الألمانية، من بعدها، وهي كلمة «Donaudampfschifffahrtsgesellschaftskapitaenswitwe»  والتي تعني، «أرملة قبطان شركة قوارب على نهر الدانوب»، وتليها كلمة «Kraftfahrzeughaftpflichtversicherung»، والتي تعني «تأمين المركبات»

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 6/آب/2013 - 28/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م