المرجع الشيرازي وإنهاض المجتمع

ياسر محمد

 

يؤكد المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي -حفظه الله- بشكل مستمر على تحمل الفرد لمسؤولية القيام بواجب الآخرين وخدمتهم، خاصة فيما يتعلق بحاجات وحقوق أبناء طائفته ومجتمعه. فلقاءاته اليومية مع زائريه من الأفراد والمؤسسات من مختلف بقاع العالم تحمل تأكيداً حثيثاً على القيام بأدوار فيما يتعلق بالعمل المؤسسي أو الفردي في تثقيف أبناء المجتمع فقهياً وعقائدياً، كما يلاحظ تأكيده الدؤوب على حقوق الطائفة حول العالم وحمايتها من الانتهاكات، ومن ذلك بارك إنشاء عدة منظمات حقوقية تنشط في مراكز القرار العالمي.

ومن مصاديق تحمل المسؤوليات ما جاء في الخطاب السنوي بمناسبة استقبال شهر رمضان الكريم، إذ حمل أبناء الطائفة مسؤولية القيام بأدوارهم والنهوض بقضاياهم. حيث حمل الخطاب رسائل عديدة منها ما هو للعلماء في القيام بدور إرشاد الناس وإبعادهم عن الشبهات والمسالك التي في ظاهرها القرب إلى الله وفي حقيقتها البعد عن منهاج أهل البيت (ع).

ورسالة أخرى تحمل التجار مسؤولية دعم المشاريع والقنوات ورسالة موجهة للسياسيين منهم للاستفادة من مناصبهم وموقعياتهم بالعمل الدبلوماسي لتحقيق الأمن والأمان.

والرسالة الأشمل تحميل أبناء الطائفة مسؤولية التصدي لما يجري عليهم من إراقة الدماء ظلماً وعدوانا بأن يقوم كل فرد بدوره بإحقاق الحقوق والدفاع عنهم. كثير من الناس يتقاعس عن القيام بأي دور اجتماعي أو ديني وما أشبه متعللاً بأن هناك من هم أكفأ منه وممن تقدموا عليه في الخدمات التي يأجره الشرع عليها مهما صغرت، فترى المهام الشاغرة التي لا تجد من يقوم بها ولكن عند نجاحها فالجميع يطبل وينسب نفسها إليها مفاخراً.

ربما البعض يجتهد للقيام بنشاط أو دور أممي ولكنه يتعثر في منتصف الطريق، فالرغبات أو الأهواء عندهم هي أساس الانطلاقة بعيداً عن الدستور الذي يرسمه أهل البيت (ع) في التعاطي مع الواقع. فيكون الإطار العام مشروع إسلامي أو اجتماعي لخير الأمة ولكنه يحمل ما يخالف توجيهاتهم (ع)، فتجد العثرة تلو العثرة والسقطة تلو السقطة والتلميع الفاقع لمن انحرفت بهم الدوائر.

رزئنا على مدى سنين قليلة مضت بأطروحات حاولت تبث ثقافة في المجتمع عن ضرورة فصل الواقع والناس عن المرجعيات بدواعي "المحلية" والقيام بالأدوار دون الحاجة لأي استشارة أو اتصال بمرجع الدين وإنما استخدام الموارد المحلية من علماء ومثقفين! ولبالغ الأسف ذهبت بالقائلين بهكذا أطروحات المذاهب وانحدرت بهم آرائهم لوادٍ سحيق إلى أن صار الاتجاه مشتتاً ومستمراً في التهاوي.

إن أي برنامج أو دور في الأمة لابد وأن يكون مبني على أسس صحيحة باعثة على الاستمرار، فليس من القصد أن يقوم مرجع الدين بوضع دقيق التفاصيل حول مختلف الأمور وإنما رسم الخط الصحيح الذي يحظى برضى أهل بيت العصمة (ع)، فما المانع أن يسترشد أبناء الأمة بهدي المرجعيات الدينية التي أفنت عمرها بإخلاص في الحفاظ على بيضة الإسلام بدل هذا التخبط والتشتت الحاصل سواء من قبل بعض العلماء أو عامة الناس الذين مالت بهم الرياح في يوم عاصف.

فكم من مشاريع إسلامية في مختلف بقاع الأرض سقطت وأخرى واضحةُ معالم السقوط فيها، لأنها أخذت بالاستحسان وابتعدت عن الطريق الفعلي الذي لو سارت عليه لوصلت وإن لازمتها بعض الصعوبات.

إن هكذا توجيهات مرجعية مستمرة والاسترشاد بها هي دفعة للأمام للعاملين في الحقل الاجتماعي والإنساني لتقديم ما يخدم الأمة وينهض بها، فما أكثر المسترشدين الذي تقدموا منطلقين من أسس صحيحة، والأسف على من انفصلوا عن الواقع واسترشدوا برأيهم وبآراء أهل الاستحسان والكلام المليح.

http://www.annabaa.org/news/maqalat/writeres/eiser%20mohamed.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 14/تموز/2013 - 5/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م