الكتاب والانسان... بين وصال وجفاء

 

شبكة النبأ: يعتبر الكتاب مصدر مهم و اساسي من مصادر الثقافة والتعليم، لذا فقد أصبح الكتاب من اهم الضروريات في حياة الكثير من الناس الساعين الى زيادة معلوماتهم الثقافية او العلمية، كما يقول بعض المتخصصين الذين اكدوا على ان هناك بعض الدول والمؤسسات تسعى وبشكل حثيث الى ابراز أهمية ثقافة من خلال اهتمامها المتزايد بنشر الكتب وتوفيرها يضاف الى ذلك دعمها المباشر لبعض النشاطات الثقافية التي تهتم بنشر وترويج الكتب، وتزود القارئ والمثقف بكافة ما يطلب في مختلف المجالات والتخصصات، وفي ما يخص عالم الكتب فقد أنفق البريطانيون مبلغ 3،3 مليار جنيه استرليني العام الماضي على شراء الكتب المطبوعة والرقمية، بزيادة 4 في المئة، برغم الأزمة الاقتصادية.

وقد ارتفعت مبيعات الكتب الإلكترونية بنسبة 66 في المئة لتبلغ 411 مليون جنيه، لكن لا يبدو ان هذا اثر سلبا على مبيعات الكتب المطبوعة، التي انخفضت بنسبة 1 في المئة فقط. وكانت ثلاثية "خمسون ظلا" للكاتبة إل جيمس أكثر الكتب مبيعا لعام 2012.

ويلاحظ أن ارفاع مبيعات أجهزة القراءة الالكترونية مثل Kindle قد ساهم في زيادة مبيعات الكتب الالكترونية، لكن اتضح أن المخاوف من أن يؤدي ذلك الى تراجع قراءة الكتب المطبوعة مبالغ بها. وصرح رئيس رابطة الناشرين البريطانيين ريتشارد موليت ان هذه البيانات تثبت أن قطاع النشر في بريطانيا في حالة جيدة ومستمر في النمو.

معرض كبير

في السياق ذاته تجول رواد أول معرض كبير للكتب المستعملة في ليبيا بعد الإطاحة بمعمر القذافي وسط كتب تحكي تاريخ بلادهم لم يتخيلوا يوما أن يطالعوها في ظل حكم النظام السابق. ووقف اشرف حسين (31 عاما) وسط المعرض الذي اقيم بميدان الشهداء في العاصمة طرابلس مشيرا الى صورة لنفس الميدان في عشرينات القرن الماضي قائلا "هذا هو المكان الذي نقف فيه الآن .. ميدان الشهداء. حينها كان يطلق عليه اسم ساحة روما."

واضاف حسين الذي يقوم بدراسات عليا في التاريخ وهو يقلب صفحات كتاب قديم عن تاريخ بلاده "مثل هذه الكتب كانت ممنوعة من قبل لأنها تحكي التاريخ الحقيقي لليبيا .. القذافي لم يكن يريد ذلك. اشتريت كثيرا من هذه الكتب اليوم." وكان حسين واحدا من مئات الليبيين الذين توافدوا على ميدان الشهداء هذا الاسبوع لاستعراض آلاف الكتب في أول معرض كبير لبيع الكتب المستعملة في طرابلس بعد حرب 2011 التي أطاحت بالقذافي.

وعلى وقع الموسيقى التقليدية التف رواد المعرض حول طاولات العرض وباعوا واشتروا كتبا في التاريخ والفلسفة والجغرافيا والشعر والطهي والفنون العسكرية والروايات. وقال منظمو المعرض الذي استمر ثلاثة أيام - والذي ستخصص عائداته لإنشاء مكتبة متنقلة تزور المدارس - إن الكتب الغربية نفدت جميعا في اليوم الأول خاصة مجموعة "هاري بوتر" القصصية.

وبعد الإقبال الكبير في اليوم الاول اضطر المنظمون لإلغاء ساعات العمل الصباحية للمعرض لضمان توفر كتب في الفترة المسائية الأشد زحاما وقال رامي الشهيبي (25 عاما) الذي تبرع ببعض الكتب "عدد الزائرين فاق التوقعات والكتب آخذة في التناقص." وأضاف "أدركنا الآن أن الليبيين متشوقون لهذه الكتب. في المرة القادمة سنحاول توفير المزيد خاصة الروايات الانجليزية والكتب الواردة من ثقافات غربية أخرى." بحسب رويترز.

ويقول الليبيون إن الكتب الغربية بشأن أزمنة محددة كانت محظورة في عهد القذافي ولم تلق الكتب التي تتحدث عن أبطال حركة المقاومة ضد الاستعمار الايطالي والاستقلال بعد ذلك الاهتمام الذي تستحقه. وشارك نحو 60 متطوعا من منظمات المجتمع المدني مثل حركة شباب التنوير التي تركز على الثقافة في تنظيم المعرض من خلال نشر ملصقات في الاحياء وبث رسائل عبر موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي. وتمكنوا من جمع نحو 7000 كتاب. وقال أحد المنظمين ويدعى نزار "الهدف ليس كسب المال أو القيام بنشاط تجاري. نريد تشجيع الناس على القراءة.. نريد فتح عقول الناس من خلال الكتب."

مخطوطات نادرة

الى جانب ذلك تعرض مخطوطات وبطاقات ورسوم لكتاب كبار من القرن العشرين مثل فوكنر وبيكيت وكونراد للبيع في مزاد في لندن، ما يشكل فرصة نادرة للجامعات والمتاحف لإضافتها الى مجموعاتها. وفي نيويورك تعرض دار سوذبيز "اهم مجموعة لفوكنر تعرض للبيع" ولا سيما مخطوطات كتب مطبوعة على الالة الكاتبة ومسودات مصححة وصور ورسوم وكتب شخصية. وتباع ايضا الشهادة والميدالية المرافقتان لجائزة نوبل للاداب والخطاب الذي القاه بالمناسبة في العام 1949 ووسام الشرف الفرنسي. واوضح نائب رئيس دائرة الكتب والمخطوطات في دار سوذبيز، جاستن كالدويل "كان يعتقد ان بعض قطع المجموعة فقدت، لأن احدا لم يرها منذ سنوات".

واضاف "لكن في الصيف الماضي كان احد احفاد فوكنر ينظف مبنى في دارة العائلة في فيرجينيا (شرق الولايات المتحدة) لوضع مجموعة من الدجاج فيه، فعثر على هذه القطع". ويقدر سعر المجموعة التي عرضت بعض قطعها في باريس بمليوني دولار. وهي تضم بطاقات كتبها وليام فوكنر (1897-1962) من باريس. ويعتبر فوكنر من اهم الكتاب الاميركيين في القرن العشرين وقد كتب خصوصا "ذي ساوند اند ذي فيوري" (1929) و "آز آي لاي دايينغ" (1930) و "ابسولوم! ابسلوم!" (1936).

ويتمنى جاستن كالدويل ان تشتري جامعة اميركية غالبية قطع هذه المجموعة، مشيرا الى ان جامعات عدة اعربت عن اهتمامها. وشدد ايضا على الرابط القوي الذي كان قائما بين فوكنر وفرنسا ومن هنا اتى عرض المجموعة اخيرا في باريس. وامل ان تذهب بعض القطع الى فرنسا.

وخلال هذا المزاد ستعرض نسخة اولى من رواية "ذي غريت غاتسبي" للاميركي فرنسيس سكوت فيتزجيرالد ويقدر سعرها بين مئة ومئتي الف دولار.

اما الجزء الثاني من مزاد "اعلام الادب في القرن العشرين" فمقرر في لندن اعتبارا من العاشر من تموز/يوليو مع مخطوطة "مورفي" اول كتاب للروائي الايرلندي سامويل بيكيت (1906-1989) و"تايفون" للكاتب الانكليزي من اصل بولندي جوزف كونراد (1857-1924). والعملان معروضان الان في نيويورك مع مجموعة فوكنر. بحسب فرانس برس.

وتفيد دار سوذبيز ان "مورفي" الواقع في 800 صفحة "هو من اهم المخطوطات لرواية كاملة لكاتب ايرلندي او بريطاني حديث تعرض للبيع في مزاد منذ عشرات السنين". وتقدر المخطوطة الاصلية لبيكيت الحائز جائزة نوبل للاداب العام 1969 بسعر يراوح بين 1,24 و1,87 مليون دولار. اما "تايفون" وهو من اخر المخطوطات المهمة "التي لا تزال ملكا لافراد" على ما تفيد دار المزادات فيقدر سعرها بين 467 الفا و780 الف دولار.

اقدم من التوراة

من جهة اخرى قال بروفيسور إيطالي انه عثر على ما يعتقد انه اقدم لفافة كاملة في العالم للتوراة وتضم النص الكامل للأسفار الخمسة الأولى للكتاب المقدس بالعبرية. وقال ماورو بيراني استاذ اللغة العبرية في جامعة بولونيا ان اختبارات اجراها خبراء واختبارات تحديد التاريخ بالكربون اجريت في ايطاليا والولايات المتحدة ارجعت تاريخ اللفافة الى انها كتبت ما بين عامي 1155 و1225.

وكان يعتقد فيما سبق ان اللفافة التي كانت موجودة في حوزة مكتبة جامعة بولونيا لأكثر من مئة عام تعود للقرن السابع عشر. وكتب عليها "لفافة 2". ويوجد العديد من الشظايا الأقدم للتوراة لكن ليست لفافات كاملة للأسفار الخمسة. وقال بيراني في مقابلة اجريت معه عبر الهاتف "فحص يهودي كان يعمل امينا للمكتبة في الجامعة اللفافة في عام 1889 للفهرسة وكتب 'القرن 17 تليها علامة استفهام'".

لكن عند الإعداد لوضع فهرس جديد للمجموعة اليهودية في الجامعة درس بيراني (63 عاما) اللفافة واشتبه في ان امين المكتبة اجرى فحصا سطحيا جدا في عام 1889 ولم يعرف مدى قدمها. وقال عن اللفافة التي يبلغ طولها 36 مترا وعرضها 64 سنتيمترا "ادركت ان اسلوب الكتابة كان اقدم من القرن السابع عشر لذا تشاورت مع خبراء آخرين."

وتتألف اللفافة من 58 شريحة من جلد الخروف الناعم تم خياطتها معا ويتكون معظمها من ثلاثة اعمدة من الكتابة. وارجعت الاختبارات التي اجريت في جامعة سالنتو في جنوب ايطاليا وفي معمل التأريخ بالكربون المشع بجامعة ايلينوي تاريخ اللفافة الى ما بين النصف الثاني من القرن الثاني عشر والربع الأول من القرن الثالث عشر. وقال بيراني ان النسخة الكاملة من التوراة التي كانت تعتبر فيما سبق الأقدم كانت تعود لأواخر القرن الثالث عشر. بحسب رويترز.

وقال بيراني انه من غير الواضح اين نسخت لفافة التوراة لكن يحتمل على نحو كبير انه لم يتم نسخها في ايطاليا. ويحتمل ان يكون ناسخا تدرب على العادات الشرقية هو من نسخها ويحتمل ان تكون قد نسخت في الشرق الأوسط. ويعمل بيراني منذ عقدين رئيسا لمشروع جنيزة الإيطالي الذي يحدد ويفهرس شظايا المخطوطات العبرية في ايطاليا. وجنيزة كلمة يهودية تعني غرفة في المعبد اليهودي يخزن فيها كتب واوراق دينية. وعثر مشروع جنيزة وصور وفهرس حوالي 13 الف شظية من المؤلفات اليهودية من مختلف فروع مطبوعات التلمود والتعليق الانجيلي والفكر اليهودي واللغة العبرية والتاريخ اليهودي.

مكتبة الديكتاتور

في السياق ذاته كشف كتاب وضعه صحافي تشيلي ان الديكتاتور السابق اوغستو بينوشيه الذي اشتهر باحراق الكتب وزج الكتاب في السجون والمنافي، جمع سرا مكتبة تضم اكثر من 50 الف كتاب. ويحمل الكتاب الذي اصدره الصحافي خوان كريستوبال بينا اسم "الحياة الادبية السرية لاوغستو بينوشيه"، وهو يروي كيف عكف الطاغية على جمع كتبه.

وتقتصر المكتبة على مصنفات في التاريخ والجغرافيا وفي الفكر الماركسي الذي كان بينوشيه يسعى الى سحقه بأشد الوسائل القمعية في عهده بين العامين 1973 و1990. ويرى الكاتب الصحافي ان هذه المجموعة الضخمة من الكتب "كانت أشبه بمسرحية يعيشها بينوشيه ليوحي لنفسه انه مثقف ومهم، لانه كان يعرف في قرارة نفسه انه يعاني من خواء فكري"، ووزع بينوشيه مكتبته هذه في اماكن اقامته الثانوية، وهي لم تكتشف سوى في العام 2004، بالتوازي مع اكتشاف ثروته التي تقدر بعشرين مليون دولار والتي كانت مودعة في مصارف اميركية.

ويقول الكاتب بينا "الامر المذهل ان هذا الشخص الذي لم يكن يقرأ كثيرا، وربما لك يكن يقرأ على الاطلاق، كان يملك هذه المكتبة الخاصة الاضخم في تشيلي وربما في اميركا اللاتينية". وتقدر قيمة هذه المكتبة بثلاثة ملايين دولار. وحصل بينوشيه على معظم هذه الكتب من المكتبات القديمة في وسط العاصمة سانتياغو، ومن أموال الدولة.

ومن بين الكتب الاكثر قيمة، كتاب "السيرة التاريخية لمملكة تشيلي" بقلم الاب اليسوعي الونسو دي اوفالي في القرن السابع عشر، وكذلك نسختان تعود احداهما الى العام 1733 والاخرى الى العام 1776 من قصيدة "لا اركوانا" التي تروي احتلال اسبانيا لتشيلي، للكاتب نفسه، وهي تعد ملحمة مملكة تشيلي واحدى أهم كتب عصر النهضة الاسباني. وتضم المكتبة ايضا موسوعات علمية، وكتب اطلس ومعاجم اضافة الى مجموعة من الكتب باللغة الفرنسية حول الماركسية ونابليون بونابارت الذي كان المثل الاعلى لبينوشيه.

ويكشف الكتاب ان الخبراء الذين عاينوا المكتبة عثروا على صناديق مليئة بالكتب التي لم تمس، والالاف من الكتب النادرة والتذكارات وقطع الشوكولا والمقتنيات الشخصية. ويقول الكاتب ان بينوشيه كان يجمع الكتب لدافع نفسي وليس لقراءتها، ولم يكن يقبل مشاركتها مع احد او السماح لاي كان بالاقتراب منها. ويفسر هذا الهوس بعقدة نقص، بحسب ما يرى الكاتب. ويقول "كان يعرف انه كان يواجه مصاعب في الدراسة، وقد رسب مرتين في المدرسة العسكرية، وكان يعاني من الام مبرحة في الرأس عندما كان يدرس كثيرا". بحسب فرانس برس.

في المقابل، كان العديد من زملائه لامعين ومحبوبين، على غرار الجنرال كارلوس براتاس، سلفه في قيادة الجيش، والذي اغتالته الاستخبارات التابعة للديكتاتور. ويقول الكاتب "كان بينوشيه يعرف انه ليس معتبرا بين رفاقه، وعندما استلم الحكم بعد انقلاب 11 ايلول/سبتمبر 1973، بدأ في تصفية كل من يمكن ان يتفوقوا عليه". ولم يقم بينوشيه بوضع اي دليل او قائمة بالكتب الموجودة في مكتبته، واكتفى القضاء التشيلي بتحليل عينة من كتبه، اذ انه من الصعب جدا الاحاطة بالكتب كلها التي جمعها، بحسب الكاتب.

بالاشتراك مع اوباما

على صعيد متصل اعلن الكاتب الاميركي من أصل روماني ايلي ويزل (84 عاما)، الناجي من محرقة اليهود في اوروبا اثناء الحرب العالمية الثانية، وحائز جائزة نوبل للسلام، انه يعتزم وضع كتاب بالاشتراك مع الرئيس الاميركي باراك اوباما. واشار الكاتب الحائز جائزة نوبل في العام 1986، في حديث الى صحيفة لاكروا الفرنسية الى ان البدء في تحرير الكتاب سيكون في العام 2015، في منتصف ولاية اوباما الرئاسية الثانية.

وتجمع الرجلين علاقة سابقة، اذ ان اوباما تعرف على الكاتب بينما كان طالبا، وفي العام 2009 اصبحا صديقين بعد زيارة للرئيس الاميركي الى معتقل بوتشنفالد النازي في المانيا، حيث سجن الكاتب وقتل والده. وعمل ويزيل في البيت الابيض في عهد جيمي كارتر الذي عينه في العام 1978 على رأس لجنة رئاسية معنية بالمحرقة. بحسب فرانس برس.

وردا على سؤال حول موضوع الكتاب، قال للصحيفة "سيكون مثل كتاب +ذاكرة بصوتين+ الذي اصدرته بالاشتراك مع الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا ميتران" في العام 1995. وسبق ان اصدر الرئيس الاميركي كتبا عدة من بينها كتاب سيرة ذاتية بعنوان "احلام والدي".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 7/تموز/2013 - 27/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م