اضطرابات النوم... هل يقود الى الجنون؟

 

شبكة النبأ: النوم الصحي امر مهم وضروري يسهم بإبعاد الكثير من المشاكل والامراض الصحية والنفسية التي قد يتعرض اليها الانسان، ومنها الاكتئاب وامراض القلب والاوعية الدموية وحالات توقف التنفس اثناء النوم وغيرها من المشاكل الاخرى، ولايزال العلماء في مختلف دول العالم يواصلون ابحاثهم ودراساتهم الخاصة بالنوم ومشاكل النوم لأجل تجنب تلك المشاكل، وفي هذا الشأن بينت دراسة أميركية حديثة "أن النساء اللواتي لا يحصلن على نوم لأكثر من 6 ساعات ليلا، يمكن أن يزيد خطر الذبحة الصدرية لديهن". وأجريت هذه الدراسة، التي نُشرت في دورية أبحاث الطب النفسي، على 700 مشترك من كلا الجنسين، أعمارهم جميعا فوق الستين سنة ولديهم أمراض قلبية مستقرة.

واستمرت الدراسة لمدة 5 سنوات، وفيها تم الطلب من المشتركين أن يسجلوا طبيعة نومهم وساعات النوم، بالإضافة لذلك تم إجراء التحاليل الدموية اللازمة لمعرفة المواد التي لها علاقة بالالتهابات التي تحصل في الجسم. ووجد الباحثون" أن المواد الناجمة عن الالتهاب ارتفعت عند النساء اللواتي نومهن سيء ولا ينمن أكثر من 6 ساعات، وكانت نسبة ارتفاع هذه المواد عند النساء أعلى من الرجال بـ 2.5 مرة". الملفت للنظر هو" أن تأثير النوم السيء على النساء كان أقوى من تأثيره على الرجال، حتى بعد أخذ باقي العوامل كنمط الحياة ومكان السكن والعوامل الشخصية الأخرى بعين الاعتبار".

وفسر الباحثون ذلك بأن الخطر يزداد عند النساء بسبب نقص الهرمونات الأنثوية وأهمها الاستروجين بعد سن اليأس، حيث يعتبر الاستروجين عاملا واقياً من أمرض القلب، كما يمكن أن يكون للهرمون الذكري "التوستستيرون" تأثير في التخفيف من الآثار السلبية لنقص النوم. ويعقب الباحثون على النتائج قائلين إنه، وعلى الرغم من معرفة علاقة العمليات الالتهابية بنقص النوم وكذلك تأثيراتها على أمراض القلب والتصلب الشرياني، إلا أن تأثير نقص النوم عليها كان أعلى من توقعاتهم.

وبينت دراسات عدة سابقة أن نقص النوم يمكن أن يؤثر على الجسم بعدة أشكال، إذ بينت دراسة بريطانية نشرت قبل أشهر أن نقص النوم لأقل من 6 ساعات ولمدة أسبوع، يتسبب في اضطراب في وظائف حوالي 700 مادة، منها المسؤول عن الجهاز المناعي والاستقلاب ودورة النوم والاستيقاظ وردة فعل الجسم على الشدة والتوتر مما يزيد من خطر السمنة والسكري والتوتر والاكتئاب لدى الذين نومهم سيئ.

كما تم نشر تقريرين في وقت سابق حول زيادة خطر الاكتئاب والانتحار عند من لديهم نقص واضطراب بالنوم. ويُذكر" أن العملية الالتهابية تزداد فعاليتها عند التدخين وارتفاع التوتر الشرياني والحمية السيئة، وهي تبدأ كوسيلة دفاعية لتخليص الجسم من تأثيرات العوامل المذكورة ولكنها تنتهي بإنتاج مواد تزيد من سوء حالة الشرايين المغذية للقلب، وتزيد من ترسب المواد التي تؤدي لضيق هذه الشرايين وتصلبها".

على صعيد متصل أظهرت دراسة أجرتها مدرسة بيرلمان للطب في جامعة بنسلفانيا أن الأشخاص الذين يعملون في وظائف تتطلب مجهودا بدنيا أكبر يميلون إلى النوم إما لفترة قصيرة (أقل من ست ساعات كل ليلة) أو لفترة أطول (أكثر من تسع ساعات). وطبقا للأبحاث السابقة فإن الأشخاص الذين ينامون لفترات قصيرة أو طويلة يزيد احتمال تعرضهم لمتاعب صحية مع مرور الوقت مثل زيادة الوزن ومرض القلب والسكري، لكن الدراسة الجديدة تشير إلى أن وظائف الأشخاص قد تعرضهم لأنماط غير صحية من النوم الأمر الذي ربما يضر بصحتهم.

وتتعارض هذه النتائج مع الفكرة السائدة أن النشاط البدني بصفة عامة أمر صحي وأنه يساعد على النوم بعمق. وذكر موقع "ساينس ديلي" المعني بشؤون العلم أن الباحثين في جامعة بنسلفانيا قاموا بفحص أنماط النوم وتصنيفات الوظائف لأكثر من 1700 مشارك في الدراسة. وجرى تصنيف النشاط الوظيفي على أنه منخفض (بالنسبة للأشخاص الذين يمارسون أعمالهم وهم جالسين أو واقفين) ومعتدل (إذا كان المشي يغلب على طبيعة عملهم) أو مرتفع (العمل اليدوي).

من جهة اخرى خلصت دراسة دنماركية، أن النوم بشكل غير كاف يؤثر على الحيوانات المنوية عند الرجال، فالرجال الذين لا ينالون القسط الكافي من النوم يكون لديهم عدد أقل من الحيوانات المنوية مقارنة بالرجال الذين ينامون بشكل أفضل. وقام العلماء في هذه الدراسة، بسؤال 953 شاباً ممن هم تحت العشرين من العمر، عن طبيعة نومهم في الأسابيع الأربعة السابقة لإجراء المقابلة، ومن ثم أجري فحص الدم لتحليل الهرمونات مع فحص السائل المنوي.

وكانت النتيجة أنه كلما ازداد نوم الرجال سوءاً، كلما انخفضت نوعية السائل المنوي، فكان عدد الحيوانات المنوية لدى الأشخاص الذين يعانون من نوم سيء أقل بمقدار 25%، كما أن الحيوانات المنوية غير الطبيعية كانت أعلى بمقدار 1.6% بالمقارنة مع أولئك الذين نالوا قسطا جيدا من النوم، مع العلم أنه قد تم أخذ التدخين والكحول بعين الاعتبار في هذه الدراسة. وفسر الباحثون هذه النتائج بأن مستويات هرمون التستوستيرون عند الذكور تضطرب وخاصة أثناء الليل بسبب اضطراب النوم ولكن هذا لا يؤثر على كميته بشكل عام.

دراسات اخرى

في السياق ذاته أظهرت دراسة كندية جديدة، أن قدرة الأطفال على أن ينعموا في نوم هانئ طوال الليل مرتبط بشكل كبير بالجينات التي يرثوها عن والديهم. وذكر موقع (لايف ساينس)، أن باحثين من جامعة "لافال" في الكيبيك درسوا سجلات نوم حوالي 1000 طفل توأم متماثل، وتوأم أخوي، ووجدوا أن الجينات تحدد بشكل كبير ما إذا كان الأطفال ينامون في الليل، فيما تساهم العوامل الخارجية بشكل أكبر في التحكم بقدرة الأطفال على أخذ قيلولة في النهار.

وأظهرت الدراسة أن التوأم المتماثلين تشاركوا أنماط النوم أكثر من التوأم الأخوي، ما يشير إلى لعب الجينات دوراً أساسياً. غير أن الباحثين شددوا أنه على الرغم من لعب الجينات دوراً كبيراً، إلا أن الأهل يمكنهم فعل الكثير لمساعدة أطفالهم على النوم. وقالت الباحثة إيفلين توشيت: "إن التأثير الجيني هو مجرد جزء من المعادلة التي تتحكم بمدة النوم.. ولا يجدر الاستسلام من محاولة تصحيح مدة النوم غير الملائمة أو عادات النوم السيئة في الطفولة".

وأشار الباحثون إلى أن عمر الـ18 شهراً حساس جداً ومن المستحسن أن يطبق الأهل بهذا العمر "استراتيجيات نوم" تضمن للأطفال نوماً هنيئاً في الليل خلال نموّهم. وقالوا إن على الأهل عدم إقناع أنفسهم بأن أطفالهم لا يحتاجون إلى كمية كبيرة من النوم إن ظهر لهم أنهم لا ينامون بالقدر الملائم.

من جانب اخر أظهرت دراسة سعودية تعتبر الأولى من نوعها على مستوى العالم، من خلال نتائجها الأولية، ارتباط نقص مستوى فيتامين "د" في الدم، بالإصابة بمتلازمة الساقين غير المستقرتين (تململ الساقين) أو ما يسمى اختصاراً بالاسم العلمي (RLS)، وتحسّن الأعراض بشكل ملحوظ بعد علاج النقص بجرعات عالية من فيتامين "د".

وقام الدكتور أيمن بدر كريّم، استشاري أمراض الصدر واضطرابات المشرف على مركز اضطرابات النوم بمدينة الملك عبدالعزيز بجدة، بتشخيص 12 مريضاً بمتلازمة الساقين غير المستقرتين، ممن يعانون أيضاً من نقص مستوى فيتامين "د" في الدم (أقل من 50 ميكروغرام/مل)، وتم علاجهم بجرعات عالية من فيتامين "د" حتى ارتفاع مستواه للمعدل الطبيعي، وتسجيل شدة أعراض المتلازمة عن طريق مقياس معتمد ومقارنتها قبل وبعد العلاج بفيتامين "د".

وجاءت النتيجة بتحسن أعراض المتلازمة بشكل واضح لدى جميع المرضى دون استثناء، واختفائها تماماً لدى بعضهم، بعد ارتفاع مستوى فيتامين "د" في الدم للمعدل الطبيعي، دون الحاجة للعلاج بأي من الأدوية المعروفة لعلاج المتلازمة، كما أكد المرضى لدى مقابلتهم تحسّن طبيعة نومهم نتيجة تحسّن أو اختفاء أعراض تململ الساقين.

الشاشات المضيئة

على صعيد متصل حَذَّر الطبيب تشارلز كيزلر، رئيس قسم طب النوم في مستشفى "بريجهام آند وومن" الأمريكية، من أن النظر في شاشات الحواسيب والهواتف الذكية والتلفزيون خلال فترة المساء يتسبب في نقص النوم، وهو ما يزيد من مخاطر التعرض لمشاكل صحية عدة منها البدانة والاكتئاب وأمراض القلب والسكتة الدماغية. وبحسب مقال كيزلر في مجلة "نيتشر" العلمية، فإن التعرض للضوء الكهربائي في أوقات الليل، الذي يُفترض أن يكون وقت النوم الطبيعي، هو السبب الأهم في حدوث نقص واضطراب النوم، بالرغم من وجود عوامل أخرى أحدثها نظام الحياة المعاصرة الذي يتحرك على مدار أربع وعشرين ساعة طوال أيام الأسبوع، مثل الاستيقاظ مبكراً للعمل والدراسة، والإفراط في تناول الكافيين، والرحلات الطويلة. ويقول: " وكنتيجة لذلك، يُواصل كثيرٌ من الناس قراءة البريد الإلكتروني أو أداء الواجبات أو مشاهدة التلفزيون في منتصف الليل".

ويُقلِّل التعرض للضوء الاصطناعي من راحة الجسم خلال الليل بتثبيطه نشاط الخلايا العصبية المسئولة عن النوم مع تنشيط الخلايا المسئولة عن اليقظة، بجانب إعاقة إفراز هرمون النوم المعروف باسم "الميلاتونين"، كما يؤثر على الخلايا الحساسة للضوء في العين، وتؤدي هذه العوامل معاً إلى اضطراب الساعة البيولوجية أو الحيوية للجسم، والتي تضطلع بتنظيم أوقات النوم والاستيقاظ.

ويرى كيزلر أن التكنولوجيا تتسبب في إبعادنا عن نمط اليوم الطبيعي الذي يُلائم أجسامنا، ويعتقد أن انتشار الإضاءة الاصطناعية والزيادة المستمرة في استهلاكها أدى إلى شيوع نقص النوم؛ حيث يرتبط انخفاض تكلفة توفير الإضاءة بزيادة استهلاك الفرد لها. فابتداءً من مطلع الخمسينات من القرن العشرين وحتى نهايته تراجعت تكلفة إنتاج الضوء ستة مرات في المملكة المتحدة، وفي المقابل تضاعف نصيب الفرد من استهلاك الضوء بمعدل أربع مرات.

وهو ما يتفق مع رأي ديرك – جان ديجك، مدير مركز أبحاث النوم في جامعة "سري" البريطانية، الذي يعتقد بتأثير التعرض للضوء الاصطناعي في فترات المساء على تقليل الميل للنعاس؛ فأصبحت تصرفات الناس هي العامل الرئيسي في تحديد وقت النوم، بعكس الماضي حين كان دوران الأرض حول محورها، والذي يتحكم في الليل والنهار، هو المحدد الأول.

وتُشير بعض الدراسات إلى تراجع عدد ساعات النوم لكثير من الأشخاص في السنوات الأخيرة؛ وبحسب استطلاع نُشر العام الماضي كان متوسط ساعات نوم 30% من الموظفين، و44% من العاملين في الفترات المسائية في الولايات المتحدة الأمريكية أقل من ست ساعات كل ليلة، وهو ما يختلف كثيراً عن الوضع قبل خمسين عاماً؛ إذ كان نحو 3% فقط من سكان الولايات المتحدة ينامون قليلاً. كما أفاد 5% من الموظفين البريطانيين بنومهم أقل من خمس ساعات في الليلة.

وعالمياً ينام الأطفال في الوقت الحاضر خلال الأيام الدراسية أقل مما كان الوضع عليه قبل مائة عام بمعدل 1.2 ساعة. ويرى كيزلر أن قلة النوم لدى الأطفال تدفعهم للاستيقاظ ولا تزيد من شعورهم بالنعاس، كما تتسبب في ضعف تركيزهم. ويُرجِّح أن يكون نقص النوم ضمن الأسباب المؤدية لما يُعرف باسم متلازمة "اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط"، والتي يعاني منها 19% من الفتيان الأمريكيين في المرحلة الثانوية.

وبالإضافة إلى ذلك، صنفت "منظمة الصحة العالمية" العمل خلال الليل ضمن الأسباب المعروفة والمحتملة لأمراض السرطان.كما يرفع استمرار نقص النوم لفترات طويلة من خطر الإصابة بمجموعة من الأمراض، وبحسب دراسة للمركز الوطني الأمريكي لمعلومات التكنولوجيا الحيوية، تزيد معلات الوفاة بنسبة 15% للأشخاص الذين ينامون أقل من خمس ساعات يومياً بالمقارنة مع أشخاص من نفس العمر وينامون جيداً.

ويتوقع كيزلر ارتفاع عدد الأشخاص الذين يُعانون من نقص النوم في المستقبل بسبب زيادة تعرضهم للضوء، الذي يستحوذ وحده على 19% من الميزانيات المخصصة لتوليد الكهرباء حول العالم، واتجاه الكثير من الدول لإحلال المصابيح الثنائية الباعثة للضوء "ليد"، والتي تستخدم على نطاقٍ واسع في كثير من شاشات التلفزيون والحواسيب والهواتف الذكية، محل المصابيح التقليدية ذات الإضاءة المتوهجة.

ويرى أن هذه النوعية تتسبب أكثر من غيرها في اضطرابات النوم وإعاقة عمل هيرمون "الميلاتونين"؛ إذ تُنتج ضوءاً غنياً باللونين الأزرق والأزرق المائل إلى الخضرة، والذي تستجيب له الخلايا الحساسة للضوء في العين البشرية بدرجةٍ أقوى. ويعتقد أن من الأفضل استبدال الإضاءة المستخدمة في فترات الليل باللونين الأحمر والبرتقالي.

واختتم الطبيب تشارلز كيرلز، الذي يعمل ضمن قسم "طب النوم" في جامعة "هارفارد"، مقاله بالتأكيد على أهمية النوم للصحة الجسدية والعقلية، وضرورة الانتباه إلى تأثير استهلاك الضوء على الساعة البيولوجية للفرد، وتغيير السلوكيات اليومية بجانب تقديم ابتكارات تقنية للتقليل من الآثار الضارة للتعرض للإضاءة، مُذكِّراً بتعهد توماس أديسون، مخترع المصباح الكهربائي، بألا يضر ابتكاره بالصحة، ولا يُعيق سلامة النوم.

التحصيل الدراسي

في السياق ذاته قال باحثون يعكفون على اجراء ابحاث علمية على التعليم ان الحرمان من النوم يمثل عاملا خفيا وراء تراجع مستوى التحصيل الدراسي لدى التلاميذ في المدارس. واضاف الباحثون ان هذه المشكلة تتسم بأهمية وتواجه عددا من الدول، اذ يربط خبراء النوم بين حدوث المشكلة واستخدام الهواتف المحمولة والحاسبات الشخصية في غرف النوم لساعات متأخرة من الليل. وأوضحت مقارنة أجرتها كلية بوسطن أن الولايات المتحدة تسجل اعلى معدلات التلاميذ المحرومين من النوم، بنسبة 73 في المئة ممن تتراوح اعمارهم بين تسعة إلى عشرة أعوام، و80 في المئة ممن تتراوح اعمارهم بين 13 و 14 عاما.

وأبرزت الاختبارات المعنية بتحديد مستوى معرفة القراءة والكتابة أن 76 في المئة من اولئك الذين تتراوح اعمارهم بين 9 و 10 سنوات يعانون من قلة النوم. وتعتبر هذه النسبة اعلى مقارنة بمتوسط النسبة الدولية وهي 47 في المئة من تلاميذ المرحلة الابتدائية الذين يحتاجون الى مزيد من ساعات النوم، و57 في المئة بين الفئة العمرية للمرحلة الثانوية.

وتسجل دول أخرى معدلات عالية للشباب المحرومين من النوم مثل نيوزيلندا والسعودية واستراليا وانجلترا وايرلندا وفرنسا، فضلا عن فنلندا التي تأتي ايضا ضمن ابرز الدول التي تعاني من قلة النوم. في حين تسجل دول أخرى ارقاما قياسيا من حيث ساعات النوم الكافية وهي تضم اوزبكستان وكازاخستان والبرتغال وجمهورية التشيك واليابان ومالطا.

وتعد هذه الدراسة جزءا من عملية أكبر لجمع المعلومات بشأن مستويات التعليم العالمية بعنوان "اتجاهات دراسات الرياضيات والعلوم والتقدم في دراسة معرفة القراءة والكتابة على مستوى العالم. وتأتي النتائج من بين ابرز المؤشرات الدولية لمعايير التعليم التي تعتمد على التجارب التي شملت 900 ألف تلميذ لدى المدارس الابتدائية وطلبة المدارس الثانوية في أكثر من 50 دولة وادارة اقليمية .

ونشرت مستويات النتائج الخاصة بمواد الرياضيات والعلوم والقراءة في نهاية العام الماضي، وتصدرت أنظمة التعليم الآسيوية قائمة الدول. ويرغب الباحثون ايضا في ابراز المزيد من النتائج التي تتعلق بتأثير الحياة المنزلية. كما تجرى دراسة أخرى على تأثير ثراء الأسرة أو فقرها على مستويات التحصيل الدراسية، غير ان الباحثين في كلية بوسطن يرغبون ايضا في قياس العوامل المؤثرة مثل النوم والتغذية.

كما صاحب الاختبارات استبيان للمعلمين والتلاميذ واولياء الامور بشأن انماط النوم. وقورنت هذه المعلومات بنتائج اختبارات للتلاميذ، فأمكن مقارنة الاداء في الرياضيات والعلوم ومعرفة القراءة والكتابة وفقا لمستويات النوم. وقال تشاد مينتش، الباحث لدى المركز الدولي للدراسات "اعتقد اننا نقلل من تأثير النوم، وتشير بياناتنا إلى أنه في جميع الدول على مستوى العالم يستطيع الاطفال الذين ينامون ساعات اكثر تحصيل قدر أكبر من الرياضيات والعلوم والقراءة، وهذا هو بالضبط ما تظهره بياناتنا." واضاف "ويعتبر الوضع هو نفسه عندما يعاني الاطفال من نقص التغذية الاساسية". وقال مينيتش "يمثل النوم حاجة اساسية لجميع الاطفال، فان ابلغ المعلمون عن الاطفال الذين يعانون من قلة النوم، فسيكون لذلك تأثير كبير." وقال مينيتش "الاسوأ من ذلك أنه يتعين على المعلمين تعديل توجيهاتهم بما يتفق مع الاطفال الذين يعانون من قلة النوم."

وكشف الباحثون عن اتجاهات اقليمية تخالف التوقعات، حيث جاءت الدول الاسيوية لتحتل أعلى مرتبة من حيث اختبارات الرياضيات، وقال مينيتش ان ذلك دوما يكون مرتبطا بالساعات الطويلة وازدحام الفصول. وقال مينيتش "يفترض المرء انهم يعانون من تعب شديد، لكن عندما تنظر الى عامل النوم بالنسبة لهم، يبدو انهم لا يعانون من الحرمان من النوم مثل الدول الاخرى." ولا تبين الدراسة اسباب معاناة صغار السن من قلة النوم، او لماذا تكون الدول الاكثر تقدما من الناحية التكنولوجية هي التي تواجه مشكلات أصعب.

كما تمثل قلة النوم عائقا بدنيا للتعلم، حيث يقول ديركجان ديجك مدير مركز بحوث النوم في جامعة سوري "عدم النوم يمثل مشكلة على جميع الصعد حيث تؤثر على اداء التعلم والذاكرة بل والاداء الاكاديمي." وقد أوضحت بحوث اضطرابات النوم ووظائف المخ أهمية النوم على الذاكرة وتقوية المعلومات.

فبدون النوم يعاني المخ من عدم استيعاب الافكار كما يؤكد ديجيك قائلا "هناك اهتمام متزايد بين الصلة بين النوم الكافي والاداء الاكاديمي." وتقول فيتزباتريك ان عدم النوم يجعل التلاميذ اكثر عرضة للاضطرابات العاطفية، مع احتمال حدوث معاناة بدنية وتأثير على التعليم. واضافت ان عدم القدرة على النوم والمحاولات قصيرة الاجل للنوم يمكن ان تسبب اضطرابات معقدة تؤثر على الطريقة التي يخزن بها المخ للمعلومات.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 6/تموز/2013 - 26/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م