عن الحصانة والحصان

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: حصن طروادة وحصانها، لعلها الحيلة الاشهر في الحروب بين المتقاتلين، لاختراق تحصينات الاعدء، وكل مقابل في ساحة الحرب هو عدو، والاسلحة متعددة مثلما جبهات القتال.. هل تقاتل؟ باي سلاح؟

في احد الفيديوهات على اليوتيوب، تناقل العرب مشاهد ماقيل انه لاحد (الملائكة) يساعد الثوار السوريين في اجلاء احد الجرحى الساقطين على الارض.. شاهدت هذا الفيديو، ورايت هذا (الملاك) مرتديا رداءه الابيض فوق بنطلون جينز، وهو ينتظر عدسة الكاميرا تتوجه اليه ليبدأ تحركه نحو الجريح.. كان هذا (الملاك) مولعا بالصورة التلفزيونية، وبالظهور على الفضائيات.. لم لا؟ وكل شيء هو حدث اعلامي بامتياز.

الملائكة تقاتل مع ثوار سوريا، بجميع انتماءاتهم، علمانيون، قاعديون، سلفيون، جهاديون، ارهابيون، تكفيريون، الى اخر تسميات الانفلات الاقصى للعنف والجنون.

قريبا من هذا الحشد (الملائكي) في سوريا، هناك حشد اخر، وهذه المرة في مصر، حيث شباب الثورة التي اطاحت بحسني مبارك، يريدون الاطاحة بمن يعتقدون انه / انهم سرق / سرقوا ثورتهم، محمد مرسي وجماعة الاخوان المسلمين، الذين بشروا بمشروعهم المسمى (النهضة) وكانت اولى بوادر (الحشد الملائكي) حين تم انتخاب محمد مرسي لرئاسة الجمهورية، ليخرج علينا المبدع (بديع عاكف) مرشد الاخوان بهذه الاطروحة (النهضوية) وهي انه بعد انتخاب الشعب المصري لمحمد مرسي رئيساً تضاعف محصول القمح ستة أضعاف.

وفي مسلسل هذا (الحشد الملائكي) هناك من تبرع بنشر احلامه (المرسوية) على الملأ، حين اخبرنا (برؤيا) الحمامات الخضراء الثمانية على كتفي مرسي، في اشارة الى سنوات حكمه المؤمل امتدادها الى دورتين رئاسيتين، لتتعزز الرفاهية للشعب المصري.

وذكر بان (أحد الأشخاص رأى رؤيا دعا فيها الرسول محمد، الرئيس مرسي لإمامته في الصلاة، وأنه رأى أيضاً مرسي وعلى كتفه ثمان حمامات خضراء، في إشارة لعدد سنواته التي سيقضيها في الحكم).

ولان الاخوان المسلمين يواجهون هذه المرة تحديا اكبر من كل سوابقه، فلا مانع من استدعاء (جبريل) الى الموقعة، في مواجهة الفلول والمتامرين والكفار والملحدين.

يقول الشيخ جمال عبد الهادي، أحد خطباء تظاهرات ميدان رابعة العدوية، المؤيدة للرئيس محمد مرسي، ان هناك (رؤية تواترت على ألسنة الصالحين في المدينة المنورة، بأنهم شاهدوا جبريل عليه السلام بمسجد رابعة العدوية).

وتابع (وصلتنا رؤية تواترت على ألسنة الصالحين في المدينة المنورة، مدينة رسول الله، يقولون انهم شاهدوا جبريل- عليه السلام- في مسجد رابعة العدوية يثبت المصلين في المسجد).

وردد المعتصمون من انصار مرسي على ما قاله الشيخ،  بهتاف (الله أكبر)، ثم قام بالدعاء، قائلاً (اللهم انصر دعوتنا وبارك في إخوتنا وبارك في قادتنا).

وفيما كان الخطيب يتحدث بلغة غلفها بخشوع امام حشد من الجموع التي فان الألعاب النارية في الهواء اضافت للمشهد تميزاً ، في وقت كانت الجموع المستسلمة للخطاب تهتف (اللهم أنصرنا ووفق أئمتنا وثبت عبدك محمد مرسي، وبارك في شرعتنا، ووفق أمتنا، اللهم رد كيدهم مهزومين).

لاغرابة ان تكون ارض مصر، مسرحا لقصة نبي الله موسى (عليه السلام) مع سحرة فرعون..

في وقت يتحصن فيه العالم بالعقل، نتحصن نحن بالحصان، والاحصنة واحاديث الخرافة، التي تمنح الحصانة لحكامنا وسياسيينا بعيدا عن اي منطق، وتحت مسميات عديدة.

وفي حديث الحصانة، وهذه المرة من اوروبا، حيث لاحصانة لاي احد امام القانون، رفع البرلمان الأوروبي الحصانة عن رئيسة الجبهة الوطنية الفرنسية مارين لوبن بعد تصريحاتها التي شبهت فيها صلاة المسلمين في الشارع بـالاحتلال ، ما يمهد الطريق أمام إدانتها بـالحض على الكراهية العرقية . وكانت لوبن نددت آنذاك بـ(الصلوات في الشارع) من قبل المسلمين، الأمر الذي وصفته بـ(الاحتلال من دون دبابات ولا جنود إلا انه مع ذلك يبقى احتلالاً). واضافت رئيسة الجبهة الوطنية (الفت إلى أن الحصانة تبقى سارية على نواب يختلسون المال).

حصانة تلك النائبة لم تستطع ان تقف امام ماقطعته الثقافة الاوربية من تقدم في محاربة الكراهية العرقية، والتي يعتقد الاوربيون انها قد تهدد تماسك مجتمعاتهم اذا لم يضعوا قوانين رادعة لها، تطال حتى ارفع الشخصيات والمسؤولين.

في مجتمعاتنا لاتوجد مثل تلك الثقافة، وبالتالي لايمكن لنا الا ان نحلم بقوانين رادعة لها، وهي احلام تكاد تكون كوابيس امام اندحار العقل امام حصن وحصانة الجهل واحصنة العنف والتدمير الهائجة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 6/تموز/2013 - 26/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م