سوريا وتسليح المعارضة... أجندة لعرقلة السلام

 

شبكة النبأ: منذ عدة أشهر احتلت قضية تسليح الجماعات المتمردة في سوريا، حيزا كبيرا من أولويات المجتمع الدولي لكنها اتسمت بتباين مواقف المجتمع الدولي وخاصة بين السعودية والغرب الجهة الداعمة للجماعات المسلحة، وبين روسيا وإيران وحزب الله حلفاء سوريا.  

تسعى كل من الإدارة الخليجية وحلفاءها من الغرب الى إيجاد أساليب واستراتيجيات جديدة لتمرير أجنداتها من خلال الأزمة السورية الحالية، وذلك بتقديم الدعم اللوجستي والعسكري للجماعات المسلحة في سوريا، واستخدام سلوك الاستثناء الذي يقود إلى الاستثناء بشأن التسليح، خصوصا بعدما انشق مقاتلو ما يسمى بالجيش الحر وانضمامهم لجبهة النصرة المتطرفة ذات الصلة بتنظيم القاعدة.

إذ يرى معظم المحللين ان دعوة السعودية وحلفائها برفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية، خصوصا بعدما حققت القوات السورية انتصارات متتالية على قوى المعارضة المسلحة خاصة خلال الاونة الاخيرة، ويعتقد هؤلاء المحللين ان هذه الدعوة محاولة لقلب موازين القوى العسكرية على الارض لصالح المعارضة.

حيث أوضحت التطورات والأحداث العسكرية الاخيرة على الساحة السورية، المخاوف السعودية من تهدد الانتصارات العسكرية للجيش السوري واستعادت السيطرة على بلدتين قرب الحدود اللبنانية بتقويض نفوذها وضرب أجنداتها في المنطقة، في حين تشكو المعارضة من نقص الأسلحة والذخيرة، مما دفع بالسعودية للشعور بخطر النصر السوري مستقبلا، وبالتالي دعاها هذا الشعور الى اتخاذ عدة إجراءات احترازية تعتمد على سياسة الدعم الاستراتجي في العمليات العسكرية.

لكنها تواجه جبهة عظمى تساند الجيش السوري والمتمثلة بالتحالف الوثيق بين روسيا وإيران وسوريا وحرب الله، فقد استنكرت روسيا الحليف الاوحد لسوريا مزاعم هذه الخطوة السعودية، ورأت بأنها خطوة يمكن أن تفاقم الأزمة السورية ولا تحلها. كما حذرت من أن مثل هذا التدخّل سيضع المنطقة على حافة الانفجار، ولن يكون في مصلحة الخليج والغربيين.

مما زادت حدة التوتر كثيراً في المنطقة خاصةَ في الآونة الأخيرة، ليلتهب صراع النفوذ والهيمنة الذي يحرك بوصلة المصير المشترك بين الحلفاء وسوريا وخاصة روسيا، ودول الخليج وخاصة السعودية، وذلك من خلال وحدة المصالح بمختلف أشكالها.

فيما يرى محللون آخرون أن سياسية التخبط التي تتبعها السعودية خلقت صراعات جيدة وتحديدا مع الحليف القطري، حيث تفوقت السعودية على جارتها الصغيرة والطموح قطر لتفرض نفسها كقوة خارجية رئيسية داعمة للمعارضة السورية في خطوة قد تقلص من نفوذ متشددين إسلاميين تدعمهم قطر.

فعلى الرغم من كل الجهود التي تبذلها الدول الخليجية والغربية في توحيد ودعم ما يسمى بالمعارضة السورية باتجاه وموقف واحد، يرى الكثير من المراقبين ان هناك انقسامات وتقاطعات حادة بين مكونات المعارضة، وبين الدول الداعمة لمشروع إسقاط النظام السوري من الدول الإقليمية والغريبة على حد سواء، لتعكس المساعي بالحقائق والدلائل مدى التنافس والغايات والأجندة التي تهدف اليها الدول الداعمة للمعارضة، كما  تدرك الرياض صعوبة إقناع أمريكا باتخاذ موقف اكثر صرامة بينما لايزال مقاتلو المعارضة السورية متشرذمين كما أن وحداتهم الأقوى تتبنى ايديولوجية متشددة.

حيث تنظر الرياض للحرب السورية على أنها نقطة الارتكاز لصراع جيوسياسي أوسع نطاقا مع ايران الدولة التي تعتبرها متشددة وتوسعية ومصدر تهديد محتمل للسعودية نفسها، وخلال الصراع خشيت السعودية من تكرار ما حدث في الصراعات السابقة في العراق وافغانستان حين انضمت أعداد كبيرة من السعوديين الى ما اعتبروه جهادا ليعودوا الى المملكة ويحملوا السلاح ضد الحكومة.

فيما شكلت عملية نقل أسلحة من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي أي إيه) إلى الأردن من خلال شبكة مستودعات سرية وتخطط لتسليح مجموعات صغيرة من المقاتلين المعارضين خطوة حساسة قد تضفي بواعث خطر بنشوب حرب اقليمية واسعة النطاق،  لذا يرى الكثير من المحللين ان خطوة دخول الاردن في خط التسليح وذلك من خلال استقبالها قوات أمريكية وفتح حدودها أمام حملة تقودها السعودية لنقل أسلحة إلى جنوب سورية، يمكن أن تأزم الأوضاع وتفاقم من حدة الازمة السورية وتقلل من فرص التوصل إلى تسوية عبر التفاوض للنزاع المستمر منذ ثلاثة أعوام، الذي اثار مخاوف من احتمال اندلاع حرب جديدة في الشرق الاوسط، وعليه تضفي المعطيات انفة الذكر انه لن تكون ثمة نهاية سريعة للحرب السورية ومن المرجح ان تستمر الحرب في سوريا لعدة سنوات.

السعودية والغرب  

في سياق متصل دعت الرياض دول الاتحاد الاوروبي الى البدء بتنفيذ قرارها السابق القاضي برفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية لقلب موازين القوى العسكرية على الارض لصالح المعارضة.

وجاءت هذه الدعوة على لسان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل خلال اجتماع مشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الاوروبي عقد في المنامة، وقال وزير الخارجية السعودي في كلمته التي نقلتها وكالة الانباء السعودية الرسمية ان المملكة العربية السعودية "اذ تشير الى قرار الإتحاد الأوروبي برفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية تدعو إلى البدء الفوري بتنفيذ القرار خاصة على ضوء المستجدات الخطيرة الأخيرة على الساحة السورية"، واعتبر "اننا نشهد مستجدات خطيرة في الأزمة السورية تتمثل في مشاركة قوات أجنبية ممثلة في ميليشيات حزب الله وغيرها مدعومة بقوات الحرس الثوري الإيراني وبدعم غير محدود بالسلاح الروسي". بحسب فرانس برس.

ودعا الى "ضرورة صدور موقف دولي يمنع تزويد النظام السوري بالسلاح، ويطالب بإخراج القوات الأجنبية من سوريا، وشدد على "أهمية تغيير توازن القوى على الساحة السورية، باعتباره السبيل الوحيد لتعزيز فرص الحل السلمي الذي يسعى اليه الجميع"، ولم يتضمن البيان المشترك الخليجي الاوروبي اشارة الى مسالة تسليم السلاح الى المعارضة السورية.

روسيا تتهم السعودية بتسليح الارهابيين في سوريا

في المقابل اتهمت روسيا المملكة العربية السعودية ب"تمويل وتسليح الارهابيين والمجموعات المتطرفة" في النزاع السوري، وكانت الخارجية الروسية ترد على انتقادات وجهتها الرياض ضد موسكو متهمة اياها بتسليح نظام الرئيس بشار الاسد، وقالت الخارجية الروسية في بيان "لا نية لدينا بالتاكيد لتبرير موقفنا امام اي كان"، واضاف البيان "في الوقت نفسه، فان مجموعة من العواصم وبينها الرياض، لا يزعجها وضع وسائل اكثر من مشكوك فيها وبينها التمويل والتجهيز العسكري للارهابيين الدوليين والمجموعات المتطرفة"، وقال "لا بد من وضع حد لمثل هذه التصرفات".

ويصف الرئيس السوري عناصر المعارضة بانهم "ارهابيون"، وهو تعبير تعيد موسكو استخدامه، وروسيا الداعم الرئيسي لبشار الاسد، اعلنت انها تقوم بتطبيق بنود عقود الاسلحة المبرمة مع سوريا قبل بدء النزاع في 2011، وقد جمدت سلسلة قرارات في مجلس الامن الدولي تدين النظام السوري.

على الصعيد نفسه قالت وزارة الخارجية الروسية إن قرار "معارضين دوليين" للرئيس السوري بشار الأسد تسليح مقاتلي المعارضة في سوريا سيعرقل المساعي الرامية لإيجاد حل سياسي سريع للصراع الدائر هناك، وحمت موسكو الاسد من ضغوط دولية اثناء الصراع المستمر منذ أكثر من عامين والذي قتل خلاله نحو 93 الف شخص ونزح 1.6 مليون الى الخارج. وتزود موسكو النظام السوري بالاسلحة منذ وقت طويل.

ووافقت مجموعة أصدقاء روسيا التي ضمت دولا غربية وعربية إلى جانب تركيا خلال اجتماعها في قطر في مطلع الاسبوع على "ان تقدم على وجه السرعة كل الدعم المادي الضروري والمعدات اللازمة للمعارضة على الارض"، وقالت الوزارة في بيان مشيرة إلى قرار اتخذته مجموعة أصدقاء سوريا خلال الاجتماع إن البيان الصادر من الدوحة يثير "قلقا بالغا"، واضافت "يجب ان نلاحظ ان هدف تقديم دعم عسكري غير محدود في الواقع للمعارضة السورية -الذي اعلن عنه في الدوحة ويجري تنفيذه عمليا بالفعل- يتعارض تماما مع الجهود المبذولة للتوصل الى حل سياسي سريع في سوريا". بحسب رويترز.

وتختلف روسيا مع واشنطن التي قررت تسليح المعارضين وتتهم موسكو بحماية الاسد، وتقول موسكو انه يجب ان يقرر السوريون مصيرهم بأنفسهم دون تدخل من الخارج ودافعت عن توريدت الاسلحة الى دمشق قائلة انها مشروعة تماما، ومن المقرر ان يجتمع مسؤولون روس وامريكيون كبار مع الاخضر الابراهيمي الوسيط الدولي بشأن سوريا في جنيف.

الـ سي أي إيه تنقل أسلحة إلى الأردن لتزويد المعارضة السورية بها

في حين ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي أي إيه) بدأت في نقل أسحلة إلى الأردن من شبكة مستودعات سرية وتخطط لتسليح مجموعات صغيرة من المقاتلين المعارضين الذين يتم التحقق منهم بدقة خلال شهر، بغية تعزيز الدعم الأميركي للقوات المعتدلة التي تواجه الرئيس السوري بشار الأسد، ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين ومسؤولين أميركيين إن شحنات الاسلحة والتدريبات ذات الصلة والدفع بشكل مواز لتحريك نقل الأسلحة من حلفاء أوروبيين وعرب تنسق لتحقيق زخم ملموس للمعارضة المسلحة بحلول بداية آب/اغسطس المقبل.

وقال دبلوماسيون مطلعون على خطة الـ"سي أي إيه" إنه يتوقع أن تقضي وكالة الاستخبارات ما يصل إلى ثلاثة أسابيع في نقل أسلحة خفيفة وربما صواريخ مضادة للدبابات إلى الأردن. كما أنها ستستغرق حوالي أسبوعين في التحقق من مجموعة مقاتلين أولية وتحرص على أنهم يتقنون استخدام الاسلحة التي يحصلون عليها، ما يفتح المجال أمام دخول أول مجموعة من المعارضين المسلحين من قبل القوات الأميركية إلى المعركة. بحسب يونايتد برس.

والمجموعة الاولى التي يتوقع أن تحصل على الأسلحة والتدريب الأميركي سيتم اختيارها ممن يمتلكون خبرة عسكرية في استخدام الأسلحة السوفياتية، ما يقلل الوقت المحتاج للتدريب، وتجري محادثات مع دول أخرى بينها فرنسا حول أسلحة أوروبية في الأردن فيما يتوقع أن تزود السعودية المعارضة بصواريخ محمولة مضادة للطائرات لعدد صغير من المقاتلين المختارين قد يصل عددهم إلى عشرين فقط في البداية، وستراقب الولايات المتحدة هذه الخطوة لتفادي سقوط هذه الصواريخ بأيدي إسلاميين.

وأضاف الدبلوماسيون الذين تم الحديث معهم أن بضع مئات من المقاتلين سيدخلون سورية شهرياً بموجب البرنامج ابتداء من آب/اغسطس.

وتهدف الجهود الاميركية إلى دعم القوات الموالية لرئيس أركان "الجيش السوري الحر" العميد المنشق سليم إدريس الذي كان قد حظي بالدعم في مؤتمر الدوحة، وتدرس الـ"سي أي إيه" وضع بعض وحدات من القوات الخاصة الأميركية لتقديم بعض التدريبات ،كما تبحث استخدام فرق عمليات خاصة من الأردن والإمارات للمساعدة في التدريب.

قرار تسليح المعارضة سيطيل أمد النزاع في سوريا

من جهته اعتبر وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان قرار مجموعة "اصدقاء سوريا" بتوفير دعم عسكري لمقاتلي المعارضة السورية خلال اجتماعها الاخير في الدوحة، سيؤدي الى اطالة أمد النزاع السوري المستمر منذ اكثر من عامين.

وقال المعلم خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الوزارة في دمشق "ما تقرر في الدوحة خطير لانه يهدف الى اطالة امد الازمة، الى اطالة العنف والقتل، الى تشجيع الارهاب على ارتكاب جرائمه"، كما اعتبر المعلم ان من شان مقولة "اعادة التوازن" على الارض التي استخدمها ممثلو الدول المجتمعون في قطر من اجل زيادة تسليح المعارضة السورية "ان تؤدي الى اطالة امد العنف".

واوضح "من يقرر متى اعيد التوازن؟ هل كلما حرر الجيش قرية من خلال قيامه بواجبه الدستوري يقولون ان التوازن اختل لا بد من تسليح جديد للمعارضة؟"، واضاف "هم قالوا ان ما يقومون به هو من اجل الشعب السوري.. هل قتل الشعب السوري يحقق لهم الهدف؟"، وتساءل المعلم "لمن سيؤول هذا السلاح؟"، مشيرا الى ان "كل التقارير تشير الى ان تنظيم جبهة النصرة هو المسيطر الاساسي في الميدان... اذن هم في النهاية سيسلحون جبهة النصرة" الاسلامية المتطرفة، وقرر ممثلو 11 دولة تشكل نواة "مجموعة اصدقاء سوريا" في قطر زيادة تسليح المعارضة السورية من اجل استعادة "التوازن" على الارض مع النظام.

مقاتلو المعارضة السورية يعلنون تلقيهم دفعات من الأسلحة الحديثة

الى ذلك أعلن مقاتلو المعارضة السورية تلقيهم دفعات من “الاسلحة الحديثة” التي من شأنها ان “تغير شكل المعركة” مع القوات النظامية، بحسب ما افاد المنسق السياسي والاعلامي للجيش السوري الحر لؤي مقداد وكالة فرانس.

وقال مقداد في اتصال هاتفي “تسلمنا دفعات من الاسلحة الحديثة، منها بعض الاسلحة التي طلبناها، ومنها بعض الاسلحة التي نعتقد انها ستغير من شكل المعركة” في مواجهة قوات نظام الرئيس السوري بشار الاسد.

واضاف “بدأنا بتسليمها (هذه الاسلحة) للمقاتلين على الجبهات، وستكون بعهدة ضباط محترفين ومقاتلين من الجيش السوري الحر”، رافضا تحديد نوع هذه الاسلحة التي وصلت حديثا.

وكان مقداد افاد فرانس برس الخميس ان الجيش السوري الحر وضع قائمة بالاسلحة التي يرغب في الحصول عليها من الدول الداعمة للمعارضة، مشيرا الى ان “الاهم هي صواريخ مضادة للطيران تحمل على الكتف من نوع (مان باد)، وصوارخ مضادة للدروع وصواريخ صغيرة ارض-ارض”، اضافة الى “مدفعية من نوع هاون وغيرها، وسيارات قتالية مدرعة (…) وتجهيزات الاتصالات وستر واقية من الرصاص واقنعة للغاز″.

وشدد مقداد الجمعة على ان الاسلحة “سيتم استعمالها لوجهة واحدة وهي قتال نظام بشار الاسد”.

واشار الى ان هذه الاسلحة “سيتم جمعها بعد سقوط النظام وفق آلية معتمدة قدمناها من خلال تعهدات لهذه الدول الصديقة والشقيقة”. بحسب فرانس برس.

ويأتي هذا الاعلان عشية اجتماع السبت لدول (اصدقاء الشعب السوري) في الدوحة، يخصص لبحث المساعدات التي ستقدم الى المعارضة السورية، ومنها المساعدات العسكرية، وتطالب المعارضة السورية منذ فترة طويلة بالحصول على اسلحة نوعية لمواجهة القوة النارية الضخمة للقوات النظامية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 3/تموز/2013 - 23/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م