سباق التسلح... آسيا في صدارة الترتيب

 

شبكة النبأ: في الاونة الأخيرة راجت تجارة الأسلحة حول العالم بشكل غير مسبوق وصلت حد  اكبر تضخم عسكري للتجارة العالمية للاسلحة في تاريخ العالم وخاصة قارة آسيا التي باتت سوقا خصبا لشركات السلاح والدول المصدرة لها بشكل ملفت خلال المدة الأخيرة، ويعكس هذا السباق حججا مختلفة ابرزها مخاطر التهديدات إلاقليمية، حيث اصبح سباق التسلح  العالمي خطرا يهدد جميع الدول وعلى نطاق واسع.

إذ وقعت ستون دولة على اول معاهدة حول التجارة العالمية للاسلحة التقليدية، لكنها لن تصبح سارية الا بعد مصادقة خمسين دولة عليها، في حين على الرغم المشاكل الاقتصادية التي تمر بها بعض البلدان العالمية، الا ان إنفاق هذه الدول على شراء الأسلحة يعد أكثر انفاق في العالم، الأمر الذي يشير إلى أن العالم بات اكثر سخونة عسكريا، فربما ستستشرف هذه الحرب الباردة الحرب العالمية الثالثة على المدى القريب.

من جهتها تعتزم الحكومة الاسترالية الكشف عن خطة دفاعية جديدة من المتوقع أن تؤكد فيها على خطط شراء ما يصل إلى 100 طائرة مقاتلة طراز إف-35 التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن الأمر الذي يهدئ مخاوف بشأن مستقبل مقاتلات ستيلث (الشبح) المثيرة للجدل.

فيما أصبح الصين اليوم في مصاف القوى العالمية، وذلك بفضل التطور العسكري المذهل في الاونة الاخيرة، مما يثير مخاوف بعض البلدان وخصوصا المجاورة لها، كما تعد الويالات المتحدة موردا رئيسا للأسلحة في العالم للشرق الأوسط على وجه الخصوص، بينما قد يشكل خفض الميزانية في فرنسا الانفاق العسكري في الوقت الذي تصر فيه على عدم ادراج صناعة الدفاع في اتفاق التبادل الحر بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة.

وعليه ففي ظل التنافس المضطرد الذي  يشهده العالم اليوم في مجال العسكرة والتسليح ينذر بالعودة إلى الحرب الباردة او الى ابعد من ذلك.

تجارة الاسلحة مزدهرة في العالم خصوصا في آسيا

فقد اظهرت دراسة نشرت بلندن انه رغم الازمة الاقتصادية زادت تجارة الاسلحة في العالم بنسبة 30 بالمئة في اربع سنوات وهي مرشحة لان تتضاعف بحلول 2020، في حين يهدد نمو صادرات منطقة آسيا والمحيط الهادىء الهيمنة الاميركية والاوروبية على هذه التجارة، واوضح بول بورتون المحلل لدى مجموعة "اي اتش اس جانيس" للاستشاريين المتخصصين في قضايا الدفاع، ان "امرين بصدد الحدوث : ميزانيات الدفاع تتحرك شرقا والمنافسة العالمية تتزايد في سوق السلاح. نحن ازاء اكبر انفجار للتجارة العالمية للاسلحة في تاريخ العالم".

وبحسب الدراسة فان قيمة صادرات الاسلحة ووارداتها في العالم ارتفعت من 56,5 الى 73,5 مليار دولار بين 2008 و2012، واضافت انه "بهذا النسق" فان حجم هذه التجارة يمكن ان يبلغ مئة مليار دولار بحلول 2018 وان يزيد على الضعف بحلول 2020.

لكن نصيب اوروبا الغربية تراجع الى 27,5 بالمئة من هذه التجارة مقابل 34,5 بالمئة في 2008 في حين زاد نصيب منطقة آسيا والمحيط الهادىء وضمنها الصين من 3,7 الى 5,4 بالمئة في الفترة ذاتها، وتضاعفت صادرات الكثير من الدول الاسيوية على غرار الصين التي حسنت قدراتها على الانتاج لتمر من المرتبة العاشرة الى المرتبة الثامنة عالميا في هذا المجال، واضافت الدراسة "ان الاختراق الذي حققته صادرات منطقة آسيا والمحيط الهادىء يهدد الهيمنة الاميركية على صناعة الدفاع العالمية".

لكن المحلل بين مورز ضمن الفريق ذاته اوضح ان "الصين تبلي البلاء الحسن في تصدير (السلاح) لجيرانها الاقليميين (...) لكنها ليست حاضرة في الشرق الاوسط" خصوصا بسبب نوعية اسلحتها ملاحظا ان "بلدا من اميركا الجنوبية اعاد مؤخرا نظام رادار الى شركة صينية لانه ببساطة لا يعمل"، وبحسب الدراسة ذاتها فان الولايات المتحدة، وهي حاليا اول مصدر للسلاح تليها روسيا وفرنسا، استوردت ما قيمته 10,5 مليارات دولار من المعدات والخدمات العسكرية منذ 2008. وهذه "الواردات يتوقع ان تواصل الارتفاع في 2013". بحسب فرانس برس.

في الاثناء يتوقع ان تتجاوز ميزانيات الدفاع في بلدان آسيا والمحيط الهادىء ميزانيتي الولايات المتحدة وكندا بحلول 2021 لتبلغ 501 مليار دولار (زيادة ب35 بالمئة مقارنة ب 2013). وتاتي الصين في المقدمة تليها الهند فاليابان واستراليا وكوريا الجنوبية.

وفي الاجمال فان نمو ميزانيات الدفاع في العالم سيستمر ويمكن ان يبلغ 1650 مليار دولار بحلول 2021 اي بزيادة بنسبة 9,3 بالمئة مقارنة ب 2013، ويتوقع ان تصبح اسرائيل اول مصدر للطائرات بدون طيار بحلول نهاية 2013 متقدمة على الولايات المتحدة وان تبيع منها ضعف ما يبيعه الاميركيون بحلول 2014، ويقول مورز "ان الصادرات الاسرائيلية هي حقا لافتة للانتباه" في الوقت الذي "ترفض الكثير من الدول المسلمة التعامل معها".

نحو ستين دولة توقع على المعاهدة الدولية لتجارة الاسلحة

في سياق متصل كان وزير الخارجية الارجنتيني هكتور تيمرمان اول الموقعين على النص وسط تصفيق الحاضرين في حفل بمقر الامم المتحدة في نيويورك، وقد وقعت عليها 62 دولة ظهر اليوم بينها فرنسا وشركاؤها الاوروبيون وعدد اخر من دول اميركا اللاتينية (كوستاريكا والبرازيل والمكسيك وتشيلي) ومن افريقيا (السنغال ومالي وساحل العاج وتنزانيا وبوركينا فاسو).

ووعدت الولايات المتحدة، اكبر مصدر للاسلحة في العالم، بالتوقيع على المعاهدة في اسرع وقت لكن المصادقة عليها من جانب الكونغرس تبدو صعبة. في حين احتفظت روسيا والصين بموقفهما وتوقيعهما عليها ليس مرجحا جدا، ويفترض بالمعاهدة التي كانت موضع بحث منذ 2006، ان تضفي طابعا اخلاقيا على مبيعات الاسلحة التقليدية --من المسدسات الى الطائرات والسفن الحربية مرورا بالصواريخ-- التي تمثل سوقا بقيمة 80 مليار دولار في السنة، وسيتعين على كل دولة قبل اي صفقة اسلحة، تقييم ما اذا كانت الاسلحة المباعة يمكن ان تستخدم للالتفاف على حظر دولي او انتهاك حقوق الانسان او وقوعها في ايدي ارهابيين او مجرمين.

وتبنت الجمعية العامة للامم المتحدة المعاهدة في الثاني من نيسان/ابريل الماضي بغالبية 154 صوتا ومعارضة ثلاث (سوريا وكوريا الشمالية وايران)، لكن 23 دولة امتنعت عن التصويت عليها بعضها من اكبر مصدري الاسلحة (روسيا والصين) او من الدول التي تشتري هذه الاسلحة (مصر والهند واندونيسيا)، وستدخل المعاهدة حيز التطبيق اعتبارا من المصادقة الرقم خمسين وهو ما سيتطلب "اكثر من عام بقليل"، كما اوضح وزير الخارجية الفنلندي اركي توميوجا، وفي تصريح مشترك طلبت الارجنتين وفنلندا واستراليا وكوستاريكا واليابان وكينيا وبريطانيا "بالحاح من كل الدول ان تبذل قصارى جهدها للتوقيع على المعاهدة والمصادقة عليها في اسرع وقت"، واعرب هكتور تيمرمان عن الاسف لان "بعض الدول لن توقع اليوم بسبب مجموعات ضغط تناضل ضد مراقبة الاسلحة"، في اشارة الى الضغوط التي تمارسها "ناشيونال ريفل اسوسييشن" على واشنطن. بحسب فرانس برس.

ووصف وزير الخارجية الاميركي جون كيري المعاهدة بانها "مساهمة مهمة في مكافحة تهريب الاسلحة". وتنوي واشنطن التوقيع عليها فور توافر ترجمة "مرضية" لها، وراى براين وود المسؤول عن الملف في منظمة العفو الدولية، ان واشنطن "ستوقع قريبا لكن لن يكون من السهل عليها الحصول على مصادقة" الكونغرس، ولم يستبعد ان تقتنع الصين بالتوقيع خلافا لروسيا والهند الاكثر تصلبا، واثناء وصوله الى نيويورك للتوقيع، اعرب وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي عن رغبته في "توجيه اشارة" الى الدول التي لا تزال مترددة حيال التوقيع على المعاهدة، واعلن نظيره الفرنسي لوران فابيوس الذي لم يتوجه الى نيويورك للمناسبة، ان فرنسا "تامل في ان تدخل المعاهدة حيز التطبيق سريعا، انها خطوة رئيسية بالنسبة لحقوق الانسان (...) والاستقرار الدولي".

تجارة الجيش البلجيكي

من جهة أخرى باع الجيش البلجيكي بين 2009 و2012 مروحيات وطائرتين الى شخص تشبته اجهزة الاستخبارات البلجيكية بأنه يقوم بتبييض الاموال وتجارة الاسلحة، كما افاد تحقيق نشرته صحيفتا لا ليبر بلجيك ودي مورغن اليوميتان، وتمت هذه الصفقات في اطار تجديد عتاد الجيش البلجيكي.

ومن اجل شراء مروحيات وطائرات، يتعين على الراغبين تحقيق معايير صارمة. لذلك تقول لا ليبر بلجيك ان وزارة الدفاع لم تحقق بصورة منهجية في ما اذا كان الشارون معروفين من الشرطة او من اجهزة الاستخبارات، وهكذا اشترت شركة في بروكسل 32 مروحية "الويت 2" في 2009، وضعت اربع منها في وقت لاحق في تصرف جيش مدغشقر من قبل الرئيس اندريه راجولينا الذي تسلم السلطة نتيجة انقلاب. بحسب فرانس برس.

ولم تطلب الشركة البلجيكية الاذن لتصدير هذه المروحيات، كما كان يفترض ان تفعل، وهذا لم يمنع الجيش من الاستمرار في التعامل معها بعد ذلك، كما افاد تحقيق لا ليبر بلجيك، اما مدير الشركة فهو معروف من اجهزة الشرطة والاستخبارات بما في ذلك اجهزة واستخبارات الدفاع وخصوصا بسبب مخالفات متصلة بالجريمة المنظمة وتجارة الاسلحة وتبييض الاموال، واعلن الجيش البلجيكي، كما ذكرت لا ليبر بلجيك ان "وزارة الدفاع كانت لا تعرف لدى حصول تلك الصفقات ان مدير الشركة كان مشبوها ببعض التصرفات غير القانونية"، ولم يشأ مكتب وزير الدفاع البلجيكي بيتر دو كريم الادلاء بأي تعليق، كما ذكرت وكالة الانباء البلجيكية.

واشنطن ومسقط تناقشان صفقة اسلحة

بينما يبحث وزير الخارجية الاميركي جون كيري مع قادة سلطنة عمان في مسقط صفقة بقيمة 2,1 مليار دولار لشراء انظمة دفاع صاروخي للدولة المجاورة لايران، وقال كيري للوزير المكلف شؤون الدفاع بدر البوسعيدي ان الولايات المتحدة "متحمسة" للصفقة و"تبدي امتنانا كبيرا لثقتكم في ريثيون" الشركة المصنعة للنظام الدفاعي الصاروخي، وما تزال تفاصيل الصفقة خاضعة للبحث وسيتم توقيع خطاب النوايا "قريبا، لكنهم يضعون اللمسات الاخيرة حول التفاصيل التقنية" بحسب مسؤول في وزارة الخارجية طلب عدم ذكر اسمه، وقد اعلن مسؤولون اميركيون ان سلطنة عمان قررت في كانون الثاني/يناير الماضي شراء نظام دفاع صاروخي تنتجه ريثيون ومقرها ماساتشوستس، الولاية التي يأتي منها كيري، وكان كيري ايد الصفقة بكل قوة عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ قبل تعيينه وزيرا للخارجية. بحسب فرانس برس.

من جهته، قال البوسعيدي لدى استقباله كيري في مقر وزارة الدفاع في مسقط لاجراء محادثات بحضور مدير ريثيون كين غوردون "لقد بدانا المحادثات" حول نظام الصواريخ الدفاعي، واضاف المسؤول العماني "نعتقد بانه افضل نظام والاكثر فعالية. والمحادثات جارية ووصلنا الى المرحلة التقنية لكننا نامل في الانتقال الى المباحثات النهائية وتوقيع العقد"، وتابع البوسعيدي "نحن بحاجة الى هذا النظام الدفاعي والامر يتعلق ايضا بالاستراتيجية الدفاعية لدول مجلس التعاون الخليجي"، وكان مسؤولون اميركيون اعلنوا ان توقيع خطاب النوايا في مسقط، والتقي كيري السلطان قابوس الثلاثاء وابلغ العاملين في السفارة الاميركية الاربعاء ان السلطان يثمن خطواته من اجل اعادة الفلسطينيين والاسرائيليين الى طاولة المفاوضات.

أستراليا تعتزم شراء مقاتلات إف-35 في خطة دفاعية جديدة

في حين أفادت مصادر دفاعية ومحللون بأن الخطة الأسترالية ستدعو أيضا الى شراء 12 طائرة من طائرات الحرب الإلكترونية إي.إيه-18جي التي تنتجها شركة بوينج وهي نسخة معدلة من طائرات سوبر هورنيت التي تصنعها بوينج ويتم شراؤها كبديل مؤقت الى حين الحصول على الطائرة إف-35، وتعزز الخطة الأسترالية موقف المقاتلة إف-35 إذ تأتي في أعقاب قرار من النرويج بشراء ست مقاتلات من هذا النوع قبل عام من الموعد المخطط له وقرار البرلمان الهولندي عدم دراسة بدائل منافسة للطائرة إف-35 لتحل محل مقاتلات إف-16 المتقادمة، وكان البرنامج واجه مشكلات بسبب زيادة التكاليف وبعض التأخيرات، وقال مسؤول من وزارة الدفاع الأمريكية "أستراليا والنرويج وهولندا... كلها أنباء سارة لبرنامج إف-35" وأن أضاف أن خفض الميزانية الأمريكية ما زال يهدد بخفض طلبية واشنطن وتشمل 29 طائرة في العام المالي 2013 الذي ينتهي في 30 سبتمبر أيلول. بحسب رويترز.

وتعتزم الولايات المتحدة وحلفاؤها شراء أكثر من 3100 طائرة في العقود المقبلة رغم أن هذا العدد قد يتغير في الوقت الذي تقلص فيه بعض الدول من طلبياتها وتنضم دول أخرى إلى برنامج إف-35 الذي تبلغ تكلفته 396 مليار دولار، وكانت الطلبية الاسترالية لشراء طائرات بوينج - التي جرى خفضها من 24 إلى 12 طائرة - تهدد بتقليل عدد طائرات إف-35 التي تشتريها كانبيرا. ويتوقع أن تدفع بيونج بالطائرة سوبر هورنيت كبديل تكلفته معقولة إذا ظهرت أي مشكلات أخرى جديدة في برنامج إف-35، ومن المقرر تسليم أول طائرتين إف-35 إلى أستراليا في 2014-2015. والتزمت أستراليا حتى الآن بشراء 14 مقاتلة إف-35.

خفض الميزانية في فرنسا يهدد الانفاق العسكري

على صعيد آخر تتردد أصداء الانفجارات في أنحاء واد بجنوب فرنسا مما يؤدى لتصاعد الدخان في الوقت الذي تطلق فيه مدافع (سيزار) النار على أهداف بعيدة في تدريبات تحاكي العمليات التي تجري حاليا في مالي، إنه عرض للقوة العسكرية بتنظيم من شركة نكستر للأسلحة لعرض مثل هذه المدافع على الصحافة بشكل يبرز دور الجيش في صراع عزز من مكانة فرنسا باعتبارها بلدا يمكن أن يقدم القوة العسكرية. لكن الرسالة ربما لا تلقى صدى في باريس.

فقد جرى خفض ميزانية الانفاق الدفاعي لفرنسا التي تبلغ 31 مليار يورو (40 مليار دولار) بالفعل في السنوات القليلة الماضية وربما تكون عرضة لمزيد من الخفض في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند إلى توفير المال لمواجهة العجز وضعف النمو الاقتصادي، وربما يكون لهذا الخفض أثره ليس فقط على الجيش بل أيضا على الاقتصاد ذاته حيث يعمل في قطاع الصناعات الحربية 165 ألف شخص ويمثل 2.25 في المئة من الناتج طبقا لأرقام البنك الدولي مقارنة بنسبة 1.3 في المئة في ألمانيا.

وتقدم الحكومة خطة خمسية عامة لاستراتيجية عسكرية يخشى الجيش أن تؤدي إلى خفض عدد العاملين والقواعد المنتشرة دوليا وتقوض من قدرات فرنسا في الصراعات العالمية في المستقبل، قال كولونيل في قاعدة كانجور وهي أكبر قاعدة عسكرية في غرب أوروبا لرويترز طلب عدم نشر اسمه "نحن على الحافة.. ما من شك أنه لن تكون هناك عمليات أخرى مماثلة لعملية مالي"، وستحدد الوثيقة التي يجري تقديمها يوم الاثنين الأمن القومي والاستراتيجية الدفاعية للسنوات القادمة وكذلك الأولويات لكن دون أرقام محددة. وسيجري الكشف عن الميزانية الحقيقية للجيش خلال الفترة من 2014 إلى 2019 في الربع الأخير من عام 2013.

ويقول الجيش وشركات دفاعية مثل نكستر التي يقع مقرها في فرساي قرب باريس إن خفض الميزانية بنسبة كبيرة من الممكن أن يعيق قدرة فرنسا وهي قوة نووية ذات مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي على مواجهة المخاطر الدولية، وتدخلت فرنسا في صراعات في دول مثل ليبيا وساحل العاج في 2011 وانفردت بنشر قوات في مالي في يناير كانون الثاني لإخراج مقاتلين مرتبطين بتنظيم القاعدة سيطروا على مناطق كبيرة من البلاد.

وتقول الحكومة التي تسعى جاهدة لتوفير 60 مليار يورو على مدى خمس سنوات إنها ستجمد ميزانية الدفاع لعام 2014 و2015 مما يعني خفضا محدودا بالقيمة الحقيقية لكن فيما بعد ذلك فإن الأمور ليست واضحة، تبلغ ميزانية الجيش حاليا 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي أي أقل بالفعل من نسبة الاثنين في المئة وهي الحد الأدنى الذي يوصي به حلف شمال الأطلسي ويساور البعض القلق من ان تقل النسبة أكثر لتصل إلى واحد في المئة، وقال الجنرال برتران رات مادو قائد القوات البرية الفرنسية في ندوة عقدت مؤخرا حول مستقبل الجيش "لدي شعور بأنها أجواء ما قبل المعركة."

وفرنسا وهي الدولة ذات سادس اكبر ميزانية عسكرية في العالم ليست وحدها في مجال خفض نفقات الجيش. ومن الدول التي تواجه تحديات مماثلة بريطانيا والولايات المتحدة التي يبلغ حجم ميزانية دفاعها 17 مثلا لميزانية فرنسا مما يتيح لها وجود جيش حجمه أكبر من حجم جيش فرنسا خمس مرات، لكن في حين أن عدد سكان فرنسا يماثل تقريبا عدد سكان بريطانيا فإن ميزانيتها العسكرية تبلغ بالفعل ثلثي ميزانية بريطانيا.

وتثير اقتراحات مثل وجود قدرات دفاعية مشتركة في أوروبا - وهي فكرة يروح لها حلف شمال الأطلسي كوسيلة للحد من الميزانيات الوطنية وفي الوقت ذاته توفير الأمن - السخرية في كانجور، وقال المسؤول ساخرا "الفرنسيون والألمان ليس لديهم حتى تعريف واحد لمصطلحات مثل المخاطر"، على سبيل المثال ففي الوقت الذي تطورت فيه حروب القرن الحادي والعشرين من وجود قوات على الأرض إلى نشر طائرات بلا طيار تعين على القوات البرية الفرنسية أن تقدم تضحيات أكبر من القوات الجوية التي استخدمت في ليبيا.

وتتأهب أيضا الصناعات الحربية في فرنسا التي يبلغ حجمها 15 مليار يورو لخطة الإنفاق العسكرية الجديدة في فرنسا وهي ثاني اكبر صناعة في أوروبا بعد بريطانيا. كتبت شركة نكستر وست شركات أخرى منها تاليس وسافران خطابا إلى أولوند في مارس آذار للتحذير من أن العمال من الممكن أن يفقدوا وظائفهم إذا كان خفض الميزانية كبيرا. بحسب رويترز.

وقال جيزلان باسبيك رئيس مبيعات صادرات المدرعة في.بي.سي.آي التي تنتجها نكستر "نعتقد أن من المهم الحفاظ على الاستثمار في الدفاع فوق حد معين للسماح للصناعة بالأداء الجيد ليس فقط على المستوى التكنولوجي بل أيضا لصالح الاقتصاد"، وتقول الصناعات الحربية إنها تستوعب 165 ألف فرصة عمل إلى جانب آلاف آخرين من المتعاقدين من الباطن. ومع وجود 3.2 مليون شخص بلا عمل فإن مثل هذه الوظائف المتخصصة تلقى اقبالا شديدا، وسعى برنار كازنوف مدير الميزانية إلى تهدئة المخاوف هذا الأسبوع وصرح لقناة بي.اف.ام قائلا "في الأزمة لا نريد أن نضيف المزيد من الصعوبات على قطاع واعد."

باريس لا تريد التبادل الحر بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة

الى ذلك اعرب وزير الدفاع الفرنسي جان-ايف لودريان امام البرلمان الاوروبي في ستراسبورغ عن معارضة باريس لادراج قطاع الدفاع في المفاوضات حول اتفاق التبادل الحر بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة، وقال لودريان امام اللجنة الفرعية للدفاع في البرلمان الاوروبي "لا نؤيد ادراج صناعة الدفاع في اتفاق التبادل الحر بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة"، واوضح "اولا لاننا نحدث سابقة تصعب ادارتها. المفوضية (الاوروبية) لم تدرج ابدا قطاع الدفاع في اطار مفاوضات تجارية مع دول ثالثة. ستكون سابقة".

اضافة الى ذلك "تجري متابعة الشؤون التجارية في اطار المجلس (الاوروبي) للتجارة وهي بالتالي لا تخضع لصلاحيات وزراء الدفاع"، كما قال لودريان، واخيرا، فان ادراج هذا الامر في المفاوضات حول اتفاق التبادل الحر "سيضر" بالمكتسبات المتمثلة في +رزمة الدفاع+ للعام 2009 التي لم تترسخ بعد"، بحسب الوزير الفرنسي، وهذه الرزمة هي مجموع التوجيهات التي اتخذت على المستوى الاوروبي واحد اهدافها الغاء الحواجز امام حرية تنقل تجهيزات الدفاع في فضاء الاتحاد الاوروبي.

وخلال شهر حزيران/يونيو، ستطلب المفوضية الاوروبية من الدول الاعضاء تفويضا لبدء المفاوضات. لكن فرنسا المدعومة من دول اخرى، تهدد بعدم الموافقة على منح التفويض في حال لم يتم احترام الاستثناء الثقافي، وبرر وزير الدفاع الفرنسي امام النواب الاوروبيين مجددا شراء فرنسا طائرتين من دون طيار من الولايات المتحدة، في قرار اثار جدلا، واوضح انه "كان ينبغي التوصل الى تلبية فورية لضرورة" امتلاك فرنسا طائرات استطلاع من دون طيار، والتي "لوحظ" عدم امتلاكها اثناء التدخل الاخير في مالي. بحسب فرانس برس.

واعرب الوزير عن امله في ان تتحرك الدول والصناعيون الاوروبيون "لصنع ما يمكن ان يصبح غدا طائرة من دون طيار من الجيل الجديد". واضاف "هناك صناعيون قادرون على القيام بذلك"، واعرب رئيس ومدير عام "داسو للطيران" اريك ترابييه الاثنين عن اسفه لشراء طائرات اميركية من دون طيار، مؤكدا ان الصناعيين الفرنسيين في هذا القطاع لا يزالون ينتظرون اطلاق برنامج اوروبي في هذا الشان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 30/حزيران/2013 - 20/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م