معاداة الشيعة... ظاهرة ازهاق الارواح

 

شبكة النبأ: اسهمت فتاوى القتل والتحريض الطائفي التي اصدرها بعض الدعاة ممن يعتنقون الفكر الوهابي الدخيل على الاسلام ضد ابناء الأديان والمذاهب الإسلامية وغير الإسلامية وخصوصا المذهب الشيعي بإزهاق أرواح العديد من الأبرياء في مختلف البلدان، يخشى الكثير من المراقبين من اتساع رقعة الخلاف الطائفي الذي دخل اليوم في منحنى خطير بسبب التصعيد الاخير الذي اتبعه بعض شيوخ الفتنة الساعين الى الاستفادة من مجريات الأحداث والمتغيرات السياسية في سبيل خدمة مصالحهم الشخصية التي قامت على سفك دماء الابرياء من الشيعة مستغلين بذلك بعض المتعصبين من الجهلة المنتمين الى تنظيم القاعدة وباقي التنظيمات السلفية المتشددة الاخرى التي بادرات في الفترة الاخيرة الى تصعيد هجماتها الطائفية بعد الفتاوى تكفيرية الجديدة التي اطلقها شيوخ الفتنة والتي تدعو إلى قتل وسفك دماء الشيعة، وفيما يخص اخر العمليات الاجرامية التي نفذت بحق ابناء هذه الطائفة فقد قتل مجموعة من الشيعة في مصر، من بينهم حسن شحاتة، الأب الروحي للشيعة، إثر الاعتداء عليهم من قبل أهالي قرية بمحافظة الجيزة. وحاصر المئات من أهالي قرية زاوية أبو مسلم بالهرم بمحافظة الجيزة، من بينهم من اشخاص ينتمون الى التيار السفلي، منزلا قالوا إن به حسن شحاتة، القيادي الشيعي المصري ومعه عدد من الشيعة.

وبحسب شهود عيان من أهالي القرية، فإن حسن شحاتة ومن معه من الشيعة، كانوا يقيمون احتفالا دينيا خاصة بمذهبهم الشيعي، وهو ما استفز أهالي القرية حينما علموا بذلك. وردد المحاصرون من أهالي القرية هتافات تطالب بقتلهم، ومن الهتافات " الشيعة كفرة"، "اقتلوه ادبحوه"، وخلال إخراج الشيعة من المنزل وضربهم كان الأهالي يكبرون قائلين "الله أكبر".

وتتمركز قوات الأمن تتمركز قرب المنزل، لكنها لم تستطع التدخل بسبب تجمهر أهالي القرية في شوارعها الضيقة. وقام المحتشدون بإشعال النار بأحد طوابق المنزل، بينما حمل العديد منهم أسلحة بيضاء (آلات حادة) كما حمل بعضهم أسلحة نارية. وقال أحد المحاصرين في المنزل إن جزءا كبيرا من المنزل احترق جراء إلقاء الزجاجات الحارقة "المولوتوف" عليه من قبل "السلفيين"، مشيرا إلى أن عدد من الموجودين بالمنزل أصيب بإغماءات.

وطالب المحاصر، الذي يبدو على لهجته أنه من صعيد مصر، قوات الجيش والشرطة بالتدخل لإنقاذهم ووقف الهجوم على المنزل وفك الحصار الذي فرضه السلفيون حوله. ويعتبر شحاتة "67 عاما" أحد قيادات الشيعة بمصر، ويعتبرونه بمثابة الأب الروحي لهم، بحسب بهاء أنور محمد، المتحدث الرسمي باسم الشيعة المصريين. ويعد التيار السلفي من أشد المعارضين لوجود تمدد شيعي في مصر.

سوريا ولبنان

في السياق ذاته دمر مقاتلون موالون لتنظيم القاعدة حسينية شيعية في محافظة دير الزور شرق سوريا، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان. وافاد المرصد ان الهجوم وقع في قرية حطلة بريف دير الزور حيث قتلت المعارضة المسلحة 60 شخصا على الاقل من الشيعة. وقال المرصد في بيان "اظهرت أشرطة مصورة تدمير الدولة الاسلامية في العراق والشام حسينية للطائفة الشيعية في قرية حطلة بريف دير الزور".

وتنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" هو نتيجة اتحاد الجناح العراقي من تنظيم القاعدة واسلاميي جبهة النصرة. وفي احد هذه التسجيلات المصورة، تظهر الحسينية مدمرة اثر انفجار في حين يطلق مقاتلون هتافات التكبير. ويتهافت عدد من الاشخاص نحو ركام المبنى في حين يحمل احدهم الراية السوداء التي يحملها عادة انصار تنظيم القاعدة. وتم الاعلان عن تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" في نيسان/ابريل من جانب زعيم الجناح العراقي في تنظيم القاعدة ابو بكر البغدادي، الا ان هذه المجموعة تم رفضها من جانب زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري.

من جانب اخر قتل اربعة اشخاص هم ثلاثة لبنانيين شيعة وتركي والدته لبنانية، بالرصاص في شرق لبنان قرب الحدود مع سوريا على خلفية التوتر الطائفي بين السنة والشيعة والذي تصاعد جراء النزاع في سوريا، كما افاد مسؤول امني. وقال المسؤول طالبا عدم ذكر اسمه ان "مسلحين قتلوا بالرصاص فردين من عشيرة ال جعفر وأحد افراد عشيرة آل امهز وشخصا تركيا فيما كانوا (الاربعة) يهربون المازوت في منطقة مشاريع القاع في البقاع (شرق)".

وعشيرتا جعفر وامهز هما بين العشائر الاكثر نفوذا في البقاع اللبناني. اما المواطن التركي فوالدته لبنانية ويقيم في المنطقة وفق المصدر نفسه. واضاف المسؤول "لقد وقعوا في كمين" من دون ان يشير الى الدوافع. ووقع الحادث في منطقة زراعية تشكل امتدادا لبلدة القاع تعرف باسم مشاريع القاع يقطنها لبنانيون سنة وتعرف بانها معبر للتهريب. ويتحدر سكان هذه المنطقة السنة من بلدة عرسال القريبة المؤيدة للمعارضة السورية. وعلى الاثر حصل توتر امني كبير في المنطقة تخلله انتشار مسلح واطلاق نار.

واعلن الجيش اللبناني في بيان انه "حصل توتر في بعض مناطق بعلبك والهرمل تخلله انتشار مظاهر مسلحة في عدد من بلدات هذه المناطق وطرقاتها. وعلى اثر ذلك قامت وحدات الجيش بتسيير دوريات راجلة ومؤللة وإقامة حواجز في مختلف أرجاء المنطقة، ولا تزال تقوم بمهماتها لإخلاء كافة المظاهر المسلحة وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها".

ودعت قيادة الجيش جميع المواطنين والعائلات البقاعية الى "التعالي على الجراح وضبط النفس والتحلي بالصبر في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد" مؤكدة انها "لن تسمح لأي كان باستغلال الحادث الأليم بغية ضرب الوحدة الوطنية وتقويض ركائز العيش المشترك بين أبناء المجتمع الواحد".

وحضت قيادة الجيش المسؤولين المعنيين "على الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية والعمل على إخلاء المظاهر المسلحة ورأب الصدع بكافة الوسائل الممكنة". وبحسب الموقع الالكتروني لقناة المنار التابعة لحزب الله فان "مجموعة مسلحة تضم لبنانيين من عرسال مع سوريين نصبت كمينا لصهاريج تنقل المازوت من سوريا واطلقوا عليها النار"، مما اسفر عن سقوط القتلى الاربعة.

وفي بيان استنكر "أهالي وفاعليات ومخاتير وبلدية" عرسال "الاعتداء على المدنيين ايا كانت هوياتهم وخاصة اهالي وعشائر منطقتنا"، معتبرين ان "هذا الاعتداء يرمي الى الايقاع بين أهالي عرسال واهالي المنطقة ويرمي الى اشعال نار الفتنة المذهبية التي ننكرها ونبغضها". وناشد اصحاب البيان "القوى الامنية العمل بالسرعة القصوى على كشف هوية الفاعلين وسوقهم الى العدالة" مؤكدين انهم "براء" من هؤلاء.

بدوره اذاع تلفزيون المنار بيانا صادرا عن "اهالي منطقة بعلبك والهرمل"، التي ينتمي اليها القتلى اللبنانيون الثلاثة وتقطنها غالبية شيعية مؤيدة للحزب، دعا الى "الحفاظ على السلم الاهلي والتعايش" بين الطائفتين. واصدر حزب الله بيانا مشتركا مع حركة امل التي يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري وتعتبر ثاني اكبر تنظيم شيعي في لبنان، اكد ان "هذه الجريمة المدانة بقوة تأتي في إطار سلسلة من الجرائم المتمادية التي يقوم بها بعض المأجورين الذين يعملون لإشعال الفتنة في المنطقة تحت ذرائع وعناوين مصطنعة مما يضعها برسم كل المحرضين الذين يقفون وراء المجرمين القتلة". وناشد الحزبان الشيعيان "العقلاء وأصحاب الرأي والحكمة وأهلنا أن لا ينجروا إلى ردات الفعل لتفويت الفرصة على المراهنين على إيقاع أهل المنطقة في دوامة من الاقتتال الداخلي التي تخدم الأعداء".

وينقسم اللبنانيون بين مؤيدين للنظام السوري وغالبيتهم من انصار حزب الله الشيعي ومناصرين للمعارضة السورية ومعظمهم من مؤيدي قوى 14 آذار وابرز اركانها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. ويعتبر البقاع الشمالي منطقة نفوذ لحزب الله باستثناء بعض البلدات السنية على غرار عرسال المناهضة للنظام السوري والتي تشكل نقطة عبور بين البلدين للاجئين والاسلحة والمقاتلين السوريين المعارضين بحسب مصادر امنية، وسبق ان استهدفت بصواريخ اطلقتها مروحيات الجيش السوري. بحسب فرانس برس.

واخيرا، نقل الى عرسال عشرات الجرحى وخصوصا مقاتلين سوريين معارضين من مدينة القصير في محافظة حمص (وسط) التي شهدت مواجهات عنيفة بين مقاتلي المعارضة والجيش السوري يدعمه مقاتلو حزب الله انتهت بسيطرة الجيش السوري على المدينة.

على صعيد متصل أعلنت جماعة معارضة سورية المسؤولية في تسجيل فيديو عن قتل أربعة رجال شيعة في لبنان مع امتداد الصراع السوري الى لبنان. وفي الفيديو الذي بثته جماعة تطلق على نفسها "سرية المجاهدين السورية" يقول أحد مقاتليها ان السرية قتلت الرجال الاربعة وهم يحاولون دخول سوريا.

وقال ان هؤلاء الرجال اعضاء في حزب الله اللبناني الشيعي الذي يقاتل مع قوات الرئيس السوري بشار الاسد الانتفاضة التي تقودها الغالبية السنية. وأظهر فيديو آخر بثته سرية المجاهدين السورية بطاقات هوية الرجال الاربعة وبندقيتين هجوميتين ومسدسين يقول المعارضون السوريون انه عثر عليها مع الرجال. وذهب بعض السنة اللبنانيين للقتال مع المعارضين في سوريا في الصراع الذي تقول الامم المتحدة انه قتل فيه أكثر من 93 الف شخص.

انفجارات وقتل

قالت الشرطة ومصادر طبية ان عشر سيارات ملغومة انفجرت في انحاء العاصمة العراقية بغداد ما أدى إلى مقتل نحو 40 شخصا في اسواق ومرائب للسيارات عشية احتفال للشيعة. واستهدفت بعض الهجمات احياء كان الشيعة يحيون فيها ذكرى ميلاد أحد الائمة.

وتصاعدت أعمال العنف في العراق في الشهور الأخيرة وقتل ما يزيد على 1000 شخص خلال شهر مايو أيار وحده وهو أكبر عدد من القتلى في شهر واحد منذ ذروة أعمال العنف الطائفية خلال عامي 2006 و2007. وشاهد شخص يدعى وليد احد انفجارات والذي قتل فيه خمسة اشخاص في مدينة الصدر معقل الشيعة ووصف حالة الفوضى التي اعقبت الانفجار قائلا "عندما وقع الانفجار اندفع الناس في جميع الاتجاهات." وأضاف "احترق الكثير من السيارات وغطت الارض برك من الدماء وتناثر زجاج السيارات والخضروات في انحاء المكان."

وقتل ثمانية أشخاص في انفجار سيارتين ملغومتين بحي الكرادة بوسط المدينة احدهما في مرآب سيارات. وانفجرت سيارتان ملغومتان أخريان في وقت واحد بالقرب من سوق بحي الجهاد في غرب المدينة فقتل ثمانية أشخاص آخرين. وعلى نحو منفصل انفجرت قنبلة في مقهى في مدينة الموصل بشمال البلاد فقتل خمسة أشخاص ليرتفع عدد قتلى إلى نحو 40 شخصا.

على صعيد متصل ادى تفجير انتحاري الى مقتل 14 شخصا واصابة 25 اخرين بجروح داخل مسجد في مركز للأقلية الشيعية في ضواحي بيشاور في شمال غرب باكستان كما اعلنت السلطات. وقال المسؤول في الشرطة شفيع الله "كان تفجيرا انتحاريا. قتل 14 شخصا واصيب اكثر من 25 بجروح". واضاف ان "الانتحاري الذي وصل راجلا اطلق النار على الشرطيين الذين يقومون بالحراسة امام المسجد ثم دخل الى قاعة الصلاة حيث فجر نفسه بين المصلين، قبل بدء الصلاة".

ويقع المسجد والمباني التابعة له وبينها مدرسة لتعليم القرآن في غولشان كولوني، وهو حي غالبية سكانه من الشيعة على مشارف بيشاور القريبة من معاقل المتمردين في المنطقة القبلية شمال غرب البلاد قرب الحدود الافغانية. واكد مسؤولان اخران في الشرطة هما شوكت خان وعمران شهيد مقتل 14 شخصا. وبعد التفجير بقليل، قال جميل شاه المسؤول في مستشفى ليدي ريدنغ الذي تديره الحكومة في بيشاور ان المستشفى تلقى سبعة قتلى و26 جريحا. بحسب فرانس برس.

ولم تتبن اي جهة مسؤولية الهجوم حتى الان لكن العنف الطائفي الذي يستهدف الاقلية الشيعية في باكستان شهد تصعيدا كبيرا في السنوات الماضية. ويبلغ عدد سكان باكستان 180 مليونا هم في غالبيتهم من السنة ويشكل الشيعة 20% منهم. وفي وقت سابق ادى هجوم استهدف الشيعة في كويتا، جنوب غرب البلاد، الى مقتل 25 شخصا. وتبنى الهجوم تنظيم عسكر جنقوي المتطرف السني المتحالف مع تنظيم القاعدة والذي نفذ العديد من الهجمات ضد الاقلية الشيعية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 27/حزيران/2013 - 17/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م