الأسطورة من الناحية النفسية

عبدالكريم العامري

 

شبكة النبأ: احدث انحلال الرموز غموضا يسود الميثولوجيا التي عريت من كل قيمة متيافيزيقية، لقد حولت الأساطير الى مجرد تخيلات اعترف بها اليونان أنفسهم سابقا، الأمر الذي يصعب تحرير الطقوس الاساسية التي ضاعت في فيض من الأحداث الكثيرة.

جوهر الأسطورة هي عدم ترتيب المصادر، الأمر الذي يفسر تعدد المعاني ومضاعفة استعمالاتها. فالأسطورة والطقس هي في الواقع التعابير المكملة لقدر واحد الطقس فيها الصورة والأسطورة تحقيقها خلال مراحل تاريخ عاشه الإنسان.

الأسطورة تظهر كمثل منطقي لفعل أو رغبة روحية تسمح أهدافها المتبعة بالتمييز بين ثلاثة اتجاهات للتحقيق هي الفعل والحب والمعرفة. هذه الوسائل، في ظاهرها التاريخي، يمكنها أن تتخذ شكل البطل الذي يبحث عن الثراء والمجد والقداسة.

في كل الحالات تهيمن على منطق الأسطورة عقلية قديمة ملحة في وضع عقلية المتحضرين شعورهم وأفكارهم في شخصية بطل أسطوري، مما يعني الأسطورة تفرض في كل مرة وسائلها المختفية تحت الرواية والقصة والقصيدة والقطعة النحتية أو الموسيقية أو الفلمية وصولا الى طرح البيان الأخلاقي أو السياسي.. كما اعتقد.

فعلم النفس يرى العواطف تبدو غالبا من مخلف لأسطورة قامت على البحث عن روحية قديمة استبقت البطل في حالة غير محددة لكن من إنسان الى إله، ربما مستمرة حديثا، تصل الى خط الفصل الذي يفرق المقدس عن المدنس..هذا ما نراه على البعض الذي يتصور نفسه أو ينسجون له شخصية أسطورية (واهنة) بأعيننا، للأسف!.

الشخصية الفاتنة الغاوية ذات الأوضاع العديدة، هي الفاسق الذي أصبح مؤمنا، ميجيل مانارا الأمير الأندلسي الذي روع اشبيلية بفضائحه. بعودته من تهتكه خيل اليه أنه رأى جثته نفسها تمر في زقاق مظلم وهي محمولة لتدفن. كان ذلك نوعا من الهلوسة.

على الفور عاد الى ذاته وتاب وترهب في دير مستشفى الإحسان الذي كان مهمة المحسن فيه مجالسة المحكومين بالإعدام في الليلة الأخيرة واصطحابهم الى تنفيذ الحكم.. لكنه طلب أن يدفن تحت عتبة المقبرة لكي تبقى جثته دائما مداسة بأقدام الداخلين، لعله كان يريد أيضا أن تنقش على قبره العبارة التالية:(هنا مضجع بقايا أسوأ إنسان في العالم).

هذا التواضع الموغل في الكبرياء حال بينه وبين طريق القداسة، لتفريغ اللاوعي نتيجة ضغط الضمير عليه، وحصول حالة الصراع التي قد تكون انتهت بتكيف نفسي داخلي.

ان اعادة القراءة في تكوين النطاق التاريخي لبعض الأساطير يشبه البحث في تكوين نصي أو فني هو تقريب ظروف ميلادها دون أن تخسر رمزية مغامراتها شيئا من عموميتها اللا زمنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/حزيران/2013 - 16/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م