باكستان... دولة تصبح اكثر هشاشة

 

شبكة النبأ: يخشى الكثير من المراقبين من تردي الوضع الأمني في باكستان التي شهدت في الفترة الاخيرة ارتفاعا ملحوظا في الهجمات التي شنتها حركة طالبان وباقي المجاميع المسلحة، والتي تراوحت ما بين هجمات انتحارية، وعمليات اغتيال وزراعة عبوات ناسفة وسيارات المفخخة والتي اودت بحياة المئات من الضحايا، ويرى المراقبون أن الهجمات الاخيرة تظهر قدرة الجماعات المسلحة في التخطيط وشن عمليات نوعية، ويتوقع المتابعون للشأن الأمني الباكستاني أن مرحلة الصراع المقبلة سوف تكون أشد وأخطر وأطول بالنسبة لباكستان.

وبحسب بعض التقارير فقد قتل أكثر من 6 آلاف شخص خلال 6 سنوات في أنحاء باكستان في هجمات أغلبها انتحاري نفذتها حركة طالبان المتحالفة مع تنظيم القاعدة، أو مجموعات تدور في فلك هؤلاء المتشددين. حيث يعارض هؤلاء تحالف إسلام آباد مع واشنطن في الحرب على الإرهاب منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن. وفيما يخص اخر التطورات الامنية في باكستان فقد قتل العشرات في هجومين بواسطة قنابل في كويتا بجنوب غربي باكستان، حسب حصيلة جديدة أدلت بها السلطات المحلية.

وأفادت المعلومات بمقتل 15 طالبة في هجوم استهدف حافلة تقلهن إلى جامعة ساردار بادور خان بكويتا عاصمة إقليم بلوشستان، حيث تنشط حركة طالبان ومسلحون آخرون يعارضون تعليم النساء. ووقع الحادث أثناء ركوب الطالبات برفقة مدرساتهن حافلة الجامعة. وأوضحت المصادر المحلية أن 11 شخصا آخرين قتلوا في هجوم ثان داخل المستشفى الذي نقل إليه ضحايا الهجوم الأول.

وقال مدير شرطة المدينة، زبير محمود إن قنبلة ألصقت تحت الحافلة، وإن 20 شخصا آخرين أصيبوا بجروح. وأضاف أن القنبلة انفجرت عندما غادرت الحافلة جامعة الطالبات وأن "القتلى جميعهن من الطالبات". وأضاف "نحقق لمعرفة إن كانت القنبلة فجرت عن بعد". وقال فياض سمبل، الضابط في شرطة كويتا، إن عددا من الطالبات المصابات في حالة حرجة بعد إصابتهن بحروق جسيمة في الحريق الذي شب في الحافلة بعد الانفجار.

في السياق ذاته قتل ستة اشخاص على الاقل واصيب 46 آخرون بجروح في انفجار سيارة مفخخة يقودها انتحاري استهدف الاحد منزل قائد شرطة ولاية بلوشستان في شمال غرب باكستان، كما افاد مسؤولون. وقال مسؤولون امنيون ان الانتحاري كان يقود سيارة مفخخة بكميات كبيرة من المتفجرات وفجرها لدى دخول قائد شرطة بلوشستان مشتاق سوخيرا الى منزله في كويتا عاصمة الولاية. واكد المسؤول الكبير في الشرطة مبين احمد ان سوخيرا لم يصب بأي اذى في الاعتداء. بحسب فرانس برس.

بدوره قال وزير الداخلية في حكومة الولاية اكبر دراني ان "ما لا يقل عن عنصرين من الشرطة وثلاثة عناصر من القوات شبه العسكرية وعابر سبيل قتلوا خارج المنزل واصيب 46 شخصا آخرين بجروح". وسمع دوي الانفجار في سائر انحاء المدينة وقد خلف حفرة عميقة وحطم زجاج النوافذ في العديد من الابنية المجاورة. وينشط المتمردون الاسلاميون في بلوشستان الحدودية مع كل من افغانستان وايران والتي تشهد ايضا اعتداءات تستهدف الاقلية الشيعية وكذلك ايضا تمردا انفصاليا لمسلحين ينتمون الى قومية البلوش.

من جهة اخرى جرح ما لا يقل عن 15 شخصاً بانفجار وقع في سوق رئيسي في إقليم خيبر باختونخوا، شمال غرب باكستان. وذكرت قناة "جيو" الباكستانية أن "الانفجار وقع في السوق الرئيسي لمنطقة هانغو، مخلّفاً 15 جريحاً على الأقل". ووصل عناصر الأمن وفرق الإنقاذ إلى المكان. وقال المسؤول في الشرطة حسين بادشاه لصحيفة "داون" الباكستانية إن "الانفجار نتج عن عبوة ناسفة زرعت في عربة يد، وكان السوق مكتظاً".

على صعيد متصل قتل 6 أشخاص وجرح 38 بانفجار استهدف شاحنة للشرطة الباكستانية في إقليم خيبر في ختونخوا، شمال غرب البلاد. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر أمنية أن "عبوة ناسفة مزروعة في دراجة نارية انفجرت لدى مرور شاحنة للشرطة على طريق جامعة بيشاور، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وجرح 38 آخرين". ونقل الجرحى إلى مستشفى محلي. وقد ذكر مسؤولون في المستشفى أن بعض الجرحى حالتهم حرجة.

من جانب اخر اسفر انفجار قنبلة مخبأة في سيارة صغيرة عند مدخل مكتب حزب علماني عن ستة قتلى واكثر من عشرة جرحى في مدينة كراتشي الباكستانية، وانفجرت العبوة الناسفة في جوار مكتب بشير خان احدى ابرز شخصيات حزب عوامي الوطني في كراتشي (جنوب) التي سبق ان شهدت اعتداء دامياً على حزب اخر يشارك في الحكومة المنتهية ولايتها، وفق ما افاد مسؤولون.

وقال اسلام بشوشو المسؤول في شرطة كراتشي ان "ستة اشخاص قتلوا واصيب اكثر من عشرة اخرين"، فيما قالت مصادر طبية ان بعض الجرحى في حالة حرجة. وحزب عوامي العلماني يحظى بدعم تاريخي داخل اتنية الباشتون، التي تشكل غالبية في شمال شرق باكستان وحتى في صفوف متمردي طالبان. ويتمتع هذا الحزب بنفوذ في الاحياء التي يقطنها الباشتون في كراتشي التي تشهد مزيداً من الخصومات السياسية والاتنية والاقتصادية الدامية على خلفية تنامي نفوذ طالبان.

الى جانب ذلك قتل خمسة شرطة بانفجار قنبلة يدوية الصنع في شمال غرب باكستان، منطقة على الحدود مع افغانستان، حسب ما اعلنت الشرطة. ووقع الانفجار في منطقة جبلية ومعزولة باقليم شانغلا، 230 كلم الى شمال شرق بيشاور، اكبر مدينة تجارية وعسكرية قبل افغانستان.

وقال قائد الشرطة محمد حسين ان "قنبلة يدوية انفجرت بسيارتهم وقتل الشرطة الخمسة على الفور". ودان رئيس الحكومة الباكستانية بالوكالة مير هازار خوسو هذا الاعتداء، حسب بيان صادر عن مكتبه. ولم تتبن اية جهة الاعتداء ولكن طلبان الباكستانية غالبا ما تتعرض لقوات الامن في شمال غرب البلاد.

هجمات اخرى

في السياق ذاته تعرض موكب شاحنات تنقل امدادات لقوات الحلف الاطلسي في شمال غرب باكستان لهجوم من قبل مسلحين مما أدى إلى مقتل ثلاثة سائقين على الاقل واصابة ستة اخرين بجروح، بحسب مسؤولين. ووقع الهجوم في منطقة شاغاي (20 كلم جنوب شرق لاندي كوتال) كبرى مدن ولاية خيبر، احدى المناطق القبلية السبع على الحدود الافغانية التي تعتبر معقلا لحركة طالبان وتنظيم القاعدة.

وقال عزام وزير مسؤول الادارة المحلية لقد قتل ثلاثة سائقين على الاقل واصيب ستة من معاونيهم بجروح بعد هجوم بالبنادق وقذائف الهاون. واضاف وزير هاجم مسلحون اربع مستوعبات للحلف الاطلسي مستخدمين اسلحة صغيرة وقذائف هاون واضرموا النار في شاحنتين والحقوا اضرارا بشاحنتين اخريين. واكد مسؤول آخر في إدارة ولاية خيبر الحصيلة.

وتعتبر باكستان معبرا اساسيا لمهمة الحلف الاطلسي في أفغانستان اذ تنقل اليها الامدادات برا من مرفا كراتشي. وبين تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 وتموز/ يوليو 2012، اغلقت باكستان حدودها مع افغانستان ومنعت بالتالي مرور شاحنات الحلف الاطلسي بعد غارة لطائرات أمريكية بدون طيار أدت إلى مقتل 24 جنديا باكستانيا. ووقعت باكستان والولايات المتحدة اتفاقا يجيز لمواكب الحلف الاطلسي المرور إلى افغانستان حتى نهاية 2015.

من جانب اخر قتل 23 مسلحاً ورجلا أمن في اشتباكات بين قوى الأمن الباكستانية ومسلحين في إقليم كرّم القبلي، شمال غرب باكستان. ونقلت صحيفة "داون" الباكستانية عن قوات الأمن أنه "بعد اشتباكات وسط كرّم، قصفت مواقع للمسلحين ما أدّى إلى مقتل 23 مسلحاً".

وذكرت أن "عدداً من المخابئ تم تدميرها نتيجة القصف، في حين قتل جنديان في الاشتباكات بين القوات الباكستانية والمسلّحين في المنطقة". وتواصل القوات الباكستانية عملية عسكرية في المنطقة منذ 3 أسابيع، حيث قتل ما لا يقل عن 100 مسلّح ودمّرت مخابئ عدة للمتشدّدين.

على صعيد متصل قتل 11 من أفراد الامن الباكستاني واثنان من المدنيين في انفجار قنبلة على الطريق في جنوب غرب باكستان حيث يقاتل متمردون انفصاليون منذ عقود للسيطرة على موارد الغاز الطبيعي والموارد الاخرى في المنطقة. وذكرت قناة "جيو" الباكستانية أن قنبلة تزن 100 كيلوغرام من المتفجرات انفجرت بآلية تحمل عناصر من قوات شبه عسكرية تساعد الشرطة في الحفاظ على النظام في كويتا التي استهدفت مؤخراً بتفجيرات دموية. وأشارت مصادر أمنية إلى أن معظم الجرحى من عناصر الأمن.

وقالت الشرطة الباكستانية في كويتا عاصمة اقليم بلوخستان ان 16 شخصا اصيبوا في الانفجار وان عدد القتلى قد يرتفع. وعارض متمردون من بلوخستان الانتخابات التي جرت في باكستان يوم 11 ايار/مايو. وهم يقومون بتمرد محدود منذ عقود على ما يعتبرونه استغلالا غير عادل لموارد اقليمهم من جانب اقاليم أغنى وأقوى. ويشار إلى أن تفجيرات وقعت في مناطق ذات أكثرية شيعية في كويتا، أسفرت عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة العشرات بجروح.

على صعيد متصل أطلق مسلحون النار في مدينة كراتشي الباكستانية الجنوبية على محام واثنين من أبنائه بينما كان يصحبهما إلى المدرسة فأردوهم قتلى. وقالت الشرطة إن الأسرة استُهدفت بسبب انتمائها للشيعة، مذهب الأقلية في باكستان. وفي حادثة منفصلة أخرى قتلت موظفة في حملة مكافحة شلل الأطفال في مدينة بيشاور الشمالية الغربية، بحسب ما أفادت الشرطة. فقد أطلق شخصان كانا يركبان دراجة نارية النار على فريقها، بينما كانوا يطعمون الأطفال في ضواحي المدينة. وهذه هي آخر حوادث القتل في سلسلة هجمات تعرضت لها فرق التطعيم.

وفيما يتعلق بحادثة مقتل المحامي، قالت الشرطة إن كوسر ساقلين المحامي كان يصطحب طفليه اللذين يبلغ أحدهما الثانية عشرة، والآخر الخامسة عشرة، إلى المدرسة عندما أطلق مسلحون يركبون دراجة نارية النار على سيارته. وقد ندد محامون في كراتشي بشدة بقتل زميلهم وقاطعوا جلسات المحاكم.

وأعلنت جماعة سنية متطرفة تدعى لاشكر جاهنغوي (جند جاهنغوي) أنها نفذت الهجوم. وهذه الجماعة معروفة بصلاتها بالقاعدة، والمتشددين من طالبان في المنطقة القبلية الشمالية الغربية من باكستان. وقد اتهمت الجماعة بقتل عشرات من الأطباء والمحامين الشيعة في المدن الباكستانية من قبل، إلى جانب تنفيذها هجمات كبيرة بالقنابل على طائفة الهزارة الشيعية في البلاد في مدينة كويتا الجنوبية الغربية.

ولم تعلن أي جماعة بعد مسؤوليتها عن حادثة بيشاور، ولكن جماعة طالبان باكستان كانت قد اتهمت في الماضي أعضاء فرق التطعيم بأنهم جواسيس أمريكيون، وبأنهم يطعمون الأطفال لإصابتهم بالعقم. وفي شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي قتل ثمانية أشخاص على الأقل كانوا يشاركون في تطعيم الأطفال في كراتشي، وفي يناير/كانون الثاني، وفبراير/شباط، وأبريل/نيسان، قتل ثلاثة ضباط شرطة كانوا يصحبون فريقا من موظفي التطعيم في هجمات مماثلة. ولايزال مرض شلل الأطفال وبائا في باكستان، وأفغانستان، ونيجيريا. بحسب بي بي سي.

وبلغت حالات الوفاة بسبب المرض في باكستان 198 حالة في عام 2011، وهذا أعلى رقم يبلغه ضحايا المرض خلال أكثر من عشر سنوات، في أي بلد في العالم، طبقا لتقديرات الأمم المتحدة. ويقول مسؤولون في المنظمة الدولية إن هناك نحو 161.000 طفل في منطقة وزيرستان الشمالية وحدها لم يطعموا منذ يونيه/حزيران من العام الماضي.

من جانب اخر اغتال مسلحون قيادية في حركة "الإنصاف" بزعامة لاعب الكريكت السابق عمران خان في كراتشي، واعلن الحزب والشرطة ان زهرة حسين (59 عاما)، نائبة رئيسة المنظمة النسائية في حركة "الانصاف" في ولاية السند وعاصمته كراتشي، وقعت في كمين نصبه ثلاثة مسلحين كانوا يتربصون بها امام منزلها.

وأوضحت الشرطة ان "المهاجمين الثلاثة لاذوا بالفرار على متن دراجة نارية بعدما اغتالوا القيادية الحزبية"، ويسود التوتر على اشده بين حركة الانصاف والحركة القومية المتحدة، الحزب الذي يستند الى ثقل اتني كبير في كراتشي، منذ اتهم حزب عمران خان الحركة بالقيام بعمليات تزوير واسعة النطاق في الانتخابات.

واتهم عمران خان "الحركة القومية المتحدة"، وهي حزب اتني مستقل حاكم في كراتشي، وخاصة زعيمها الطاف حسين الذي يعيش في المنفى في لندن بالوقوف وراء هذا الاغتيال. وقال بطل الكريكت السابق على حسابه على موقع تويتر "احمل الطاف حسين المسؤولية المباشرة لعملية القتل لانه هدد صراحة اعضاء وقادة حركة الانصاف في تصريحات عامة". وكتب ايضا "كما احمل الحكومة البريطانية المسؤولية لانني حذرتهم من موضوع المواطن البريطاني الطاف حسين بخصوص تهديداته الصريحة بقتل اعضاء في حركة الانصاف"، مضيفا انه "صدم ويشعر بحزن عميق لعملية القتل الوحشية".

نواز شريف

في السياق ذاته دان رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف الغارة الجوية الاميركية الاخيرة بطائرة بدون طيار على منطقة القبائل الباكستانية والتي قتل فيها الرجل الثاني في حركة طالبان باكستان ولي الرحمن. وقال شريف في بيان اصدرته الخلية الاعلامية للحزب الذي يتزعمه رابطة مسلمي باكستان جناح نواز ان الهجوم بطائرة بدون طيار ليس فقط انتهاكا لسيادة البلاد ووحدة اراضيها، بل هو كذلك عمل يعد انتهاكا للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة.

وسحبت حركة طالبان الباكستانية عرضها لإجراء محادثات سلام مع الحكومة بعد تأكيد مقتل ولي الرحمن في هجوم على منزل في ولاية شمال وزيرستان التي تعتبر مركزا لتنظيم القاعدة ومسلحي طالبان على الحدود الافغانية. وتعد هذه الغارة الاولى منذ الانتخابات العامة في باكستان في 11 ايار/مايو والتي فاز بها حزب نواز شريف.

وجاء في البيان ان احد المساعدين المقربين من نواز شريف التقى القائم بالأعمال الاميركي ريتشارد هوغلاند وابلغه براي نواز شريف حول الهجوم. وقال البيان ان شريف، اعرب عن قلقه البالغ وخيبة امله العميقة"، مضيفا ان مساعد شريف اكد خلال محادثاته مع الدبلوماسي الاميركي ان الهجوم مؤسف للغاية خاصة بعد ان تحدث الرئيس الاميركي باراك اوباما عن سياسة جديدة تضمن توخي مزيد من الحرص في استخدام هذه التكنولوجيا". بحسب فرانس برس.

وولي الرحمن كان المسؤول الثاني في قيادة طالبان بعد حكيم الله محسود. وكانت واشنطن اتهمت ولي الرحمن بتنظيم هجمات ضد الولايات المتحدة وقوات حلف شمال الاطلسي في افغانستان وتقول انه مطلوب ايضا لعلاقته بهجوم انتحاري استهدف قاعدة اميركية في افغانستان في 2009 وادى الى مقتل سبعة من عناصر وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي ايه".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/حزيران/2013 - 8/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م