المرصد السوري... لقتل الإنسان

 

شبكة النبأ: صحيح أن المعلومات الدقيقة والصحيحة، من الصعب العثور عليها وسط ركام المعارك وبين أزيز الرصاص، ودوي القذائف والانفجارات في حروب أهلية، كالحرب الطاحنة التي تدور رحاها بين المدن والمناطق السكنية في سوريا، لكن الصحيح ايضاً، وجود معايير اخلاقية وانسانية أمام وسائل الاعلام يفترض الالتزام بها، لاسيما اذا تعلق الأمر بأرواح وأعراض الناس الذين يسقطون ضحية صراع ربما ليسوا طرفاً حقيقياً فيه. لكن يبدو أن هكذا التزامات لا مكان لها في حمّى الصراع السياسي على السلطة والنفوذ، لذا نجد مركز خبري للمعارضة السورية تحت اسم "المرصد السوري لحقوق الانسان"، يرفع شعار "الإنسانية" ويتفرج على مذابح ومجازر ضد الإنسانية، تنفذها جماعات ارهابية – دموية خلال حربها مع القوات النظامية السورية.

في عام 2006 تأسس "المرصد" على يد لاجئ سوري في بريطانيا يُدعى "رامي عبد الرحمن"، تساعده إمرأة تُدعى "هيفين كوكو"، وتعمل معه بصفة المتحدثة الرسمية باسم المركز باللغة الانجليزية. كانت البداية، بالحديث عن الخروقات لحقوق الانسان في سوريا، وإعداد تقارير حقوقية وصحفية ونشرها الى وسائل الاعلام العربية والعالمية.

وحسب المصادر فان هذا "المرصد" يعمل من خلال شقة صغيرة بلندن، وينفي رامي، أن يكون هنالك أعضاء للمرصد خارج سوريا إلا هو و "كوكو"..! بمعنى عدم وجود كادر أو اشخاص يقومون بتحرير وتغذية الموقع الذي يضخ على مدار الساعة، اخباراً ومقالات وصور عن الاحداث الدموية في سوريا. لكن في الوقت نفسه يقول في حديث لـ "رويترز"  أن المرصد لديه شبكة من حوالي 200 شخصاً في سوريا. وبالرغم من محاولات المرصد في موقعه على النت، الظهور في صورة المحايد والموضوعي في تحرير الاخبار، ويطلق على الجيش السوري بـ "القوات النظامية"، والجماعات الارهابية، بـ "الكتائب المقاتلة"، إلا انه يفقد التوازن في أمر الضحايا بين المدنيين، فهو يسلط الضوء على أرقام يعلن عنها، لضحايا القصف او العمليات العسكرية للقوات السورية، بينما يلزم الصمت المطبق حيال الضحايا التي يسقطون جراء العمليات الانتقامية للجماعات التكفيرية والارهابية في القرى والمدن البعيدة عن سيطرة القوات السورية. كما أن شيئاً لم يحصل، وأن القاتل الوحيد في سوريا هو النظام الحاكم.

"المرصد" يدعي أنه غير مرتبط بأي تنظيم سياسي، إلا انه لا يجد بداً من تبني علم "الجيش السوري الحر" في موقعه على النت، ثم لا يجد بداً ايضاً من استلام الاخبار والتقارير الجاهزة من الداخل السوري، وهي مشحونة بالمبالغات والأكاذيب لصالح الجماعات المسلحة، فاذا كان الموقع مُزين بعلم المعارضة، كيف يتسنّى له الحديث عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان يرتكبها عناصر من الجماعات الارهابية في قرى ومدن يجدون أن فائدة من البقاء فيها أمام تقدم الجيش السوري؟ ثم اين فتاوى التكفير والذبح والاغتصاب التي أطلقها المتلبسين بلباس الدين، تحت مسمّى "فتاوى الجهاد"؟ هذه الفتاوى هي التي أباحت سفك الدماء وانتهاك الاعراض.. هذه الاحداث، ولو من الناحية المهنية، ربما تصلح لمادة خبرية وصحفية، من وسط الميدان، إلا ان المرصد لم يكن يوماً صوتاً للإنسانية في سوريا، بغض النظر عن الانتماء والهوية. هذا التهرّب والتنصّل من هذه المشاهد، بحد ذاتها تشكل ورقة ادانة ووصمة عار على ناصية "المرصد" وكل المدّعين للدفاع عن حقوق الانسان في سوريا.

ربما يدّعي "المرصد" عدم وجود "مصادر مستقلة" للانتهاكات التي يرتكبها الارهابيون، لكن هذه الحجة ايضاً لا تصمد أمام حركة الاعلام الغربي، ولو بشكل استثنائي، كما حصل مع صحيفة "الاكسبرسن" السويدية التي تحدثت عن جرائم ارتكبتها مجموعة تابعة لما يسمى بـ"جبهة النصرة " في ريف أدلب، بعض أعضائها يحملون الجنسية السويدية. ولابد من الاشارة هنا،  الى ان الصحيفة تسلط الضوء على عناصر كانوا يقيمون في السويد كلاجئين، وقد تخلصت منهم السلطات هناك، ربما لتكون رحلتهم الى سوريا الاخيرة، لكن مع ذلك، تقدم شهادات واقعية عن تلكم الجرائم، منها صوراً لسويدي من أصل فيلبيني وهو يعدم جندياً سورياً كانت قد اعتقلته المجموعة. يذكر ان السويد كانت من بين الدول الاوربية التي شهدت انتقال اعداد كبيرة من اللاجئين من دول شرق اوسطية، الى سوريا للمشاركة في القتال ضد القوات السورية.

هذه الجريمة النكراء بحق الحقيقة والإنسانية في سوريا، بحاجة الى وقفة إعلامية من اصحاب الضمائر الحيّة، لنقل الحقائق والصور المريعة الى المسلمين في العالم، أولاً، ثم الى سكان العالم بأسره، للكشف عن هوية  الضحية في هذه الحرب المفروضة والمرفوضة في آن على الشعب السوري. فالمصادر المتطابقة تؤكد أن العناصر الارهابية، وتحديداً عناصر "جبهة النصرة"،  لا تقوى حالياً إلا على القتل والاغتصاب، في وقت ترجح فيه كفة الجيش السوري في ميدان القتال، لاسيما بعد استعادة مدينة "القصير" والاتجاه نحو حلب وسائر المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية.

آخر الجرائم المريعة التي يندّى لها جبين الانسانية، ما حصل في في ريف حلب، فبعد تمكن الجيش السوري من الدخول الى ريف حلب الجنوبي، والقضاء على ارهابيي النصرة في القرى الجنوبية، بدأت "الجبهة" بالدخول الى بعض القرى هرباً من الجيش، ومن أجل اتخاذ الاهالي كدروع بشرية. وزادت النصرة من حدة جرائمها، حيث قامت في احدى القرى باغتصاب سبع فتيات، ومن ثم حرقهن أمام اعين اهلهم، وذلك دون أي سبب.

وحسب مصادر "الخبر برس" فان ( 25) عنصراً من "الجبهة" قاموا باغتصاب الفتيات وتهديد أهاليهم بالقتل، ومن ثم قاموا بحرقهن عندما وجدوا منهن المقاومة. ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بقتل (10) رجال وثلاثة اطفال، في مجزرة مروعة بحق الاهالي.

وحسب المصادر ذاتها فان "هذه المجموعة الارهابية دخلوا الى القرية، بطريقة وحشية حيث لم يتمكن احد من مواجهتهم، وقد حاول الاهالي النزول عند طلباتهم، الا انهم لم يعيروا ذلك أي أهمية، بل قاموا بارتكاب مجازرهم دون تورع، حتى أنه عندما اتى احد الاشخاص بمصحف يسألهم به ويحلفهم له لكي يتركوا الاهالي وشأنهم، قاموا بحرق القرآن ورميه جانباً..! ومن ثم قاموا بدخول مسجد في القرية وعبثوا به ودنسوه، علماً أن هذه القرية ليست علوية وعذراً على هذا التعبير". وتشير "الخبر برس"، الى ان هذا ما أفاد به الاهالي للجيش السوري بعد تحرير المنقطة.

وحتى لا نجانب الحقيقة؛ فانه من الصعب التكهّن بحجم الفظائع التي يشهدها الشعب السوري على يد الجماعات الارهابية، لا لذنب ارتكبه، سوى أنه اصبح من حيث لا يحتسب متراساً لهذه الجماعات، أمام تقدم الجيش السوري، والى جانب الامدادات بالاسلحة والاموال القطرية والسعودية والتركية، فانه مدعوم بفتاوى أدعياء الدين، تبيح لهم القيام بكل شيء يجعلهم في موقع القوة والغلبة، حتى وإن كان ذلك على حساب أرواح وأعراض الناس. ثم تأتي الضربة الاخرى، من أناس يدعون الدفاع عن الانسانية ليسدلو الستار على هذه الجرائم ويكممون الأفواه المليئة بالآهات والصرخات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/حزيران/2013 - 8/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م