حطلة السورية... مجزرة انسانية على رؤوس الاشهاد

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: ابرز ما تميزت به المجزرة البشرية التي ارتكبت في بلدة حطلة في دير الزور، التي ذهب ضحيتها العشرات من الاطفال والنساء والشيوخ الى جانب عدد من الفتيان، انها كانت جريمة واضحة المعالم، مكتملة المقومات، من حيث معرفة الضحايا، والقتلة، والمحرضين وما تبع ذلك من ممول وداعم.

فكانت جريمة غير مسبوقة منذ نهاية الحرب العالمي الثانية، فغالبا ما كانت المجازر والجرائم الجماعية التي تقع، غامضة او ملتبسة الدلائل والقرائن، ولجميع اطرافها، ضحايا كانوا ام جنات، واحيانا تغيب عن المراقبين دوافع الجريمة.

الا ان هذه المجزرة الشنيعة كان ضحيتها الابرياء ممن يتبعون المذهب الشيعي، وقتلوا بجريرة معتقداتهم، دون تمييز بين شيخ او طفل، او امرأة، بوحشية بربرية تعود بذاكرة المتابعين الى نقل من مجازر وقعت ما قبل عصر التدوين.

فيما كان الوجه الابشع من القتل والتنكيل في ملابسات تلك المجزرة، هو سلوكيات الجماعات الارهابية وتلذذها بقتل المدنيين، دون ان يرف لهم جفن، وما اعقب ذلك من احتفالات اقامتها الجماعات المتطرفة في الخليج ابتهاجا بنجاح المجزرة، واعترافا سافرا وصريحا بالوقوف وراء التحريض والتمويل والمتابعة، وبحسب الشهادات والاعترافات الطوعية التي ادليت من قبل جماعات العنف امام وسائل الاعلام، واصرارها على ارتكاب المزيد من تلك الجرائم والدفع باتجاه اشاعتها في المجتمعات الاسلامية والعربية.

اذ تطلعنا التفاصيل المؤلمة لتلك المجزرة ان مقاتلين السلفيين السنة قتلوا نحو 60 مسلما شيعيا في بلدة تسيطر عليها المعارضة،

وأظهر تسجيل فيديو نشره مقاتلون من المعارضة على الانترنت عشرات المسلحين يرفعون رايات سوداء ويطلقون النار في شوارع بلدة صغيرة فيما تصاعد الدخان فوق عدة مبان.

وقال المصور الذي ظهر صوته في تسجيل الفيديو ان مقاتلي المعارضة رفعوا رايات عليها عبارة "لا اله الا الله" فوق منازل "الشيعة الروافض" وان المجاهدين يحتفلون.

وكان ثلاثة من الرجال الذين قتلوا من رجال دين شيعة وتم اعدامهم وتعليقهم على مدخل البلدة.

وقال بعض ناشطي المعارضة ان الهجوم في حطلة تضمن حالات إعدام ميداني وحرق اماكن عبادة للشيعة.

فيما اعقب تلك المجزرة وتجمع عشرات الكويتيين امام السفارة اللبنانية في الكويت مساء الثلاثاء يترأسهم بعض مشايخ الدعوة السلفية التكفيرية، واعترف التكفيري شافي العجمي عن مسؤوليته وجماعته عن تلك الجريمة متوعدا كما قال "المجاهدون سيرجعون قريبا.. ستكون سوريا مقبرة لحزب الشيطان."

سوريا تحتج

من جانبها وجهت وزارة الخارجية السورية رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن الدولي، اتهمت فيهما المجموعات الإرهابية المسلحة، بارتكاب مجزرة جديدة في دير الزور.

وذكرت الخارجية السورية، في رسالتيها، أن ضحايا تلك المجزرة سقطوا بسبب رفضهم مؤازرة الإرهابيين في أعمالهم الإجرامية، التي تستهدف الأهالي الآمنين"، وذكرت أن "الإرهابيين" قاموا أيضاً بـ"أعمال سلب ونهب وسطو على ممتلكات المواطنين، وحرق منازلهم، والاعتداء على دور العبادة وتدنيسها، وسرقة محتوياتها.

مركز آدم يدعو لتحقيق دولي في مجزرة قرية (حطلة) السورية

في سياق متصل دعا مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق دولي بشأن مجزرة (حطلة) السورية التي راح ضحيتها حوالي (60) مواطنا سوريا أغلبهم من الأطفال والنساء على اثر قيام المجموعات المسلحة التابعة للجيش الحر و(جبهة النصرة) الإرهابية باقتحام القرية انتقاما لما جرى في مدينة القصير الأسبوع الفائت.

وأوضح المركز، وهو أحد المراكز المعنية بحقوق الإنسان في بيان له (أن الأمم المتحدة وأجهزتها المعنية بحقوق الإنسان مطالبة بفتح تحقيق فوري في المجازر الدموية التي يتعرض لها الشعب السوري يوميا جراء عمليات القتال الجارية في سوريا، لاسيما مجزرة قرية (حطلة) التي راح ضحيتها (60) من المدنيين الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ تحت دوافع دينية ومذهبية، ناهيك عن تهجير وأسر عدد آخر من المدنيين وحرق منازلهم).

وأكد حقوقيون في مركز آدم (أن المجتمع الدولي مطالب بأن ينهض بمسئولياته القانونية والأخلاقية لوقف العمليات الإرهابية التي ترتكبها الجماعات المسلحة ضد المدنيين السوريين العزل، وتشكيل المحاكم الجنائية الدولية لمحاكمة المنفذين لارتكابهم جرائم حرب ضد الإنسانية، وأن يدين صراحة ويدعو إلى وقف عمليات التسليح التي تقوم بها الدول إلى الأطراف السورية بدافع ديني أو طائفي، وأن يدعو القيادات الدينية والسياسية ومؤسسات المجتمع المدني السورية والعربية والإقليمية إلى تكثيف جهودهم في الدعوة إلى التسامح ونبذ العنف واحترام القيم الدينية والإنسانية في التعامل مع الآخرين، كما أن السلطات السورية مسئولة مسؤولية مباشرة عن حياة وأمن المواطنين المدنيين السوريين، وهي ملزمة بتوفير كافة وسائل الحماية لهم بغض النظر عن جنسهم ودينهم ومذهبهم).

شيعة رايتس ووتش تحمل الانظمة الخليجية مسؤولية المجزرة

من جهتها حملت منظمة شيعة رايتس ووتش الدولية مسؤولية الجريمة جميع الدول الداعمة والممولة للمسلحين في سوريا سيما قطر والسعودية، ومشايخ التطرف والتكفير، وعلى راسهم القرضاوي ومفتي السعودية عبد العزيز الشيخ.

ودعت المنظمة محكمة العدل الدولية بمحاكمة زعماء تلك الدول وقياداتها اسوة بمجرمي الحروب السابقين، بعد ان ثبت بالدليل القاطع قيامهم بتحريض وتمويل الجماعات الارهابية في سوريا لقتل المواطنين الشيعة، وارتكاب المجازر البشعة بحقهم.

كما طالبت المنظمة مجلس الامن الدولي الى ادانة تلك المجزرة، داعية في الوقت ذاته الحكومة السورية الى التحرك العاجل لإسعاف اهالي البلدة وتحرير المختطفين منهم، والعمل على  في حماية مواطنيها من اعمال البطش الدموي التي تقوم به الجماعات الارهابية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/حزيران/2013 - 6/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م